أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الهوسي - دول المغرب العربي و أبعاد تشكيل قيادة عسكرية أمريكية لإفريقيا بعد أحداث 11 شتنبر 2001















المزيد.....



دول المغرب العربي و أبعاد تشكيل قيادة عسكرية أمريكية لإفريقيا بعد أحداث 11 شتنبر 2001


سعيد الهوسي

الحوار المتمدن-العدد: 4228 - 2013 / 9 / 27 - 18:55
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مقدمة
يعتبر قرار إنشاء قيادة عسكرية مستقلة لإفريقيا ضمن هيكلة وزارة الدفاع الأمريكية تتويجا لاهتمام متدرج من جانب إدارة جورج بوش بالقارة الإفريقية ، كانت إرهاصاته قد بدأت عقب هجمات 11 شتنبر 2001، ثم ظل هذا الاهتمام يتنامى مع بروز بؤر فعلية و محتملة للنشاط الإرهابي في منطقتي القرن الإفريقي و الساحل الإفريقي، مما أدى إلى تزايد التدخل الأمريكي في هاتين المنطقتين، ثم تصاعد الاهتمام الأمريكي مع اندلاع الحرب في الصومال، مما عجل في الإعلان عن إنشاء القيادة العسكرية الإفريقية، مع أن فكرة إنشاء هذه القيادة كانت مطروحة منذ عهد إدارة كلينتون.
و لم تبدأ الخطوات العملية لإنشاء هذه القيادة إلا في منتصف عام 2006، و ذلك ضمن عملية إعادة تقييم نظام العمل في المؤسسة العسكرية الأمريكية التي بدأها وزير الدفاع الأمريكي السابق دونالد رامسفيلد، و يشتمل عمل هذه القيادة القارة الإفريقية بالكامل، باستثناء مصر التي سوف تظل ضمن منطقة عمليات القيادة الوسطى.
و يربط باحثون كثر** ، بمن فيهم شخصيات أمريكية بين " أفريكوم" و إرادة التحكم في إمدادات الطاقة في القارة، ذلك أن القيادة العسكرية الخاصة بإفريقيا ليست سوى أداة لضمان نفاذ الصناعة النفطية الأمريكية إلى احتياطات الطاقة الواسعة في القارة، و إذا ما حاول أحد التدخل في الأمر تلصق به تهمة الإرهاب و يصبح هدفا لهجمات عسكرية.
بينما يرى آخرون أن هذا التواجد قد يدفع روسيا و الصين و فرنسا للدخول في صراعات هيمنة مع أمريكا لن تضيف للقارة السمراء سوى متاعب جديدة.
و تعد دول المغرب العربي من بين الدول ذات الأهمية الإستراتيجية في السياسة الأمنية للولايات المتحدة الأمريكية و هو ما يفسر التعاون الأمني و المخابراتي و كذا المناورات المشتركة بين هذه الدول و البنتاغون.
إذن فالإشكالية التي ستعالجها هذه المقالة تتلخص في ما مدى أهمية دول المغرب العربي من الناحية الأمنية ( مكافحة الإرهاب) والإستراتيجية في ظل إنشاء قيادة عسكرية أمريكية للقارة الإفريقية؟ و ما هو دور النفط في السياسة الأمريكية تجاه الدول المغاربية من جهة و القارة الإفريقية ككل من جهة ثانية؟
هناك فرضيتان أساسيتان لهذه الدراسة:
الأولى ،إذا كان الهدف المعلن من تشكيل القيادة العسكرية لإفريقيا هو محاربة الإرهاب، فيمكن أن نضيف إليه هدف آخر و هو ضمان تدفق نفط القارة للصناعة الأمريكية ( الفقرة الأولى).
الثانية، أن الهدف الخفي من إنشاء أفريكوم هو إستراتيجية أمريكية لعسكرة إفريقيا و صد أطماع نفوذ القوى المنافسة لها في القارة ( الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: النفط و محاربة الإرهاب: شعار سياسة الأمن القومي الأمريكي
-;- أولا: النفط
لقد أصبحت الولايات المتحدة الأمريكية مدمنة للنفط الذي يستورد من أنحاء غير مستقرة في العالم، و هذا يعني أن أمريكا تعتمد على النفط الخارجي بشكل هائل و ذلك لسد استهلاكها اليومي الذي يزيد على 20 مليون برميل، و بالتالي فمسألة النفط احتلت جانبا كبيرا من اهتمامات كافة الإدارات الأمريكية المتعاقبة، بما فيها الإدارة السابقة لبوش الابن التي شكل النفط إحدى ركائز سياستها الخارجية، حيث يرى وزير الخارجية الأمريكي الأسبق هنري كيسنجر أن العالم يشهد منذ فترة عملية إعادة تركيب للخريطة الجيوإستراتيجية، و أن هناك احتمالات و مخاطر لصدمات عسكرية و منافسات عنيفة على الموارد، ووفقا لذلك فإن الولايات المتحدة تعيد ترتيب و هيكلة مناطق مختلفة من العالم على قاعدة تدفق إمدادات النفط و الغاز و ذلك باستخدام آلتها العسكرية، خاصة أن الإنفاق العسكري الأمريكي هو الأول في العالم، بالإضافة للنصيب الأعظم للولايات المتحدة من التجارة الدولية، مما أعطاها الثقة و القدرة على ممارسة الخيارات العسكرية بيسر في إدارتها لسياستها الكونية و من المثير أن خريطة الإرهاب و الدول المارقة هي ذات الخريطة الرئيسية للمناطق الحيوية للنفط و الغاز، سواء في الشرق الأوسط و أوراسيا أو القرن الإفريقي.
يعد اللوبي النفطي الأمريكي و الإسرائيلي من أقوى جماعات الضغط التي تمارس دورا مؤثرا في صياغة السياسة الخارجية للولايات المتحدة ، ذلك أنه يقوم على نسج شبكة متداخلة من العلاقات البينية التي تربط صانع القرار بالبيت الأبيض بالمصالح التي يمكن أن يحققها لهذا اللوبي و هو ما ينطبق بشكل واضح على الإدارة الأمريكية السابقة لبوش الابن التي لم ترتبط فقط بعلاقات قوية مع أعضاء المجمع النفطي الأمريكي و لكنها تكاد تكون مستفيدة من مصالحهم بشكل أو بآخر.
يبلغ حجم الإنتاج الأمريكي من النفط الخام و سوائل الغاز نحو 58 مليون برميل يوميا، و هو ما يشكل نحو 9.8% من الإنتاج العالمي، كما تبلغ الاحتياطات الأمريكية المؤكدة من النفط نحو 3004 مليار برميل بنسبة تبلغ 2.9% من الاحتياطي العالمي، و من المتوقع أن يزداد الطلب الأمريكي على النفط بنسبة 33% بحلول عام 2020، حيث أنه من المتوقع أن يرتفع حجم الطلب الأمريكي على النفط نحو 27.31% عام 2025، بزيادة سنوية تبلغ 1.7 % في المتوسط، لذا فإن الولايات المتحدة الأمريكية ستضطر إلى تأمين أكثر من ثلثي احتياجاتها و تحديدا 68% منها بحلول عام 2025 و ذلك بالمقارنة مع 55 % عام 2001 وفق بيانات إدارة الطاقة الأمريكية.
أما فيما يتعلق بأهمية النفط الإفريقي فيبدو أنها في ارتفاع متزايد و ذلك راجع لنسبة ارتفاع واردات الولايات المتحدة الهيدروكربونية ( النفط و الغاز الطبيعي) من غرب إفريقيا من إجمالي وارداتها، حيث كانت هذه النسبة تقدر ب 15% منذ خمس سنوات، ثم أصبحت الآن 20% ، ويتوقع أن تتراوح ما بين 25% و 30% بحلول عام 2015.
و تنبع أهمية التركيز على تأمين النفط الإفريقي بالنسبة للولايات المتحدة من أن هناك تهديدات متزايدة يتعرض لها هذا النفط، لأسباب داخلية و خارجية، فإنتاج النفط في دول غرب إفريقيا يتأثر سلبا أو إيجابا بالاضطرابات و الصراعات الداخلية في تلك الدول، و لكن الأخطر من ذلك يتمثل في التنافس الدولي الشرس على موارد النفط و الغاز الطبيعي في إفريقيا، حيث دخلت الصين بقوة إلى الحلبة بعدما أصبحت الصين ثاني أكبر مستورد للطاقة في العالم بعد الولايات المتحدة.
لذلك تسعى الولايات المتحدة عبر السيطرة على النفط الإفريقي محاصرة النفوذ الأوربي، و كذلك الصيني في القارة، فضلا عن إحكام سيطرتها على مخزونات النفط العالمية، مما يسهل تحكمها في اقتصاديات الدول الكبرى المنافسة بشكل أكبر، فاليابان تستورد 98% من احتياجاتها النفطية، بينما تستورد أوربا 52% ، و لعل السيطرة على نفط العراق ثاني أكبر الاحتياطات العالمية بعد احتلاله عام 2003 و الاقتراب من نفط قزوين بعد إسقاط نظام طالبان في 2001، يمثلان أحد محاور الخطة الأمريكية للسيطرة على نفط العالم.
فما الأهمية التي يشكلها نفط المنطقة العربية بصفة عامة و نفط المنطقة المغاربية بصفة خاصة؟
إن الولايات المتحدة الأمريكية ترسم سياستها في اتجاه المنطقة العربية على أساس تأمين مصادر النفط و المحافظة على مصالحها الاقتصادية في المنطقة** ، و ذلك دون أخذ أي اعتبار لمصلحة الحلفاء الأوربيين، و يأتي اهتمام مجموعة تكساس الأمريكية( بوش الابن، ديك تشيني،كونداليزا رايس، دونالد رامسفيلد) بنفط ليبيا و الجزائر و بآفاق الثروة النفطية في موريتانيا انطلاقا من هذه الحقائق و تأكيدا على هذا الاتجاه.
يذكر الخبراء الأوربيون أن ليبيا تضم احتياطات نفطية و غازية تقدر ب 40 بليون برميل و الجزائر ب 12 بليون برميل ، و النيجر و تونس و موريتانيا ب 300 مليون برميل لكل منهما.
و بذلك فإن الإستراتيجية الأمريكية تجاه شمال إفريقيا تنبني على تكثيف التعاون العسكري مع دول المغرب العربي بهدف تأمين منطقة جبل طارق التي هي ممر مائي عالمي إلى مياه المحيط الأطلسي، و من تم إلى موانئ الولايات المتحدة ، و كذلك بهدف السيطرة على موارد إفريقيا النفطية و المعدنية المتمركزة جغرافيا بكثافة في النطاق الأوسط الجنوبي من القارة، فمن إحدى لزوميات الفكر الإستراتيجي الأمريكي التمركز العسكري في نطاق الموارد الطبيعية ذات القيمة الإستراتيجية العالية كالبترول و الغاز الطبيعي و اليورانيوم و البوكسيت، و ربما هذا من بين الدوافع الرئيسية لتشكيل القيادة العسكرية الأمريكية للقارة الإفريقية.
لقد أجاد البروفيسور الأمريكي نعوم تشو مسكي وصف إستراتيجية الولايات المتحدة بقوله:"النفط مورد طبيعي أساسي للاقتصاد الأمريكي لكنه يقع في أقاليم لا تعود إلى الأمريكيين، و لا بد من بقائه في متناول الولايات المتحدة، وعليه فإنها مستعدة لخوض الحرب لشراء نفط ليس لها، بالكمية و بالسعر اللذين ستحددهما".

-;- ثانيا: الإرهاب
مثلث أحداث الحادي عشر من سبتمبر2001، نقطة تحول مهمة في تاريخ الولايات المتحدة، فالإرهاب يمثل تحديا خطيرا من شأنه إعادة صياغة النظريات الأمنية التقليدية، و لذلك فإن محاربة هذا الشبح الخطير كان يجب أن تتصدر أجندة العمل الأمريكية و تكون محور السياسة الخارجية للجمهوريين، و من المثير للدهشة أن التحديات التي سوف تواجه القيادة الأمريكية و الأمن القومي الأمريكي لن تأتي من بين أقطاب القوى العالمية المنافسة فقط،بل و من الدول الضعيفة و المتداعية أيضا حيث يجد الإرهاب المرعى أو الملجأ الأساسي له بسبب وجود الصراعات الإقليمية، و حيث تنتشر مظاهر اليأس و الفقر بين المواطنين.
فالدول النامية ذات الأداء الفقير ترتبط بالكوارث الإنسانية و الهجرة الجماعية و التدني البيئي و الزعزعة الإقليمية و مشكلات الطاقة و الأوبئة العالمية و الجريمة الدولية و انتشار أسلحة الدمار الشامل، و بالطبع الإرهاب عبر القومي، لذلك طالبت أحدث إستراتيجيات الدفاع القومي الأمريكي العسكرية الأمريكية بتقوية قدرة الدول الضعيفة حتى تفرض سيادتها و تتمكن من دحر التهديدات الداخلية و التمرد و الجريمة المنظمة، حيث سعت الولايات المتحدة إلى منع الإرهاب من الدخول إلى الدول الضعيفة، و ظهرت إفريقيا على أنها حلبة الاهتمام الرئيسية.
فتحليل تقرير لجنة الحادي عشر من شتنبر بواسطة مركز خدمات الأبحاث بالكونغرس تحذر من أن تهديد الإرهاب الدولي ضد الولايات المتحدة و المصالح المحلية من المحتمل أن يستمر في التزايد في أجزاء متعددة من إفريقيا، و ذلك بسبب الحدود غير الحصينة و الانحلال الأمني وعدم الاستقرار السياسي و انعدام موارد الدولة و إمكانياتها، و تستجيب وزارة الدفاع بتدريب قوات الأمن الإفريقية في 12 دولة في الساحل الإفريقي للسيطرة على حدودها و أراضيها بشكل أكثر فعالية، و بشكل أعم تلتزم الإستراتيجية الدولية لمكافحة الإرهاب الأمريكية بتقليل الظروف الكامنة التي يسعى الإرهابيون إلى استغلالها و ذلك من خلال تقوية إمكانيات الدول و الحد من الفقر و الارتقاء بمستوى الحكم.
أكثر من ذلك قامت الولايات المتحدة الأمريكية في أكتوبر 2001 بتفويض قوة عسكرية لاقتفاء و تعقب أثر الإرهاب الخارجي، تقوم باستخدام البيانات و التكنولوجيا الخاصة بالمخابرات من أجل حماية الولايات المتحدة و إبعاد خطر الإرهاب عن مصالحها و مواقعها الإستراتيجية.
فالولايات المتحدة غيرت تماما من برنامج مساعدتها الأجنبية، خاصة بعد أحداث 11 شتنبر، حيث أن برنامج المساعدات الخارجية سيستفاد به على وجه الخصوص في مساعدة الدول الحليفة للولايات المتحدة و دعمها في حربها على الإرهاب، و ربما يكون ذلك على حساب البرامج الموجهة لمحاربة الفقر و الحد من سطوته.
فالقوة العسكرية و المخابراتية و التكنولوجية و الاقتصادية، إضافة إلى المحيطان الهادي و الأطلسي كلها عوامل لم تعد كافية لحماية التراب الأمريكي من المخاطر، كما أن الخطر تحول و تطور من خطر تقليدي و معهود، إلى خطر/شبح جديد غير معهود، و هو ما طرح نسبية القوة العسكرية في تأمين حياة الأمريكيين** و مدى صحة كونها رمزا رئيسيا للقوة و الريادة.
و جاء قرار تشكيل قيادة عسكرية أمريكية جديدة لإفريقيا نتاجا لمجموعة من الدوافع العملية المرتبطة بأولويات السياسة الأمريكية إزاء إفريقيا و في مقدمتها محاربة الإرهاب- كما أسلفنا-، حيث تنظر السياسة الأمريكية للقارة الإفريقية باعتبارها ساحة مواتية لنمو و عمل الجماعات المتطرفة، لاسيما في منطقتي القرن الإفريقي و الساحل ، و هو ما دفع القيادة الجديدة إلى تبني منهجية للعمل تقوم على مفهوم الأمن الوقائي القائم على تنفيذ خطوات استباقية في مجالات عديدة، إنسانية و اقتصادية و اجتماعية جنبا إلى جنب مع الخطوات العسكرية و الأمنية بهدف تجفيف منابع الإرهاب من جذورها بالتزامن مع العمل على التصدي للجماعات الإرهابية القائمة بالفعل.
و تتبنى القيادة العسكرية الأمريكية الجديدة في هذا الصدد ثلاث مهام رئيسية: تتمثل أولاها في العمل على كسب القلوب من خلال المساعدات الإنسانية، في حين تتمثل ثانيها في تدريب الجيوش الإفريقية حتى تكون قادرة على القيام بنفسها بأعمال مكافحة الإرهاب، من دون الحاجة لتدخل عسكري أمريكي واسع لمواجهة الإرهابيين، بينما تتمثل ثالث هذه المهام في الاستعداد للقيام بعمليات عسكرية ضد الجماعات الإرهابية المحلية متى كان ذلك ضروريا.
فما موقع الدول المغاربية من السياسة الأمريكية لمحاربة الإرهاب بشكل عام و من القيادة العسكرية الأمريكية لإفريقيا بصفة خاصة؟
لقد صبت جل تصريحات المسؤولين الأمريكيين في اتجاه تأكيد الأهمية التي تحتلها منطقة المغرب العربي في الإستراتيجية الأمريكية لمحاربة الإرهاب، و في هذا الصدد يقول وليام برنز:"لقد كانت دول المغرب العربي دائما نموذجا للاعتدال في الوقت الذي ظهرت فيه الطفرات المنحرفة في الشرق الأوسط، و بالنظر إلى الشك و الرهانات التي تحوم حول المنطقة، فإننا نذكر مرة أخرى بأهمية دعم شمال إفريقيا، حيث كان كل من المغرب و الجزائر و تونس إلى جانبنا في الحرب على الإرهاب، و حتى ليبيا نددت بهجمات الحادي عشر من شتنبر و أرسلت إشارات الدعم، و إلى جانب هذا فإن المنطقة نابضة بالحيوية، و تحتوي طاقات هائلة ، إن بلدان المغرب العربي تواجه تحديات القرن الجديد، إنها بصدد الشروع في مسلسل قاس لانفتاح اقتصادياتها، إنها بصدد إعادة تشكيل مجتمعاتها و إعادة بناء مسلسلاتها السياسية، و عليه فإن الولايات المتحدة لديها مصلحة مهمة في مساندة انتقالات هذه المجتمعات".
فتدخل الناتو مثلا لحماية أنظمة دول المغرب العربي رهين بتقدم الديمقراطية في هذه الدول، وتدخل أمريكا محدد بالتدخل الاستباقي خوفا من استيطان القاعدة لما بين الحدود في هذه الدول أو الصحراء الجزائرية، أي أن التدخل الاستباقي في منطقة المغرب العربي لمكافحة الإرهاب خيار متفق عليه في وزارة الدفاع، و تغطيه الخارجية الأمريكية، فلا يمكن السماح لجغرافيا جديدة أن تسقط في يد القاعدة، و سقوط منطقة المغرب العربي قد يجعل تنظيم القاعدة يصل الأطلسي.
و قد رفضت الدول المغاربية استضافة مقر "أفريكوم"**، إلا أن هذا لا يعني أن هذه الدول ترفض الانسجام مع الإستراتيجية الأمريكية، و يتجلى ذلك في الانخراط في المشاركة الدورية و المنتظمة للبلدان المغاربية في المناورات العسكرية التي تجريها سنويا القوات الأمريكية في البلدان المطلة على الصحراء، حيث مسرح عمليات "القاعدة".
تعمل الإستراتيجية الرسمية للبنتاغون على ألا تسقط منطقة المغرب العربي في حرب أو إدارة الجهاديين، لأن موازين القوى في الشرق الأوسط و المتوسط لا يمكن أن تسقط في يد القاعدة من فوضى العراق إلى فوضى أخرى في المغرب العربي، أي أنه من غير الممكن تصدير" فوضى العراق" إلى شمال إفريقيا، و ربما يعتبر هذا سبب آخر لتشكيل القيادة العسكرية الأمريكية في إفريقيا.
فالهدف المعلن من القيادة الأمريكية في إفريقيا "أفريكوم"، هو الصحراء الكبرى ، التي تقول واشنطن، إنها تضمّ مراكز تجمُّـع وتدريب لناشطي تنظيم القاعدة، وأن هذه الصحراء تحمِـل في واحاتها تهديدات تنظيم القاعدة للدول المُـحيطة بها، خاصة الجزائر ومالي والنيجر والمغرب وموريتانيا، إضافة إلى الدول الإفريقية الأخرى، لكن واشنطن والعواصم الأوروبية المعنية بالحرب على الإرهاب، تدرك أن علاقات الدول المغاربية الثنائية، لا تبشِّـر بإمكانية نجاح مقاربتها للحرب على الإرهاب ولذلك فهي تشجِّـع هذه الدول على تطوير وتكثيف التعاون فيما بينها في الميدان الأمني ومكافحة الإرهاب، حتى لو بقيت علاقاتها في الميادين الأخرى تعرف توترا أو فتورا.
فإذا كان الهدف المعلن من تأسيس قيادة عسكرية أمريكية لإفريقيا هو محاربة الإرهاب و الجماعات المتطرفة في الساحل و المنطقة المغاربية، و إفريقيا بشكل عام، فما هو الهدف الخفي من تشكيل هذه القيادة؟ ألا يمكن اعتبار تشكيلها هو خطة إستراتيجية بعيدة المدى تحاول تعزيز النفوذ الأمريكي بالقارة الإفريقية خاصة إذا علمنا أن هذه الأخيرة تزخر بثروات طبيعية إستراتيجية و على رأسها النفط؟


الفقرة الثانية : أفريكوم : إستراتيجية أمريكية لبسط الهيمنة في القارة الإفريقية
مع نهاية الحرب الباردة أصبحت أمريكا تلك "الجمهورية الإمبراطورية" ذات النزعة الشمولية، كما كان يصفها الكاتبان ريمون أرون Raymon Aron و كلود جوليانClaud Julien ، فقد اكتسبت على الخصوص القناعة المطلقة بذاتها، جاعلة من هذه القناعة القاعدة المتينة لكل سياستها الخارجية و الدبلوماسية و التجارية و العسكرية.
و كانت إدارة الرئيس الأمريكي بيل كلينتون هي الإدارة الأمريكية التي ورثت عمليا مرحلة انتهاء الحرب الباردة، و من تم كان من المعاني المباشرة لذلك غياب أي قوة رئيسية قادرة على تهديد أمريكا أو تحديها**.
إن الولايات المتحدة الأمريكية هي القوة الأعظم بلا شك، لكن هذا الواقع مشكوك في استمراره إلى أمد بعيد و ذلك من وجهة نظر المحللين** و المخططين الأمريكيين أنفسهم... فلا شك عندهم أنه سيظهر ذات يوم من ينازعها على هذا الموقع المسيطر، فالولايات المتحدة وصلت إلى ما وصلت إليه من قوة و نفوذ ليس عن طريق الحظ أو المصادفة، لكنها وصلت إلى ذلك بالتخطيط الإستراتيجي الدقيق، و هو تخطيط لم يتكامل بعد، فأمريكا عازمة على استكمال هيمنتها و امتداد نفوذها نحو مناطق مازالت خارج الهيمنة.
و أعطت الولايات المتحدة الأمريكية لنفسها حق التدخل في أي مكان في العالم لفرض الديمقراطية- كما تقول- و إن استلزم ذلك استخدام القوة، و هو ما تجسد في الحرب على العراق و الإطاحة بنظام صدام حسين.
و يرى كثير من المحللين و كتاب الإستراتيجية** أن العالم يشهد في الوقت الحاضر عصرا جديدا، يتسم بوجود إستراتيجية أمريكية كبرى من أجل الهيمنة الأمريكية، و لعل أحد المؤشرات المهمة الدالة على ذلك هو أن المؤسسة العسكرية الأمريكية أضحت عالمية الطابع من حيث عملياتها و القواعد التي تحتفظ بها في كل قارات العالم بما في ذلك إفريقيا.
فالولايات المتحدة في هذا النظام الدولي تملك السعة والقدرة والإرادة لأن تتصرف بشكل أحادي الجانب عندما تشعر بأن مصالحها الحيوية تتعرض للخطر.
لقد حدد الرئيس الأمريكي السابق بوش الابن إستراتيجيته في أكثر من مناسبة باعتبارها تقوم على مبدأين أساسيين: الأول و هو أن الولايات المتحدة ستبذل كل ما في وسعها من أجل الحفاظ على تفوقها العسكري دون منازع، و المبدأ الثاني، هو أن للولايات المتحدة الحق في اتخاذ الإجراءات الوقائية التي تراها ضرورية في الوقت المناسب.
فالجديد الذي أتت به إدارة بوش الابن لم يكن في الواقع اختراع الأحادية في العمل الدولي، و إنما تحويلها إلى القاعدة لا الاستثناء، ذلك أن فريق المحافظين الجدد الذي سيطر على صنع السياسة الخارجية الأمريكية لا يثقون في إمكانية تحقيق المصلحة الأمريكية عبر العمل الدولي متعدد الأطراف، أو من خلال التحالفات.
فأحداث 11 شتنبر 2001عجلت في تظهير مشروع الهيمنة الإمبراطوري الأمريكي الذي يقوم على ركائز خمس:
1- عدم السماح لأي دولة بالتفوق على أمريكا أو حتى بالتساوي معها.
2- اللجوء إلى الضربة أو الحرب الاستباقية لإجهاض قدرات العدو أو لمنعه من تشكيل تهديد عسكري أو إستراتيجي.
3- السيطرة الثقافية لضمان عالم آمن لمصالح أمريكا.
4- السيطرة على أسلحة الدمار الشامل لتحقيق تفوق كاسح على الدول الكبرى المنافسة ( تملك أمريكا حوالي 10640 رأس نووي).
5- السيطرة على النفط بوصفه مصدرا للطاقة و المال و للتحكم باقتصاديات الصين و اليابان و دول الاتحاد الأوربي.
فالولايات المتحدة تعمل على بناء نظام دولي يصب في مصالحها بالضرورة** و يكاد يدفعها الطموح إلى أن تصبح هي القوة الكونية الوحيدة في العالم، أطول فترة ممكنة كما أنها تريد السيطرة عل العالم الذي تراه بالصورة التي تريده بها و ترفضه بالصورة التي يوجد عليها.
مازالت القوة العسكرية- سواء استخدمت في ميدان القتال أو احتفظ بها كتهديد ضمني- تعتبر من نواح عديدة أكثر أدوات السياسة الخارجية فاعلية، و قد وصف كارل فون كلوزفيتز العسكري الألماني هذه العلاقة في تصريح مشهور، عن الحرب بأنها" استمرار للسياسة بوسائل أخرى"، فهناك أكثر من 250 ألف جندي أمريكي موزعين على أكثر من 148 دولة، بحيث أن التواجد الكثيف ينحصر في الشرق الأوسط و في البحر المتوسط و منطقة الخليج.
فالعدوان- حسب النظرة الأمريكية- إن حدث في مكان من العالم، و لم يواجه بسرعة من خلال القوة العسكرية فإنه لن يوقع فقط النظام الدولي و المؤسسات الحرة في خطر، و إنما أيضا الأمن الأمريكي.
إن الولايات المتحدة الأمريكية هي الدولة الوحيدة التي تمتلك فعليا إستراتيجية سياسية و عسكرية ذات أبعاد عالمية.
و بالعودة إلى التقارير التي رفعها البنتاغون إلى الرئيس بوش الأب سنة 1992 ، و منهما تقرير بول ولفويتز و تقرير الأميرال جيريميا، نجد الدعوة إلى توسيع الهيمنة الأمريكية على الأرض كلها، و بكل الوسائل العسكرية و الثقافية و السياسية و الاقتصادية الضرورية، و جاء في خلاصة التقريرين أن على الجيش الأمريكي أن يشمل قوة نووية إستراتيجية قادرة على التدخل ضد أي خصم يمتلك قوة مماثلة، ثم قوة"سلمية" متمركزة في اليابان و كوريا الجنوبية، و قادرة على مجابهة القوات النووية و التقليدية الصينية، و على القيام بمهام استطلاعية في الشرق الأقصى الروسي و كوريا الشمالية، و أخيرا قوة طوارئ مستعدة للتدخل السريع أينما استدعت ذلك مصالح الولايات المتحدة الأمريكية.
و تشير أغلب الدراسات إلى أن الولايات المتحدة سعت، من أجل الاحتفاظ بموقع القيادة لأكبر قوة عسكرية في إطار هيكل القوة العالمي و القوة الوحيدة و المتفردة، إلى تطوير و إعادة صياغة إستراتيجيتها الأمنية، و صناعتها العسكرية، لكي تستطيع أن تؤدي دور المحور العالمي في السياسة الدولية، و تجاه مناطق التوتر و الاستقرار في العالم، و في حل الأزمات و التوترات وفق ما تراه منسجما مع هذه المكانة.
فهدف أمريكا الأساسي هو إرساء قواعد نظام عالمي** تسيطر عليه سيطرة تامة، باعتبارها القوة العظمى الوحيدة المؤثرة في تشكيل الأحداث العالمية، كما أنها ليست على استعداد للتنازل عن وضعها كقوة عظمى وحيدة في العالم**، حتى و لو اقتضى الأمر استخدام القوة** لردع أية دولة أو مجموعة دول تتحدى التفوق الأمريكي.
لكن هل كل هذه الإستراتيجيات و الخطط الأمريكية للبقاء في الزعامة الدولية و بالتالي السيطرة على المناطق الإستراتيجية كافية لضمان بقائها في الريادة، خصوصا إذا علمنا أن هناك قوى تنازعها في ذلك و هي القادرة على منافستها خصوصا على المستوى السياسي و العسكري و كذلك الاقتصادي؟
فلا تزال روسيا الدولة الوحيدة في العالم القادرة على مواجهة الولايات المتحدة، عند الضرورة و ذلك رغم نهاية الحرب الباردة و العجز الاقتصادي الحاد ، و يمكن أن يتم ذلك عن طريق ضربة نووية أولى ووقائية( تملك روسيا حوالي 8000 رأس نووي) ردا على هجوم أمريكي وقائي، و لا يغيب عن واشنطن كذلك أن الشعور القومي الروسي قد يعزز قيادة متشددة و قومية تلجأ إلى إعادة بناء الإمبراطورية المنهارة، الأمر الذي سيؤدي إلى مواجهة عسكرية بين موسكو و بقية الدول المعادية لها.

من الواضح أن السياسة الأمريكية كانت و لا تزال تسعى إلى إضعاف روسيا إضعافا منهجيا منتظما حتى لا يبقى لها أي أمل في أن تعود من جديد قوة كما كانت أيام الاتحاد السوفياتي تنافس الولايات المتحدة الأمريكية، فالغاية إذن هي الحد من قوة روسيا دون استفزازها، أو التسبب في إثارة الشعور القومي في موسكو، مما قد ينقلب خطرا يهدد هيمنة أمريكا على الساحة الدولية.
و هكذا فروسيا لا زالت تشكل أحد الهموم الرئيسية للإستراتيجية الأمريكية، ليس فقط لأن روسيا لا زالت تمتلك ترسانة ضخمة من الأسلحة الإستراتيجية، و إنما أيضا لوجود احتمالات حول عدم سيطرة روسيا على القوات الإستراتيجية للاتحاد السوفياتي السابق، و امتلاك أفراد أو منظمات أو دول متطرفة لأسلحة إستراتيجية روسية عالية الدقة، و ذات تكنولوجية متقدمة تحقق دمارا هائلا.
كما تعتبر الصين إحدى الدول الكبرى و عضوا بارزا في الأمم المتحدة، و صاحبة حق الفيتو في مجلس الأمن، و هي بإمكانها التأثير على مخططات واشنطن و سياساتها الخارجية في كثير من المناطق إذا ما رأت أن ذلك يخدم مصالحها، فالصين قوة عسكرية مهمة في منطقة شرق و جنوب شرق آسيا، و تمتلك السلاح النووي، و تتمتع بمعدلات نمو اقتصادية عالية( و هذا ما يقلق الاقتصاد الأمريكي)، و ترفض الصين الضغوط الأمريكية التي تهدف إلى الحد من حريتها في بيع الأسلحة، و لا تخفي الولايات المتحدة من معارضتها للدور الصيني في نشر التكنولوجيا المتعلقة بالطاقة النووية التي قد يتم استخدامها في تطوير أسلحة نووية في المستقبل.
فالصين يبدو أنها تشكل في المدى البعيد أخطر تحد** للولايات المتحدة بالنظر لكثافة سكانها ووضع جغرافي حاسم، و قوة عسكرية متزايدة، كما أنها الدولة الكبيرة الوحيدة التي لا تزال أسيرة فكرة الحرب الباردة، و هي تحافظ على الإيديولوجية الشيوعية.
فالصين كذلك من الدول القليلة القادرة على توجيه هجوم إستراتيجي نووي مباشر ضد الولايات المتحدة، و رغم أن ترسانة الصين من الصواريخ العابرة للقارات سواء البرية أو المحمولة بالغواصات محدودة، فإن برنامجها للتحديث النووي موجه إلى دعم قدرتها على التهديد الإقليمي و على الانتقام من هجوم نووي أمريكي أو روسي.
لقد أصبح الإستراتيجيون الأمريكيين يدركون كل الإدراك بأن الصين سوف تصبح خلال العقد القادم شريكا صعبا بالنسبة لأمريكا، غير أنه أمام هذا الوضع لا يعرف الأمريكيون على وجه التحديد أي سياسة ينبغي انتهاجها ، بل هم بالأحرى مترددون بين سياستين: إما ترك الأمور تسير على ما هي عليه على أمل التوصل يوما ما إلى التحكم في مجرى التطورات، و إما التصدي منذ الآن لتصاعد الهيمنة الصينية المنافسة إقليميا اليوم و دوليا غدا.
إذن فإنشاء القيادة العسكرية الجديدة لإفريقيا ينطوي على دلالات عميقة بشأن مضمون السياسة الأمريكية في إفريقيا، لا سيما من حيث ما تعنيه تلك الخطوة من اتجاه الإدارة الأمريكية السابقة( بوش الابن) نحو " عسكرة" سياستها الإفريقية بصورة غير مسبوقة، إذ أن المثير للانتباه أن الولايات المتحدة لم تقدم على مثل هذه الخطوة إبان الحرب الباردة حينما كانت إفريقيا واحدة من ساحات المواجهة الساخنة بين الشرق و الغرب.
فالاختراق الاقتصادي الذي حققته الصين في قارة غنية بالثروات الطاقية ، هو السبب الأساسي وراء الإرادة الأمريكية لضمان حضور عسكري مباشر في القارة.
وعليه يمكن القول أن المنافسة و التهديد الذي تشكله كل من الصين و روسيا جعل الولايات المتحدة تضع خطط و إستراتيجيات للحد من هذا النفوذ المتزايد لهاتين الدولتين، و ما تشكيل القيادة العسكرية الأمريكية لإفريقيا إلا أحد هذه الخطط و الإستراتيجيات الغير الظاهرة و ذلك لتأمين و بسط السيطرة و الهيمنة الأمريكية على القارة الإفريقية.
فما الخطر الأمني أو الاقتصادي الذي تشكله الدول المنافسة للولايات المتحدة الأمريكية خاصة روسيا على المصالح الأمريكية بدول المغرب العربي ؟
يمكن القول أن السياسة الروسية خاصة في عهد الرئيس السابق فلاديمير بوتين قد تخلت عن المنطلقات الإيديولوجية و أخذت في الاعتبار المصالح الاقتصادية في الدرجة الأولى، طاوية نهائيا صفحة المحاور التي كانت تقسم المنطقة إلى " تقدميين" و " رجعيين"، و على هذا الأساس شهدت العلاقات الروسية المغاربية انعطافا لافتا في الفترة الأخيرة أعاد موسكو إلى شطرنج المنافسة الإقليمية بعد غياب طويل، جعل منها لاعبا رئيسيا تخشاه أمريكا أكثر من ذي قبل، و جديد العودة الروسية إلى المنطقة أنها لم تعد تقتصر على علاقات جيدة مع الجزائر، و إنما باتت تشمل أيضا إقامة تعاون وثيق مع المغرب، منذ زيارة بوتين إلى كل من الرباط و الجزائر في 2007.
ففي سنة 2005 اشترى المغرب من روسيا عتادا عسكريا بقيمة ربع مليار دولار،سنة بعد ذلك اشترت الجزائر كذلك عدة أسلحة روسية عن طريق عقد عسكري بقيمة 7.5 مليار دولار، مما ينبأ بسباق نحو التسلح في المنطقة المغاربية، المستفيد منه بطبيعة الحال، الدول المزودة لهما بالسلاح و على رأسهما روسيا و الولايات المتحدة الأمريكية و فرنسا، وهو ما يمكن اعتباره سبب آخر للتنافس بين هذه القوى على هاته الصفقات و بالتالي تعزيز نفوذهما بدول شمال إفريقيا.
أصبح الروس كذلك لا يتعاطون في صفقات التسليح فقط ، و إنما يهتمون بالتنسيق في مجال الغاز و تزويد بلدان المنطقة بالتكنولوجية النووية و تعزيز التعاون الأمني في مكافحة الإرهاب و تكثيف المبادلات التجارية، حيث كانت زيارة بوتين للجزائر مناسبة لمقايضة الديون الجزائرية تجاه موسكو و المقدرة ب 4.7 مليارات دولار بصفقة دبابات و طائرات متطورة، إذ قبل الروس شطب الديون المتخلدة بذمة الجزائر مقابل إبرام صفقة الأسلحة، وبالمقابل طغت ملفات التعاون الاقتصادي في العلاقات الروسية المغربية.
و يمكن القول إن بوتين منح روسيا منفذا ثمينا للمغرب الأقصى الذي يشكل إحدى دولتين رئيسيتين في المنطقة، ربما للتعويض عن" خسارة" ليبيا بعد الصفقة التي عقدها العقيد معمر القدافي مع واشنطن لتطبيع العلاقات الثنائية ، و التي أضعفت مركز الشركات الروسية في لعبة تقاسم الحصة النفطية خلال مرحلة ما بعد إنهاء العقوبات الدولية.

خاتمة
لقد نجحت حتى الآن الإستراتيجية الأمريكية في احتواء منطقة المغرب العربي من عدة جوانب سياسية( تبني نموذج الديمقراطية الأمريكية) و اقتصادية( اتفاقيات التبادل الحرمع بعض دول المنطقة) وكذلك أمنية( تبادل المعلومات حول الإرهاب،المناورات...إلخ)، بشكل يجعل دول المنطقة المغاربية في خدمة السياسة الأمريكية، من منطلق برغماتي، الشيء الذي سيدعم الإستراتيجية الأمريكية في المضي قدما نحو مزيد من الهيمنة و السيطرة على مختلف المواقع ذات الأهمية الإستراتيجية بالنسبة لسياسة واشنطن تجاه القارة الإفريقية ككل من خلال إنشاء قيادة عسكرية أمريكية خاصة بهذه القارة.
السؤال الذي يمكن أن يطرح الآن هو ما التأثير الذي يمكن أن تحدثه تورات ما يسمى بالربيع العربي على السياسة الأمريكية في الدول المغاربية؟ و كيف ستتعامل مع الحكومات و الأنظمة الصاعدة؟



#سعيد_الهوسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الانتخابات الجماعية 2009 ...رهان للمشاركة السياسية
- قراءة في خطاب تنصيب الرئيس الأمريكي باراك أوباما
- التدخل الأمريكي في سياسات الدول: دراسة لتأثير واشنطن على الس ...


المزيد.....




- إزالة واتساب وثريدز من متجر التطبيقات في الصين.. وأبل توضح ل ...
- -التصعيد الإسرائيلي الإيراني يُظهر أن البلدين لا يقرآن بعضهم ...
- أسطول الحرية يستعد لاختراق الحصار الإسرائيلي على غزة
- ما مصير الحج السنوي لكنيس الغريبة في تونس في ظل حرب غزة؟
- -حزب الله- يكشف تفاصيل جديدة حول العملية المزدوجة في عرب الع ...
- زاخاروفا: عسكرة الاتحاد الأوروبي ستضعف موقعه في عالم متعدد ا ...
- تفكيك شبكة إجرامية ومصادرة كميات من المخدرات غرب الجزائر
- ماكرون يؤكد سعيه -لتجنب التصعيد بين لبنان واسرائيل-
- زيلينسكي يلوم أعضاء حلف -الناتو- ويوجز تذمره بخمس نقاط
- -بلومبيرغ-: برلين تقدم شكوى بعد تسريب تقرير الخلاف بين رئيس ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الهوسي - دول المغرب العربي و أبعاد تشكيل قيادة عسكرية أمريكية لإفريقيا بعد أحداث 11 شتنبر 2001