أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - داود روفائيل خشبة - أفلاطون الذى ظلموه















المزيد.....

أفلاطون الذى ظلموه


داود روفائيل خشبة

الحوار المتمدن-العدد: 4240 - 2013 / 10 / 9 - 15:50
المحور: الادب والفن
    


أفلاطون الذى ظلموه
داود روفائيل خشبة

أشهر الفلاسفة دون جدال هو أفلاطون، وهو فى نظر الكثيرين أبعد الفلاسفة تأثيرا، ومؤلفاته أوسع الأعمال الفلسفية انتشارا، والدراسات والأبحاث التى تتناول فلسفته بالشرح والتحليل والنقد فى عام واحد تفوق ما يؤلف عن عدة فلاسفة مجتمعين فى أعوام. ورغم كل هذا فإن فيلسوفا لم يتعرض لمثل سوء الفهم والتشويه الذى تعرض له أفلاطون على مر العصور.وإذا كان الدارسون على مدى ثلاثة وعشرين قرنا قد اختلفوا فيما بينهم فى تأويل أعمال أفلاطون فإن الدارسين فى الحقبة الممتدة من القرن العشرين حتى يومنا هذا لم يقفوا عند حد طرح تأويلات متباينة ومتعارضة لفكر أفلاطون، بل أخذوا يتبارون فى تفنيد ودحض وتسفيه ما يتراءى لهم أنه فكر أفلاطون. لهذا سبب أزعم أنى أستطيع بيانه.
ولد أفلاطون فى نحو عام 428 ق.م. لوالدين ينتمى كل منهما لأسرة أثينية عريقة. وكان المحيطون به من الأهل والأصدقاء ينتظرون أن يكون له دور مرموق فى سياسة الدولة التى كانت آنذاك فى أوج عزّها وزهوها ومجدها. لكن أمرين هامّين تضافرا وتداخلا فغيّرا مسار حياة أفلاطون. كانت أثينا قد دخلت فى حماقة الحرب الپيلوپونيزية المدمرة التى انتهت نهاية كارثية فى عام 404 حين كان أفلاطون فى نحو الرابعة والعشرين. وكان أفلاطون قد عرف سقراط وصحبه فى مرحلة من عمره مبكرة كثيرا، وأعجب به والتصق به وتأثر به. ولا يمكن أن نفهم أفلاطون إلا إذا اتخذنا سقراط مدخلا لذلك الفهم، على أن نعترف بأن سقراط الذى نتحدث عنه هو سقراط كما يصوره لنا أفلاطون. فإننا لا نملك إلى جانب كتابات أفلاطون من المصادر الأصلية عن سقراط غير مذكرات زينوفون التى تفتقر للعمق الفلسفى وكوميديا "السُحب" لأريستوفانيس.
ليسمح القارئ الكريم لرجل عجوز أن يوفر على نفسه بعض الجهد. فلكى ألخـّص للقارئ جوهر فلسفة سقراط أنقل الفقرات التالية من كتابى "أفلاطون: قراءة جديدة":
"كل مغزى حياة سقراط، مجمل رسالة حياته، يمكن تلخيصه فى هذه الكلمات: لا يكون الإنسان إنسانا إلا بمقدار ما يحيا فى مجالٍ تشكّله الأفكار والمُثل التى تولد فى العقل. وإذن فهذه الأفكار والمُثل تشكّل قيمتنا الحقّة وكمالنا الذى نتميّز به ككائنات إنسانية. حين نحاول أن نمسك بهذه الأفكار نجدها تمتزج بعضها فى بعض، وفى منتهى الأمر نجد أنْ لا معنى لها فى انفصال عن العقل الذى تنبع منه. قيمتنا وحقيقتنا لا انفصال لهما عن هذا الفعل ذاته، فعل تمحيص مفاهيمنا ومُثلنا وعقلنا — بعبارة واحدة، ممارسة امتحاننا لذاتنا.
"العقل والأفكار التى يُنشئها العقل، هذا، عند سقراط، هو كل ما نعرف من الحقيقة؛ هذا ما يعطينا قيمتنا ويشكّل كياننا المتميّز كجنس إنسانى. هذا ما ينتهى إليه الحوار السقراطى كما نجده فى محاورات أفلاطون الباكرة.
"... لا يطلب سقراط تعريفا ولا يسعى إليه. إنه لا يطلب من رفاق الحوار أن يُعرّفوا بل أن ينظروا مباشرة إلى الفكرة، ليزيحوا كل ما يعترض الرؤية، ليبصروا الفكرة فى نقائها العارى، حتى يكون فى مقدورهم أن يؤكدوا أنه بالجمال يكون كل ما هو جميل جميلا. هذا كل غرض وكل غاية الحوار السقراطى: أن ندرك أننا لا نجد الحقيقة فى غير العقل الفاعل وفى الأفكار التى يخلقها العقل الفاعل."
بعد إعدام سقراط فى 399 ق.م. أمضى أفلاطون عدة سنوات فى الترحال، ثم أخذ يضع عددا من المؤلفات الدرامية التى تصوّر سقراط ممارسا رسالته التى كرّس لها حياته وعاش بها ولها ومات فى سبيلها. لم يكتب أفلاطون أبدا مبحثا نظريا، ولا هو ترك خلفه كتابا يطرح فيه مجمل فلسفته، بل هو يقرر صراحة وفى وضوح تام أنه يأبى أن يضع فكره الفلسفى فى نص مكتوب. وليسمح لى القارئ بأن ألجأ مرة أخرى للاقتباس من "أفلاطون: قراءة جديدة" فأنقل الفقرات التالية من تصديرالكتاب:
"لقد قيل إن أفلاطون لم يُدرس أبدا، على الأرجح، بمثل التركيز الذى دُرس به فى أواخر القرن العشرين. وللأسف يمكن أن نقول أيضا إن أفلاطون لم يتعرّض أبدا، على الأرجح، لمثل سوء الفهم والمسخ والتشويه الذى تعرّض له فى نفس تلك الفترة.
"حتى أواخر القرن التاسع عشر أو أوائل القرن العشرين كان باحثو أفلاطون يقدّمون تأويلاتهم المختلفة لأعمال أفلاطون. أما فى أواخر القرن العشرين فلم يعُد الباحثون يؤولون بل صاروا يُشرِّحون. اغتالوا أفلاطون ومضوا فى سعادة يمزّقون الجثمان مِزَقا صغيرة ليفحصوها تحت مجاهرهم التحليلية.
"لم يكن غرض أفلاطون فى كتاباته، ولا فى تعليمه الشفهى، أن يقدّم منظومة فلسفية مكتملة. فكما أن الغاية الوحيدة للحوار السقراطى لم تكن، كما يُفترض عادة، الوصول إلى تعريفات صحيحة، وإنما كانت غايته ابتعاث تلك الحيرة الخلاقة التى تقود محاوريه للاعتراف بجهلهم ولأن يسعوا للاستنارة بالاتجاه إلى داخل عقولهم، فكذلك كانت غاية أفلاطون أن يقدح فى روح سامعيه وقرائه شرارة الفهم تلك التى "فجأة تولد فى الروح مثلما يومض الضوء حين توقد نار وتتغذى بذاتها من ذاتها"، على حدّ قوله فى الرسالة السابعة.
"لهذا فإنه ليس بلا جدوى فحسب، بل هو ضارّ تماما، أن نُخضع كتابات أفلاطون للتحليل الدقيق والنقد الصورى محاولين أن ننتزع منها عقائد محددة ثابتة أو منظومة نظرية. كتابات أفلاطون يجب أن نقربها مُعْملين خيالنا، مهيّئين للتجاوب معها، حتى نلمح تلك الرؤى التى تتأبى على البوح والتى يمكن إيصالها فقط عبر الأسطورة والمجاز ولكن لا يمكن أبدا احتواؤها فى صياغات نظرية ثابتة."
القاهرة، 9 أكتوبر 2013
اعتزمت أن أتيح كل كتبى فى أصلها الإنجليزى مجانا على شبكة الإنترنيت، وأتاح لى منتدى الكتاب العربى مشكورا تحقيق ذلك، وقد تم بالفعل وضع Let Us Philosophize و Hypatia’s Lover فى قسم الكتب الإلكترونية، وسيتوالى ضم بقية كتبى فى وقت قريب.
http://www.arabworldbooks.com/E-Books/philosophy_khashaba_let_us_philosophize.pdf
http://www.arabworldbooks.com/E-Books/e_books.html



#داود_روفائيل_خشبة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا نحن أحاديّو الفكر؟
- عبارة -الرأى والرأى الآخر-
- ضرورة أن نتفلسف
- ثلاث ملاحظات عابرة: المادة 219 والإقصاء ومذابح الأرمن
- إلى أعضاء لجنة الخمسين
- السلفيون، ماذا يريدون؟
- لماذا علماؤنا يفشلون؟
- أفلاطون: قراءة جديدة
- هوامش على مواد تعديل الدستور
- نحن والغرب
- رسالة مفتوحة إلى يسرى فودة
- دفاعا عن البرادعى
- التيار الإسلامى فى لجنة الدستور
- نقط فوق الحروف
- إلى باسم يوسف: كلمة هادئة
- زمن الفعل
- حدود التنظير
- كل منا له دور يؤديه
- حول الإعلان الدستورى
- الثبات على المبدأ وتجمّد الرأى


المزيد.....




- في شهر الاحتفاء بثقافة الضاد.. الكتاب العربي يزهر في كندا
- -يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا ...
- “أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن ...
- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - داود روفائيل خشبة - أفلاطون الذى ظلموه