أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نبيل علي صالح - دراما رمضان وتسطيح عقل المشاهد العربي















المزيد.....

دراما رمضان وتسطيح عقل المشاهد العربي


نبيل علي صالح

الحوار المتمدن-العدد: 4237 - 2013 / 10 / 6 - 13:23
المحور: الادب والفن
    


تلهث شركات الإنتاج الدرامي العربية سنوياً وراء إنتاج العديد من المسلسلات والبرامج المنوعة المخصصة للعرض خلال فترة شهر رمضان المبارك الذي جرت العادة فيه سنوياً على ضخ وبث كم كبير من المسلسلات والبرامج الترفيهية لتسلية "الصائم" الرمضاني، وتقطيع أوصال وقته "الصيامي" الطويل، وبنفس الوقت لتحقيق وجني أكبر قدر ممكن من الأرباح المالية التي يمكن أن توفرها لهم العروض من عوائد الدعايات والإعلانات التجارية وغيرها..

وخلال هذا الموسم الرمضاني الدرامي 2013 تعرض مسلسلات عديدة على بعض شاشات التلفزة العربية (العائدة بمعظمها لرجال أعمال فورات وسكرات "النفط والغاز وغيرها") لتسلية و"تلهية" وإرواء "جوع" و"ظمأ" المشاهد الرمضاني (الصائم وغير الصائم) المحتاج –بطبيعة الحال- لتمضية وقت الصيام الطويل جداً في صيف حار وقائظ.. ولكنها قلة تلك المسلسلات التي باتت تقدم لنا في نصوصها طروحات اجتماعية وفكرية جادة أو تعالج قضايا حساسة تهم مختلف شؤون الناس في معيشتهم، ووضعهم، ومعاناتهم ومكابدتهم ضغوطات الحياة وشظف العيش القاهر خاصة في مثل هذه الظروف المعقدة والاستثنائية التي تمر بها مجتمعاتنا العربية وبالأخص منه مجتمعنا ومواطننا السوري في الداخل أو في الخارج حيث المكابدة والقهر والفقر والتشريد والاستضعاف وفقدان الناصر والمعين الحقيقي إلا فيما ندر.. ونحن خصصنا "السوري" لأن الدراما السورية تمكنت خلال السنوات الأخيرة (حتى العام 2011) من "القبض" على سوق الدراما العربية في مواجهة تاريخية محمومة مع الدراما المصرية التي كان لها قصب السبق في السوق المذكور وعلى مدى زمني طويل جداً..
والملاحظ أن معظم تلك المسلسلات السورية المقدمة خلال هذا العام لم ترق للمستوى الفكري والفني المطلوب ليس من منطلق الفن للفن بل من منطلق الفن وعي ورسالة والتزام بقضايا الناس وهموم المجتمع..
ولهذا لاحظنا هيمنة العقلية النفعية والسلوك التجاري، والاستخفاف المتزايد بعقلية الفرد العربي، سواء على صعيد الفكرة المطروحة والمكرورة والمجترة خلال العامين الأخيرين، أو على مستوى انعدام جدية الطرح والمعالجة والأداء الفني لكثير من الممثلين.
وهذا بطبيعة الحال يأتي كنتيجة ونهاية "منطقية" متوقعة جداً لمسلسلات درامية وكوميدية مستفزة جرى إعدادها وتنفيذها "وسلقها" على عجل من منطلق "لحق حالك رمضان عالأبواب" للدخول في بازار مساومات البيع وسوق الربح السريع الذي وفرته كثير من القنوات الإعلامية الخليجية النهمة والشبقة جداً لعرض أي شيء حتى لو كان تهريجياً سوقياً ومبتذلاً خلال أيام رمضان الطويلة جداً على الصائم الصيفي كما ذكرنا، والفوز بحصص فترات العروض الذهبية خلال أو بعد فترة الإفطار.. وتسلية المشاهد، وأخذه –كما يقال- "على قد عقله"، وجعله يجلس مشدوهاً أمام شاشة التلفاز، لتمضية أوقات طويلة يكون فيها مشدوهاً إلى شاشة دون أن تقدم له شيئاً نافعاً ومفيداً يستحق الذكر... وبالمناسبة ومن باب الطرافة وربما المصادفة، تقوم تلك القنوات نفسها (التي تتيح –عبر شاشاتها- عرض مسلسلات تهريجية هابطة وسخيفة مثل مسلسل "صبايا" ومسلسل "فتت لعبت" السوريين) بالوقت نفسه ببث وعرض لقاءات وندوات دينية أصولية تنطلق من خلالها مخيلة بعض مشايخ ديننا الإسلامي السمح لتقديم فتاوي وآراء فقهية موغلة في الغباء والتطرف واللا إنسانية.. بما يؤدي بالمشاهد (المفترض عموماً أنه مشاهد عادي وليس مفكراً أو عالماً أو قادراً على التمييز الصحيح) إلى أن يعيش حالة التناقض الصارخ بين فتوى موغلة في التاريخ وإعلام معاصر مبهر في الشكل والصورة وليس في المضمون بالطبع..

طبعاً هذا لا يعني أنه لم تعرض خلال هذا الموسم الرمضاني مسلسلات أو أعمال درامية متميزة وجادة، ولكن السمة الغالبة للأسف هي غلبة الجانب التجاري النفعي على جانب الجدية والالتزام بقضايا وهموم الشارع العربي الراهنة عموماً، ومن أبرزها قضايا الحرية والتقدم والتنوير والنهوض.. ونذكر هنا على سبيل المثال مسلسل "الولادة من الخاصرة" في جزئه الثالث الذي حمل عنوان "منبر الموتى" حيث يصوّر لنا كاتبه "سامر الرضوان" طبيعة تفكير وسلوك ومختلف آليات العمل البالغة التعقيد التي تؤمن بها وتتبناها وتمارسها وترتكبها أجهزة الأمن.. وقد تألق فيه الممثل السوري بطريقة لافتة في خضم نص محبوك ومكتوب بلغة متماسكة وقوية إلى حد ما..

كما نجد هناك مسلسل مهم آخر هو "سنعود بعد قليل"، حاول مؤلفه "رافي وهبه" مقاربة ملف الأزمة السورية الذي تعيشه البلاد منذ أكثر من عامين، والمتفاقم إنسانياً واجتماعياً وجيواستراتيجياً، وذلك عبر متابعة تأثيراتها ونتائجها ومختلف إفرازاتها، ومناقشة بعض حيثيات جوانبها المتعددة والمتنوعة عربياً ودولياً.
ويصور مخرج العمل "الليث حجو" نتائج ومآلات الأزمة السورية داخلياً وخارجياً، والتي أضحى فيها بلدٌ حضاري مثل سوريا موقعاً وفريسة لصراع وحرب مركبة طاحنة ومدمرة، تدور على مستويين اثنين، الأول داخلي هو الصراع الدموي الطائفي والعرقي والقبلي بين السلطة السياسية والأمنية وبين المعارضة السياسية والمسلحة بمختلف تياراتها وفصائلها وتنظيماتها.. والثاني خارجي يدور بين مجموعة قوى إقليمية ودولية مؤثرة ونافذة من إيران وتركيا وإسرائيل ودول الخليج إلى روسيا وأمريكا وبعض دول الاتحاد الأوروبي.. بما يتعارض كلياً مع بناء وإقامة دولة مدنية ديمقراطية تعددية حرة، لينسف –هذا الصراع- كل أمل في شعارات ومقاصد وتطلعات شعب سوريا حول الحرية والكرامة والعدالة والمساواة في المواطنة والحكم الصالح..
والإشادة بالعملين المذكورين، من جملة أعمال أخرى جيدة، لا يعني –بأي حال- أنهما لم يقعا فريسة "الإعداد السريع" "وسلق الأمور" قبل أوانها، مما أدى بهما لارتكاب سلسلة أخطاء في طبيعة النص والتوثيق والأفكار المطروحة، وطريقة تحريك الشخوص والرموز التمثيلية.

فمسلسل "سنعود بعد قليل" –على سبيل المثال- لاحظنا فيه وجود كثير من حالات الانفكاك النصي، والتعاطي المسبق بلا أريحية ولا انسيابية مع شخوص العمل، حيث يحضر التكلف والفكر المسبق الصنع لخدمة مآرب وأجندات أصحاب شركة الإنتاج بالتوافق مع كاتب النص، كما يبدو.
أما على مستوى تقديم رؤية حقيقية وانطباع واقعي عن أحوال ومعيشة السوريين في الخارج ممن تأثروا بالأزمة، واضطروا للخروج إلى بلدان الجوار تحت ضغط انعدام بيئاتهم الاجتماعية، فلم يفلح كاتب النص ولا المخرج في الوقوف الصريح والشفاف على حياة المهجر السوري الذي يعيش حياة غير طبيعية بكل المقاييس في مخيمات مزرية ولا إنسانية تحت ضغط المناخ والفقر والخوف والمرض.. هذه لم يصورها المسلسل، بل اكتفى بعرض شخصيات متناثرة –مع قربها عائلياً وربما فكرياً ومجتمعياً- تبدو وكأنها غير متأثرة بالأحدث السورية المؤلمة، دون الغوص في تفاصيل حياة أنين ومعاناة التشرد السوري الخارجي.. فضلاً عن تناول المعلومات الشخصية لبعض شخوص العمل بطريقة غير أمينة، وصلت إلى حد تشويهها، وعدم الأمانة في نقل حقيقة ما جرى معها خلال سيرورة الحدث السوري منذ بدايته في آذار 2011...



#نبيل_علي_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مخالفات البناء: واقع مرير وبدائل غير متاحة حتى الآن
- اللاذقية... سويسرا الشرق!!!
- أبو حيدر وشهادة الميلاد الجديدة .. قصة حقيقة من ضيعة -بلوطة-
- الخوف من الأصولية الإسلامية.. وهم أم حقيقة؟!
- الإسلاميون والعنف دور المثقف في تغيير الصورة النمطية عن الإس ...
- العرب وحديث المؤامرة
- الإسلام كرسالة إنسانية مقاربة في المشروع الثقافي الإسلامي من ...
- الإسلام كرسالة إنسانية مقاربة في المشروع الثقافي الإسلامي من ...
- الإسلام كرسالة إنسانية مقاربة في المشروع الثقافي الإسلامي من ...
- من تداعيات أحداث 11 أيلول 2001 م العرب بين مطلب النهوض الحضا ...
- ولاية الفقيه بين الجمود والثبات أو الانفتاح والتجديد
- الأميركيون فرحون بالتغيير، فماذا عن العرب؟!
- المعارضات العربية بين حق الحرية ومنطق الاستئصال
- نظرية الحركة الجوهرية والتكامل النفسي بين العلم والفلسفة الق ...
- نظرية الحركة الجوهرية والتكامل النفسي بين العلم والفلسفة الق ...
- نظرية الحركة الجوهرية والتكامل النفسي -القسم1
- نظرية الحركة الجوهرية والتكامل النفسي-القسم 2 والاخير
- العقل وماهية الإدراك العقلي
- ضرورة الانتظام العربي والإسلامي في عالم الحداثة والتنوير
- المفاعل النووي السوري بين الحقيقة والوهم..


المزيد.....




- فنانون يتدربون لحفل إيقاد شعلة أولمبياد باريس 2024
- الحبس 18 شهرا للمشرفة على الأسلحة في فيلم أليك بالدوين -راست ...
- من هي إيتيل عدنان التي يحتفل بها محرك البحث غوغل؟
- شاهد: فنانون أميركيون يرسمون لوحة في بوتشا الأوكرانية تخليدً ...
- حضور فلسطيني وسوداني في مهرجان أسوان لسينما المرأة
- مهرجان كان: اختيار الفيلم المصري -رفعت عيني للسماء- ضمن مساب ...
- -الوعد الصادق:-بين -المسرحية- والفيلم الأميركي الرديء
- لماذا يحب كثير من الألمان ثقافة الجسد الحر؟
- بينهم فنانة وابنة مليونير شهير.. تعرف على ضحايا هجوم سيدني ا ...
- تركيز أقل على أوروبا وانفتاح على أفريقيا.. رهان متحف -متروبو ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نبيل علي صالح - دراما رمضان وتسطيح عقل المشاهد العربي