أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هدى الشاهد - مجلس الشورى المصرى: مغايرة التشكيل وتوازن الاختصاصات كضرورة للاستمرار















المزيد.....

مجلس الشورى المصرى: مغايرة التشكيل وتوازن الاختصاصات كضرورة للاستمرار


هدى الشاهد

الحوار المتمدن-العدد: 4232 - 2013 / 10 / 1 - 08:39
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تأخذ أغلب الدساتير المعاصرة في تركيبة برلماناتها بأحد نظامين: نظام المجلس الواحد، حيث يختص مجلس وحيد بالسلطة التشريعية. ونظام المجلسين، حيث يتشكل البرلمان من مجلسين، يحمل كل منهما اسما يغاير اسم المجلس الآخر. وغالبا ما يتم في معظم البرلمانات التي تضم مجلسين تشكيل المجلس الأول بالانتخاب المباشر، فيأتي متسما بطابعاً جماهيرياً؛ لذا يعرف إصطلاحا بـ"المجلس الأدنى" نسبة إلى قربه من الجماهير. فيما قد يتشكل المجلس الثانى عن طريق الانتخاب المباشر (كما هو الحال في اليابان، والولايات المتحدة)، أو الانتخاب غير المباشر أو المشروط (كما هو الحال في فرنسا، وألمانيا) أو حتى بالتعيين (كما هو الحال في بريطانيا حيث يتشكل المجلس بطريق الورثة والتعيين الملكى لمدى الحياة)، ونظرا للطبيعة النخبوية للمجلس الثاني -حيث تأتي تركبيته عادة بنخب فكرية ومهنية في مختلف المجالات والتخصصات- فقد أصطلح على تسميته بـ "المجلس الأعلى".
أولاً: مبررات الأخذ بنظام المجلسين
يثور الخلاف بين الفقهاء حول جدوى نظام المجلسين (أو البرلمان ذو الغرفتين) وضرورة العمل به في الدول البسيطة أو الموحدة (حيث يكون للدولة سلطة واحدة، ويكون شعبها وحدة بشرية متجانسة تخضع لدستور واحد وقوانين واحدة داخل إقليم الدولة) مقابل وجوده في الدول الفيدرالية أو الاتحادية (وهى دول مركبة تتجزأ فيها سلطة الدولة – بحسب نوع الاتحاد المتفق عليه- بين هيئات مختلفة مركزية ومحلية ولا يخضع شعبها بذات الدرجة لهذه السلطات المتعددة). فبينما يعتبر البعض نظام المجلسين ضرورة للدول الاتحادية ينكر آخرون على الدول البسيطة الأخذ بذلك النظام. وبغض النظر عن نمط الدولة ينقسم المحللون حول مبررات الأخذ بنظام المجلسين بين اتجاهين أساسيين:
- اتجاه معارض: يرى أن المجالس العليا ما هي إلا تزيُد لا مبرر له، يحتجون في ذلك بأنه كثيراً ما يؤدي وجود مجلسين للبرلمان –بحسب وجهة نظرهم- إلى التعارض وإطالة مدة النقاش بالمجلسين.
- اتجاه مؤيد: يرى أن أهمية الأخذ بنظام المجلسين لا تعود إلى أسباب تاريخية فقط وإنما تعود إلى أسباب سياسية أيضا تتعلق بما استطاعت البرلمانات المكونة من غرفتين من تحقيقه على مدى تاريخها وتطورها.
وبصورة عامة، يجد نظام المجلسين مبررات الأخذ به في ضوء عدد من الاعتبارات تتمثل فيما يوفره ذلك النظام من مزايا متعددة لعل أهمها:
1-رفع مستوى كفاءة البرلمان: فمن المعروف أن نتائج الاقتراع المباشر-الذى تتشكل عن طريقه أغلب المجالس الدنيا- ترتهن بإرادة الناخبين، الأمر الذي قد لا ينتج عنه تركيبة عضوية تتمتع بالمهارات والكفاءات الضرورية لمباشرة مهام العمل البرلماني، فعلى الرغم من النظر إلى الاقتراع المباشر على أنه ضمانه مهمه لتشكيل برلمانات "ممثلة" لجمهور الناخبين، إلا أنه قد لا يضمن بالضرورة نجاح أصحاب الكفاءات الملائمة في الفوز بعضوية البرلمان. وهنا تأتي أهمية وجود مجلس ثاني تلافي تركيبته قصور تركيبة المجلس الأول على صعيد الكفاءات الضرورية المطلوبة لمباشرة العمل البرلماني على نحو كفء وفعال، وذلك من خلال إقرار شروط معينة في أعضاء المجالس العليا (مقارنة بنظيرتها الدنيا) تؤمن لها تركيبة عضوية مؤهلة من أهل التخصص والخبرة قد لا تستطيع المنافسة في أجواء شعبوية.
2-تجويد التشريعات: فنظريا يضمن نظام المجلسين إتقان العمل التشريعي وعدم صدور أى تشريع إلا بعد دراسته ومناقشته من قبل كلا المجلسين مما قد يساعد في تلافي الأخطاء التي يمكن أن تقع من أحدهم في هذا الخصوص، فإذا ما أخطأ أحد المجلسين أو تسرع أو تأثر بأوضاع عابرة خلال عملية وضع أحد التشريعات يصبح تدخل المجلس الثاني ضرورة لتصحيح ما قد يشوب ذلك التشريع من نواقص.
3- تلطيف النزاعات المحتملة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية: إذ يساعد نظام المجلسين في التخفيف من حده النزاعات بين أى من المجلسين من ناحية والحكومة من ناحية أخرى، وذلك من خلال ما يمكن أن يقوم به المجلس غير الطرف في النزاع من دور في التوفيق أو حتى دعم مركز أحد الطرفين، الأمر الذي قد يدفع بالطرف الآخر في النزاع –سواء كان المجلس الأخر أو الحكومة- ليخفف من حده موقفه أو حتى التراجع عنه، ومن ثم ترجيح كفة التحكيم الودي بين سلطتيْ الدولة وذلك على عكس الحال في نظام المجلس الواحد الذي غالباً ما تمر فيه العلاقة بين السلطتين بأزمات سياسية مختلفة. فضلا عن ذلك يساعد نظام المجلسين في خلق نوع من التوازن بين السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية، فإذا ما اجتمع المجلسان على رأى واحد مقابل رأى السلطة التنفيذية فإنه يمكن الاعتاد به كقرينة على صحة رأى السلطة التشريعية ومن ثم دفع السلطة التنفيذية إلى الانصياع لرأى نظيرتها التشريعية.
4- تقليل احتمالات استبداد البرلمان: فنظريا يحول نظام المجلسين دون استبداد أحدهما في استخدام صلاحياته، إذ يستطيع كل مجلس أن يراجع الآخر ويضمن عدم تجاوزه حدود صلاحياته الدستورية.
5- ديمومة انعقاد البرلمان: وهو ما يتحقق بفضل عدم تزامن مدة انعقاد المجلسين، فإذا ما انتهت مدة انعقاد أحدهما يظل الآخر منعقدا ومن ثم لا تكون هناك حالة من الفراغ النيابى أو فترة تخرج فيها أعمال الحكومة عن نطاق الرقابة البرلمانية.
6- مستوى أفضل من التمثيل للرأى العام: وهو ما يمكن أن يحققه نظام المجلسين عن طريق تبني نظام انتخابي للمجلس الأعلى يسمح بتمثيل متوازن لمختلف اتجاهات الرأى العام كأن يتم مثلا تخصيص حصص في عضويته لتمثيل الأقليات الاجتماعية والجماعات الأساسية المكونة لنسيج الدولة.

وعلى الرغم من المزايا السابقة كأسس للأخذ بنظام المجلسين، إلا أن الاستفادة الحقيقية من ذلك النظام مرهونة بتوفر شرطين أساسيين:
- الشرط الأول: اختلاف تركيبة عضوية المجلسين، بمعنى أن تأتي شروط تشكيلهم بما يضمن ألا تكون عضوية كل مجلس صورة طبق الأصل من الأخر.
- الشرط الثاني: تساوي أو على الأقل توازن صلاحيات المجلسين على صعيد الاختصاص التشريعي؛ كأن تكون للمجلس الأعلى -على الأقل- سلطة الموافقة على التشريعات التي يصدرها المجلس الأدنى.
ثانيا: نظام المجلسين في الخبرة المصرية
أخذت مصر بنظام المجلسين في ظل دستور 1923 حيث كان البرلمان يتكون من مجلس الشيوخ ومجلس النواب. لكنها عدلت عنه وعادت إلى نظام المجلس الواحد مع دستور 1956 ودستور 1958 المؤقت ودستور 1964. ثم عادت إليه مرة أخرى مع عام 1980 بموجب ما تم إدخاله على دستور1971 من تعديلات بهذا الشأن.
استمر العمل بنظام المجلسين بعد قيام ثورة الخامس العشرين من يناير 2011، وذلك بموجب الإعلان الدستوري الصادر عن المجلس الأعلى للقوات المسلحة (بصفتها القائم على إدارة شئون البلاد بعد الثورة) فى 30 مارس 2011 عقب تعطيل العمل بدستور 1971. وكان من المقرر لنظام المجلسين أن يستمر بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير بموجب دستور 2012، حتى تم تعطيل العمل به مؤخراً اعتبارا من 3 يوليو 2013 تراتبا على أحداث 30 يونيه 2013. ولم يتطرق الإعلان الدستورى الصادر عن الرئيس المؤقت للدولة بتاريخ 8 يوليو 2013 إلى المسألة الخاصة بتكوين البرلمان (مجلس واحد أم مجلسين) حيث اكتفى بالإشارة إلى تولي رئيس الدولة سلطة لحين انتخاب المجلس الأدنى "مجلس النواب" دون إشارة إلى المجلس الأعلى "مجلس الشورى". وبموجب نص الإعلان الدستوري ذاته شكل رئيس الدولة لجنة من عشرة خبراء لإدخال تعديلات على دستور 2012 المعطل، تعرضها فور الانتهاء منها على لجنة أخرى مؤلفة من خمسين عضوا يمثلون كافة فئات المجتمع وطوائفه وتنوعاته السكانية. وقد جاءت المسودة الآولية للدستور الصادرة عن لجنة العشرة في أغسطس 2013 -والمطروحة أمام لجنة الخمسين- لتضع نهاية لنظام المجلسين حيث اقترحت ضمنا إلغاء مجلس الشورى وذلك بنصها على أن تتشكل السلطة التشريعية من مجلس وحيد هو مجلس الشعب.
وبغض النظر عن تركيبة مجلس الشورى التي كانت تتيح لرئيس الجمهورية تعيين ثلث أعضائه- ثم تقليص هذا العدد إلى عُشر الأعضاء بموجب دستور 2012 المعطل- والتي تجعل من ذلك المجلس أداة طيعة في يد من يملك سلطة التعيين، لم يتمتع مجلس الشورى منذ إعادته للحياة البرلمانية في عام 1981 وحتى عام 2007 إلا بسلطة محدودة اقتصرت إلى حد كبير على إبداء الرأى (غير الملزم) في مشروعات القوانين المكملة للدستور، الأمر الذي شهد تطوراً نسبياً بفضل تعديلات عام 2007 على دستور 1971 حيث باتت موافقة مجلس الشورى "واجبة" على الاقتراحات الخاصة بتعديل مادة أو أكثر من مواد الدستور، وعلى مشروعات القوانين المكملة للدستور، وعلى معاهدات الصلح والتحالف وجميع المعاهدات التى يترتب عليها تعديل في أراضى الدولة والتي تتعلق بحقوق السيادة. ثم جاءت الفترة اللاحقة لثورة الخامس والعشرين من يناير 2011 بتطور أخر ملموس على حدود دور مجلس الشورى -لاسيما بعد إقرار دستور 2012- حيث باتت موافقته على إعلان حالة الطوارىء "واجبة" في حالة غياب مجلس الشعب، و"واجبة" على قرار رئيس الجمهورية بتعيين وعزل رؤساء الأجهزة الرقابية والهيئات المستقلة حتى أن الدستور ذاته (دستور 2012) أعطى صلاحية استثنائية لمجلس الشورى القائم آنذاك بتولي سلطة التشريع كاملة من تاريخ العمل بالدستور حتى انعقاد مجلس النواب الجديد (وهو مجلس الشعب بعد تغيير تسميته بموجب دستور 2012 المعطل) لتنتقل السلطة التشريعية كاملة إليه فور انتخابه ولحين انتخاب مجلس شورى جديد. وبالفعل استقرت سلطة التشريع في يد مجلس الشورى بعد حل أول مجلس شعب منتخب بعد ثورة يناير 2011 بموجب حكم قضائي لعدم دستورية قانون الانتخابات، واستقرت في حوزته منذ إقرار دستور 2012 حتى تم تعطيله في 3 يوليو 2013 وتم حل مجلس الشورى أيضا بعد ذلك مباشرة بموجب الإعلان الدستوري الصادر في 8 يوليو 2013.
ومرة أخرى تزامن تعطيل الدستور المعمول به واخضاعه للتعديلات تمهيداً للخروج بمشروع دستور جديد، مع تجدد الجدل حول تركيبة البرلمان المصري، وحول ما إذا كان من الضرورى أن ينهى الدستور المقترح –كما أقرت مسودته الأولى الصادرة عن لجنة العشرة والمطروحة أمام لجنة الخمسين- العمل بنظام المجلسين ليقر تشكيل البرلمان من مجلس واحد أم يستمر في إقرار ثنائيته ويبقي على مجلس الشورى إلى جانب مجلس الشعب!. ومرة أخرى، تباينت الآراء بهذا الشأن بين اتجاهين رئيسيين:
- اتجاه معارض يطالب بإلغاء مجلس الشورى من الحياة السياسية، محتجا بعدم جدواه، وتوفيراً لميزانية الدولة؛ محتجا فى هذا الشأن بأن اختصاص مجلس الشورى لا يجعله يتجاوز كونه مجلس استشاري، محض مهمته الدراسة والاقتراح وإبداء الرأى في الموضوعات الداخلة في نطاق اختصاصاته، ولا يملك سلطة التقرير في الشئون التشريعية، أو حتى أدوات رقابية مناسبة لمحاسبة الحكومة، حتى أن فريق من أنصار هذا الاتجاه يذهب إلى حد القول أن الدافع من الإبقاء على مجلس الشورى يكمن فى إيجاد هيئة "مالكة للصحافة القومية"، ومن ثم فهو لا يمثل من وجهة نظرهم مجلس ثان للبرلمان المصري.
- اتجاه مؤيد لاستمرار مجلس الشورى، ويرى أنصاره في وجود مجلس الشورى إلى جوار مجلس الشعب أمر ضرورى، مع اعترافهم بالحاجة إلى تطوير أداء مجلس الشورى ليتلاءم مع المتغيرات السياسية والاقتصادية التي باتت تملي ضمانات معينة للعملية التشريعية لتؤدي دورها في المجتمع على أكمل وجه. ويستند أنصار هذا الاتجاه في حجتهم إلى أمرين: أولهما أن هناك العديد من القوانين التي قضت المحكمة الدستورية بعدم دستوريتها مثل قانون الجمعيات الأهلية نظراً لعدم عرضها على مجلس الشورى، والأمر الثاني خاص بالصلاحيات الجديدة التي أضفتها عليه التعديلات الدستورية في مارس 2007، ومن بعده دستور 2012 المعطل على دور مجلس الشورى. ومن ثم يفضل فصيل عريض من أنصار هذا الاتجاه العمل على توسيع الصلاحيات التشريعية لمجلس الشورى ليكون دعما لمسيرة الحياة التشريعية في مصر بدلا من إلغائه.
وفى ضوء الحجج المناصرة والمناهضة لاستمرار مجلس الشورى ضمن هيكل البرلمان المصري، وهو الأمر الذي يقع على لجنة الخمسين -المكلفة بتطوير مسودة الدستور الجديد للعام 2013- حسمه، يظل السؤال المطروح هو: "هل مصر تحتاج إلى برلمان من مجلسين أم من مجلس واحد؟"
تتطلب الإجابة على هذا السؤال بداية التمييز بين مجلس الشورى كمؤسسة تشريعية وبين أدائه في الخبرة المصرية والذي يمكن وصفه -في مجمله- بالضعيف.
فبغض النظر عن مستوى أدائه، قد يجد مجلس الشورى سند وجوده كمؤسسة تشريعية موازنة لمجلس الشعب في ضوء اعتبار أساسي يتعلق بطبيعة النظام الانتخابي القادم، وما إذا كان سيتم إقرار الانتخاب بالنظام الفردي أم بنظام القائمة. إذ يرى المحللون أن التخلي عن نظام المجلسين (بإلغاء مجلس الشورى) مع الأخذ بنظام الانتخاب الفردي في اختيار أعضاء مجلس الشعب يمكن أن يؤدي في نهاية الأمر إلى سيطرة الحكومة على البرلمان وتحوله الى برلمان خدمي لا تشريعي؛ حيث إن نظام الانتخاب الفردي يعني أن يتكون مجلس الشعب من أفراد (مستقلين) وليس من كتل حزبية، ومن ثم فلن تكون داخله أغلبية برلمانية واضحة أو مستقرة، وبالتالي سوف يغير العضو مواقفه حسب تفاهماته مع الحكومة التي ستظل الطرف الأقوى لما لديها من موارد وسلطة قد يحتاجها العضو ليحافظ على شعبيته بين ناخبيه، وبالتالي قد لا يهتم بعمل المجلس أو بالتشريع مما يجعل الحكومة أكثر استفراداً بالحكم، وهنا تأتي أهمية وجود مجلس ثان كضمانة للاستقرار السياسي والكفاءة التشريعية، الأمر الذي يتوقف تحققه على مدى المغايرة في تركيبة المجلسين من ناحية بحيث لا يصبح كلاهما صورة من الأخر، ومدى التوازن المحقق بينهما في الاختصاصات والصلاحيات من ناحية أخرى.
ثالثًا: مغايرة التركيب وتوازن الاختصاص التشريعي كعنصر حسم
تتوقف الاستفادة من نظام المجلسين في ضوء اعتبارات مغايرة التركيب وتوازن الاختصاص بما يضمن ألا يكون أحد المجلسين صورة طبق الأصل من الآخر وإلا انتفت الحكمة من وجودهما معا، وهو ما يمكن توضيح المقصود به على النحو التالي:
1- المغايرة في تركيبة المجلسين: وتكون من حيث طريقة التشكيل، وعدد الأعضاء، والشروط الواجب توافرها فيهم... إلخ وذلك على النحو التالي:
- مغايرة التشكيل: كأن يتشكل المجلس الأدنى بطريقة الانتخاب الشعبي المباشر (على اعتبار أنه ممثل الشعب والمعبر عن إرادته)، ويتشكل المجلس الأعلى بطريقة مغايرة. وتختلف الدول في طريقة تشكيل المجالس العليا: فقد تجعله بعضها بطريقة التعيين ولمدة محدودة (كما هو الحال في مجلس الشورى البحريني ومجلس الأعيان الأردني)، وفي حالات أخرى يكون التعيين مدى الحياة (كما هو الحال في عضوية بعض أعضاء مجلس اللوردات في بريطانيا)، وتذهب دول أخرى إلى تشكيله بطريقة الانتخاب غير المباشر (أى انتخابه من قبل هيئة انتخابية خاصة)، فيما تذهب بعض الدول إلى الجمع في تشكيله بين طريقتيْ التعيين والانتخاب (حيث يقوم الشعب بانتخاب بعض أعضائه على أن تتولى السلطة التنفيذية تعيين الآخرين، وذلك على شاكلة حالة مجلس الشورى المصرى)، وقد تتجه بعض الدول إلى تبني أسلوب الانتخاب المباشر في اختيار أعضاء المجلس الأعلى شأنه فى ذلك شأن المجلس الأدنى ولكن مع تبني شرط مغايرة لأعضائه.
- المغايرة في تركيبة العضوية: بمعنى تباين المجلسين من حيث عدد أعضاء كل منهما (فعادة ما تتجه معظم الدول إلى إقرار عدد أكبر من الأعضاء للمجلس الأدنى مقارنة بعدد أعضاء المجلس الأعلى)، وكذلك تباين المجلسين من حيث الشروط اللازم توفرها في أعضائهم (فغالبا ما تكون الشروط المطلوبة في أعضاء المجلس الأدنى أيسر وأسهل من الشروط اللازم توفرها في أعضاء المجلس الأعلى؛ كأن يكون سن العضو ومستواه التعليمي بالمجلس الأدنى أقل من نظيره بالمجلس الأعلى).
2- توازن اختصاصات المجلسين: حيث يحتم تفعيل نظام المجلسين وجود صلاحيات –تشريعية على الأقل- حقيقية في يد كلا المجلسين ليوازن بها كل مجلس صلاحيات الآخر. وهنا تجدر الإشارة إلى ميل الكثير من الدول التي تتبنى نظام المجلسين نحو تحقيق المساواة بين غرفتيْ البرلمان في الوظيفة التشريعية دون الوظائف البرلمانية الأخرى لاسيما الوظيفة الرقابية فتميز بينهما فيها، مثلا تذهب مملكة البحرين إلى منح الوظيفة الرقابية إلى المجلس المنتخب دون غيره، فيتولى هذا المجلس ممارسة الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية، فهو الذي يقوم باستجواب الحكومة، ومساءلتها سياسيا، وسحب الثقة منها...

خلاصة ما سبق، أنه متى استقر للجنة الخمسين الإبقاء على تركيب البرلمان المصرى من مجلسين، وعدم إلغاء مجلس الشورى (كما هو مقترح بنص مسودة لجنة العشرة)، يكون عليها أن تضمن حدا أدنى من المغايرة في تركيبة المجلسين، والموازنة بين اختصاصاتهما بحيث تضمن أن يكمل المجلسين أحدهما الآخر، ويحول دون تحول أحدهما إلى أداة إضافية في يد الأغلبية التي قد تسيطر على أحدهما بدلاً من أن توازنه.



#هدى_الشاهد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاتحاد البرلمانى الدولى ودعم عمل البرلمانات الوطنية
- دساتير مصرية: نظرة مقارنة من دستور 1923 الى الاعلان الدستورى ...
- اللامركزية وإعادة هندسة الدولة
- اللامركزية.. قراءة نظرية فى الأبعاد والصيغ التنظيمية
- بناء القدرات المؤسسية للبرلمان: مقترح ثلاثى الأبعاد
- إشكاليات بناء قدرات مؤسسات البرلمانات العربية: مجلس الشعب ال ...
- بناء القدرات المؤسسية كمدخل للإصلاح البرلمانى


المزيد.....




- هارفارد تنضم للجامعات الأميركية وطلابها ينصبون مخيما احتجاجي ...
- خليل الحية: بحر غزة وبرها فلسطيني خالص ونتنياهو سيلاقي في رف ...
- خبراء: سوريا قد تصبح ساحة مواجهة مباشرة بين إسرائيل وإيران
- الحرب في قطاع غزة عبأت الجهاديين في الغرب
- قصة انكسار -مخلب النسر- الأمريكي في إيران!
- بلينكن يخوض سباق حواجز في الصين
- خبيرة تغذية تحدد الطعام المثالي لإنقاص الوزن
- أكثر هروب منحوس على الإطلاق.. مفاجأة بانتظار سجناء فروا عبر ...
- وسائل إعلام: تركيا ستستخدم الذكاء الاصطناعي في مكافحة التجسس ...
- قتلى وجرحى بقصف إسرائيلي على مناطق متفرقة في غزة (فيديو)


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هدى الشاهد - مجلس الشورى المصرى: مغايرة التشكيل وتوازن الاختصاصات كضرورة للاستمرار