أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - ماركو فالدو والتقديم الهادئ














المزيد.....

ماركو فالدو والتقديم الهادئ


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 4234 - 2013 / 10 / 3 - 23:16
المحور: الادب والفن
    




في هذا العمل الأدبي الشيق استطاع ايتالو كالفينو أن يعطينا مشاهد ـ اقرب إلى الكاريكاتير ـ عن حالة المجتمع الايطالي، والكيفية التي يعيشها المواطن العادي من خلال شخصية ماركو فالدو، الذي يعشق الطبيعية ويعمل بالإمكانيات البسيطة المتوفرة لديه، ليتمتع قدر المستطاع بما فيها من عناصر تخلب العقل وتفرح القلب، فكـأنه من خلال هذه الانحياز، يطالب كافة سكان المدن بالتخلي عن سكناهم والتوجه نحو الطبيعة، "آه، لو استطيع ولو لمرة واحدة، أن استيقظ على زقزقة العصافير بدل الاستيقاظ على صوت المنبه وبكاء الصغير بولينو وزعيق زوجتي دوميتيلا!" " ليتي استطيع النوم هنا، بمفردي تحت هذه الظلال الخضراء الندية، لا داخل حجرتي الضيقة الحارة" ص17، اعتقد أن هذا الهم أو الطموح يشكل هاجس عند العديد من سكان المدن، خاصة تلك التي تعاني من كثرة الازدحام والافتقار للمناطق الخضراء والحدائق، فهذا المشهد يحمل طموح بسيط، لكنه مهم جدا، لولاك الذين بفتقرون للطبيعة وحيويتها، فالمواطن العادي الذي يعيش في الكتل الإسمنتية، يعلم جيدا أهمية الطبيعة وما تشكل له من حالة للانطلاق نحو الفضاء الرحب، فلكي يتجاوز الوضع البائس لمشاهد الجدران والكتل الصماء. وأصوات الضجيج والزعيق التي تصدر من هنا أو هناك، جاعله من الحياة أشبه بالجحيم، لا بد من التوجه نحو النقيض، الطبيعة.
فالإنسان بطبعه ينتمي إلى الطبيعة وما بتعلق بها، حتى عندما وجد ماركو فالدو نبتة أسيرة بين الجدار فكر في أخراجها إلى الشمس والفضاء، "كان ماركو فالدو، يتفاعل مع النبتة ويشعر بمقدار سعادتها وهي تتحسس الماء المنسكب بين أوراقها، وتتنفس الهواء الطبيعي، وتعرض اكبر مساحة من سطحها لقطرات الماء، وتبدو أكثر خضرة، هذا الإحساس الغريب الذي كان يخامره، كان يجعله يقف فترة طويلة تحت المطر، يراقب النبتة ناسيا نفسه، وغافلا عن حماية جسده من البرد والمطر" ص95، لم يكتفي ماركو فالدو بإخراج النبتة إلى الفضاء وجعلها تنتعش في محيط يتناسب تماما معها، بل أن روعة المشهد جعله يتماهى مع النبتة تماما، وكأنه والنبتة كائنا واحدا، وهنا من خلال عملية التوحد مع النبتة، أعطانا الكاتب صورة حقيقية لكل عشاق الطبيعة، فهم وهي توأم، احدهما يقدم الرعاية والثاني يمنح المتعة والشعور بالفرح والسكينة.
أما الصور النقيضة لعدم الانسجام، فيذكرها لنا ماركو فالدو بهذا الوصف "كانت عربات الترام والشاحنات وعربات اليد واللوريات والعمال بدراجاتهم النارية تنطلق باتجاه المصنع، وكانت أصوات مصاريع الأبواب ونوافذ البيوت وهي تفتح مسموعة ولمعان النوافذ الزجاجية يتألق أمام عينيه، فانطلق ماركو فالدو نحو عمله بفمه المتخشب وعينيه اللتين لا يستطيع فتحهما، مرتبكا متحيرا بظهره المتصلب المرضوض" ص24، العديد من الشواهد قدمها ايتالو كالفينو في عمله الأدبي تدعو إلى الانطلاق نحو الطبيعة وهجر المدينة وما فيها.
في المجمل هذا العمل يشكل دعوة صريحة، وأيضا غير مباشرة في الوقت نفسه، إلى إعادة الاعتبار للطبيعة والاهتمام بها، وعدم ترك المدينة تهيمن على الإنسان وتفقدهما الحياة المشتركة.
أسلوب الكاتب الساخر في العديد من المشاهد التي قدمها تجعل تناول العمل الأدبي أسهل وأمتع للقارئ، ورغم كتابة (رواية) على غلاف الكتاب إلا انه يشكل ـ من وجهة نظرنا المتواضعة ـ مجموعة قصصية وليس رواية، وذلك لعدم وجود ترابط حيوي بين المشاهد المقدمه في العمل، ففي مجمل المشاهد، لا يوجد ما يجعل الحدث يتطور إلى الأمام أو الخلف، كما أن المشهد الواحد، يعطي القارئ فكرة واضحة ومتكاملة عما يريده الكاتب، من هنا نقول بأن هذا العمل، كما هو الحال في قصة "حين تركنا الجسر" لعبد الرحمن منيف وقصة "الآم السيد معروف" لغائب طعمة فورمان، هي وغيرها من الأعمال، هي قصص وليست روايات، رغم حجمها الكبير نسبيا، ولتوضيح ذلك نعطي مثلا من خلال رواية "أم سعد" لغسان كنفاني، فرغم وجود مشاهد متعددة في الروية لم تكن لتحول دون اكتمال أحداثها وشكلها الروائي، على النقيض من هذا العمل الذي لم نجد أي ترابط يسهم في تنامي الأحداث فيه.
في النهاية نقول هذا الشكل والأسلوب في الأعمال الأدبية يمثل الحالة المحفزة للقارئ والتي تجعله يستمتع ويتلذذ بما يقرأ، كما انه يقدم الأفكار والأحداث التي تمهد ذهنية القارئ للانحياز إلى الفكرة التي يطرحها الكاتب.
رائد الحواري



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عمارة يعقوبيان والفساد الطاغي في مصر
- التشدد والتكفير
- استنساخ قرطاج في بغداد ودمشق
- الديانات الثلاث ودخول الجنة
- التخندق القبلي في المجتمع العربي
- أوهام الشيوعيين الفلسطينيين
- رجوع الشيخ والانسجام بين الشكل والمضمون
- الاسود يليق بك
- إنتقائية التاريخ
- العشيرة العربية
- ثروة الإيمان
- العقل العربي والاحتكام للنص
- طيور الحذر وتشكيل النص
- إنسان
- محاضر
- مكان
- صفوف الحياة
- الضياع
- عالية ممحدوح وتقليد الذات
- واسيني الأعرج في بلده فلسطين


المزيد.....




- في شهر الاحتفاء بثقافة الضاد.. الكتاب العربي يزهر في كندا
- -يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا ...
- “أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن ...
- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - ماركو فالدو والتقديم الهادئ