أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جبيب هنا - وتريات الحب والحرب رواية : الفصل 32














المزيد.....

وتريات الحب والحرب رواية : الفصل 32


جبيب هنا

الحوار المتمدن-العدد: 4234 - 2013 / 10 / 3 - 01:39
المحور: الادب والفن
    


- 32 -
في السنوات الأولى للانقسام ، الفترة الأكثر هولاً للرعب الذي أصاب الناس ، كان خليل قد أنهى دراسته الجامعية بتفوق أهله لاستلام عمله على الفور . في هذه الفترات بالذات نضجت تالا وأصبحت مسئولة عن نفسها وتصرفاتها دون اعتراض أفراد العائلة ، واقصد بأفراد العائلة الأخ والأخت اللذين يكبرانها ، فيما والدتها التي لم يكن قد مضى وقت بعيد على فقدان زوجها بحاجة إلى فرض سطوتها على سلوكهم ، وأما الأخت الصغرى، كانت أصغر من أن تعترض على مجريات الأمور داخل البيت ، الأمر الذي أعطى تالا شخصيتها المستقلة وتوازن بالسلوك يتجاوز الشبهات ويضعها في مصاف القائد أمام زميلاتها في الدراسة لدرجه اللجوء إليها عندما يتعرضون لأي انتكاسات اجتماعية في واقع موبوء ولا يحتمل مزيداً من الصراعات .
في هذا الوقت انتصب الشقاء في وجه الناس كأنه الشيء الوحيد الذي بإمكانه الوقوف على قدميه في زحمة البغضاء والرفض المبطن للبنية الاجتماعية التي أخذت تتبلور بقوة الأمر الواقع الذي لا هروب منه ، في ظل مجتمع كان قبل وقت قصير تتعايش تياراته السياسية المختلفة ، على الأقل ، عند القاسم المشترك أو الحد الأدنى الذي يجمعهم دون التناقضات التناحرية التي تفرض شروط الإزاحة بالقوة للخصوم . وحيث أن هذه التيارات يمكنها أن تحد من التسلط في حال نضوج العمل الديمقراطي الذي يتيح للجميع التناوب على التحكم بمصير الناس ، الأمر الذي يكفل للفرد المحافظة على ممارسة حياته بشكل طبيعي وعدم التحكم بها بطريقة مخالفة للقانون المعمول به .
ولكن ما أن استأثرت القوة السياسية الصاعدة بالسلطة، حتى وجد الجميع نفسه، وحالاً، في إمارة تحرم عليهم الحديث في تجمع يزيد عن اثنين، وصار حكم الفرد من مجرد السماع عنه في التلفاز أو قراءته في الكتب إلى واقع ملموس، تجاوزاً، أطلقنا عليه : اسم الانقسام . ولو لم يكن هناك فاصل جغرافي ربما تحولت إلى حرب أهلية تغذيها أطراف عربية ودولية مشبوهة، كما هو الحال بالنسبة لسوريا .
وهكذا، اختفى من قاموس العلاقة اليومية ما بين السلطة والناس، الصراع بين الخير والشر، واستعضنا عنه بصراع جديد أطلق عليه : من ليس معي فهو ضدي ؟ وهذا بدوره أدى إلى شرذمة المجتمع وتفكيك الأسر وخلق فجوة واسعة بين شرائح المجتمع أصابت في الصميم السلم الأهلي .
في هذه الحقبة الأفظع في تاريخ شعبنا صار الشرخ المجتمعي يثير الحنق، وباتت القتامة أكثر بكثير من الواقع الذي يمكن أن يصير حقيقة صعب التعايش معها في ظل الجبر على العيش بقوة عدم وجود البديل الآخر الذي من الممكن التلاؤم معه على نحو ما .
بهذا الوصف ، أصبحت حواس الناس مستيقظة بما يشبه الذعر الدائم الذي تلبسهم في مختلف مناحي الحياة، طامعين في لحظة فرح واحدة قبل أن يداهمهم الموت غيظاً وهم في بواكير أعمارهم ! الأمر الذي أصبح فيه السؤال محرماً سلفاً ، باعتباره سيفتح آفاقاً أمام الاحتمالات التي تشكل عدواً حقيقياً طالما لا زالت غامضة وغير واضحة الرؤى والمعالم .
وهكذا ، أصبحت اللوحة المجتمعية من الأمام مخادعة ومن الخلف العدو بالانتظار !
وهكذا أيضاً ، صار الحديث عن الدين يحمل في طياته استعارة مجازية عن الانتماء، كأن الدين لا يعرفه سوى الحركات السياسية التي باسمه وتحت سطوة التخويف والتكفير تم مصادرة حرية الناس وفرض الأحكام المسبقة بغية قطع الطريق على أية محاولة تستهدف إجهاض صمود الشعب والسعي للانخراط في مفاوضات لا تسمن ولا تغني من جوع .
هذه هي اللوحة المخادعة كقطعه معدنية تحمل صورة أحادية من الوجهين .
إما أن تكون مع صمود الشعب والاستعداد للتضحية والالتزام بمصادرة عقلك وإما أن تكون مع المفاوضات العبثية وبالتالي لا مكان لك بين أبناء الشعب الصامد المرابط الذي لا يكف عن الجهاد مهما كانت التضحيات . وأي موقف مغاير هو محاولة فاشلة للنيل من البقاء على رأس هرم السلطة إلى ما شاء الله ! .
ولم يتجرأ أحد على طرح التساؤل الذي يراود الجميع : هل نحتاج جميعاً إلى أناس يرقبوننا بغية تصنيفنا إلى فئات وأنواع ، أو درجات حسب مكانتنا الاجتماعية ودورنا السياسي في الحياة ومقدار تضحياتنا في سبيل الوطن ؟
ولو افترضنا أن الذين سيضطلعون بمهمة تصنيفنا أناس محايدون، هل سنقبل بما يتوصلوا إليه من نتائج أم سنطعن في قدرتهم على القيام بهذا الدور ؟
وفي حال كان تصنيفهم فضفاضاً بحيث كل واحد منا يضع نفسه في الخانة التي يرغب بها ، هل سنقبل بالنتيجة أم أن هناك شروطاً ينبغي علينا وضعها قبل أن نخضع لهذه التجربة ؟
إذن دعونا نضع الشروط أولاً ونتفق عليها ، ثم نعرض أنفسنا لهذه التجربة حتى نرى من منا يرى نفسه في المربع الذي توصلوا إليه ، ولكن قبل ذلك ، لابد من عدم الاعتراض مهما كانت مسوغات الاعتراض على النتائج في ظل وضع الشروط والمقاييس التي تنفق عليها .
صحيح أننا سنستغرق أضعاف الزمن الذي نحتاجه في التحرير قبل التوصل إلى اتفاق من شأنه الحصول على الإجماع، ومع ذلك، هل أنتم مستعدون لهدر هذا الوقت حتى تتعرفوا ، جميعاً ، على المربع الذي ينبغي أن تكونوا فيه ؟
لا يجوز إن بدأنا الخطوة الأولى التراجع عما عزمنا أمرنا عليه ، فأنتم الآن تتحدثون بمطلق الحرية ، ولكن بعد ذلك ، لن يكون هناك عذر للتراجع مهما كان موجعاً وفاضحاً ولا يماري أحداً .
وبعد، هل نبدأ التجربة ؟



#جبيب_هنا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وتريات الحب والحرب رواية : الفصل 31
- وتريات الحب والحرب رواية : الفصل 30
- وتريات الحب والحرب : رواية الفصل29
- وتريات الحب والحرب : رواية الفصل28
- وتريات الحب والحرب : رواية الفصل27
- وتريات الحب والحرب : رواية الفصل26
- وتريات الحب والحرب : رواية الفصل25
- وتريات الحب والحرب : رواية الفصل24
- وتريات الحب والحرب : رواية الفصل23
- وتريات الحب والحرب : رواية الفصل22
- وتريات الحب والحرب : رواية الفصل21
- وتريات الحب والحرب : رواية الفصل20
- وتريات الحب والحرب : رواية الفصل 19
- وتريات الحب والحرب : رواية الفصل 18
- وتريات الحب والحرب : رواية الفصل 17
- وتريات الحب والحرب : رواية الفصل 16
- وتريات الحب والحرب : رواية الفصل 15
- وتريات الحب والحرب : رواية الفصل 14
- وتريات الحب والحرب : رواية الفصل 13
- وتريات الحب والحرب : رواية الفصل 12


المزيد.....




- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...
- الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟
- “جميع ترددات قنوات النايل سات 2024” أفلام ومسلسلات وبرامج ور ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جبيب هنا - وتريات الحب والحرب رواية : الفصل 32