أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر - محمود جواد - هل تنفجر الكرة الأرضية من الداخل وتتفتت القارات أو تندمج مجددا















المزيد.....



هل تنفجر الكرة الأرضية من الداخل وتتفتت القارات أو تندمج مجددا


محمود جواد

الحوار المتمدن-العدد: 4236 - 2013 / 10 / 5 - 08:05
المحور: الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر
    




قد يصدمك العنوان بضخامته و قد تظنه مجازا لوصف وضع سياسي أو ربما تحذير مبكر لنتائج صدام عسكري وشيك أو متوقع بين قوى عسكرية غاشمة في هذا العالم المضطرب، ولكن ليس هذا و لا ذاك، إذّ ربما قد يكون عنوانا لفيلم خيالي أو خيال علمي ، هذا التخمين أيضا بعيد عن الصواب ، و لا يمكن أن نقرب هذا العنوان الخطير إلى الذهن إلا بان نضرب مثلا، عندما كان الإنسان بدائيا يسرح و يمرح يأكل و يشرب مع الضواري و الطيور كان يعتقد بان الكرة الأرضية لا تحدوها الحدود على سطحه طولا و عرضا و ارتفاعا، و في ذلك كان الإنسان معذورا فهو في ذلك العصر محدود الإمكانات في مستواه الذهني و العقلي و الثقافي والتعليمي والتقني و كان لا يرى في البرية إلا عدد محدود من البشر مثله يشمل عائلته و ربما أعمامه أو قبليته الصغيرة حوله، فكان المكان بالنسبة له لا حدود له و إذا أراد التقصي فهو يسير على قدميه و هذا يحد من قدرته في تقصي المكان و في نفس الوقت فهو لا يحتاج إلى هذا التقصي لمسافات ابعد من مسير نصف نهار ليذهب و يعود إلى عائلته في نفس النهار قبل الغروب قاصا القصص حول مشاهداته ، و بالنسبة للارتفاع فقد عجز أن يحدد أبعاده فهو بدون نهاية أو حدود يمكن أن يقره ذهنه المحدود أو تجاربه المستنبطة و هو لم يرتفع بقامته من فوق الأرض إلا لبضعة سنتمترات بالقفز و الشقلبة و أعلى ارتفاع كان من الممكن أن يراه أو يجربه هو الجبال في بيئته المحلية ، أما بالنسبة إلينا في هذا العصر و في بداية القرن الواحد و العشرين و بدون أن نستعرض أرقاما كثيرة يمكن أن نجدها بكل سهولة على شبكة الانترنت ،فإن علينا أن نقف عند أخر الأرقام التي تقول إن سكان الأرض قد تجاوزوا سبعة مليارات من البشر و هناك دولتين الصين و الهند سكانهما أزيد من مليار إنسان، و نحن نعلم الآن إن هذا العدد من البشر كل واحد منهم يعيش على الكرة الأرضية و يضغط على هذه الكرة بدرجة ما، و ترجمة هذه الضغوط معروفة لدينا الآن لا ينكرها إلا المجنون أو الجاحد لباطل في نفسه إما جهلا أو جشعا ، و ضغوطات الإنسان على كوكبة الزرقاء الأم تتجلى بعشرات الصور كلها مؤدية لخراب الأرض ، منها التلوث و الاحترار و تكاثر الكوارث الطبيعية نتيجة لنشاطات الإنسانية و نقص المياه و ذوبان ثلوج القطبين و مناطق أخرى الخ، و على كل حال ، ضغوطات الإنسان على الكرة الأرضية و ما فوقها و في أجوائها معروف و مقاس في معظم الحالات المعروفة و هناك عشرات حالات جديدة تكشف يوميا تباعا ، و لا يكاد يمر يوم و إلا صدر تحذير جديد من النتائج هذه الكوارث و الجرائم بحق الكرة الأرضية ،وفي الحقيقة في كل نظام و بالذات في حالتنا نظام الكرة الأرضية فهو نظام مركب و معقد و يتكون من عشرات المستويات لا يمكننا تقيس ما نريد التوصل إليه إلا عبر فصل نظام الكرة الأرضية إلى أربعة أنظمة مختلفة في التكوين و الخصائص و النتائج ،النظام الأول الأرض باعتباره جرما من أجرام المنظومة الشمسية و المجرة و الكون ،حيث تجري العمليات على الأرض طبيعيا بدون تدخل الإنسان ، و كما نعرف فقد مرت الأرض بعصور جيولوجية و شهدت عصور جليدية و قصفت بالنيازك الخ ، حدث كل ذلك بغياب وجود الإنسان على الأرض ،أما النظام الثاني فهو نظام الأرض بوجود الإنسان على الأرض و لإغراض الدراسة سوف نحدد النظام الثاني من يوم التقريبي لوجود الإنسان العاقل على الأرض و لغاية عام 1960 وذلك لإغراض الدراسة و التبسيط ، و أما النظام الثالث فيبدأ من 1960 و لغاية 2010 ، بينما يبدأ النظام الرابع للأرض من 2010 و لغاية 2060 ، و يمكن القول تعليقا على تقسيم نظام الأرض على أربع فواصل زمنية بأنه يهدف إلى دراسة حالة الأرض أولا خاليا من البشر و ثانيا بوجود البشر بإعداد و كيفية لم توثرا كثيرا على نظام الأرض ، و ثالثا بوجود البشر على الأرض بإعداد و كيفية بدأت نتائج تأثيرها على الأرض ، و رابعا سيكون بإعداد و كيفية ستصبح خطيرة و من الممكن أن ترد الأرض بقوة على هذه الضغوطات، ، و في الحقيقة فان في أي نظام و خاصة في نظام الأرض و بالذات في الوقت الراهن و لو استخدمنا و هذا ما تفعله البشرية ألان حيث تستخدم سوبر كومبيوتر و ألآت ومعدات متطورة جدا لتحليل الظواهر تخص الأرض و الطبيعة و الإنسان ، و لكن لا يمكن لأي تحليل أن يحيط بجميع الظواهر و المخاطر التي ترتبط بنظام الأرض في الوقت الحاضر و في بضعة عقود القادمة ، ويجب القول ربما إن الإنسان الحديث و بكل رقيه العقلي و العلمي و التقني و الثقافي هو ليس أكثر فهما لحالة الأرض من الإنسان البدائي حاله حال الإنسان البدائي يعتقد أو هو يقنع نفسه بان الأرض غير محدودة في الإمكانات و التحمل ،و لا زال كثير منا يقف على الأنهار (دجلة،النيل، الأمازون ، الخانج، النهر الأصفر،ألخ) و يصر بالقول بأنه غير ملوث رغم انه يشاهد بعينيه كيف تصب قاذورات و المياه الملوثة البشرية و الصناعية بل و المشعة و الكيماوية تصب في هذه الأنهار ، والنظرية المزيفة التي تقول بعدم محدودية إمكانية الأرض للتحمل لا زال شائعا بيننا و لا يُعتقد أن تزول بسرعة ، في هذه المقالة النظرية التركيز سوف يكون على ما يمكن أو يتوقع أن تجري تحت الأرض على مستوى الكرة الأرضية ، و من البديهي إن علينا ملاحظة شيئين الأول إن ما يجري على الكرة الأرضية نفسها و بعضها تعادل الإجرام بحق هذه الكرة المسكينة الصماء ،و لو انه في نهاية هذه المقالة سوف نقتنع بان هذه الكرة ليست مسكينة ولا هي صماء بل سوف ترد وهي ترد بين آونة و أخرى و سترد في الوقت و المكان المناسبين بقوة و بأصوات مرعبة لم نسمع مثلها في أروع أفلامنا للخيال العلمي و الكوارث، و السؤال الخطير ما الذي يمكن أن يجري داخل الكرة الأرضية في طبقات القشرة الأرضية و ما تحتها؟ و هنا الورطة المخادعة و ذلك بمقارنة الأرض بما يجري في الأجرام الكونية الأخرى مثل الشمس و القمر و المريخ و النجوم و كواكب في الفضاء الخارجي مع إهمال كون هذه الأجرام خالية من تأثيرات التخريبية للبشر كما هي على الأرض، و بالنتيجة ما هو حاصل إن البشرية الآن تقرأ تاريخ الأرض و كأنها خالية من البشر و تتوقع لها مستقبلا مثل باقي الأجرام الكونية، دون أن تؤخذ في الاعتبار بان الأرض قد تفاجئنا بظواهر و نتائج لا نتوقعها و هي غير موجودة في الأجرام الكونية الأخرى لان هذه الأجرام لها قوانينها و هي خالية من البشر و للأرض قوانينها المكتشفة و غير المكتشفة لأنها مليئة بالبشر، و الملاحظ إن ظواهر فوق سطح الكرة الأرضية و في أجوائها يمكن مشاهدتها سواء بالعين المجردة و بالاستنتاج العقلي أو بالدراسة العلمية أو بنتائج ملموسة تطفح على السطح مثل تلوث الهواء و الماء الخ ،و لكن ما حدث و قد يحدث تحت الكرة الأرضية في داخل الطبقات المخفية فان ذلك متعذر عن المشاهدة و بعيد عن عقل الإنسان لتحليلها و ربما قد لا يلمس إلا قليل من نتائجها على سبيل المثال تلوث المياه الجوفية بعمليات استخراج النفط و الغاز، و ربما عشرات أو مئات بل ألاف النتائج للمؤثرات البشرية على طبقات الأرض التحتية فهي غير ملموسة و غير مدروسة أو موضع تحت المشاهدة و المراقبة و الاختبار ، ربما في هذه المقالة نعود مرات و مرات لنؤكد النقطة التي أكدنا عليه في البداية و هي عدم تصديق الناس بما فيهم بعضا من العلماء بان قابلية الأرض للتحمل محدودة بل و محددة تماما و كليا و بان الضغوط على الكرة الأرضية في العقود الخمسة الماضية هي ضغوط هائلة و يجب علينا أن نعيد النظر و بتطبيق النظريات العلمية الصحيحة الفيزيائية و الكيميائية أن ندرس الأرض مجددا و نقيس مدى تحملها و ليس بالقياسات الفضائية فهذه القياسات لم تعد تنطبق على الكرة الأرضية و فيها أكثر من سبعة مليارات من البشر كل واحد يخرب بطريقته الخاصة.
لا شك في عصر الفضاء و وصول الإنسان إلى خارج النظام الشمسي ، فان جغرافية و قسم كبير من جيولوجية الأرض لم تعدا خافيتين، يقول علماء الجغرافيا و الجيولوجيا و بدعم من علم الفضاء بان كرتنا الأرضية تتكون 71% من مساحتها السطحية من المياه و 29% من اليابسة، تتكون من سبع قارات كبيرة رئيسية و ألاف الجزر الصغيرة و من بضع عشرات جزر كبيرة ، و تقول النظرية المدعمة بعشرات الشواهد العلمية و العملية بان القارات هي عبارة عن صخور كبيرة لا تستند على قرن الثور كما كانت تؤكد الأساطير قديما ، بل إن القارات تجلس على الطبقة التي تحتها من طبقات الأرض وهذه الطبقة المسمى الوشاح وهي طبقة شبه مائعة تؤثر و تتأثر بدرجة الحرارة التي هي عليها ، و هذه النظرية تعرف في علوم الجغرافيا و الجيولوجيا و الفضاء بنظرية المسطحات التكتونية ، و خلاصتها إن سطوح الكرة الأرضية التي نراها من الفوق هي عبارة عن صفائح ضخمة جدا ربما بحجم القارات أو أكبر أو أصغر لان هناك خلاف في تحديد عدد و مجموع هذه الصفائح الموزعة على الكرة الأرضية، وهذه الصفائح جالسة أو طافية على سطح شبه مائع هي طبقة الوشاح و هذه الطبقة بدورها جالسة على طبقتين اخريتين تحتها هما طبقتي اللب ،و كل هذه الطبقات من فوق على سطح الأرض إلى تحت في مركز اللب تتأثر بعوامل كثيرة بعضها عرف و درس سابقا ، و ربما هناك عشرات العوامل لم يلاحظ أو يدرس لصعوبات بل للاستحالة المقترنة للوصول إلى الطبقات التحتية من الكرة الأرضية ، أو إن هذه العوامل و المؤثرات لم تشاهد أو تلمس نتائجها في الماضي أو في الوقت الحاضر.
و كما أشير سابقا هناك خلاف بين ا العلماء و المختصين في أعداد و حدود الصفيحات التكتونية فالبعض يعدها بالسبعة أو ثمانية بينما البعض الأخر يعدها ضعف هذا العدد أو أكثر بقليل ، غير إن علماء آخرون يعدونها بعدد من الصفائح القارية الرئيسية و عدد من صفائح اصغر حجما، وتبرير ذلك مفهوم فهذه الصفائح ليس سبعة صخور موضعه على منضدة أمامنا و يمكن عدها 3،2،1،الخ ،فكل الذي تثبت وجودها هي مجموعة افتراضات و نظريات ، مع الوقت اختبرت بشواهد و قرائن و نتائج فاعتبرت صحيحة و يمكن بناء افتراضات و نظريات أخرى عليها، هذه من جهة و من جهة أخرى فان نظرية المسطحات التكتونية تعرضت لمجموعة من التطورات خلال العقود القليلة الماضية من ناحية تزايد عدد العلماء و المختصين المتابعين لتطوير هذه النظرية و من ناحية الأجهزة و التقنيات التي توفرت لمتابعة حركة الزلازل و البراكين في العالم و خاصة التسهيلات التي وفرتها غزو الفضاء و التصوير عن البعد ، و تزايد أهمية الزلازل و البراكين لسببين الأول زيادة ملحوظة في عدد الزلازل و البراكين كما تؤيدها عدة إحصاءات مستقلة و موثقة و علمية و السبب الثاني زيادة السكان و العمران في قارات العالم المختلفة ما يؤدي إلى زيادة الخسائر البشرية و المادية كنتيجة لأي زلزال أو بركان أو أي كارثة طبيعية ، و أخيرا و ليس أخرا فان عوامل الرصد الجوي و الفضائي و تطور أجهزة التصوير و التحسس و الرصد و المتابعة و تحليل النتائج بالحواسيب العملاقة قد دخل على الخط فصورت القارات و المحيطات و الفوالق الأرضية و أحزمة الزلازل و حدث تقدم كبير في دراسة طبقات الأرض التحتية و قاع المحيطات و ما تحت القاع نفسه .
الأرض الكوكب التابع للشمس قد يعتقد البعض بأنها كرة – بيضة صماء جامدة ، و هي غير محدودة الإمكانات في التحمل و الاستمرار، و هذا هو الاعتقاد الخاطئ تماما ، الآن قطر الأرض و مساحتها و محيطها وزنها و كتلها و جزء كبير من أعداد و تراكيب طبقاتها أصبحت معروفة، و قد تبدو الأرض للعيان بأنها كتلة صلدة جبارة ، ولكن الواقع عند استعراض حالها نجد إنها كتلة طرية – ديناميكية –حيوية تتأثر بآلاف العوامل و أخطر من ذلك إن تأثرها لا يذهب هباء ،بل تتبعها برد فعل و هناك ردود أفعال للأرض عند اختلال توازن إحدى عواملها معروفة ، ولكن في ظل ضغوطات الهائلة التي يمارسها الإنسان على الأرض في هذه الآونة ، قد تحدث ردود أفعال لا نتوقعها بل لا نعرفها أصلا.
و لنأخذ تركيب الأرض و ما يحيط بها ببساطة و في بضعة سطور، لنرى بعيوننا ما هذا التركيب و مدى تحمله لما يحمل ، ما هو متوفر و شبه مؤكد من المعلومات حول تركيب الكرة الأرضية ،إنها كرة شبه بيضاوية تدور في الفضاء حالها حال كل الأجرام السماوية ، و لها غلاف جوي قد يكون هو الوحيد في الكون يسمح بعيش الأحياء تحته ، و لكن في روايتنا صلب القصة ليس هنا ، بل هنا فيما موجود على الأرض نفسها و ما موجود تحت الثرى، الكرة الأرضية تتكون من ثلاث طبقات رئيسية و عدد مماثل لطبقات متفرعة عن الرئيسيات، الطبقة الأولى القشرة و تبلغ عمقها حوالي 50 كم و هي طبقة (صلبة)، ولكن سنرجع إلى هذه الصلابة لاحقا و سنجدها إن هذه الصلابة نسبية في المعنى و المبنى، و الطبقة الثانية تحت القشرة هي طبقة الغلاف و يسمى الوشاح و هي عبارة من الأعلى و تحت القشرة مباشرة عن طبقة شبه مائعة و بدرجة حرارة اعلي من طبقة القشرة و يبلغ عمق طبقة الوشاح 4500 كم و هي طبقة عبارة عن صهارة مائعة بدرجة حرارة تقارب 1700 درجة مئوية ، أما الطبقة الثالثة من طبقات الأرض فهي طبقة اللب وتتكون من الحديد و النيكل و ذات درجات حرارة عالية قد تصل 4000 -6000 درجة مئوية.
في بحثنا النظري الحالي سوف نستبعد طبقة الثالثة من طبقات الأرض أي طبقة اللب فهي لا تدخل في موضوع بحثنا ،و التركيز سيكون على الطبقتين الأخريين القشرة و الغلاف ، و كما أشير سابقا ففي كل المصادر و المراجع العلمية عندما تذكر طبقة القشرة للكرة الأرضية يقال معها بأنها طبقة صلبة تتكون من أحجار كذا و كذا، ولكن حقا هل هذه الطبقة الصلبة تتكون من قطعة واحدة تبلغ سمكها 50 كم و مساحتها السطحية هي مساحة الكرة الأرضية و تستقر على طبقة تحتها أكثر استقرار أو إن الواقع غير ذلك كما نرى لاحقا، تتكون طبقة القشرة (الصلبة) من عدد من الصفائح القارية و التي تسمى المسطحات التكتونية و هناك خلافات كثيرة بين العلماء و المختصين و التقنيين حول عدد هذه الصفائح و حدودها و دورها ، ولكن لأغراض البحث و التبسيط سنقول لنفرض كمعدل وسطي بان عدد هذه الصفائح هو عشرة بين كبيرة و صغيرة ، و سنمثل هذه الصفائح بسفن فالكرة الأرضية إذا محملة على عشرة سفن كبيرة و صغيرة ، الكرة الأرضية كلها وزن طبقة القشرة بما فيها من مياه و نفط و غاز و جبال و المحيطات و الأنهار و البحيرات و العمران و الحياة على الأرض ، و هل تمثيل طبقة القشرة للأرض بعشر سفن خطوة صحيحة ؟ نعم : لأن المسطحات التكتونية العشرة المفترضة هي كيانات مستقلة و هي تضطرب و تتحرك طبيعيا على هذا الأساس في حالات الزلازل و البراكين ، هذه من ناحية و من ناحية أخرى فان هذه السفن (القطع المستقلة ) ، أين هي موجودة أو مستقرة، طبعا فوق طبقة الغلاف الأرضي ، و هي كما رأينا طبقة مائعة بدرجة حرارة 1700 أي إن كل العناصر و الجزئيات و المركبات و المواد الموجودة في هذه الطبقة بما فيها النيكل و الحديد في حالة مائعة أو سائلة ،أذا طبقة القشرة الأرضية هي عشرة سفن افتراضية بل حقيقية تسبح في بحر الغلاف الأرضي المائع أو السائل ، و في وقت لاحق سنرى بان هذه السفن متعرضة للغرق ، أو ربما سيغرقها الإنسان نفسه خلال هذا القرن الواحد و العشرين .
لغرض إيصال الفكرة أولا ، و لغرض الشرح الواقعي للوقائع ثانيا، سنضرب أمثلة بسيطة ، لنفرض سوف نعطي مطرقة صغيرة بيد طفل عمره ست سنوات و نطلب منه أن يطرق الأرض الصلبة ثلاث مرات لا أكثر، و قبل هذه الواقعة نكون قد هيأنا أحدث الأجهزة في العالم و نصبناها فوق و تحت الأرض في موقع طرق الطفل، هذه الأجهزة سوف تقيس القوة والصوت و الموجات و الذبذبات و الحركة الزلزالية و كل ما يعجبك من القياسات العلمية ، و سوف لن تقول إن القياسات سلبية و إن الأجهزة لم تسجل شيئا، أذا ما يجري فوق الأرض عامة و ما يجرى داخلها في طبقات الأرض من السطح و لغاية نهاية القشرة و لا نقول لغاية طبقة الغلاف متصلة بعضها ببعض تتبادل التأثير، و لنضرب مثلا أكبر و واقعي و منتشر،هناك مطرقة تشتغل في منطقة ج من قارة ب في دولة ع، تطرق الأرض من ارتفاع 50 متر بقوة عشرة ألاف طن ، ما الذي تقوله أنت الآن أين تذهب هذه القوة و الطاقة و موجة الصوت مصحوبة بالطاقة، قطعا تذهب بشكل موجة متنقلة عبر وسط (مادة) إلى كل أجزاء الصفيحة التكتونية لنفرض إن ذلك حدث في صفيحة التكتونية لقارة أسيا أو أمريكا لا فرق، و عندما نعلم بان عبر العالم أو في تلك القارة ليس هذا هو المكان الوحيد التي تطرق فيها تلك الصفيحة بمطارق بهذه القوة بل بمطارق و أساليب اكبر و أقوى من ذلك بكثير، فما الذي تتوقعه إذا كانت هناك عشرة أو عشرين أو حتى أكثر من هذه المطارق و بقوى و طاقة أكثر بكثير تطرق واحدة من الصفيحات التكتونية للأرض في نفس اليوم و الساعة ، هل هذا احتمال بعيد ، لا أبدا ،بل يوجد ليس احتمالات بل وقائع أشد من ذلك بكثير كما سنرى في سطور هذه المقالة.
لا شك إن الطبيعة خلق بكمال ألهي يحاول بشر عبر تاريخهم أن يعرفوا أي جزء من كنه هذا الكمال إلا أنهم لا يحيطون به علما إلا (قليلا ) كما نعرف جميعا ، و من صور هذا الكمال التوازن في الطبيعة، و هناك اتفاق بان حالة التوازن في الطبيعة كانت موصوفة و مضبوطة على الكرة الأرضية قبل أن يفسده الإنسان، ولكن ما متوفر من الحقائق و الوقائع و النتائج تقول بصراحة و وضوح بان معظم بل ربما كل حالات التوازن التي كانت تيسير عجلة الطبيعة و الحياة على الكرة الأرضية أفسدها الإنسان خلال نصف القرن الماضي لدرجات خطيرة جدا ،و تشير أكثر التقديرات تفاؤلا باستحالة تواصلها خلال نصف القرن القادم.
عبر الأفلام و الفيديوهات نرى إن الأرض البكرة قبل وجود الإنسان (ولنسميه شيطان الأرض فهو غوى الأرض إلى مصيره المجهول) كانت تجري الحياة فيها بتوازن الأنهار تصب في المحيطات و المحيطات تتبخر إلى أمطار غزيرة تكون الغابات و تجدد الحياة و نرى بركانا هنا و زلزلا هناك و لكن كلا بقدر معلوم ، لكن ألان ما الذي بقي على توازنه ،الغلاف الجوي ،البحار، التربة، المياه، علاقة الأرض بالشمس(ثقب الأزون،الأمطار الحمضية، تلوث طبقات الجو العليا بجزئيات التلوث) بل عشرات المواثيق الغير مكتوبة لتوازن الطبيعة مزقت و سحقت بالأقدام في انتظار النتائج الكارثية.
كما توضح سابقا و يمكن أن يتضح أكثر عبر سطور هذه المقالة ، الكرة الأرضية لم تعد واسعة جدا ، بل صارت صغيرة حتى شبه بقرية صغيرة و سميت ( القرية العالمية) ، و إذا كان قد استخدم هذا المصطلح لوصف التواصل عبر العالم من خلال المواصلات و الاتصال و وسائل المعلوماتية، فان نفس المصطلح صحيح أيضا على الأصعدة اتساع حركة البشرية و تكاثر و انتشار السكان و زيادة العمران و توسع رقعتها ، هذه العوامل الثلاثة لو جمعناها معا ، فالنتيجة ستكون إن كل متر مربع من مساحة الأرض على اليابسة أو على سطح الماء بل وتحته يتأثر بعوامل تأثيرات الإنسان على مدار الساعة ، و غني عن القول لضرب الأمثلة في هذا المضار، و لكن لنخوض في هذا الموضوع من جانب أخر، الكرة الأرضية تتكون من صفائح تكتو نية و لنسيمها بلغة ابسط من صفائح قارية عددها لا يقل عن سبعة ولا تزيد عن العشرة افتراضا بين كبيرة و صغيرة، الاتفاق بان هناك صفيحات قارية كبرى عددها سبعة أو ثمانية أو أكثر بقليل و الخلاف يتركز حول عدد الصفائح الصغيرة و قسم كبير منها مطمورة في جزر بحرية و وسط المحيطات ، و سوف نعزل سيناريو تأثيرها الآن لتبسيط فهم الأمور ، و سوف يكون تركيز على صفائح السبعة الكبيرة، هذه الصفائح بصورة عامة هي التي تحمل القارات السبعة أي معظم اليابسة و سواحلها المحاذية للبحار والمحيطات و امتدادات معظم هذه الصفائح تغور بالمحيطات و البحار مكونة التركيب السري للكرة الأرضية ، الآن لنخوض في الموضوع بشكل أدق وتفاصيل أكثر ، تبلغ المساحة السطحية للكرة الأرضية 510 مليون كم مربع ، بما فيها سطح الماء و اليابسة ، هذه المساحة متكونة من سبعة صفائح تكتو نية (قارية) رئيسية تشغل 470 مليون كيلو متر مربع من المساحة السطحية للكرة الأرضية ، و الباقي 40 مليون كيلو متر مربع تشغلها صفائح صغيرة هنا و هناك ، إذا الصفائح السبعة الكبيرة كمعدل كل صفيحة تتكون من كتلة مساحتها السطحية 67 مليون كيلو متر مربع و بعمق 50 كيلو متر طول ، و سنتعامل مع الأرقام بشكل أخر و نقول بان الصفيحات القارية السبعة كل واحدة عبارة عن سفينة ضخمة جدا بحجم 3357 مليون كيلو متر مكعب ، و هذه السفينة تبحر في بحر مائع حار متحرك يبلغ عمقه 4500 كيلو متر هو طبقة الغلاف الأرض أو الوشاح أو الصهارة ، قد تجد هذه الأرقام ضخمة جدا و قد تسبب الصداع، وهو كذلك ، و لكن لنرى أولا مما تتكون هذه السفن و ما الذي تؤثر عليها ؟
لهولاء الذين ليسوا على الاطلاع كثيرا على علم الجيولوجيا أو علم طبقات الأرض ، نقول بان الأرض كما ذكر سابقا تتكون من ثلاث طبقات رئيسية هي القشرة و الغلاف و اللب ، نشاط الأكبر و الأكثر للإنسان يتركز من نقطة الصفر على سطح الأرض و لغاية عمق 15 كيلو متر عمقا كحد أقصى، و هنا تبرز ملاحظتين ، الأولى إن تأثيرات الإنسان على الكرة الأرضية سلبا ليست بالضرورة أن تبدأ من نقطة الصفر على سطح الأرض بل إن المتفجرات و القنابل النووية و نشاطات أخرى تخريبية تؤثر على الأرض مباشرة ولو كانت قد حدثت في الجو بارتفاعات مختلفة، و الملاحظة الثانية إن سمك طبقة القشرة للكرة الأرضية في قاع المحيطات اقل سمكا (5 – 6 كيلو متر) و بالتالي فان نشاطات الإنسان في قاع المحيطات تؤثر على الأرض و لو كانت بأعماق اقل من فوق سطح الكرة الأرضية.
ولربط الحقائق بخطة متماسكة سنعود إلى بداية هذه المقالة عندما قسمنا نظام الكرة الأرضية إلى أربعة أنظمة منفصلة ، فنظرية المسطحات التكتونية هي نفسها من دون تدخل الإنسان و بل خارج أرادته و قوته، تشهد الأرض طبيعيا حركات للمسطحات التكتونية تترجم إلى حركات للقارات و هي على ثلاث أنواع : الحركة المتقاربة؛ حيث يتحرك اثنان من الألواح التكتونية معًا، والحركة المتباعدة؛ حيث يتحرك اثنان من الألواح بعيدًا عن بعضهما البعض، والحركة المنزلقة؛ حيث ينزلق فيها أحد اللوحين على الآخر بشكل جانبي. جدير بالذكر أن البراكين وتَكُّون الجبال وأخاديد المحيطات من الممكن أن يحدث بمحاذاة الألواح التكتونية وهي تتحرك بإحدى الحركات الثلاثة سالفة الذكر. هذا وترتكز الألواح التكتونية على الجزء العلوي من نطاق الانسياب ـ ذلك الجزء الذي يتسم بأنه صلب، ولكن نسبة لزوجته قليلة، من الوشاح الأرضي العلوي، فضلاً عن أنه من الممكن أن يتدفق ويتحرك مع هذه الألواح التكتونية كما أن حركة هذه الألواح ترتبط بشكل كبير بأنماط الحمل الحراري التي تحدث داخل الوشاح الأرضي و ما ينتج عناها من زلازل و براكين و خسوف أرضية ، بل و تحرك القارات من مكان إلى أخر عبر تاريخ الجيولوجي للأرض، و هناك قصص عديدة و مشوقة لهذا الموضوع في كتب الجيولوجيا و تاريخ الأرض ، بل و أكثر من ذلك هناك أدلة ملموسة على شكل صور فضائية تثبت تزحزح و تحرك و تقارب و تباعد و اصطدام القارات بمعدلات سنوية تقاس بالمليمترات و السنتمترات سنويا و هذا ليس بالمقادير الهينة لان عمر الأرض تقاس بمليارات السنين و ليس بالأيام و الليالي أو حتى عشرات السنيين كعمر البشر القصير جدا.
منذ فجر التاريخ بل منذ بداية ظهور وعي الإنسان وقبل تعلم الإنسان الكتابة، و لغاية ساعتنا و يومنا هذا، لا زال الإنسان تدهشه ما موجود في الطبيعة ، ومصدر الدهشة في الطبيعة هما اثنتان، القوى الهائلة للطبيعة لغاية هذه اللحظة من تاريخ فان الإنسان لم و لن يستطيع مطلقا إيقاف الزلازل أو البراكين أو الفيضانات أو الأعاصير الخ، و المصدر الثاني للدهشة ، هذا التوازن الدقيق لنظام الطبيعة الذي يجعل المؤمن و الملحد أن يقولا سبحان الخالق. هناك عشرات ألاف بل ربما ملايين من الأنظمة المتوازنة في الطبيعة بل إن الطبيعة برمتها متوازنة ، ولكن في بحثنا هذا سوف نركز على بضعة أنظمة من التوازن الطبيعة ربما لان هذه الأنظمة تؤثر على موضوع البحث بصورة مباشرة و قوية أكثر من غيرها ، غير إن الأنظمة الأخرى التي لم تذكر لا يعني أنها لم و لن تؤثر في موضوع قيد البحث بل هناك أنظمة كثيرة في توازن الطبيعة تؤثر على موضوع البحث بصورة مباشرة و بعضها بصورة غير مباشرة.
و لحصر الموضوع أكثر سنتناول الخراب الذي لحق ببعض و ليس (كل ) أنظمة الطبيعة على يد الإنسان سنتناولها على صعيد المكان مقسمة إلى خمسة مناطق : في البر يشمل المنطقة اليابسة من الكرة الأرضية، و على مسطحات المياه و تشمل المحيطات و البحار و الأنهار و البحيرات و المياه الجوفية وصور المياه المحملة في الطبقات الجوية مثل الرطوبة و الغيوم ، و المنطقة الثالثة في جوف الأرض تشمل كل المناطق تحت سطح الأرض سواء فوق اليابسة أو تحت الطبقة التحتانية لسطح المياه، فأما المنطقة الرابعة فتشمل الجو لغاية نهاية الغلاف الجوي ، حيث يبدأ عندها المنطقة الخامسة و هي كل ما تشمل من الفضاء المحيط بالأرض اعتبارا من اقرب مدار حول الأرض لغاية نهاية حدود المنظومة الشمسية .
ليس بالضرورة لحد هذه الساعة بأننا ما نتحدث عنه من الخراب الذي لحق بإحدى الأنظمة الطبيعية هو الكل القصة، بل إن هناك عدة محاور لهذا الخراب يجب توضيحها أولها : إن أنظمة الطبيعة متوازنة و متداخلة فيما بينها بمعنى إلحاق خراب بنظام (ل) مثلا سينعكس ليس على عشرات بل ألاف الأنظمة الأخرى في الطبيعة ، و مها توفرت من الدراسات والنتائج و وقائع عن إحدى محاور الخراب فإنها لا تغطي على كل ما يحدث في الواقع ، فهناك دائما نتائج خفية سوف تظهر تباعا ، استنادا إلى ثلاث حقائق ، الأولى إن التخريب لنظام الطبيعة (ل ) من قبل الإنسان المعاصر هو تخريب مستمر ليس حالة استثنائية أو مؤقتة ، و الثاني إن معدلات هذا التخريب في تصاعد و بشكل قفزات تصاعدية، والحقيقة الثالثة هناك عوامل تخريبية في أنظمة طبيعية أخرى تزيد خطورة التخريب الحاصل في نظام الطبيعة (ل) لتتشابك المؤثرات التخريبية بين الأنظمة الطبيعة لتنتج مزيد من الخراب و اختلال التوازن . و المحور الثاني هناك دول و مؤسسات وأفراد لها علاقة بما يحدث ، فهناك الكثير من الحقائق قد تخفى أو تحرف بناءا على سياسات الدول أو خطط المؤسسات أو مصالح الأفراد الخ .
سنجد بنهاية هذا البحث النظري أو المقالة ، انه يجب أن نغير نظرتنا إلى ما يحدث حولنا ، لأن ما يحدث لا يهم فردا أو جماعة أو فئة أو دولا أو قارة لوحدها ، بل يهم البشرية جمعاء ، و كما رأينا فان الصورة الافتراضية – النظرية بل هي الصورة الحقيقية توضح بجلاء بان البشرية كلها تقريبا محملة في سبع سفن كبيرة تخوض عباب بحر منصهر مخفي في غياهب الكوكب الزرقاء، تتأثر تماما بما يحدث الفوق ، فإذا تمايلت أحدى هذه السفن أو تزحزحت أو تفتت أو انقلبت أو غرقت أو انفجرت، فإنها تؤثر حتما على الحالة الأخريات تمايلا و تزحزحا و تفتتا و انقلابا أو غرقا أو انفجرا ، و لا يمكن بعد ذلك توقع بان السفن الأخريات سوف تبقى مستقرة و زميلتان انتهيا إلى مصيرهما، أمامنا شيء واضح و موضوع محدد علينا و ضع النقاط على الحروف و تبيان الواقع كما هو ولكن في نفس الوقت عدم الاستهانة بها، أمام أعيننا مؤثرات و حقائق و وقائع و نتائج منطقية ،في هذا البحث النظري ، كل هذه سوف تقول لنا بان ما يجري تحت الأرض في الجوف ، ربما لا تقل خطورة عما يحدث في البيئات الأربعة الأخرى : فوق الأرض و المياه و الجو و الفضاء ، ولكن الفرق فقط في مدى انكشاف ما يحدث و بالطبع مدى الاهتمام بها، و ليس هناك أي شك بان الأمور ربما سوف لن تتغير كثيرا ، ببساطة لأن التطرق لهذا الموضوع كأنك تطلب من حكومة فاشلة و قاسية أن تهتم بالأموات و هي لا تهتم بالأحياء أصلا ، فليس هناك اهتمام جدي عبر معظم دول العالم في علاج كوارث تخريب الطبيعة فوق الأرض فمن يهتم أو يصدق بما يحدث تحت الأرض في الجوف العميق .
و كما توضحَ سابقا فالقارات سفن عائمة تخوض عباب صهارة طبقة الغلاف الأرضي، و لا يغرنك بأنها سفن بكذا أحجام و أوزان ، فكل سفينة من هذه السفن مبني فوقها ألاف المدن و السدود و جوف باطنها بملايين المناجم و أبار للمياه و النفط و الغاز ، و كل ساعة و يوم تطرق و تدق بأوزان و كتل بملايين الأطنان و المتولدة من المطارق و المدقات و المناشير و المتفجرات ، و السؤال بعد الآن هل تصدق بان تحمل الأرض ما لا نهائي هل تصدق ذلك حقا ؟
ليس المعضلة أو المشكلة القيد البحث النظري بالشيء الجديد ، منذ وقت طويل هناك مؤشرات و دلائل بان باطن الكرة الأرضية أو الطبقة التحت السطحية و لغاية طبقات عميقة لعشرات الكيلو متر بدأت تتأثر بالمؤثرات البشرية ، و بين آونة و أخرى يقال بان المنجم أو السد الفلاني ربما سبب الزلزال في المنطقة المحلية (د) ، ولكن بدون أدلة واضحة أو بحوث ودراسات مستمرة و معمقة ، و هنا يجب ألا بغفل عن البال مسألة الصعوبات بل شبه الاستحالة ، فما يجري تحت طبقات الأرض ليس من السهولة مشاهدته أو دراسته أو حتى معرفته أو إلمام التام به ، و الكرة الأرضية كما نعلم حافل بالزلازل و البراكين و الانجراف و الانزلاق الأرضي منذ وجدت قبل4.3 مليار سنة ، و من السهولة القول بان الإحداث الجيولوجية الطبيعية أحداث مبرمجة كونيا تحدث ضمن سياقاتها دائما و لا تؤثر على حالة التوازن على الكرة الأرضية و من ثم كانت لا تؤثر كثيرا على استمرار مجرى الحياة على الأرض، و لكن هنا نستطيع أن نلجأ إلى أسلوب المحاكاة و المقارنة لنثبت بان هذا الاستنتاج بعد اليوم سوف لن يبقى صحيحا ، فبالمحاكاة و المقارنة نجد بان التخريب الذي أحدثه الإنسان و خاصة خلال خمسين عاما مضى في طبقات سطح الأرض و بيئتها و الغلاف الجوي المحيط بالأرض و طبقة الحماية من أشعة الشمس و مدار الفضائي القريب من الأرض كلها شملتها تخريب واضح و خطير و بدأ نتائجه تتضح ، بل إن التخريب المتوقع خلال الخمسين السنة القادمة سيكون مدمرا تماما، و السؤال هو: هل حقا إن طبقات تحت سطح الأرض هي وحدها سلمت من هذا التخريب ؟ لا يُعتقد بان أحدا سيجيب بلا ، إذا السؤال عن حجم هذا التخريب ؟ غيران الجواب ليس بهذه البساطة ، فهناك ملايين العلماء و الدارسين و الطلاب و ألاف الجامعات و مراكز الأبحاث و المؤسسات و الإفراد و غيرهم تقيس و تدرس و تبحث التخريب الذي حدث في طبقات الكرة الأرضية من السطح و الغلاف الجوي و المدار الفضائي القريب من الأرض الخ ، بعكس طبقات تحت الأرض سيكون المشاهدة و المراقبة و المتابعة و الدراسة محدودة جدا، وقد نستطيع القول بان ذلك تقتصر على مراقبة الزلازل و البراكين قبل و أثناء و بعد حدوثهما ، و المراقبة هذه اقرب لمراقبة النتائج منها لبحث المقدمات و الأسباب ، و هذه النتائج في معظم الأحيان تفسر ضمن السياق الطبيعي للعمليات الجارية على كوكب الأرض ، و لا تفسر النتائج في ضوء تخريب المستمر للإنسان لطبيعة وظائف الأرض .
لنفرض إن قارة (أ) هي المسطح التكتوني الأول و ها هي كتلة حجرية صماء مكعبة الشكل و متجانسة موضع على المنضدة التي أمامنا ، الآن نريد أن نعرف ما المؤثرات التي من الممكن و المعقول أن تؤثر على هذه الكتلة الصماء و تجعلها تتشقق من الوسط إلى نصفين و ربما إلى أربعة أرباع متساوية أو غير متساوية أو ربما إلى ثمانية أجزاء أو أي عدد أخر، ربما بهذه الطريقة الفكرة وصلت ، هذه الكتلة الحجرية التي سميت كتلة صماء متجانسة ، هي ليس كتلة صماء و لا هي متجانسة أبدا، بمعنى هي كتلة و لكن تكوينها ليس من مادة واحدة مثلا حديد أو حجر البازلت الخ، فالتركيب الكيماوي لهذه الكتلة من ملايين العناصر و المركبات و المواد و كلها بحالات مختلفة من السائلة و الصلبة و الغازية و حتى البلازما ، و هي في حركة و تغير مستمرين في حالتها الفيزيائية، و لكن كما تم الإشارة في سطور سابقة في هذه المقالة ، فقد كان كل ما يجري على سطح الكرة الأرضية و في غلافها الجوي و في مدارها و تحت طبقات سطح الأرض كان يجري ضمن نظام متوازن عندما كان الإنسان غائبا عن الأرض أو غير مؤثر على توازنها كثيرا لغاية بداية الستينات من القرن الماضي ، لكن الآن المعادلة تغيرت و الوضع اختلفَ تماما بل قًلب رأسا على عقب ، فالكتلة الصماء المسمى (أ) التي أمامنا على المنضدة هي السفينة الأولى من سبع سفن تحمل البشرية على سطح عباب بحر صهارة الأرض ، هذا المكعب الذي أمامنا له ست جهات يسار و يمين، أمام و خلف ، أعلى و أسفل، ما عدا جهة السفلى فهي الجهة التي تجلس على طبقة صهارة الأرض ، فان الجهات الخمسة الباقية يعمل فيها الإنسان ما يشاء و يحلو له دون منع أو ردع أو وازع ، و هنا سوف نورد عدد من المؤثرات المباشرة ، منها حفر المناجم ، كم هو عدد المناجم التي حفرها الإنسان عبر القرون ، دعك من القرون ، التركيز على الفترة الماضية 1960 – 2010 و الفترة القادمة 2010-2060 ، و نفس الفكرة لعدد السدود و لعدد أبار المياه و النفط و الغاز، و الأخطر من ذلك بكثير هي الطرق المستعملة في تحقيق هذه الغايات أي استخراج المعادن و المركبات من المناجم و كذلك خزن المياه في السدود و استخراج المياه و النفط و الغاز من أبارها فهذه الطرق ( تطورت ) كثيرا و خلاصة هذا (التطور) هي استعمال مزيد من القوة ربما قد تقدر بمليارات أطنان - مساحة لطرق الكتلة الصماء المسمى قارة (أ) ، و نفس الفكرة و الحال تنطبق على باقي القارات لجعلها تتقيأ كل ما في باطنها لسد حاجة أنانية الإنسان التي لا تشبع أبدا ، هل وصلت الفكرة حقا ، الكتلة الصماء فرغت باطنها و تتطرق بقوة غاشمة ، فهل من المتوقع أن تتشقق بل و تتفتت إلى نصفين أو أرباع أو ثمان الخ؟
ليس هذه بخاتمة القصة ، كوكب الأرض نظام مغلق متوازن لا نقص ولا تفاوت ولا اختلاف تعتريها، و إذا حدث فيها نقص أو التفاوت أو اختلاف من صنع البشر و ليس بسبب قوى الطبيعة التي هي أنظمة متوازنة فان نظام الأرض بأكمله سوف يتأثر، ما ورد أعلاه ربما تخمينات قد يتفق أو لا يتفق على احتمال صحة حدوثها و وقوعها ، ولكن حقيقة تعطي فكرة واقعية لما جرى تحت الأرض بسبب تخريب الإنسان خلال الفترة الماضية و الأخطر ما محتمل أن تجري خلال الخمسين العام القادمة، ولكن ما قد يجري تحت الأرض ربما هو حد واحد من المعادلة فهناك حدود أخرى مؤثرة سوف تأتي دورها تباعا، المؤثر الثاني هو الاحترار أو الصوبة أو البيت الزجاجي ، الكرة الأرضية التي نحن نعيش على سطحها ، تتأثر بآلية حرارية موزعة على ثلاث جبهات ، الأولى الحرارة القادمة من الشمس و الساقطة على الأرض، و الثانية الحرارة المتولدة و المنبعثة من داخل طبقات الأرض و هذه الحرارة لها مصدران الأول الحرارة المتولدة من التحلل الإشعاعي للمواد و العناصر و المركبات الموجودة في التركيب الكيميائي و الفيزيائي للأرض و الثانية حرارة التي مصدرها لب المعدني للكرة الأرضية و هي الحرارة التي ترافقت من الأزل عند تكون الأرض و لا زالت قسم منها تنبعث إلى طبقة السطح، وآلية الثالثة لتولد الحرارة على الأرض هي آلية الحرارة المتولدة على سطح الأرض و هذه آلية أيضا لها مصدران الأول المصدر الطبيعي لتوالد الحرارة مثل الحرائق و العمليات الحيوية و البراكين و غيرها و المصدر الثاني الحرارة التي يولدها الإنسان مثل حرق الوقود الاحفوري و التفجيرات النووية الخ.
ليس هنا مجال أو سبب يجعلنا نناقش مسالة الاحترار أو الصوبة أو البيت الزجاجي فهذه المسالة منتهية و حادثة و قناعة وجودها تامة ، و لكن السؤال إذا كانت الأرض بين سطحها و نهاية طبقة الغلاف الجوي تحتبس حرارة و لا تصرفها إلى الفضاء كما كانت تفعل عبر مليارات السنين من عمرها و إن حرارة الأرض قد ارتفعت بكذا درجة أو أعشار الدرجة عبر نصف القرن الماضي، و نتائج هذا الارتفاع بدأت تلمس عبر ألاف الشواهد منها الجفاف و قلة الأمطار و ذوبان ثلوج القطبين و المناطق الباردة الخ، إذا ما الذي يمنع أن ترتد الحرارة الزائدة من فوق طبقة سطح الأرض إلى طبقات باطن الأرض و تصبح كتلة حجرنا الصماء و المسمى قارة (أ) بدرجة حرارة أعلى بكذا أعشار أو درجات و عند تلك درجة الحرارة تكتمل الصورة و تتفتت قارتنا العتيدة بسرعة اكبر بكثير، حيث تجتمع الطرق و الدق و إفراغ الجوف مع درجة حرارة زائدة تساعد على الصهر و الذوبان فتصبح التفتت القاري حقيقة واضحة تماما.
ليس هدف هذه المقالة النظرية هو نشر (سيناريو الذعر العظيم ) ، ولكن معضلات البيئة هي التي بدأت تنتشر و تطفح على السطح في أصقاع عديدة من الكرة الأرضية ، و هي التي تنشر الرعب و الخوف و الجوع و العوز، أمامنا أمثلة كثيرة انتهت عصر مناقشتها منذ زمن بعيد فهي وقائع و حقائق ثابتة و نتائجها المدمرة واضحة و محصودة يوميا،مثل انتشار الجفاف والقحط و هجرة القرى و تلوث المياه في مناطق عديدة لم تعد صالحة للاستخدام البشري و ومن قبل الأحياء و المناطق الميتة في سواحل البحار و المحيطات و مناطق انتشار السرطانات أو ما سمي بقرى السرطان الخ ، قد يقول المتفائلون مثل هذا السيناريو مستبعد، أن تتفتت قارات الكرة الأرضية و تنزلق إلى داخل المحيطات أو تصطدم يبعضها ثم تنزلق بعضها أو الأجزاء المفتتة إلى داخل المحيطات لأسباب التي وردت أعلاه ،انه بالفعل سيناريو خيالي ،أقول نعم ذلك مستبعد بدرجة 100% بالمائة ،ولكن هل هو مستبعد بدرجات اقل مثلا 80% أو 60% أو 40% أو 20% أو حتى 10% ، بالطبع سيقول الكثيرون أو الغالبية نعم ربما بواحدة من هذه نسب قد تكون متوقعا للأسباب المنطقية التي وردت، الآن سنقول دعك من احتمال 80% الحد العالي بعد المائة و تعال إلى احتمال 10% الحد الأدنى ، ماذا تتوقع من النتائج ، أكيد عشرات الزلازل الأرضية و مثلها من البراكين و مع الوقت ستزداد الأعداد ببساطة لان العوامل المولدة لها تزداد و تضاف إلى قائمة أزمات الأرض و في مقدمتها زيادة الاحترار على الأرض و مشكلة تولد مشكلة أخرى. ولكن قد تكون حساب الاحتمالات بنسبة 10% حسابا متساهلا بل و متواطئا مع أصحاب الشركات و المؤسسات و الحكومات و الأفراد ذوي المصلحة و الذين لا يريدون أن يعترفوا بأننا الآن بالفعل نجتاز عصر الكارثة من تاريخ الكرة الأرضية ،و لغرض حساب أكثر عقلانية سوف نصعد من نسب الاحتمالات بصورة تصعيديه و نقول إذا كانت النسبة 10% قد ترافقها نفس الرقم من الزلازل و مثلها البراكين ، فان النسبة التالية أي 20% و سوف ترافقها ضعفي هذا العدد من الزلازل و البراكين ، و إذا وصلت نسبة الاحتمال إلى 40% فنسب احتمالات الزلازل و البراكين سوف تكون أربعة أضعاف سنويا أي إن عدد البراكين و الزلازل سيصل إلى 160 لكل واحدة منها سنويا لان بنية الأرض ستسير نحو الضعف ، ببساطة للمقارنة رجل يعاني من مرض واحد و أخر يعاني من عشرة عاهات و أمراض الاختلاف واضح و منطقي ، و من الممكن أن نكتفي بهذا القدر من النسب فأي نسبة اكبر تجعل القارات تمشي بهدوء إلى الإمام أو الخلاف و تتأرجح مثل مهد الطفل و تسمع الصراخ و الصياح و مع ارتفاع منسوب مياه البحار بسبب الاحترار و تحركات القارات منذ سنوات ترى يوميا بان القارة (أ) أو (ب) أو (ج) قد انزلقت بهدوء نحو المحيط و تتبعها القارة الجارة بسبب موجات الرد الفعل و عند ذلك قد نصدق بالفعل بان قارة الاطلنطس قد انزلقت و صارت تحت مياه المحيط فيما مضى من تاريخ الأرض كما تقول الأساطير.



#محمود_جواد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل تنفجر الكرة الأرضية من الداخل وتتفتت القارات أو تندمج مجد ...


المزيد.....




- إماراتي يرصد أحد أشهر المعالم السياحية بدبي من زاوية ساحرة
- قيمتها 95 مليار دولار.. كم بلغت حزمة المساعدات لإسرائيل وأوك ...
- سريلانكا تخطط للانضمام إلى مجموعة -بريكس+-
- الولايات المتحدة توقف الهجوم الإسرائيلي على إيران لتبدأ تصعي ...
- الاتحاد الأوروبي يقرر منح مواطني دول الخليج تأشيرة شينغن متع ...
- شاهد: كاميرات المراقبة ترصد لحظة إنهيار المباني جراء زلازل ه ...
- بعد تأخير لشهور -الشيوخ الأمريكي- يقر المساعدة العسكرية لإسر ...
- -حريت-: أنقرة لم تتلق معلومات حول إلغاء محادثات أردوغان مع ب ...
- زاخاروفا تتهم اليونسكو بالتقاعس المتعمد بعد مقتل المراسل الع ...
- مجلس الاتحاد الروسي يتوجه للجنة التحقيق بشأن الأطفال الأوكرا ...


المزيد.....

- ‫-;-وقود الهيدروجين: لا تساعدك مجموعة تعزيز وقود الهيدر ... / هيثم الفقى
- la cigogne blanche de la ville des marguerites / جدو جبريل
- قبل فوات الأوان - النداء الأخير قبل دخول الكارثة البيئية الك ... / مصعب قاسم عزاوي
- نحن والطاقة النووية - 1 / محمد منير مجاهد
- ظاهرةالاحتباس الحراري و-الحق في الماء / حسن العمراوي
- التغيرات المناخية العالمية وتأثيراتها على السكان في مصر / خالد السيد حسن
- انذار بالكارثة ما العمل في مواجهة التدمير الارادي لوحدة الان ... / عبد السلام أديب
- الجغرافية العامة لمصر / محمد عادل زكى
- تقييم عقود التراخيص ومدى تأثيرها على المجتمعات المحلية / حمزة الجواهري
- الملامح المميزة لمشاكل البيئة في عالمنا المعاصر مع نظرة على ... / هاشم نعمة


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر - محمود جواد - هل تنفجر الكرة الأرضية من الداخل وتتفتت القارات أو تندمج مجددا