أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إيمان أحمد ونوس - هل بات العنف سمة المجتمع السوري اليوم.؟















المزيد.....

هل بات العنف سمة المجتمع السوري اليوم.؟


إيمان أحمد ونوس

الحوار المتمدن-العدد: 4233 - 2013 / 10 / 2 - 11:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    




من المؤكد أن ظاهرة العنف ليست معطىً جديداً أو طارئاً على البنية الاجتماعية والسياسية في مجتمعاتنا، بل يمكن القول إن هذه الظاهرة قديمة قِدَم الإنسان بما هي عليه من اعتبارها ظاهرة تحدٍ دائم لوجود الإنسان ابتداءً من جريمة قابيل وانتهاءً بالغازات الخانقة والصواريخ العابرة للقارات إلى ما هنالك من وسائل وأساليب عنفية قد تتفتق عنها ذهنية هذا الإنسان مستقبلاً.
ويُعرّف العنف بأنه إلحاق الأذى والضرر بكائن أو مجموعة بشرية، بحيث يكون هذا الضرر إما مادياًّ، أو جسمياًّ، أو نفسياًّ، أو معنوياًّ، بوسائل مختلفة تسبب للفرد أو الجماعة آلاماً وخسائر متفاوتة في حدتها وفظاعتها.
وإذا ما تفحصنا حال المجتمع السوري في ظل الأزمة والحرب الدائرة منذ ما يُقارب الثلاث سنوات، نجد أن هذا الوضع غير الطبيعي قد خلق تداعيات كارثية على مستوى الفرد والمجتمع، قد تشكّل إذا ما استمرت الركن الأساسي في عملية انهيار هذا المجتمع ووقوعه في براثن الفوضى التي تقود الفرد إلى سلوكيات هدّامة للقيم الاجتماعية والأخلاقية، وكذلك إلى تفشي ظواهر عنفية بسيطة أحياناً وفظيعة أحياناً أخرى لم نكن لنلحظها سابقاً بالشكل التي هي عليه اليوم والتي تأخذ منحيين رئيسيين فردي ورسمي:
- المنحى الفردي: المتمثّل بالأنانية في التعامل مع الآخرين، مروراً بأدنى حالات العنف كالصراخ والشتائم، وصولاً إلى عمليات الخطف والابتزاز والقتل والاغتصاب والسرقة بكافة أشكالها.
- المنحى الرسمي: المتمثّل بالاعتقال مقابل التراخي الأمني الملفت، إضافة إلى التهديد بالتسريح من العمل من خلال التشبّث ببيروقراطية مقيتة من حيث التقيّد بأوقات العمل بعيداً عن الظروف الأمنية والموضوعية، وكأنه لم يعد هناك من إنجاز آخر تحتاجه البلاد في هذه الظروف العصيبة غير التقيّد بالدوام وما تخلّفه هذه الحالة من دسائس يقوم بها البعض مستغلاً الظروف المواتية لمثل هذه التصرفات والمسلكيات المُشينة.
في المنحى الفردي: نجد أن العنف والصراخ والشتائم صارت التقليد شبه الاعتيادي في علاقة الناس مع بعضهم إن كان في الشارع أو في الأماكن العامة كوسائط النقل والعمل وسواها، ولا تُستثنى الأُسر من ممارسة هذا النوع من العنف بين أفرادها بشكل عام، حيث شارف التفاهم والمودة والرحمة على الاختفاء من التعامل الإنساني اليومي، إضافة إلى الأنانية الفجّة، والتي أصبحت سمة طاغية على الأفراد ومن كافة الشرائح تقريباً فيما يخص الاحتياجات اليومية أو المعيشية وسواها، رغم أن البعض ليس بحاجة ماسّة للكم الكبير مما يخزنون من احتياجات.
قد يكون هناك مبررات تفرضها الحالة التي يعيشها الناس مثل ندرة المواد والسلع في الأسواق، لكن ليس إلى الحد الذي يجعلنا نسير على مقولة- أنا ومن بعدي الطوفان- فقد شاهد الجميع المشاجرات اليومية على أبواب الأفران، والتي أدّت في بعض الأماكن إلى استخدام بعض أنواع الأسلحة كالسكاكين والمسدسات وسواها حتى وقع في بعض المناطق جرحى أو حالات إغماء نتيجة التدافع والازدحام، ناهيك عن بعض حالات التحرّش التي تتعرض لها النساء والفتيات، وهذه الحالة يمكن القياس بها على المازوت أو الغاز أو الماء، فقد شهدت منطقة السلمية في ريف حماه مقتل شخص جرّاء الاختلاف والمشاحنات الدائمة بين الناس للحصول على الماء نتيجة العطش الذي تعيشه المدينة منذ عدة أشهر. ولا يفوتنا طبعاً ازدياد علميات النهب والسرقة التي باتت شبه عادية بسبب نزوح السكان من بيوتهم في المناطق المتوترة، إضافة إلى عمليات الخطف والابتزاز التي طفت على السطح وصارت مسلكيات عادية لدى البعض من أجل الحصول على المال في ظل الفلتان الأمني وغياب سلطة القانون الذي ابتعد القيّمون عليه عن القيام بواجبهم في تلقي البلاغات وتنظيم الضبوط اللازمة من أجل معالجة تلك الحالات التي عاثت في المجتمع نهباً وقتلاً حتى لو وصلت لمبتغاها في قبض الفدية في كثير من الحالات التي سمعنا عنها في كل أرجاء البلاد، والتي قد لا يكون لها صلة بأي من أطراف النزاع الدائر اليوم. وأيضاً عمليات القتل التي تتم بهدف السرقة أو سواها من أهداف، فمؤخراً قام أحد أبناء منطقة السلمية وهو فتىً لم يبلغ سن الرشد بعد بقتل جديه من أجل الحصول على المال والذهب، مما أثار استهجان المجتمع وصدمته لتلك الحادثة الغريبة عنه.
في المنحى الرسمي: نجد أن حدّة القمع قد ازدادت بشكل ملحوظ وغير طبيعي أو مقنع بعد الأزمة، حيث صار الاعتقال والتوقيف شبه يومي وعادي في حياة الناس، مقابل التراخي والغياب عن المناحي الأمنية الضرورية للمجتمع في مثل الحالة السورية، حتى صرنا لا نلحظ أيّ دور فاعل لأقسام الشرطة المدنية أو المرورية في الأحياء والمناطق سواء الآمنة أو غير الآمنة. كل هذا يقابله تشدد حكومي في التعامل مع موظفي الدولة من حيث وجوب الالتزام بأوقات العمل الرسمية غير آبهين بالأوضاع الأمنية غير المستقرة في كثير من مناطق المدنية، ولا بكثافة الحواجز الأمنية/ العسكرية، ناهيك عن أزمة وعرقلة المواصلات التي باتت عبئاً يومياً يستنزف طاقات الموظف المادية والمعنوية والنفسية، حتى باتت تعليمات التقيّد بأوقات العمل والعقوبات الناجمة عن عدم التقيّد هي الشغل الشاغل للمدراء والمسؤولين، وكأنه ليست هناك أولويات أخرى تقتضيها الظروف الراهنة أكثر من الالتزام بساعات العمل الروتينية، مما جعل الأبواب مشرّعة أمام الدسائس والفتن بين العمال والموظفين انتقاماً فردياً من مواقف بعيدة عن العمل الوظيفي وعلاقاته، وهذا بالتالي قد يؤدي إلى تسريح العامل أو الموظف من عمله تبعاً للتعليمات الحكومية البيروقراطية المتشددة في ظل مناخٍ مشبع بالفساد والعنف.
إن صفة العنف السلوكي والأخلاقي التي يعيشها المجتمع السوري اليوم قد تضاعفت نتيجة الظروف والأزمات التي يعيشها بفعل كل ما تمّ ذكره، إضافة إلى عدم الاستقرار وما لحق به من نكبات قد آلمته كثيراً وحطّمت نسيج علاقاته وتفاعلاته نتيجة الحرب الدائرة وما تحمله من عنف وإجرام، حتى بات الإنسان السوري اليوم متخم بالكبت وبكل الأزمات التي أفقدته خاصية المرح والمودة والطيبة التي اتصف بها على الدوام، ما دفعه لأن يثور لأتفه الأسباب، وهذا ما جعل العنف السلوكي للأسف صفة لصيقة بالمجتمع.
فهل يعي المتحاربون فظاعة ما يرتكبون، ويعودون إلى رشدهم، وإلى وسائل أكثر سلمية من أجل الوصول إلى حلول تُرضي جميع الأطراف، لنعيد بناء سوريا الإنسان والحضارة.؟



#إيمان_أحمد_ونوس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المواطن السوري بين سندان الحكومة والتجار... ومطرقة الولايات ...
- القانون السوري يُجرّم الضرب... والعرف أقوى تجاه المرأة
- أمريكا.. نشوء دامي وتاريخ إجرامي ما زال مستمراً
- متى يتنحى العرف أمام القانون..؟
- قانون مكافحة الدعارة في مجتمع يعجُّ بها بأشكال متعددة...
- تمييز لا إنساني ضدّ المرأة والطفل في قانون الجنسية السوري
- تعديل قانون الأحوال الشخصية فيما يخص قضايا المرأة
- تعديل قانون الأحوال الشخصية ضرورة يفرضها الواقع
- لنجدد المطالبة برفع التحفظات عن السيداو
- المجتمع السوري.. والحاجة إلى إعادة التأهيل
- كيف نتصدى للأزمة والغلاء وجشع التجّار؟
- الحكومة تُدربنا على رفع الدعم..!!!!
- في عيد العمال العاملة السورية بين الواقع والتحديات
- الاغتصاب أحد أسلحة الحروب تداعياته.. وآلية التعامل مع الضحاي ...
- الأمم المتحدة تُقرُّ إعلاناً لإنهاء العنف ضدّ النساء والعنف ...
- قضايا المرأة في بوتقة الشأن العام فلتكن حاضرة في كل تحرّك وط ...
- أمهات سوريا.. وقفة خشوع لصبركن العظيم
- شروخ الأزمة السورية تنتهك كيان الأسرة
- في عيد المرأة.. نساء بلادي المعمّدة بالدم يتشحن بالذلّ والحز ...
- أخلاقيات مشوّهة في أزمات قاتلة


المزيد.....




- كاميرا مراقبة ترصد لحظة اختناق طفل.. شاهد رد فعل موظفة مطعم ...
- أردوغان وهنية يلتقيان في تركيا السبت.. والأول يُعلق: ما سنتح ...
- صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لضحايا القصف الإسرائيلي
- الدفاع الروسية تكشف خسائر أوكرانيا خلال آخر أسبوع للعملية ال ...
- بعد أن قالت إن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في غزة.. أستاذة جا ...
- واشنطن تؤكد: لا دولة فلسطينية إلا بمفاوضات مباشرة مع إسرائيل ...
- بينس: لن أؤيد ترامب وبالتأكيد لن أصوت لبايدن (فيديو)
- أهالي رفح والنازحون إليها: نناشد العالم حماية المدنيين في أك ...
- جامعة كولومبيا تفصل ابنة النائبة الأمريكية إلهان عمر
- مجموعة السبع تستنكر -العدد غير المقبول من المدنيين- الذين قت ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إيمان أحمد ونوس - هل بات العنف سمة المجتمع السوري اليوم.؟