أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - شاهين السّافي - رسالة إلى كل الرّفاق الثّوريّين الصّادقين: حول مسيرة يوم 26 سبتمبر/أيلول 2013 في صفاقس














المزيد.....

رسالة إلى كل الرّفاق الثّوريّين الصّادقين: حول مسيرة يوم 26 سبتمبر/أيلول 2013 في صفاقس


شاهين السّافي

الحوار المتمدن-العدد: 4234 - 2013 / 10 / 3 - 13:38
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


الرّفاق الأعزّاء،
كانت مسيرة حاشدة يوم 26 سبتمبر/أيلول 2013 في صفاقس, وإن رؤية مسيرة بهذا الحشد لا يمكن إلا أن يكون مبعثا للسّرور والتفاؤل في ظلّ واقع رديء كاد أن يغمرنا بالإحباط ويزجّ بنا في غياهب العجز واللاّمعنى.

جميل أن نشاهد مثل هذا الحشد يملأ الشوارع, ومبهج أن نتلمّس تنامي حالة الرّفض من جديد في صفوف الشّباب الطلابي والتلمذي الذي كان حاضرا بكثافة. ولكنّ هذا الإحساس بالسّعادة لعودة روح الإنتفاض إلى الشّارع لم تمنع أن يدبّ فينا -أنا ومن لفّ لفي من الرّفاق- إحساس بالغربة نغّص علينا متعة مشاهدة الحشود تملأ الشوارع.

هذا الإحساس اللّعين بالغربة لم نكن نحسّ به مطلقا حتى في سنوات الجمر حين كنّا نشارك في تحرّكات لا يتجاوز عدد المشاركين فيها العشرات, لأنّا كنّا على يقين تام أننا نحمل في وجداننا وفي هتافاتنا الخارجة من أعماق أعماقنا حلم الجماهير بالتحرر والإنعتاق, وكنا على يقين تامّ أنّها ستتخطى حاجز الخوف وستكتب ملحمتها الرّائعة ذات يوم، منطلقة من المزارع والمصانع إلى الشّوارع, وستفاجىء الجميع.
نعم كنا على يقين من ذلك, وقد كان ذلك فعلا في انتفاضة ديسمبر-جانفي التي انتهت بهروب الطّاغية المخلوع وجزء من عائلته المافيوية.

لماذا أحسسنا بالغربة؟!

منذ وصولنا إلى ساحة "الإتحاد" التقينا بوجوه نعرفها حقّ المعرفة, من زمن النضال الطلابي, هذه الوجوه بقدرما تذكرنا بحجم الصّمود واللّحمة التي كانت تجمع بين الرفاق -رغم الصّراعات- بقدر ما تذكرنا بخساستها ودناءتها لأنّها كانت أبواق النظام وعصاه التي يضرب بها الحركة الطلابية داخل الجامعة: إنهم طلبة "التجمّع" المنحلّ -سابقا- الذين مارسوا الوشاية البوليسية وتشويه المناضلين والإعتداء عليهم بكل الأشكال.
كيف أنظر في هذه الوجوه التي كنت أبصق عليها كل يوم حين ألمحها ولو صدفة في الجامعة؟ كيف أنظر إليها اليوم وهي تشاركني المسيرة دون أن أحسّ بصخب السّنين الخوالي يعتمل في صدري؟ هل أسامح؟ أبهذه السهولة أسامح؟ وإن سامحت فيما هو شخصي, هل أسامح من أجرم في حقّ شعبي؟

صورة أخرى من صور الغربة في هذا اليوم, إنها تلك الشّاحنة المزدانة بالأعلام. في البداية كان علم تونس مع شعار "الإتّحاد" هما الوحيدان الذان يرفرفان، ولا بأس في ذلك أبدا, ثم ظهر علم فلسطين خفّاقا فنزل ذلك على قلوبنا بردا وسلاما, ثم رُفع العلم السوري فقلنا حسنا ما فعلوا فمساندة شعبنا في سوريّة واجب نقوم به دون مواربة.
ولكنّ تخميناتنا ذهبت أدراج الرياح حين رُفع العلم الليبي.. القديم.. الأخضر.. تخيلوا ذلك؟! حينها فهمنا كل شيء, إنّه موكب خصّص لمساندة نظام أجرم في حق شعبه وأمّته, ومن المضحكات المبكيات أن تتعالى الهتافات من هذا الموكب: "الشعب يريد إسقاط النظام".
عجبا! هل إسقاط النظام في تونس حلال حلال حلال وإسقاطه في سوريّة حرام حرام حرام؟!

نفس الشاحنة كانت مبعثا للغربة في صورة أخرى, إنّه ذلك المضخّم اللّعين للصّوت الذي تنبعث منه أغان محملة برائحة الماضي العفنة, رائحة الوشايات والتّزلف والإستزلام لعهد يفترض أنه بائد, رائحة الخيانات التي اقترفها "فنّانون" في حق شعبهم، وكانوا واجهة ثقافية ساقطة لحكم عميل مستبد. فماذا يعني تذاع في هذا التحرك أغنية "بالأمن والأمان يحيى هنا الإنسان"?! أليس لهذه الأغنية رمزية سيئة في ذاكرتنا, أم أنّنا صرنا نهرول نحو "فقدان الذاكرة"?! ألم تنفض الإنتفاضة الغبار عن التراث الغنائي الملتزم قطريا وعربيا?! أليس لنا اليوم فرق موسقية جديدة وشبابية تقدّم أغنية بديلة تستحقّ أن تبث أغانيها في مثل هذه التحركات الشعبية?!

صورة أخرى من صور الغربة وهي صورة قديمة/جديدة تتعلق بخط السّير, فبمجرّد أن تقترب المسيرة من "باب القصبة" تدبّ فينا الحيرة "هل سننعطف يمينا حيث نكتفي بـ"باب بحر", أم سننعطف يسارا فنمضي باتجاه "شارع 18 جانفي" ثم إلى مبنى الولاية (المحافظة) وما يعنيه ذلك من رمزية في الذاكرة النضالية ومن فاعليّة في الإصداح بالموقف السياسي الحاسم في أمر من يحكم البلاد..?!!
وانعطفت يسارا, فاستبشرنا وقلنا هذا هو المطلوب, ولكن ما إن أدركت المسيرة موفّى شارع 18 جانفي, حتى انعطفت يمينا -وكأنّ اليمين قدرها- ودارت مع السّور في فسحة سياحيّة رائقة فكنّا أشبه حالا بسائح يزور "صفاقس" لأول مرّة فطاف بسورها المهيب من الجهات الأربع ليقف على عظمته وشموخه.
ولكن غابت في خضمّ ذلك عظمتنا وخبا شموخنا واكتفينا بوقفة باهتة أمام مبنى البلدية..!!

إنه إحساس مرير بالغربة أتمنى أن يغرب عن وجوهنا قريبا وبغير رجعة, وإن أردنا الوضوح فإن إزاحة هذه الغربة يبدأ بإزالة كلّ الوجوه والصّور الغريبة عنا وعن نضالنا وصمودنا, وألا نضيع البوصلة فنعتقد أن كلّ من يعادي "حكم النهضة" فهو بالضّرورة حليفنا، فنفسح المجال لمن يشوّهون نضالنا ويسحبون البساط من تحت أقدامنا ويوجّهون حركة الجماهير إلى مشروع ليس مشروعنا, بل إلى مشروع لا يختلف جوهريا عن مشروع "النهضة". فإن كنّا حملة مشروع ثوري بحق, فلن نسقط في شراك الليبرالية والإنتهازية وليس مسموحا لنا مطلقا أن نسقط..

تقبلوا خربشاتي التي صغتها بدمي لا بمدادي بحبكم ومودتكم وصدقكم ووفائكم لمشروع تعاهدنا على حمله, فإما حققناه أو هلكنا دونه.



#شاهين_السّافي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصائدُ مجرمةٌ جدّا..
- -رجل القشّ-*.. بين -مَلَكَةِ النّسيان- و-ذاكرة نَيْسَان-!!
- خواطر حول التّقدّميّة و-الرّجعيّة-..
- هذا وطني.. وصدى منفاي
- ثلاث قصائد.. لها
- قصيد: نشيد الثّائر
- -الفنّ للفنّ- و-الفنّ للتّحرّر-..
- وإنّي الآن.. أريدْ
- في ذكرى ميلاد المولدي زليلة (عمّ خميّس):


المزيد.....




- الرئيس الجزائري يستقبل زعيم جبهة البوليساريو (فيديو)
- طريق الشعب.. الفلاح العراقي وعيده الاغر
- تراجع 2000 جنيه.. سعر الارز اليوم الثلاثاء 16 أبريل 2024 في ...
- عيدنا بانتصار المقاومة.. ومازال الحراك الشعبي الأردني مستمرً ...
- قول في الثقافة والمثقف
- النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 550
- بيان اللجنة المركزية لحزب النهج الديمقراطي العمالي
- نظرة مختلفة للشيوعية: حديث مع الخبير الاقتصادي الياباني سايت ...
- هكذا علقت الفصائل الفلسطينية في لبنان على مهاجمة إيران إسرائ ...
- طريق الشعب.. تحديات جمة.. والحل بالتخلي عن المحاصصة


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - شاهين السّافي - رسالة إلى كل الرّفاق الثّوريّين الصّادقين: حول مسيرة يوم 26 سبتمبر/أيلول 2013 في صفاقس