أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد غريب - القفز في فراغ السياسة المصرية















المزيد.....

القفز في فراغ السياسة المصرية


أحمد غريب

الحوار المتمدن-العدد: 4239 - 2013 / 10 / 8 - 02:19
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


نعلم أن قائد الجيش عبدالفتاح السيسي سيظل يلعب دور رجل الدولة الأول في مصر لفترة أطول من المرحلة الانتقالية، بغض النظر عن المسميات الوظيفية التي تناسب الدستور الجديد.
رسخ الفراغ السياسي الذي أحدثته ثورة 25 يناير، وعمّقه انقلاب الإخوان المسلمين على الثورة طمعاً في الاستحواذ على السلطة منفردين، دور الجيش في ملء الفراغ السياسي، دون مطالبة الجيش كمؤسسة بإنهاء أسباب هذا الفراغ.
صعود السيسي، أو قفزته، إلى مرتبة الزعيم الشعبي لملء هذا الفراغ بشخصه لا بمؤسسة الجيش يرتبط بشروط أخرى، ناصرية الطابع غالباً، والمقصود بالناصرية هنا حركة تصحيح قوية لتوزيع الثروة، وإطلاق مشاريع اقتصادية كبرى تحرك الاقتصاد، وتقوم بحراك اجتماعي وتوزيع للثروة على شرائح الطبقة الوسطى الدنيا والطبقات الفقيرة والمعدمة، حيث يتركز أغلبية المخزون البشري المصري، وهو ما يستدعي عداء تلقائياً من الدول الرأسمالية.
بدون هذا المسار يظل السيسي قائداً للجيش، المؤسسة الأهم في مصر، لكن دون أن تزيد أسهمه عن ذلك القدر خطوة.
السيسي يعم أن الترحيب الشعبي بدور أكبر له قائم، لكن استمراره مرهون بالمرور في مسار إصلاحي جذري، وهو ما لا تتهيأ له عوامل عدة منها البيئة الدولية، والوضع الاقتصادي المصري نفسه.
استغرقت ثورة يناير وموجاتها أطول من اللازم دون أن ترسي على بر، وكان للإخوان المسلمين دور سلبي للغاية في تعميق الفراغ السياسي، وليس فقط تركه يراوح مكانه، ما سمح لتناقضات البيئة الإقليمية والدولية لعب دور بالقفز لملء هذا الفراغ، وإضافة تناقضات مصالحها إلى التناقضات الداخلية، وتم استهلاك جزء من الرصيد المالي للدولة دون وجود سياسة تنموية واضحة تلقى رضا أغلبية الشعب التي ثارت من أجل العدالة الاجتماعية. ودون فتح حقيقي لمجالات الحراك الاجتماعي، فظل مركز الفراغ نشطاً يتمدد.
تمثل الإمارات والسعودية ومن ورائهما الكويت رأس حربة لكتلة إقليمية فاعلة، يهمها عدم صعود نظام إخواني على رأس السلطة في دولة بحجم مصر ومكانتها التاريخية وثقلها المعنوي. هذه الكتلة ليست على تعارض مع المنظومة الأميركية والغربية، بل العكس، لكن المنظومة الغربية نفسها تبدو حائرة في سياستها، خاصة مع تنامي علاقتها بالإخوان من مجرد الحذر إلى التعاون والشراكة والطمع في استغلال إمكانات التنظيم الدولي خارج مصر، والحاجة إلى ميليشيات تقاتل لتمرير الغاز القطري عبر الأراضي السعودية والسورية إلى أوروبا، لمنافسة الغاز الروسي، وتهديد أحد أهم الموارد المالية الروسية.
التحالف الخليجي مع النظام السياسي المتولد عن حركة 30 يونيو التي أطاحت بالإخوان استجابة لمطلب شعبي بإبعادهم عن الانفراد بالسلطة، ليس مفهوم الأبعاد حتى الآن.
لا تريد الأنظمة الخليجية التقليدية التي تقوم على تحالف بين عائلات حاكمة وبين رجال الدين الوهابي أن يسيطر على مصر نظام يقوم على الجمع بين الشرعية الدينية والشرعية السياسية معاً، فيهدد ثنائية الشرعية القائمة هناك. لكن ماذا بعد؟
عن ماذا سيسفر الشكل الجديد من التحالف والدعم الذي قفز بقوة إلى ساحة السياسة في مصر، وقتما سيطر عليها الفراغ كلية.
لم يكن الإخوان انتحاريين فقط عندما اختاروا مواجهة 30 يونيو بالقوة ورفض المساومة السياسية، كانوا أيضاً يستهدفون تعميق الفراغ بتصعيد الصراع إلى مستويات من العنف تشرخ تحالف 30 يونيو، وهو ما تحقق بانفصال البرادعي عنه، وما نتج عن العنف من ارتدادات، مثل محاولة بعض التجمعات الثورية إيجاد صيغة تفصلهم عن طرفي الصراع التقليديين تحت مسمى "الطريق الثالث"، وهو ما يعني عملياً الانفصال عن تحالف 30 يونيو.
قد لا يصل الانفصال عن التحالف إلى مناهضته، لكن يمكن أن يشتبك المنفصلون في صراع معه في محطات لاحقه، إن لم يستطع تحالف 30 يونيو توليد سياسات تملأ الفراغ السياسي.
من ناحية أخرى ليس منطقياً، ولا متوقعاً، أن تدعم السعودية والإمارات والكويت نظاماً يتبنى سياسات إصلاحية جذرية، تؤدي إلى إعادة توزيع الثروات وإطلاق حالة جماهيرية شعبوية. قد يدعموا بكثافة نوعاً من التنمية الاستهلاكية، أو اقتصاد الخدمات، ليتسق الدعم مع مجالات عمل الشركات الخليجية الكبرى التي تضخم رأسمالها بدرجة تحتاج إلى فتح أسواق استثمارية أخرى، لأن الدول الغربية لا تفتح أبوابها أمام الاستثمار في مجالات صناعية حساسة؛ لا يرحب الغرب بحضور غرباء فيها!
بمعنى أن الداعم الإقليمي لن يمكّن أي من اللاعبين المحليين من ملء الفراغ كاملاً، لكنه سيراهن بالدرجة الأكبر على مؤسسة الجيش التي حجزت مقعداً دائماً وحق فيتو في أي خريطة طريق سياسية تمضي فيها مصر لسنوات مقبلة.
تبدو الوضعية الاستثنائية مريحة لقادة الجيش، فهي تضمن كل ما كانوا يتمتعون به منذ يوليو 1952، دون أن تلقي عليهم عبء التنمية الاقتصادية التي أهلكت شعبية الرؤساء ذوي الخلفية العسكرية من قبل.
وضعية الشريك الضامن في الحكم مريحة لقادة الجيش، تبقى فقط عملية العثور على شركاء أقوياء يتولون الحكم المدني، ويتبادلونه، بطريقة لا تقسم البلد فتنتقص من قوتها الاستراتيجية، كما فعل مرسي، ولا تخذل تطلعات الجماهير إلى درجة تستدعي العودة إلى الشارع وإسقاط النظام كلية، خاصة أن هذه الجماهير أبدت من الشجاعة والاستعداد إلى العودة في مدى قصير جداً ما لا يجعل أحداً يراهن على الاستخفاف بها.
من هنا يبدو حمدين صباحي وأبوالفتوح الأقرب للتنافس على الدور المدني في هذه الشراكة، لكن المسألة هذه المرة ليس أشخاصاً بقدر ما هي طريقة ووسيلة لمل الفراغ السياسي، وشد الناس إلى العمل ضمن مشروع قومي لإعادة بناء البلد. وبذلك تتحرك كرة الفراغ السياسي إلى ملعب القوى السياسية المدنية.
لن يمثل أبوالفتوح الإخوان، بقدر ما سيجمع بقايا من تربوا وعاشوا على حلم الصحوة الإسلامية، ولايزالون يحلمون باستعادة أمجاد ماض لا يربطه بالحاضر سوى شعور صاحبه الداخلي بالتدين والإيمان.
ولن يطلب مؤيد صباحي منه أن يمثل عبدالناصر، بقدر ما سيطلب منه لعب دور رجل الدولة الذي لم يتمكن البرادعي من لعبه، بالتحالف والتعايش مع بقية مكونات تحالف 30 يونيو، إضافة إلى من قفز إلى الساحة مستغلاً الفراغ السياسي فأصبح جزء من التركيبة.
سيكون مطلوباً منه اللعب والمناورة السياسية وليس الصدام مع كل ذلك وفوقه أميركا والغرب، ودون الإخلال بطموحات الجماهير في تنمية شعبية
لم يعد هناك مجال للعمل تحت شعار "نعرف ما لا نريد"، ولم يعد ملء الفراغ السياسي المصري حكراً على الشارع وجماهيره، لقد قفز شركاء إلى الملعب، وأصبحت بعض الأدوار مرسومة بالفعل ولا يمكن تجاوزها (الجيش واللعبون الإقليميون مثلاً)، بحكم ضعف الاقتصاد، أو بحكم ضعف السياسيين وعدم قدرتهم على طرح مشاريع سياسية تتبناها الجماهير وتتمسك بها.
لاتزال حصة السياسيين المدنيين موجودة، ودورهم مطلوب، لكن لم يعد مقبولاً منهم مواصلة اللعب بأسلوب "نعرف ما لا نريد"، وإلا ستتحول المعارضة إلى الحالة الكارتونية التي كانت عليها أيام ما قبل 25 يناير.
أما الإخوان فلا تتجاوز حالياً طموحات التنظيم الرسمي مسألة استغلال الأجيال الشابة في عمل اضطرابات وقلاقل تؤدي إلى الإفراج عن القادة، وإلقاء القبض بدلاً منهم على القيادات الوسيطة وتحت الوسيطة، ليعود الأمر كما كان قبل ثورة يناير، وهو هدف وليد لفراغ سياسي وفكري كبير غرقت فيه الجماعة.
وللأسف لم يعد البرادعي رمزاً، لم يعد "البوب"، وإنما البرادعي فقط! وعليه القيام بقفزة مزدوجة، الأولى يعود بها إلى رمزية "البوب"، والثانية يلعب فيها دوراً سياسياً مقبولاً من الجماهير، لكنه للأسف ربط رمزيته بنبوءة فشل تحالف 30 يونيو ونجاح عنف الإخوان في إجهاض التحالف، وهي نبوءة لا يمكن حتى لمؤيديه تمني أن تتحقق.



#أحمد_غريب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ملاحظات على اقتراح استبعاد الأميين من التصويت
- الشرعية الدينية والغاز الطبيعي
- عاصفة 30 يونيو: الإسلام السياسي والتحالف الجديد
- هل الديموقراطية سيئة؟
- النموذج التركي!
- تمرّد
- هواجس عن التدين كوسيلة خروج على القانون!
- دولة مدنية.. أحلام الثورة مستمرة
- دورة العنف.. الرصيد لا يسمح!
- من سيتكلم باسم الشعب؟
- الجماهير أسبق من السياسيين: هذه دولة الإسلاميين.. فماذا عن د ...
- الإسلام السياسي ونزعة الخصومة
- دستور الإخوان:المقاطعة.. والشرعية
- مليونية 27 نوفمبر.. الكتلة الحرجة
- الإسلام السياسي.. الحاكمية.. والبطولة الغائبة
- الأصابع الخفية
- ماذا حدث لسوريا؟
- -الخطة بوتن-
- -والله الموفق-
- المشير


المزيد.....




- ماذا كشف أسلوب تعامل السلطات الأمريكية مع الاحتجاجات الطلابي ...
- لماذا يتخذ الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة إجراءات ضد تيك ...
- الاستخبارات الأمريكية: سكان إفريقيا وأمريكا الجنوبية يدعمون ...
- الكرملين يعلق على تزويد واشنطن كييف سرا بصواريخ -ATACMS-
- أنطونوف يصف الاتهامات الأمريكية لروسيا حول الأسلحة النووية ب ...
- سفن من الفلبين والولايات المتحدة وفرنسا تدخل بحر الصين الجنو ...
- رسالة تدمي القلب من أب سعودي لمدرسة نجله الراحل تثير تفاعلا ...
- ماكرون يدعو للدفاع عن الأفكار الأوروبية -من لشبونة إلى أوديس ...
- الجامعة العربية تشارك لأول مرة في اجتماع المسؤولين الأمنيين ...
- نيبينزيا: نشعر بخيبة أمل لأن واشنطن لم تجد في نفسها القوة لإ ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد غريب - القفز في فراغ السياسة المصرية