أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - غسان صابور - حالتنا اليوم... نكبة!!!...















المزيد.....

حالتنا اليوم... نكبة!!!...


غسان صابور

الحوار المتمدن-العدد: 4232 - 2013 / 10 / 1 - 14:12
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


حــالــتــنــا الــيــوم... نــكــبــة.

أخي ! مَنْ نحنُ ؟ لا وَطَنٌ ولا أَهْلٌ ولا جَار
إذا نِمْنَا ، إذا قُمْنَا رِدَانَا الخِزْيُ والعَارُ
لقد خَمَّتْ بنا الدنيا كما خَمَّتْ بِمَوْتَانَا
فهات الرّفْشَ وأتبعني لنحفر خندقاً آخَر
نُوَارِي فيه أَحَيَانَا
ميخائيل نعيمة
******************
كلما قرأت خبرا.. أو شاهدت صورا عما يحدث من قتل وخراب وفظائع وترويع, في بلد مولدي ســــوريــا, أعود لهذا المقطع الأخير من القصيدة التي كتبها الشاعر المهجري الكبير ميخائيل نعيمة, في بداية القرن الماضي... وأعيد قراءتها بصوت عال لوحدي.. وأكبت ألمي وأتذكر بلدي... بالرغم من أنــه لم يعان آنذاك ما عانى.. منذ هذه السنوات الثلاثة الماضية. ورغم ما عــاش من تجويع وترويع عثماني بتلك الأيام.. حسبما كانت ترويه لنا جدتي. ولكن ما رأيناه, بهذه السنوات الأخيرة, وما فعله هؤلاء المحاربون الغرباء من تفظيع ضد السوريين الآمنين.. ومــا فعله سوريون ضد سوريين, لا يقبله أي عقل إنساني.. ولا أي تحليل بسيكولوجي لإنسان طبيعي.. لم أكن أتصور أن ســوريــا التي عاشت وقاومت وطورت الغزاة الذين عبروا أراضيها وغزوها وغادروها.. أو استوطنوا فيها نهائيا... يمكن لها أن تتدمر بهذا الشكل. بغالب مدنها وقراها... وأن يتمزق شعبها بهذا الشكل.. وأن يـنـخـر عظامها الغيبيات والسحرة وتجار الدين والطائفية.. ويجمد التحجر عقول بعض أبنائها.. وأن يقتل بعضهم البعض, تحزبا لإله غريب.. لم يطالبهم بأي شــيء.. ولست أدري إن كان سوف يسامحهم عن كل الجرائم النكراء التي ارتكبوها بحق أهلهم ووطنهم.. وما خربوه من أرضهم.
أقارن بحسرة وألـم ما أصاب هذا البلد من مئات السنين.. من نكبات ومظالم وتمزقات وآلام وجراح مختلفة. وما أصابها من فظائع وترويع وقتل وتقتيل, خلال السنوات الثلاثة الماضية. فلا أرى أي تشابه بكل هذه الأحداث الأليمة التاريخية, مهما حملت من أهوال ونكبات, مثلما أصابها منذ سنة 2011 حتى هذه الساعة.. أو ما سمي انتفاضة.. أو الربيع العربي... ســموها ما تشاءون.. ولكنها كانت نكبة النكبات.. وعتمة الظلمات.. بلا نهاية... لأننا لا نعرف ولن نعرف متى سوف تنتهي.. ومتى سوف تعود أولى بوادر النور والسلام والطمأنينة... لأنها أصيبت بسرطان الأحقاد الطائفية... وأصبحت حربا تحمل أعلام الآلهة والدفاع عن الدين... وإنــقــاذه من الــكــفــار الآخــريــن. لأنه بهذه الحرب الغبية.. وكل الحروب غبية.. كان الآخر دوما هو الكافر...حتى جاءنا مئات آلاف المحاربين, يريدون باسم الله إنقاذنا من الكفر والزندقة. وحتى قتلنا إكراما لهذا الإله الذي احتكروه لغاياتهم, ومطامعهم ولذاتهم بالقتل والقنص والاغتصاب... وهذا أعقد الأمراض وأصعبها... الحقد الديني. هذا المرض الذي إذا انتشر بين شعوب المشرق والعالم العربي والعالم الإسلامي...أنــهــكــهــا..قــتــلــهــا.. وأباد كل كيانها وقواعدها.. لمئات السنين القادمة.. بلا أي أمل من شفائه... وعن هذه الجملة المتفجرة سوف يرد على صديق عتيق غاضب... أن الإيرلنديين تحاربوا بين كاثوليك وبروتستانت 150 سنة... فجوابي له أن هؤلاء قد تصالحوا أخيرا.. بعد أن تعبوا من تفجير بعضهم البعض... ونحن ما زلنا نبحث عن موت الآخر.. بلا هوادة... وبغداد الجريحة تشهد لي مؤكدة كلماتي.. بــاكــيــة.. حــزيــنــة....
انظروا يا أصدقائي.. يا أحبائي.. ماذا أصاب العراق... بلد لم يـشـف من هذا الداء... وكيف يقتل أبناؤه بعضهم بعضا... فاقدين عراقيتهم.. فاقدين حضارتهم وإنسانيتهم... أنــظــروا إلى مــصــر... وكيف ينظر المصريون لبعضهم البعض بحذر.. والقتل على الهوية.. كيف انفجر السودان وشطر بسيف الدين نصفين لن يلتقيا... تذكروا حرب لبنان الأهلية الطائفية.. ورغم نهاية حربهم.. ما زالت حربهم مستمرة.. وما يتفجر على الأرض السورية اليوم.. هل هو شــيء آخــر سوى حــرب غبية طائفية... يقتل فيها سوريون سوريين عاشوا مع بعضهم بأمان وأخوة قومية من مئات السنين... حتى نخر عظامهم وفكرهم العفن والغباء والحقد الطائفي. حــقــد حــركــه وفــجــره عقل مدبر آثــم.. سواء من فقهاء محليين, في قلوبهم حقد نائم من مئات السنين.. وتجار غرباء تخصصوا في الحرب والموت والفتنة... وعندما يتشارك الفقيه والتاجر. تغلق أبواب السماء.. وتفتح أبواب جهنم.. وسيد الأرض يبقى الموت والخراب والدماء والعتمة والظلام.. بلا حدود.. ولا فكر.. ولا أمل.
**************
في البلد الفرنسي الذي أعيش فيه من خمسين سنة, تعيش جالية سورية كبيرة. منها من جاء هنا قبلي.. ومنها من وصل بدفعات متتالية, حسب الواقعات السياسية والاجتماعية والاقتصادية... وأخر دفعاتها المهاجرة من منتصف السنة الماضية وحتى هذا اليوم.. بطرق مختلفة متفرقة.. رغم صعوبات الحصول على فيزا وتحمل نفقاتها الباهظة.. وتكاليف الهجرة النهائية وضائقاتها المتنوعة...
كــنــا نعيش مع بعضنا, بتآلف وأخوة ووفاق ومساعدة واختلاط أخوي قومي, أكثر مما كنا نعيشه سنوات النور والخيرات والوفاق والمحبة المشتركة في بلد مولدنا... بيننا الجامعيون والأطباء والتجار والموظفون والعمال... عشنا زمنا بوفاق تام.. وأسسنا روابط اجتماعية وثقافية ومؤسسات ناجحة مع بعضنا غالبا.. ومع الفرنسيين.. وكسبنا منهم معرفة وعلما.. وكسبوا منا ثقافة وأدبا وتهذيبا.. وأصبحنا خلال سنين طويلة, أرقى وأفضل الجاليات الأجنبية في ســلة المجتمع الفرنسي.. سياسيا واجتماعيا. ولكن... ويا ألف حسرة فيما بعد... لما انفجرت الأحداث السورية.. انفجرت هذه الجالية كليا... وتقوقعت إثنيا.. طائفيا.. وحتى في بعض الحالات.. حسب الشارع من أية مدينة ولدنا فيها.. في ســـوريــانا المريضة المتفجرة المنكوبة.. نعيش أحداثها.. طائفيا.. عشائريا.. إثنيا... بنفس الغباء الذي انفجرت به الأحداث في مدننا وبلدنا ووطننا الذي كنت أظن وأعتقد وتربيت وآمنت, أن قواعده السليمة أقوى وأنقى وأحلى وأصفى, من جميع الديانات والإثنيات التي عبرت بـه خلال آلاف السنين الماضية... فظهرت بهذه الجالية التي كنت أظنها قوية مكتملة رائعة متراصة متكاملة موحدة... ظهرت فيروسات ســرطانية, وكشرت عن أنيابها الصفراء التي تحمل كل علامات الأمراض الاجتماعية... وخاصة بالأوســاط التي كنت أظنها زبدة الفكر والتطور والحكمة... لأنها تبينت على حقيقتها الباطنية المستورة المطلية بالسواد... حــاقــدة.. طــائــفــيــة...إثــنــيــة. تكره الآخر ولا تقبله, كائنا من كان.. على الهوية... فتقوقع غالب هذه الجالية.. داخل الجدران.. بحلقات معتمة تستعمل ازدواج الرأي والتعبير... ولم نستطع حتى كتابة بيان ندعو بــه إلى وقف الحرب في سوريا وضد سوريا... دون الالتزام بأية سلطة أو معارضة. لأننا لم نستطع حتى النقاش بأبسط الكلمات الحيادية عن الأزمة السورية.
لهذا السبب يزداد يأسي, بما يجري.. وما سيجري على الأرض السورية... وعن صعوبة واستحالة الحلول السورية ــ السورية... بعدما كل ما زرع من حقد وضغينة وتمزق طائفي بغيض...
كيف يمكن أن نجد حلولا وسلاما ومفاوضات... إذا كان بين العقول والمفكرين المهجريين, والسياسيين والمثقفين الذين يعيشون بهدوء وسلام وأمان خارج الوطن المنكوب... هذا التحجر وهذا الجمود الفكري الطائفي.. ولا نجد وسيلة للنقاش والتفاهم بين سوريين وسوريين.. وتطفو دوما بيننا النعرات والانكماشات والانقباضات والقوقعات الطائفية على سطح أية محاولة نقاش هادئ سلمي منطقي معقول...
يــأسـي ممزوج بالدم والألم... وأريد أن أبكي على بلدي مع الرائع ميخائيل نعيمة...
لأنني أحب ســـوريــا... وأريدها أن تحيا.........
بــــالانــــتــــظــــار......
للقارئات والقراء الأحبة كل مودتي وصداقتي والتزامي معهم.. واحترامي.. وأصدق تحية مهذبة.. حــزيــنــة.
غـسـان صــابــور ـــ لـيـون فــرنــســا



#غسان_صابور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- توقف الضرب؟؟؟...لمتى؟؟؟...
- صديقتي.. وخلافاتنا المتوازية...
- خطاب أوباما.. وبعده خطاب هولاند في الأمم المتحدة
- تحية من الفكر والقلب إلى.. جوليا بطرس
- الدكتور هيثم مناع.. وجنيف 2.. والبابا فرانسوا
- الماريشال فرانسوا هولاند...
- الكاهن.. فيسبوك.. وأنا...
- جنيف 299
- هل تسمعنا المحاكم الدولية.. والمنظمات الحقوقية.. وهل تعدل؟؟؟ ...
- نداء إلى أحفاد الفريد نوبل
- رضاهم علينا... وأشياء أخرى...
- حوار.. أو لاحوار.. و حالات عربانية
- رأي شخصي.. دفاعا عن جهاد مقدسي
- جواب على تفسيرات ومعاتبات سورية
- أتصور المستقبل يا بلد مولدي.. سوريا
- أوباما يستجدي إسرائيل
- صلاة من أجل سوريا
- برنار هنري ليفي (مكرر)
- حرب الإشاعات.. والعد التراجعي.
- نتف الزهرة.. ومستقبل سوريا...


المزيد.....




- وحدة أوكرانية تستخدم المسيرات بدلا من الأسلحة الثقيلة
- القضاء البريطاني يدين مغربيا قتل بريطانيا بزعم -الثأر- لأطفا ...
- وزير إسرائيلي يصف مقترحا مصريا بأنه استسلام كامل من جانب إسر ...
- -نيويورك تايمز-: الولايات المتحدة تسحب العشرات من قواتها الخ ...
- السعودية.. سقوط فتيات مشاركات في سباق الهجن بالعلا عن الجمال ...
- ستولتنبرغ يدعو إلى الاعتراف بأن دول -الناتو- لم تقدم المساعد ...
- مسؤول أمريكي: واشنطن لا تتوقع هجوما أوكرانيا واسعا
- الكويت..قرار بحبس الإعلامية الشهيرة حليمة بولند سنتين وغرامة ...
- واشنطن: المساعدات العسكرية ستصل أوكرانيا خلال أيام
- مليون متابع -يُدخلون تيك توكر- عربياً إلى السجن (فيديو)


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - غسان صابور - حالتنا اليوم... نكبة!!!...