أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مصطفى القرة داغي - العراقيون و (جين) عبادة الفرد وتأليه الزعماء















المزيد.....

العراقيون و (جين) عبادة الفرد وتأليه الزعماء


مصطفى القرة داغي

الحوار المتمدن-العدد: 4241 - 2013 / 10 / 10 - 17:44
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بدئاً أود الإشارة الى إن المقصود بكلمة (جين) الواردة في عنوان المقال هي تلك المُرتبطة بعلم الجينات، والجين الذي نتحَدّث عنه هنا تحديداً هو جين غريب بَدَئنا نتلمّس وجوده مِن خلال ظواهر مُجتمعية مُعيّنة، جين يؤثر على وَعي الأنسان ويَجعله ضَعيفا سلبيا ومُنقاداً لمَن يَضطهده ويَقمعه ويَتعامل مَعه بمَبدأ السَيّد والعَبد. أحياناً يظهَر هذا الجين لدى شريحة مَحدودة مِن البَشَر، لكنه في أحيان أخرى وهي الأكثر خطورة يَظهَر لدى شَعب بأكمله وبمُختلف شرائِحه كما هو حال شَعب العراق، الذي أظهَرت تجارب الأحداث التي مَرّ بها وفحوصات الكوارث التي المّت به بأنه يَمتلك هذا الجين. طبعاً يَبدوا إن أجهزة المُخابرات الأجنبية قد إكتشفت وجود هذا الجين في تركيبة الفرد العراقي مُنذ زمن بعيد، وقد عَملت مُختبراتها البَحثية على تحفيزه وتطويره والإستفادة مِنه لتنفيذ مُخططاتها في المنطقة مُنذ خمسينات القرن الماضي وحَتى اليوم، وحَرصت مُنذ ذلك الوقت على دَعم وصول نماذج طفيلية مِن الساسة الى السُلطة في العراق تعتاش على وجود هذا الجين وتتوافق كاريزماها مَعه، في حين شَجّعَت بل وساهَمَت برَحيل وتنحي وتصفية ساسة كان يمكن لوجودهم وبقائهم في السُلطة أن يُضعف هذا الجين بل ويقضي عليه، وبالتالي يُعيد جُزئاَ من توازن الشخصية العراقية.
إن ما يُمَيّز هذا الجين هو أنه يَدفع الفرد للإنجذاب نحو الساسة والزعماء السياسيين عُموماً، وتحديداً القساة الغلاظ الدكتاتوريون الصَيّاحين مِنهُم، فيما يَتلاشى ويَضعُف تأثيره في عَقل الفرد ونفسيّته بوجود سياسي وزعيم بَسيط ومُتواضع يعَمل أكثر مِمّا يَتكلم. لذا وجَدنا عَوام العراقيين قد هامَت حُبّاً بالملك غازي الذي كان إنفعالياً أكثر مِنه حَكيماً، وإمتازت فترة حُكمه بعَدم الإستقرار وخلوها مِن أية إنجازات حقيقية، اللهُم بإستثناء إنتفاضة هنا وتمَرّد هناك، بالإضافة لأدائه دور المُذيع في إذاعة نصّبها بقصره كان يُهاجم مِن خلالها حُكام الكويت والبريطانيين، وهو ماحَبّبه لقلوب العراقيين وجَعله في نظرهم بطلاً قومياً لا مَثيل له. جاء مِن بعده قاسم ليَسرق قلوب العراقيين بشَخصيّته العُصابية الغريبة وخطاباته الجَوفاء وإنقلابه الأسود الذي كان بداية لشَلال دَم أغرَق العراق وأصبَح قاسم زعيم العراقيين الأوحد نفسه أحد ضحاياه بَعد حين. تبعه عبد السلام عارف الذي (جر بوش) العراقيين بصياحه وشِعاراته الفارغة وأستلطفوه لنكاته السَمِجة التي كان يُطلقها في خطاباته. تلاه البكر الذي سَّماه العراقيون(الأب القائد) رَغم قسوته وشَخصيّته المتقلبة. ليَأتي بَعده صدام الذي لقبه العراقيون بالرئيس القائد حفظه الله ورعاه وهام الكثيرون منهم بحبه ووضعوا له 99 إسماً على غرار أسماء الله الحسنى وغنّوا له عَشَرات الأغاني التي تتغزل به رَغم جُنونه وقمعِه لهم وإدخالهم في حروب وإشكالاات لم تنتهي حَتى بسقوط نظامه. وأخيراً وليسَ آخراً جاء دور سُلطان العَصر والأوان الدَعوَجي العابس المُكفهر الوجه والذي لم تعرف الإبتسامة طريقها يوماً الى فمِه نوري المالكي الذي أطلق عليه العراقيون أسم مُختار العَصر رَغم البُؤس والذل والشَقاء الذي يُعيّشُهم فيه مُنذ 8 سَنوات. بالمُقابل فإن هذه العَوام كانت بلا مَشاعر واضِحة بَل وأحياناً باردة المَشاعر وسلبية تجاه ساسة كالمَلك المُؤسس فيصل الأول الذي يَعود له فضل تشكيل الدولة العراقية الحديثة بشكلها وحُدودها وتركيبتها المُجتمعية المُؤسّساتية الحالية بعد أن كانت مَجموعة ولايات بائِسة مُتناثرة تتبع ألامبراطورية العثمانية المَريضة التي لم تضَع طابوقة واحدة بهذه الولايات طوال خمسة قرون، كما يَعود له فضل إنتشال شَعبها مِن حالة الظلام والجَهل والتخلف التي كان يَعيشها تحت ظِل هذه الامبراطورية. كذلك الحال مَع حَفيده المَلك الشَهيد فيصل الثاني الذي قُتِل وعائِلته غيلة وغَدراً وهو في رَيَعان شَبابه وذروة عَطائه لبلاده وشَعبه، ويدين العراقيين بكل ما بُني في العراق مُنذ الخمسينات وحَتى اليوم لمَجلس الإعمار الذي تأسّسَ و وَضَع تصاميم كل هذه المَشاريع في عَهده. ثم الرئيس عبد الرحمن عارف الذي كان أكثر حِكمة وعَقلانية مِن أخيه بآلاف المَرّات وشَهد العراق خلال فترة حُكمه القصيرة نُهوضاً وإستقراراً لم يَعرفه طوال العُهود الجمهورية منذ 1958 وحَتى هذه اللحظة. وأخيراً وليسَ آخراً رئيس الوزراء السابق الدكتور أياد علاوي الذي نجَح بإدارة دفة العراق في أشَدّ المَراحِل صُعوبة وحَراجة مِن تأريخه وكاد أن يَنجح في مَسعاه للعُبور به الى شاطيء الأمان لولا تظافر جُهود غبيّة وخبيثة لإحباط هذا المَسعى، ولتنتقل إدارة هذه الدَفة الى يَد شَخص فاشِل مُعَقد وعَديم الخِبرة هو المالكي الذي أدخل العراق وشَعبه في نفق مُظلم لم يَخرج مِنه حَتى هذه اللحظة، والذي سَبَق وتحَدّثت عَنه في سُطور سابقة.
طبعاً مِن المُؤسِف رؤية العراقيين على هذا الحال في وقت بَدَأت أغلب شُعوب العالم تعي فِكرة أن الزعيم السياسي أو رئيس الوزراء أو رئيس الجمهورية هو شَخص عادي يَختارونه ليقوم بعَمله كأي مُوظف آخر في الدولة، ولكن صَلاحياته أكثر بحُكم مَسؤوليته الأكبر مِن غيره والتي يَجب أن يتحَمّلها ويقوم بها على أكمل وَجه ثم يُغادر ليَأتي غيره وهكذا كأي وظيفة أخرى، كل الناس فهمَت هذه الفكرة إلا العراقيين الذين لازالوا يَنظرون للقادة والرؤساء كآلهة تعبَد يَنبغي أن تقدّم لها فروض الولاء والطاعة لشُكرها على نعَمِها ومَكرَماتِها التي توفرها لهُم (مِن بيت اللي خلفوها) وتجنباً لغضبها الذي تستمده طبعاً مِن جَيش وشرطة وقوات أمن قوامها أبناء الشَعب العراقي نفسه !
إن مادَفعَني لكتابة هذا المَقال هو ما أراه وأسمَعه عَن حال العراق وشَعبه بالإضافة الى حوار دار قبل فترة بَيني وبَين أخ عِراقي يَعيش في ألمانيا مُنذ ما يَزيد على نصف قرن وهو مِن المُؤيدين لحزب المُستشارة ميركل، تحدثنا خلاله عَن الوَضع الإقتصادي في ألمانيا وأسباب تردّيه. وفي سياق الكلام مارَست أبسَط حُقوقي الدستورية في بَلد ديمقراطي بإنتقاد سياسة المُستشارة الإقتصادية والخارجية، وتحديداً فكرة اليورو والإتحاد الأوروبي وما ترَتّب عليها مِن نتائج أجدُها كارثية كانت ألمانيا لتتجَنّبها لو لم تؤسِّس لهذه الفكرة التي تؤيّدها ميركل بقوة، ولو ترَكت إقتصادها العِملاق لخِدمة شَعبها الذي يزيد فقراً وبطالة يوم بَعد آخر فيما تُدفع أموال بلاده كتعويضات ترقيعية لإنقاذ هذا البلد الأوربي أو ذاك مِن إفلاس سَيحصل عاجلاً أو آجلاً، كما عَبّرت عَن وجهة نظري بأهميّة تجديد الوجوه القيادية في حزب ميركل وضرورة رَفدها بدماء شابة كالسيدة أورسولا فونديرلاين التي بَرَزت كمُنافس مُحتمل لميركل داخل حزبها نفسه. ورَغم مَعرفة هذا الشَخص بمَيلي لحزب المُستشارة ميركل أكثر مِن مَيلي لمُنافسيه، وبأنني قد صَوّت لإئتلافه الإنتخابي بالإنتخابات البَرلمانية والمَحليّة السابقة لقناعتي بأنهم الأكثر أهلية مِن غيرهم لإدارة البلاد، رغم كل ذلك إلا أنني ما إن أكمَلت كلامي حَتى أنتفضَ هذا الشَخص وهاجمَني بصَوت عالي مُتهماً إياي بأني لا أفهم وبأننا نعيش وضعاً صَعباً ليسَ له غير ميركل ولن ينقذنا مِنه غيرها، وقال لي تحديداً (والله هاي المَرأة إذا تركت الحُكم وجاء غيرهة نضيع)، تصوروا أن يَتحَدّث بهذا المَنطق الفكاهي المُضحك المُبكي شَخص يَعيش في ألمانيا مُنذ نصف قرن. لكن إن عُرف السَبب بَطل العَجَب، فهو عراقي وبالتأكيد يحَمل الجين الذي ذكرناه والذي لا يَزال يَفعل فعله في تفكيره ويَدفعه لتأليه وعِبادة الساسة أينما حَلّ وإرتحَل، وسَيبقى كذلك ما دام مُجتمَعه ونُخبه الثقافية والسياسية تغذي هذا الجين بالأمصال والفيتامينات اللازمة لبقائه وتقويته داخل الشخصية العراقية.



#مصطفى_القرة_داغي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدَعوَجي والفِصام بَين شَخصيّة رَجل الدولة وشَخصيّة الرَوزخ ...
- هل الدول العربية وشعوبها نامية أم نايمة ؟
- أيها العِراقيون.. إن أعدتم الإعتِبار لمِلوكِكُم فحينها سَتعي ...
- انقِلاب 14 تموز 1958 ومَحكمَته الثورية الهَزلية
- ثورات الربيع العربي تنهش أبنائها
- عَزف نسائي.. وعَودة الألق الى المَسرح العراقي
- الرَوزَخون خضير الخزاعي وإعادة تشكيل الوَعي العراقي
- أحزاب الإسلام السياسي نَباتات سامة أتلفت تُربة مُجتمعاتِنا
- إنتخابات عِراق المالكي وشِراء الذِمَم بالبَطالة المُقنعة
- رَبيع خير أم خريف بؤس عَربي ؟
- العراقيون.. شَعب يَعيش التناقض حَتى في إختيار جَلاديه
- حَقيقة الثورات بَين خَيال مُنَظّريها الخَصِب و واقِعها البَش ...
- وعّاظ سُلطان الزمان ومُختار العَصر والأوان نوري المالكي
- كِذبة الرَبيع العربي وتلاشي الدَولة المَدنية العَلمانية
- العراق.. مِن دكتاتورية صَدام البائِدة الى دكتاتورية المالكي ...
- طيور ظلام الإسلام السياسي على أشكالها تقع
- المَركز والاقليم.. ومُقايَضة المالكي للدَم العراقي بكُرسي ال ...
- نوري سَعيد أفندي البغدادي.. سيرة عَطِرة
- هل إن الحل هو في تغيير الأنظمة العربية أم في إصلاح الشعوب ال ...
- جيل فريد ولكن.. بلا مَلامِح


المزيد.....




- فيديو رائع يرصد ثوران بركان أمام الشفق القطبي في آيسلندا
- ما هو ترتيب الدول العربية الأكثر والأقل أمانًا للنساء؟
- بالأسماء.. 13 أميرا عن مناطق السعودية يلتقون محمد بن سلمان
- طائرة إماراتية تتعرض لحادث في مطار موسكو (صور)
- وكالة: صور تكشف بناء مهبط طائرات في سقطرى اليمنية وبجانبه عب ...
- لحظة فقدان التحكم بسفينة شحن واصطدامها بالجسر الذي انهار في ...
- لليوم الرابع على التوالي..مظاهرة حاشدة بالقرب من السفارة الإ ...
- تونس ـ -حملة قمع لتفكيك القوى المضادة- تمهيدا للانتخابات
- موسكو: نشاط -الناتو- في شرق أوروبا موجه نحو الصدام مع روسيا ...
- معارض تركي يهدد الحكومة بفضيحة إن استمرت في التجارة مع إسرائ ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مصطفى القرة داغي - العراقيون و (جين) عبادة الفرد وتأليه الزعماء