أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد القادر لعميمي - المثقف والسياسي : خلاف ضحيته الإبداع















المزيد.....

المثقف والسياسي : خلاف ضحيته الإبداع


عبد القادر لعميمي

الحوار المتمدن-العدد: 4230 - 2013 / 9 / 29 - 09:45
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في البداية يتجاهلونك
ثم يسخرون منك،
ثم يحاربونك،
ثم تنتصر،،
(غاندي)

لقد انتابني شعور غريب وأنا مقبل على الكتابة في موضوع، كنت راغبا في إثارة بعض قضاياه، وهو شعور مسكون بحرقة السؤال ودهشة الإجابة، خصوصا عندما يتعلق الأمربموضوع إشكالي كالإبداع.
وإذا ما حاولنا مقاربة مفهوم الإبداع من زاوية فلسفية وجدناه، ليس مجرد تمثلات أو تخيلات أو معاني بسيطة فقط، وليس صورا أو تراكيب، وإنما هو نتاج لعبقرية كامنة في نفس صاحبها، تبدو في تأليف المعاني الممتازة، والبارزة الجيدة، والاهتداء إلى أفكار غير متداولة ولا مفكر فيها، إنه تجربة إنسانية فريدة من نوعها... غير أن معاناة المبدع وهو يقدم عصارة أفكاره للغير ليست بالأمر الهين أو بالشيء السهل، خصوصا إن كان المبدع وكيفما كان إبداعه يحيا بين ظهراني قوم تسود فيهم الأمية بأوسع مدلولاتها. وآخر ما يفكرون فيه: المعرفة والثقافة...
إن مشكلة الإبداع ليست مقرونة بلحظة تاريخية معينة، وإنما لها ارتباط بنمط معين من التفكير، يمكن أن نطلق عليه إسم " التفكيرالتقليدي الوثوقي المنغلق"، الذي يرفض الإنفتاح على الفكر المختلف ويقبع في فضاء الأخطاء، الأمر الذي ينعكس سلبا على حياة المثقف المبدع. ممن هنا يمكن القول: إن معاناة المبدع ليست بسبب صعوبة عملية الإبداع ، ولكن سببها الحقيقي يكمن في البنية الفكرية للمجتمع وكل ما يحمله هذا الأخير من تقاليد وعادات وتصورات دوغمائية موروثة أو راهنة..
وعلى ذكر كلمة "معاناة" أمرني عقلي بلغة صارمة ، أن أوضح للقارئ حمولة هذه الكلمة، التي كثيرا ما لازمت الإنسان في مختلف مستويات وجوده، منذ أن ظهر على وجه البسيطة. كلمة "معاناة" تخفي كل أشكال الإقصاء والتهميش التي يلاقيها المثقف داخل الوسط الإجتماعي الذي يعيش فيه، مما يعني أن التهميش الذي يتعرض له الإبداع/المبدع، ناتج عن شيء ما، وهذا الشيء حسب تقديري، هوغياب الإرادة السياسية التي يمكنها أن تتبنى المشروع الثقافي .
فما مظاهر غياب الإرادة السياسية في مجتمع ما؟ وما أسباب هذا الغياب؟ ثم ما انعكاسات هذا الغياب على المشروع الثقافي لهذا المجتمع؟

كجواب عن هذه التساؤلات، يمكن القول أن غياب الإرادة السياسية في المجتمع (المجتمع العربي مثلا)، ناتج عن سبب رئيسي، هو وجود هوة سحيقة بين السياسي والمثقف، على كافة المستويات، خاصة على المستوى الفكري، بسبب العمى المعرفي الذي قد يعتري ذاتية السياسي ، وتتجلى انعكاسات ذلك على مستوى الواقع، حيث تغيب الصداقة بينه وبين المثقف، مما يؤدي بالسياسي (الذي لا يفقه شيئا في السياسة وقضايا التدبير والمعرفة) إلى العمل على تضييق آفاق الفكر بواسطة قيود وشروط تحصره في بوثقة معينة، حتى لا يكشف عن أسلحة النقد، التي من شأنها أن تكون ضد مصالح السياسي و مشاريع الفئات السياسية المهيمنة. ومن مظاهر عداوة بعض الجهات السياسية للمشروع الثقافي المجتمعي، تهميش المدرسة، والإقصاء المباشر والمقصود لدور الثقافة والشباب، وكذا غياب فضاءات التنشيط التربوي والجمعوي، وغياب المبادرات الفاعلة كتشجيع العمل الجمعوي وتحفيز أبناء المجتمع على العطاء والخلق والإبداع... كل هذه العوامل ، توضح شيئا واحدا وهو أن السياسي غيرالواعي وغير المثقف، لا يمكنه أن يعمل على تمويل الثقافة وتفعيل حضورها داخل المجتمع لأنه ببساطة لا يدرك معنى الثقافة وقيمتها الجوهرية بالنسبة للإنسان ومن ثمة فهو لا يحمل روح المسؤولية في ذاته.
إذن من اللازم أن تتوفر في السياسي صفات السياسة الأخلاقية الحكيمة كما عبر عنها أفلاطون في جمهوريته، فالسياسة في فلسفة هذا اليوناني العظيم، هي فن تدبير المدينة بشكل ديمقراطي، فن الإنفتاح على الممكن وحل الصعوبات. فكيف يمكن إذن لسياسة أن تحل صعوبات دون أن يكون السياسي مثقفا و متخلقا ؟.
إن هروب السياسي من المسؤولية الثقافية، يعني فشله في تدبير الحياة الإجتماعية للناس، وعجزه المعرفي عن مواجهة الحقيقة، تلك الحقيقة التي لطالما شكلت بالنسبة له هاجسا و قلقا وجوديا، انعكست صوره جليا على مستوى نشاطه الواقعي وممارسته العملية اليومية. فتناسيه للحدث الثقافي، وانخراطه في الحدث المادي، يكشف بوضوح عن ميله الطبيعي نحو تحقيق مصالحه ومآربه الشخصية.
لكن السؤال الذي يبقى مطروحا، هو: هل يستطيع السياسي بوعيه الأيديولوجي الزائف والبسيط، أن يوقف أو يشل ملكات المثقف الفكرية؟ أم أن محاولاته الإقصائية، محفز أساسي للمثقف على الخلق والإبداع؟

كثيرا ما يتحول توتر العلاقة بين طرفين متناقضين، إلى حافز للصمود والمقاومة، فخوفنا من الفشل والهزيمة، يكون دافعا لنا نحو النجاح، إنه النبع الذي نستمد منه قوتنا وطاقتنا، لكن معرفة ذلك تتطلب تفكيرا عقلانيا منطقيا ، وهذا النوع من التفكير لن يتأتى إلا إذا استطاع الإنسان أن يسائل ذاته باستمرار، وينتقدها بأسلوب دقيق جاف من كل مشاعر الضعف والهوان، لأن قوة المثقف هنا تكمن لا محالة في قوة سؤاله وجرأته على قول "لا" كتحد لسياسة الخضوع والعبودية. غير أن المثقف وهو يصارع من أجل الثقافة يتخذ لنفسه الكتابة سلاحا فكريا يحاسب من خلاله السياسي محاسبة قاتلة، تعبر عن جأش العقل وتعطشه إلى التحرر من جلمود الصخر، الذي حطه السياسي على رأسه من عل. إن دفاعي عن المثقف لا يعني أنه بريء ثقافيا، فانصهاره وذوبانه وسط اليومي يجعل منه مجرد مثقف عضوي وفاعل محلي لا غير، والسبب في ذلك هو عجزه عن العودة إلى ذاته بوصفها المنصت الحقيقي للكينونة والوجود. وهذا العجز كثيرا ما يحاول تعليله بتبريرات خارجية لا أساس لها، إن وعيه اختلط بالأيديولوجا، فصار ينتج الوهم لا الحقيقة. . كنداء لكل مثقف، أقول، أن المشروع الثقافي ليس بالخطوة السهلة والبسيطة، فأن تكون مثقفا حقيقيا معناه أن تبحث عن إشراقك، وبحثك عن إشراقك لن يتم إلا بإرادتك القوية على إبراز وجهك الآخر، كمثقف كوني يتحدى كل العراقيل ويتجاوز الحدود المحلية باتجاه العالمية.



#عبد_القادر_لعميمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المدرسة المغربية : الألم والأمل
- من إرادة المتعالي إلى إرادة الأنا المفكرة


المزيد.....




- وحدة أوكرانية تستخدم المسيرات بدلا من الأسلحة الثقيلة
- القضاء البريطاني يدين مغربيا قتل بريطانيا بزعم -الثأر- لأطفا ...
- وزير إسرائيلي يصف مقترحا مصريا بأنه استسلام كامل من جانب إسر ...
- -نيويورك تايمز-: الولايات المتحدة تسحب العشرات من قواتها الخ ...
- السعودية.. سقوط فتيات مشاركات في سباق الهجن بالعلا عن الجمال ...
- ستولتنبرغ يدعو إلى الاعتراف بأن دول -الناتو- لم تقدم المساعد ...
- مسؤول أمريكي: واشنطن لا تتوقع هجوما أوكرانيا واسعا
- الكويت..قرار بحبس الإعلامية الشهيرة حليمة بولند سنتين وغرامة ...
- واشنطن: المساعدات العسكرية ستصل أوكرانيا خلال أيام
- مليون متابع -يُدخلون تيك توكر- عربياً إلى السجن (فيديو)


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد القادر لعميمي - المثقف والسياسي : خلاف ضحيته الإبداع