عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني
(Abbas Ali Al Ali)
الحوار المتمدن-العدد: 4241 - 2013 / 10 / 10 - 20:35
المحور:
الادب والفن
تسأل سلمى صديقتها يسرى عن فرصة للقاء صديقها ماجد ,كان الكلام أشبه بالهبل لكنها أصرت على ذلك دون أن تمنح صاحبتها فرصة لتعرف سر هذا الاصرار منها, لكن عناد سلمى أيقظ في نفسها رغبة دفينة في أن تلتقي برجل عرف كيف يوقظ أحلام الأنثى في جسد ميت, فلقد كانت يسرى أشبه بحجر نائم في عالم أتخذ من السبات الشتوي عادة له.
قررت أن تمضي في ما تريد حتى لو لم تساعدها يسرى الأمر صار قضية خاصة لا مفر من المواجهة, هنا ترددت للحظة ثم تابعت كلامها. سأشرح كل شيء بدون تردد لا أخاف من شيء ليس لدي ما يمكن أن أحذره فقط لأعرف علة هذه النفس ,أجابتها يسرى هل تحدثين نفسك
_نعم هو حديث داخلي.
_من يراك بهذا الحال يظن أنك مهووسة بخيال أو أن أحد الجن يتكلم معك.
_لابأس المهم ن اعرف ما أريد.
_ماجد الأن في سفر.
_أعرف لذا طلبت منك .
_سأصاب بالدوار ,كيف تطلبين لقاء شخص غير موجود.
_لم أطلب لقاءه الآن فقط سألت هل بإمكانك أن تعرفيني به أو تعطيني موعدا معه.
رفعت يسرى نظارتها السوداء قليلا لتبحلق جيدا بتعابير هذه المجنونة كما يبدو لمن لا يعرفها, مر على تعارفهما لأول مرة أكثر من سبع سنوات وما زال السر محفوظا بين الاثنين, لا أسرار مهمة فقط بعض الحكايات الفاشلة التي تنتهي دوما بألم أو حسرة, فقد تشاركتا في سنين الدراسة الجامعية كما هي أيام الوظيفة.
حوار النساء دوما ما ينتهي بحدة خاصة لو كانت في أمور حساسة لا مشترك بينهما أو أن المشتركات هي التي تبعث نوبة الحساسية, المشترك هنا ماجد ذلك الذي تفنن في استخدام فنون السحر مع النساء, عرفته يسرى أيضا من خلال فتاة مسحورة أنقذها مما كانت فيه لتتلبس أيضا بسحره رغم أنها تعرف أنها بدلت سحر بسحر والرجل لا تنقصه وسامة ولا أناقة.
هنا أنا أتفهم اصرار سلمى عندما تبحث عن وعي الاخرين بها ولو كان على يد ساحر من نوع ما, ليس في الأمر انتهاك حقيقي لقيمي بل أن أشجع على ذلك طالما أنها بحاجة إلى حل, سلمى نموذج من جيل ضحى به ظرف المجتمع ليرميه في سلة المهملات برغم ما تحمل من تفرد على مستوى الشخصية وامتلاك ناصية العلم , مجتمع يسير أعرج تحت وطأة الميل الذي خلفه المعيار الخطأ.
جميلة في نهاية العقد الثالث من العمر تملك عينين ساحرتين وطول فارع تتقن فن الحفاظ على استقلالية في الرؤية ومساحة عقلية مفعمة بروح التحدي لقيم نشأت في طول الليل الذي نمر به انتظار للفجر الذي يكشف عن الوجوه حقيقة ما هي عليه ,لا تبخل أبدا أن تعطي فوق طاقتها لكنها بسبب هذا الترف العقلي صارت ضحية لغرور الشباب الباحث عن منفذ للحياة السهلة من خلال امرأة تملك أسباب لا فتاة تطرح وسائل حقيقية للنهوض.
اللجوء إلى العقل في فهم القضايا الحياتية من موجبات تخلف الأنثى في محيط لم يألف أستقلالية ليس في واقعه الجامع وصورته السلوكية لكن أيضا عندما يريد من الإنسانة أن تكون ذيل للإنسان الذكر ولو كان فارغا هو بحاجة لمن يقوده .
لم ينتهي اللقاء بالطبع على ما أبتدأ ولكن يسرى لها وجهة نظر أنها تعلم ما تريد منها بالتحديد, ولكن النهاية على رأيها تبدأ من حيث هي انتهت ,لا بد أن تعرفي الحقيقة., بادرتها.
_عرف أن ما أقوله فيه حرج ولا بد لي من قول ,أنت التي كنت أحلم في يوم من الأيام أن أكون في محلك بكل شيء لا يعني أني أحسدك ولكن أنت شيء مختلف لنا نحن معشر صديقاتك التي نعرف من تكوني.
_ولكن ما الفائدة؟. أنا أسير برغم من هذا كأني عارية في مجتمع ذكوره عميان.
_صحيح ولكنهم أيضا ضحية العمى ولا يصلح الساحر ما أفسده الطبيب الذي هو متذكر دوما.
_إنها محاولة جديدة لطرق باب العقل ولو على يد ساحر ذكر.
_لا تبالي لهم كلهم ذكور , الأن أصبحت على قناعة لماذا نطلب دوما أن نحس بأننا في ضعف مزمن اظهارا لقوة زائفة وامتاع لغرور الرجل.
_وأنا أرفض هذ من حيث المبدأ.
_إذن خيارك أن تبقي تلك المحاربة التي لا تكل من تقويض مملكة الرجال.
_لا ليست حرب بل هي تصحيح طريق.
_وهل يرضى آدم بنصيحة حواء ,إنها خدعة ثانية هكذا يراها.
صمتت الفتاتان احتراما لوجود ابن آدم الذي جاء يحمل فنجاني القوة وقنينتي ماء ليضعهما على الطاولة بعد أن شعر أنه تسبب في قطع الحديث لينصرف خجلا منهما, هذا تصرف حكيم إنه لا يخوض كعادة الكثيرين في تفاصيل لا يسأل عنها عادة.
ماجد ذلك الشاب الذي كثيرا ما يصفه الناس بدون علم أو اختبار لعلميته أنه يسبح في نهر بلا ماء, إنه يعرف أنه مستهدف من ذوي العقول التي لا تعرف معنى لإعادة الوعي للناس وتنمية المهارة الشخصية ,يحمل من التجربة العملية والعلمية الشيء الكثير وفرط بالكثير من الفرص النادرة لأمثاله ليكون بين الناس الذين أحبهم لكن اصراره لوحده لا يشفع أن يكون من ضمن المتميزين هنا, حمل معه علمه وطرحه للناس ليبشر أن نصف معاناة الناس مما هم فيه يرجع لكونهم لا يدركون بما يملكون أو أنهم لا يستعملون ما يمكنهم من تجاوز الازمات من قوة ذاتية.
هكذا شرحت سلمى ليسرى نظرتها عن الصديق د ماجد إنها لا تريد فقط لنفسها العبور تريد أن تمنح ماجد سببا اضافيا للنجاح, كل تغيير في المجتمع ومفاهيمه عن المرأة والرجل يصب في خانة أهدافها الخاصة التي تعتبر أن لا حد حقيقي بين الخاص والعام طالما أن هناك هدف إنساني.
هدأ التوتر الذي بدأ انفعاليا أول مرة لتشرب الفتاتين فنجاي القهوة ولتقرأ من جديد على مسامع صديقتها أحر ما كتبت شعرا تكاد مفرداته تحلق في سماء الأنثى لترفعها قديسة في ملكوت الرب, أنها تؤمن وتدافع أن المرأة عندما تتكامل تتحول لملاك يرسم الجمال في يباب عالم الرجولة الذي لا يريد أن يصحو يوما ليفهم أن الورود لا تنمو بين الصخور .
د.عباس العلي
#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)
Abbas_Ali_Al_Ali#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟