أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - نضال الربضي - ظاهرة التحرش بالفتيات – بين نظرة المجتمع، التشخيص و الحلول.















المزيد.....

ظاهرة التحرش بالفتيات – بين نظرة المجتمع، التشخيص و الحلول.


نضال الربضي

الحوار المتمدن-العدد: 4240 - 2013 / 10 / 9 - 17:12
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


ظاهرة التحرش بالفتيات – بين نظرة المجتمع، التشخيص و الحلول.

أتصفح الجرائد الإلكترونية بشكل يومي لأبقى على اتصال مع المجتمع و ما يحدث فيه، و لأراقب مجريات الأحداث في بلدان العالم و خصوصا ً الشقيقة منها كمصر و سوريا، ثم أنزل إلى الأسفل لأمر َّ على تعليقات القراء علها تساعدني على أن أضطلع على وجهات النظر الشعبية المتنوعة مما يساهم بإمدادي بفهم ٍ أفضل للعقلية أو العقليات التي تحكم المجتمع و القيم التي يتبناها أفراده و التي تشكل ردود أفعالهم و سلوكهم و تعطي المجتمع شكله و الخصائص التي تميزه.

بين الحين و الآخر نقرأ أخبارا ً عن عملية تحرش حدثت هنا أو هناك، تدفع ثمنها فتيات ٌ تصادف وجودهن في المكان و الزمان مع شخص أو مجموعة أشخاص انتهكوا كرامتهن الإنسانية بواسطة فعل ٍ تنمُّري عدواني شبق. و تتنوع الخاتمة ما بين اختيار الفتاة المضي بطريقها تحمل ُ الاعتداء في داخلها مكلومة ً صامتة فيروي أخرون شهود ٌالحدث عنها و هذه أكثرية الحوادث، أو اختيارها المضي إلى قسم الشرطة (المخفر بلهجتنا الأردنية) للإبلاغ و هذه أقل الحوادث.

و كأن ألم الحدث نفسه لا يكفي حتى تطالعنا التعليقات بجمل من شاكلة "الحق عليها شو وداها هناك" بمعنى أن المعلق يرى أن الضحية لم يكن يجب أن تتواجد في ذلك المكان أصلا ً على الرغم أن المكان هو حي أو شارع عادي و ليس في وكر ٍ لعصابة، أو من شاكلة "شو مطلعها في الساعة هاي" بمعنى أن المعلق يعين ساعات محددة على الفتاة الخروج فيها و ساعات أخرى يمتنع عليها الخروج من خوف الأذى.

بعض التعليقات الأخرى تتمادى لتحكم على الفتاة بعبارات مثل "شكلها أصلا ً مش نظيفة" كمجرد حكم مبتور من أي سياق منطقي مُريح لقائله يعفيه من عناء الاحتكام للمرجعية الإنسانية أو الأخلاقية ما دام فساد خلق الأنثى الذي افترضه هو السبب. لكن أغلب التعليقات تذهب في اتجاه الحديث عن لبس الفتاة و أهمية احتشامها و نتائج عدم الاحتشام، مع أن القليل من التفكير يجعله واضحا ً أمام المرء أن الكلام عن احتشام الفتاة و لباسها و تصرفاتها و المطلوب منها، هو في حقيقة الأمر اختيار لأسهل الأمور، و رمي للحمل على ظهرها ، و إدانتها بالتسبب بالجرم الذي وقع عليها، و تغير موقفها من ضحيه إلى مجرم، و من مجني عليها إلى معتدي، و هذا المعتدي يستحق ما نزل عليه و لا حق له أن يحتج.

غريب جدا ًهذا المجتمع الذي لا يرى في المرأة سوى صدرها و دوائر فخذيها و بياض جلدها و رنة صوتها و رائحة عطرها. و غريب هذا المجتمع الذي لا يرى في المرأة إلا فتنة و غواية و مطمع و صيده و عوره. و غريب هذا المجتمع الذي لا يرى الشرف إلا في قطعة جلد تختبئ في العضو التناسلي للمرأة. غريب هذا المجتمع الذي لا يعرف أن يعلم ذكوره كيف يكونون بشرا ً ينظرون لإناث هن بشر أيضا ً و يتعاملون مع بعضهم البعض بشرا ًمع بشر و ليس رجالا ًتشتهي نساء ً، أما الأغرب على الإطلاق فهو هذا الجُبن من مواجهة الحقيقة و الانتصار للمظلوم و وضع الظالم أمام مسؤوليته الأخلاقية و الانسحاب التقهقري نحو أسهل الحلول و ألذها و أقدمها موروثا ً و ممارسة ً و هو "لوم المرأة"

لا تلقوا باللوم على لباس الفتاة، فقطعة القماش لا يمكن أن تكون سببا ًفي منعك عن عمل تريد أن تعمله و أنت مقتنع به أو مدفوع إليه بعاطفتك. المشكلة في العقلية يا سادة. هذا المجتمع مريض بالعقلية و التسلط الذكوري و عنجهية الذكر، و نساء هذا المجتمع يدفعن ثمن العقلية الذكورية. كم من محجبة و منقبة تم التحرش بها و كم من طفلة و مراهقة و شابة انتهكها أبوها أو أخوها أو أحد أقربائها الذين تفترض الأمان منهم و الرعاية و المحبة و الحماية، فتلقت الخنجر في القلب و الكيان.

هذا المجتمع يراقب المرأة في كل شئ حتى في ملبسها داخل البيت، فالأخ لا يتوانى أن ينظر إلى أخته نظرة تحذير صامتة إذا جازت أمامه بشورت أو قميص بدون أكمام من غرفتها إلى المطبخ، و الأم المقموعة قبلا ً تتحول إلى قامع ٍ لاحقا ً و هي تتلقى هذا الشرف القمعي الرفيع لممارسته على الأجيال القادمة من الإناث. و بذلك يتركز لدى الذكر فكر يقول أن الأنثى الشريفة العفيفة هي الأنثى التي تقبل التوجيه و لا تناقش فيه و لا تتعداه و تسير بموجبه و تلتزم به، مما يخلق إما أنثى تتسم بهذه الصفات المازوخية فعلا ً أو الأنثى التي تلتزم في العلن و تعصى في السر، أو تلك التي تعصى في العلن في مشاغبات عاطفية تنتهي إما بترويضها أو إخمادها، أو طردها من البيت أو استمرارها على ما هي عليها لكن مع مقاطعة العائلة و الصديقات لها.

أعتقد أنني على حق حينما أقول أننا جميعنا أو بالأحرى معظمنا و أنا من هذا المعظم نؤمن بالإنسانية و التساوي في كرامتها الموجودة فينا جميعاً، و أنني نضع الأخلاق و الشرف كما نفهمهم كنمط سلوك و حياة يتسم بالصدق في التعامل و الشفافية في العلاقات بعيدا ً عن الكذب و الطمع و الاستغلالية، و في انسجام مع احترام النفس و احترام الآخر و احترام القانون و احترام البيئة، و الإخلاص نحو الشريك و العائلة و الإنتاجية في العمل و تحمل المسؤولية الأخلاقية للأفعال و الترفع عن الصغائر و الخصومات و النزاعات الاصطدامات و الحكم على الناس و استغابتهم، و بالقطع لا نؤيد الإباحية و تحويل البشر إلى سلع تقدم الجنس بدل المال أو بالمجان دون ضوابط. و أجد أن اضطراري لأن أكتب هذه الفقرة هو في حد ذاته مأساة لأن هذه الثوابت لا داعي لتأكيدها و لا نقاش عليها لكننا تعودنا ممن لا يستطيعون أن يستوعبوا دعوتنا الإنسانية أن يبدأوا هجومهم الدونكيشوتي الكيبوردي باتهامنا بمحاولة نشر الرذيلة و الإباحية و نحن أبعد ما نكون عن ذلك.

أود أن أختم بتوضيح ٍ أخير و باختصار أن مشكلة التحرش الحقيقية يتم حلها من خلال عدة خطوات:

- أولا ً بالتخلص من مفهوم الأنثى كعورة والإيمان أنها إنسان كامل.
- ثانيا ً تعليم أطفالنا أن التعامل بين بعضهم البعض هو تعامل إنسان مع إنسان و ليس ذكر مع أنثى.
- ثالثا ً التأكيد على حق الإنسان الذكر و الأنثى بتقرير اتجاه حياتهم بدون إجبار أو قمع من الأهل أو المجتمع.
- رابعا ً سن القوانين التي تكفل للأنثى بشكل خاص حقوقها الإنسانية و القانونية كافة ً في مجتمع مدني.
- خامسا ً عدم التساهل مع ظاهرة التحرش و تغليظ العقوبات على المتحرشين دون الأخذ بالأسباب التخفيفية.

الطريق طويلة لكنها تبدأ بالاعتراف بالمشكلة و نشر الوعي المجتمعي الكافي تمهيدا ً للقاعدة المجتمعية التي ستحتضن الحل، و التي يجب أن تتشكل نواتها من السيدات و خصوصا ً القانونيات منهن، و من الرجال الذين يستطيعون أيضا ً التأثير في أقرانهم، حتى تتشكل نواة الحل التي سيبزغ منها فجر ٌ أفضل لهذا المجتمع الطيب الذي يستحق الأفضل.



#نضال_الربضي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التأريخ الأنثروبولوجي الديني في روايات نجيب محفوظ – الثلاثية ...
- التأريخ الأنثروبولوجي الديني في روايات نجيب محفوظ – الثلاثية ...
- عقل العربي – جولة في مساحة الاطمئنان كردة فعل على العجز
- نظرة للإعلانات التسويقية المتلفزة و علاقتها بالنمط الاستهلاك ...
- السلطان شرف الدين – احتكار الله و استعباد البشر – بين الانفص ...
- مسيرة المسجد الحسيني– خليط التعاطف المذهبي و تجاوز الدولة كم ...
- المرأة كملكية ذكورية – ما بين جرائم الشرف و إعفاء المُغتصب ش ...
- تمثيل ُالوحي داخل الحواس – رحلة الله و الناس
- فلسفة الوعي – الإدراك و التركيب العضوي و ما بينهما


المزيد.....




- ” قدمي حالًا “.. خطوات التسجيل في منحة المرأة الماكثة في الب ...
- دراسة: الوحدة قد تسبب زيادة الوزن عند النساء!
- تدريب 2 “سياسات الحماية من أجل بيئة عمل آمنة للنساء في المجت ...
- الطفلة جانيت.. اغتصاب وقتل رضيعة سودانية يهز الشارع المصري
- -اغتصاب الرجال والنساء-.. ناشطون يكشفون ما يحدث بسجون إيران ...
- ?حركة طالبان تمنع التعليم للفتيات فوق الصف السادس
- -حرب شاملة- على النساء.. ماذا يحدث في إيران؟
- الشرطة الإيرانية متورطة في تعذيب واغتصاب محتجزات/ين من الأقل ...
- “بدون تشويش أو انقطاع” تردد قنوات الاطفال الجديدة 2024 القمر ...
- ناشطة إيرانية تدعو النساء إلى استخدام -سلاح الإنستغرام-


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - نضال الربضي - ظاهرة التحرش بالفتيات – بين نظرة المجتمع، التشخيص و الحلول.