أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - طلال عبدالله - روسيا بين الجسر والمحطة النهائية ودراسة التناقضات















المزيد.....

روسيا بين الجسر والمحطة النهائية ودراسة التناقضات


طلال عبدالله

الحوار المتمدن-العدد: 4234 - 2013 / 10 / 3 - 08:12
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    



النظرية تتقابل مع الممارسة ومع المعرفة بكل تأكيد، وارتباط النظرية بالفكر يفترض أن يرتبط أيضاً بالممارسة، في مدرسة العلم، تقود الممارسة العملية على أرض الواقع إلى تطوير النظرية لا التحايل عليها، ذلك أن النظرية لا تنفصل في الواقع عن الممارسة العملية، فمهما كان العمل بسيطاً أو معقداً فلا بد أن يمر على الأقل عبر خطاطة ذهنية، وبالتالي لا تنفصل النظرية عن الممارسة العملية، بل تؤطر لها، وفي الكثير من الأحيان تكون عنصراً مكملاً لها.


كثر اللغط في الآونة الأخيرة حول الدور الجديد الذي تسعى روسيا للعبه في المنطقة، وبرزت أزمة “المثقفين العرب” الساعين إلى “لي عنق” النظرية في سبيل الترويج لفكرة هنا وأخرى هناك، تتقاطع في الكثير من الأحيان مع بعض المسائل الشخصية، وظهرت تساؤلات عجيبة فيما يتعلق بالدور الذي تلعبه الدولة الروسية ومحور البريكس في العالم، وبالأخص عقب الأزمة السورية، وذهب البعض منهم إلى نعت روسيا الحالية بالدولة “الإمبريالية”، فيما ذهب البعض الآخر إلى وصف الرئيس الروسي الحالي فلاديمير بوتين بالـ “القيصر الجديد” أو بالـ “شوفيني” الساعي إلى استبدال “الإمبريالية الأمريكية” بـ “الإمبريالية الروسية” في العالم.

النظرية التي تتكئ على قوة ثورية هي، إذاً، نظرية ثورية، وهذا البعد الذي يميز الماركسية عما عداها، والقوة الثورية التي ننشدها تعمد في الأساس إلى صياغة موقف ثوري من أي مسألة قد تطرأ على الساحة، بالاعتماد أساساً على جوهر الصراع، الصراع الطبقي، وفي سورية اليوم، نقف خلف الجيش العربي السوري من موقع طبقي بامتياز.

نظريتنا الماركسية تحمل في مضمونها استخدام المنهج المادي التاريخي في فهم خلاصة خبرات الطبقات العاملة والكادحة عبر تاريخها، وبخاصة في زمن الثورات، من أجل النضال اليومي بشكل فعال لبناء مجتمع يقوم على أساس احتياجات غالبية البشرية وليس القلة المستغلة فقط، وفي سورية اليوم، ثورة مضادة، تتزعمها الامبريالية المتوحشة بقيادة الولايات المتحدة، ثورة مزعومة، دمرت كل ما يمت بصلة لنضال الطبقة العاملة، فيما بقي الجيش العربي السوري الحامي الحقيقي لتلك الطبقة العاملة، في مواجهة قطعان من الإرهابيين الذين تسللوا إلى سورية من كل حدب وصوب.

الدب الروسي.. إذ يعود للمشهد الدولي

لا يمكن بشكل من الأشكال، وبكلمات علمية، أن نطلق لفظة “الإمبريالية” على روسيا اليوم، فروسيا اليوم، هي دولة أقرب ما تكون إلى “رأسمالية الدولة”، لا إلى “الإمبريالية” التي تمثل أعلى مراحل الرأسمالية، وهي إلى اللحظة غير مندغمة في رأس المال المالي الذي يشكل المادة الأساسية للإمبريالية المعاصرة. فوفق التعريف العلمي يتلخص الجوهر الاستراتيجي لأية إمبريالية في التوسع وبسط النفوذ لتعزيز المصالح وتعظيمها، ويكون ذلك في الكثير من الأحيان من خلال استخدام القوة الباطشة والجيش والغزو والاحتلال، وبذلك يصبح من الواضح بأن الولايات المتحدة تعتلي قمة الإمبريالية اليوم، فيما تبعد روسيا كل البعد عن ذلك.

تاريخياً، وقع الكثير من المثقفين في مأزق حقيقي حينما رأوا بأن خريطة العالم بعيد انتهاء الحرب العالمية الثانية وقيام “النظام الدولي” على أنقاض المانيا النازية انشطرت إلى “إمبرياليتين”، واحدة أميركية وأخرى سوفياتية. ومن الواضح بأن هؤلاء كانوا لربما في عالم آخر بعيد كل البعد عن النظرية، وعن الحقيقة، وفي الواقع فإن دورة عجلة التاريخ أعادت هؤلاء وتلاميذهم اليوم ليؤكدوا على أن دائرة الصراع الإقليمي تحمل “إمبرياليتين”، أمريكية وروسية!

تعود روسيا اليوم إلى الساحة، ليس بصفتها ممثلاً للاشتراكية أو الشيوعية، ولكن لمجابهة الولايات المتحدة صاحبة النموذج “الرأسمالي-الديموقراطي”، ديمقراطية الموت والدعارة والمافيا والمخدرات. ولكن، وحتى عند قراءة التاريخ، يبدو جلياً بأن روسيا -بشكلها الحالي- أو حتى الاتحاد السوفياتي، لم تكن يوماً قوة استعمارية سعت إلى احتلال أجزاء من العالم لبسط سيطرتها ونفوذها، بل وكانت في الكثير من الأحيان داعماً لحركات التحرر الوطني في كافة أنحاء الأرض، وللدول الساعية إلى التحرر من الاستعمار في العالم.

القومية الشوفينية التي تنظر إلى الذات القومية بكونها الأعلى والافضل تراتبية، وترى الآخرين وقومياتهم وأوطانهم في مراتب أدنى على السلّم القومي هي الأخطر، وتلك القومية هي التي زرعت ولا تزال في قلب الإمبريالية العالمية، في الولايات المتحدة وفي الكيان الصهيوني، لا في روسيا اليوم.

روسيا بوتين اليوم هي روسيا العائدة من بعيد لخلق عالم متعدد الأقطاب، وخطاب بوتين وسياساته الداخلية وبرامجه التي يطرحها على الصعيدين الداخلي والخارجي تنبعث منها رائحة تحقيق أحلام الكثيرين في المساهمة في خلق عالم متعدد الأقطاب. داخلياً، تبنى بوتين مفهوم “الديموقراطية السيادية” وهو مفهوم يقصد به عدم السماح لأية أطراف أجنبية بالتدخل في سيادة روسيا من خلال التدخل في أمورها الداخلية ومؤسسات المجتمع المدني فيها.

أما خارجياً، ينطلق بوتين من زاوية التعاون مع الجوار الإقليمي، ولربما مع كافة الدول الساعية إلى التحرر من القبضة الإمبريالية. يتحدث عن سباق تسلح جديد تقوم به الولايات المتحدة والدول الغربية. وفي ذات الوقت يؤكد امتلاك بلاده قدرة حقيقية على انتاج أسلحة رادعة.

روسيا اليوم تنتج أسلحة متطورة، وتحاول الإبقاء على شريط الأحداث التي تسببت بانهيار التوازن الدولي والثنائية القطبية في الذاكرة، بل وترفض الرضوخ لمخطط بناء منظومة (دفاعية) صاروخية أمريكية أو أطلسية حول روسيا.

الصهيوني جون ماكين يبدع اليوم في مهاجمة بوتين، ومعه الكثير من “المثقفين العرب”، ولربما “أشباه اليساريين”، بمقالات عديدة منها: “الروس يستحقون أفضل من بوتين”، وتختلط المفاهيم، وبالأخص حين يتعهد ماكين بالرد على الرئيس الروسي الذي يرى بأن: “الملايين من سكان العالم أصبحوا يرون أن الولايات المتحدة ليست نموذجاً للديموقراطية بل رمز للقوة الغاشمة التي تجمع حولها حلفاء وفق مبدأ من ليس معنا فهو ضدنا” بمقال أعلن إنه سينشره في صحيفة “برافدا” الناطقة باسم الحزب الشيوعي الروسية!!!

ماكين الذي “يؤمن بعظمة الشعب الروسي وطموحه نحو العيش في مجتمع العدالة” على حد تعبيره، لا يرى من روسيا سوى الحسناوات الشقراوات لربما، وتأكيداته المستمرة على أن “روسيا تستحق قيادة أفضل من الحالية”، أمر لربما يعني الشعب الروسي ولا يعني برجوازياً صهيونياً كماكين، ولكن، وعلى الجانب الآخر، فإن ذلك الصهيوني يدرك تماماً بأن عودة الدب الروسي إلى الواجهة، ستدق أحد المسامير في نعش الإمبريالية العالمية المتهاوية.

بوتين، ومنذ العام 2000، عاد لإحياء الحوار مع العالم العربي، تدريجياً، وعمد إلى استعادة علاقات بلاده الاقتصادية مع دول الشرق الأوسط، واستمر الدور الروسي في الصعود على يد بوتين ورفاقه في سياق أزمة الملف النووى الإيراني، وملف تسوية النزاع العربي- الصهيوني، وبالطبع اعتمدت موسكو قوتين لهما ثقلهما لضمان ذلك الصعود في الشرق الأوسط، هما إيران وسوريا، وتبنت أهداف السياسات العربية فى قضية تحرير العراق، وفي السودان.

باعتقادي، كانت القيادة الروسية على علم تام بحجم الأخطار المحدقة بروسيا من جرّاء الخطط الأطلسية والأمريكية، وكانت كذلك على علم تام بسعي الإمبريالية الصهيو-أمريكية المتواصل لزرع عمليات تفكيكية في قلب المجتمع الروسي، فكان العمل الحقيقي جوهر السنوات العشر الأخيرة في روسيا، بناء أتاح لها العودة كلاعب أساسي في هذا العالم.

في الختام، وعقب ما تعلمنا من الدرس جيداً، فإننا نناصر حالة، “ونحن اليوم نجد أن عالماً متعدد الأقطاب قيد التشكل، وللأسف لسنا قطباً أساسياً فيه، ولكننا قد نكون، إذا أحسنا اختيار حلفائنا، البريكس أو الامبريالية الأمريكية الهمجية، صندوق النقد أو الصندوق العالمي للتنمية، إما الملكية الفكرية وإما التطوير المتبادل ليس بأرقى حالاته بالتأكيد، هذا هو الراهن في السياسة اليوم، وليس النهائي في مدار الأفكار والطموح، وهذا هو ما يطرح سؤال اليوم من أجل الغد، في عالم السياسة نقرأ في التكتيك والاستراتيجيا، البريكس خيار التكتيك وليس خيار الاستراتيجيا والحلم النهائي”.

“هكذا نقرأ الأشياء دون أن ننسى محطتنا النهائية ودون أن نقفز في الهواء حالمين اليوم ومحبطين في الغد”.



#طلال_عبدالله (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- “بعد السلفادور إليندي، الرب لم يعد موجوداً هنا”
- قس بنكهة ماركسية!
- أديان صديقة لليسار | أمريكا اللاتينية أنموذجاً


المزيد.....




- تجاهل محكمة العدل في تدابيرها الاحترازية الاضافية وقف اطلاق ...
- قلق أمريكي من تصاعد الحراك الشعبي الأردني وشعاراته
- حوار مع الرفيق فتحي فضل الناطق الرسمي باسم الحزب الشيوعي الس ...
- أبو شحادة يدعو لمشاركة واسعة في مسير يوم الأرض
- الوقت ينفد في غزة..تح‍ذير أممي من المجاعة، والحراك الشعبي في ...
- في ذكرى 20 و23 مارس: لا نفسٌ جديد للنضال التحرري إلا بانخراط ...
- برسي کردني خ??کي کوردستان و س?رکوتي نا??زاي?تيي?کانيان، ماي? ...
- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 28 مارس 2024
- تهنئة تنسيقيات التيار الديمقراطي العراقي في الخارج بالذكرى 9 ...
- الحرب على الاونروا لا تقل عدوانية عن حرب الابادة التي يتعرض ...


المزيد.....

- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي
- بصدد الفهم الماركسي للدين / مالك ابوعليا
- دفاعا عن بوب أفاكيان و الشيوعيّين الثوريّين / شادي الشماوي
- الولايات المتّحدة تستخدم الفيتو ضد قرار الأمم المتّحدة المطا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - طلال عبدالله - روسيا بين الجسر والمحطة النهائية ودراسة التناقضات