أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جهاد علاونه - كل شيء مدهش ومثير














المزيد.....

كل شيء مدهش ومثير


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 4230 - 2013 / 9 / 29 - 14:33
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


كل شيء بالنسبة لي غير طبيعي وبحاجة إلى تفسير,والكون بالنسبة لي غير واضح المعالم وبحاجة إلى توضيح,والإنسان بالنسبة لي غامض جدا ما زال يحيرني وكل النظريات التي قرأتها عنه وعن أصل وجوده ومن أين منبعه ما زالت تلك النظريات لا تروي لي عطشي, أنا بردان جدا ودائما ما اشعرُ بالقشعريرة صباحا ومساء ولم أجد حتى اليوم ثوبا يحميني من لسعات البرد,أنا ظمآن جدا ولم أجد حتى اليوم ماء يروي لي عطش السنين, ومنذ أن وعيت على هذه الدنيا وأنا أعاني من شدة الجوع ولم أجد حتى اليوم طعاما يشفي لي جوعي أو يسكت لي بطني وأمعائي ,وما زلت أتصارع مع الأمعاء الخاوية,وما زلتُ أنظر إلى الكون بنظرة غرائبية بعيدة عن التفسيرات الطبيعية التي يؤمن فيها غالبية الناس, ومنذ أن وعيت على هذه الدنيا وأنا مريضٌ جدا ولم أجد حتى اليوم طبيبا يعالج ما بي من أمراض ولم أجد حتى اليوم دواءً يشفيني من آلامي ومن أوجاعي,وأنا محبط جدا ومنكسر النفس ومصاب إصابة بليغة في مشاعري وأحاسيسي ولا شيء يرضيني ولا شيء يرضي طموحاتي الكبيرة وهي عبارة عن قصة بحث عميقة في الكون أستكشفُ من خلالها سر وجودي ومعنى تواجدي في هذا الكون,وأيضا لم يشبع قلبي من الحب ومن النساء ولم أجد حتى اليوم امرأة تروي لي قلبي لتعطيني مزيدا من الحب والحنان الذي أعاني منه نقصا شديدا في الواقع المُستباح وفي مخيلتي التي تجمحُ بي ليل نهارٍ إلى عالمٍ فيه الزرقة وفيه الاخضرار,كل هذا وما زلت متلهفا وأبحثُ عن طرف خيطٍ يوصلني إلى حقيقة ما أبحث عنه.

وهذا الكون كله بالنسبة لي مدهش ومثير وغريب ومُستهجن,فلا أنظر إلى الطبيعة من حولي على أساس أنها شيء عادي بل شيء مثير جدا ومغري ومدهش للغاية,لذلك أندهش بالعالم وأنتم تندهشون من اندهاشي,ولا أنظر إلى الطبيعة على أساس أنني متفوقٌ عليها كما يشعرُ بذلك علماء (الإناسة) ولا أنظر إليها على أساس أنها تشاركني في كل خصائصي كما نظر إليها الإنسان البدائي في نهاية العصور الحجرية,أنا أنظر إليها بفطرة الإنسان الخائف,فطرة الإنسان الذي ما زال يشعر بالخوف كلما اقترب من بداية الليل,فأنا ما زلت مثل الأطفال أخاف أن أجلس في البيت وحدي وأخافُ من الخروج في الليل إلى الشارع وحدي,وما زلت حتى اليوم أبحث عن إنسانٍ آخر يكفلني ويعطيني أو يشعرني بالأمن والأمان, وما زلت متطفلا على الأدباء والشعراء والفلاسفة والكُتّابِ , أعيش عيشتهم وأحيى مثل حياتهم وكأني فعلا واحدا منهم,فأنا لستُ من الناس العاديين الذين لا ينظرون إليّ نظرة غريبة,فكل الناس ينظرون إليّ وهم يعتقدون بأنهم يعرفونني حق المعرفة,وهذا غير صحيح,فحتى أنا شخصيا ما زلت إلى اليوم أحاول أن أعرف نفسي ,وآكل من طعام الشعراء والفلاسفة والمؤرخين وأشربُ من شرابهم , وأنظرُ للكون مثل نظرتهم,آهٍ ما أصعبها من حياة,تلك الحياة التي كل شيءٍ فيها مثير ومدهش للغاية,وأحنُ إلى ما يحن إليه المفكرون والمبدعون,وكل شيء أراه أشعرُ فعلا وكأنني لأول مرةِ أراه وأشاهده,ما زلت ولدا يخلع حذاءه في الشارع ويمشي على الرصيف حافي القدمين,وما زلت أكتب الشعر الذي يكتبه الشعراء وأغني أجمل القصص والحكايات,ما زلت على فطرة الفلاسفة حائرا مثلهم وغير مقتنع بتفسيراتهم ونظرياتهم, ما زلت مثل(دون كيشوت) أعيش في عصرٍ ليس عصري وفي مكانٍ ليس مكاني,ومتزوجٌ من امرأة لا تصلح لي ولو كانت لغيري لعاشت هي وأولادها معه أفضل من عيشتها معي, أنا إنسانٌ مكبلٌ بالأسئلة الغامضة وكل شيء عندي(هجين) فحتى مقالاتي التي أنشرها كلما رجعتُ لقراءة واحدٍ منها أشعرُ وكأنني لأول مرة أشاهده وكأن الذي كتبه ليس أنا, أنا لست مغرورا بنفسي كما يدعي خصومي, ولا أنظر إلى نفسي نظرة نرجسية ولا أقف مزهواً بلوني وريشي كالطاووس, بل ما زلت أعانق الغيم في أحلامي وأمسح دمعتي بخرقة من القماش جافةٍ وأتوسل إلى الله كي يعطيني عمرا جديدا أبدأ فيه قصة حياتي من جديد متفاديا كل الأخطاء التي وقعتُ فيها.

كل شيء في هذه الدنيا يثيرني من جديد ويحفرُ في أعماقي كما تحفر الهمرات(الشواكيش) في داخل الصخور,وكل شيء يحدث حولي يستفز عيني بأن تدمع وبقلبي بأن يرق ويخشع ويركع,وكلما خرجتُ من بيتي لأجلس مع الناس أشعرُ وكأني لأول مرةٍ في حياتي أشاهد الناس وأحاول أن أتعلم منهم طريقة الكلام وكيفية التحدث والتعايش السلمي معهم, وأشعرُ أيضا إذا تكلمت مع أحدهم بأنهم هم أيضا لأول مرة يتعارفوا فيها على شخصي , وأستمع لحديثهم ولشكواهم ولمصائبهم ولهمومهم الكبيرة والصغيرة وأنا مستغرب الذي أسمعه,وأحيانا أشعرُ وكأني فاقد الذاكرة حين أوجه نظري إلى السماء وكأني لأول مرة أراها في حياتي وخصوصا إذا أمعنت في الليل للنظر في النجوم أشعرُ وكأنني لأول مرة أشاهدها وأحيانا أصرخ في داخلي صرخة كلها دهشة,وإذا خرجت إلى الشارع أشعر وكأنني لأول مرةٍ أشاهد فيها الشارع,فأفتح فمي على اتساعه كمغارة وأتسمرُ في مكاني وكأنني مسحور جدا من منظر الشارع وأعمدة الكهرباء, كل شيء بالنسبة لي غير طبيعي مثل:الماء والهواء والبيت والشارع والأقارب والأصدقاء ولون السماء ولون التراب,وكلما مررت بجانب إنسان يعرفني أكلمه وكأنني لأول مرة أتعرف أو أتعارفُ فيها عليه, مضحكٌ أنا جدا,أو مجنون,أو متردد,أو حائر,والمهم أن الكون بالنسبة لي غير طبيعي وأنا بنفس الوقت غير طبيعي,وكل شيء بالنسبة لي مثيرٌ جدا ومدهش للغاية , ولا أستطيع أن ألتزم بالسكوت فكلما قررت أن أصمتُ أرى شيئا أمامي غريبا وعجيبا فأتكلم عنه وكأنه لأول مرة يراني وكأنني لأول مرة أراه فيها.



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أين شفقة نبي الإسلام؟
- الجمال من أجل الجمال
- لتعش إسرائيل إلى الأبد
- عندي حساسية زائدة
- الأخطاء بين الآلهة والبشر
- مصيبة المرأة
- حوار بين مثقف وزوجته
- يجب أن ندخل اليهود إلى قلوبنا وبيوتنا
- الأيام الأخيرة من حياة عمر بن الخطاب
- نبذة عن محمد والمسيح
- ما أجمل إله المسيحيينْ!
- بعض الناس أفضل من الأنبياء والرسل
- الإسلام سبب تخلفنا
- صكوك الغفران أو الإحساس بالذنب
- حيرة الإنسان
- لا شيء يعجبني
- الدولة الدينية والدولة العلمانية
- هؤلاء هم العرب
- الثالوث المقدس
- صدمة لغوية:الحج هو الحك


المزيد.....




- قُتل في طريقه للمنزل.. الشرطة الأمريكية تبحث عن مشتبه به في ...
- جدل بعد حديث أكاديمي إماراتي عن -انهيار بالخدمات- بسبب -منخف ...
- غالانت: نصف قادة حزب الله الميدانيين تمت تصفيتهم والفترة الق ...
- الدفاع الروسية في حصاد اليوم: تدمير قاذفة HIMARS وتحييد أكثر ...
- الكونغرس يقر حزمة مساعدات لإسرائيل وأوكرانيا بقيمة 95 مليار ...
- روغوف: كييف قد تستخدم قوات العمليات الخاصة للاستيلاء على محط ...
- لوكاشينكو ينتقد كل رؤساء أوكرانيا التي باتت ساحة يتم فيها تح ...
- ممثل حماس يلتقى السفير الروسي في لبنان: الاحتلال لم يحقق أيا ...
- هجوم حاد من وزير دفاع إسرائيلي سابق ضد مصر
- لماذا غاب المغرب وموريتانيا عن القمة المغاربية الثلاثية في ت ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جهاد علاونه - كل شيء مدهش ومثير