أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ميشيل حنا الحاج - هل هناك منظمة -قاعدة- شريرة ، وأخرى -قاعدة- شريفة ؟ كيف؟ وأين؟















المزيد.....

هل هناك منظمة -قاعدة- شريرة ، وأخرى -قاعدة- شريفة ؟ كيف؟ وأين؟


ميشيل حنا الحاج

الحوار المتمدن-العدد: 4227 - 2013 / 9 / 26 - 02:01
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أسئلة تحتاج إلى إجابات حول الواقع العربي والربيع العربي
السؤال التاسع والأربعون :
هل هناك منظمة "قاعدة" شريرة ، وأخرى "قاعدة" شريفة ؟ كيف؟ وأين؟

عرفت منظمة القاعدة بأنها منظمة إرهابية. وقد اعتبرت بسبب ذلك منظمة شريرة، بل وشريرة جدا بسبب التسبب في مقتل العديد من الأبرياء. وكان أولهم أولئك اللذين قضوا في تفجيرات الأبراج في نيويورك وبلغ عددهم بالآلاف بين قتلى وجرحى. أما آخرهم فكان ضحايا الهجوم على “West gate mall” في كينيا، حيث بلغ عدد الضحايا بالمئات بين قتلى وجرحى ومفقودين. وبين هذا وذاك، كان هناك مئات آخرين من الضحايا ومنهم ضحايا كنيسة سان جورج في بيشاور والذين بلغ عدد الضحايا فيها سبعين قتيلا ومئات الجرحى. ومثلها حوادث اعتداء كثيرة على كنائس في نيجيريا نفذها جماعة "بوكو حرام " التابعة أيضا للقاعدة. أضف إليهم تلك العمليات الإرهابية التي نفذت في "مالي" قبل أن تتمكن فرنسا من الحد من نشاطهم، وعمليات كثيرة بدأت تتسع في اليمن، وفي شمال باكستان القريب من الحدود الأفغانية، مع عمليات كبرى أحيانا داخل أفغانستان ذاتها.

وعلى ضوء ذلك، تبدو جميع العمليات الإرهابية التي تنفذها القاعدة ومن يدورون في فلكها ، عمليات شريرة ولا يجوز وصفها إلا بالعمليات الإرهابية المرفوضة من المجتمع المدني المتطور والمتحضر. ويتوجب دائما أن نذكر الآية الكريمة (لا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق )، وهذه من أروع الآيات في القرآن الكريم، وورد أيضا مثيلا لها في الوصايا العشر في الديانة المسيحية وكذلك اليهودية ، ويعتقد البعض أنها قد وردت أيضا في الديانة البوذية وربما في ديانات أخرى. فهذه من مبادىء القانون الطبيعي الذي يولد معنا، أي مع كل إنسان ، والذي ينطلق من مبدأ عام هو "عامل كما تحب أن تعامل". ومع ذلك يعتبر أعضاء منظمة القاعدة، أن هذا القتل ليس عملا إرهابيا ، فهو قتل انتصارا للإسلام، علما بأن معظم العقلاء من المسلمين يرفضون هذا التبرير، فالدين الإسلامي في رؤيتهم هو دين سمح، وفي الواقع هو كذلك كما يراه الكثيرون من المسيحيين والإسلاميين سواء.

وإذا كان الأمر كذلك، وبالتالي كانت منظمة القاعدة هي منظمة شريرة على ضوء أفعالها تلك ، فلماذا لا تتعامل دول الغرب معها جميعها سواسية. فهي في ظاهر الأمر تلاحق في حالات كثيرة، أعضاء منظمة القاعدة في أماكن تواجدهم. إذ أنها تلاحقهم في اليمن بغارات متتالية وتلاحقهم كذلك في المناطق الباكستانية القريبة من الحدود الأفغانية حيث يتواجد طالبان باكستان المتحالفين مع طالبان أفغانستان ومع القاعدة بطبيعة الحال. كما أنها تلاحقهم ( أي أعضاء القاعدة) في داخل أفغانستان، وتساعد الدول الأخرى على ملاحقتهم ، كما حدث في ملاحقة الفرنسيين للإسلاميين المتشددين في مالي، ومساعدتها للحكومة النيجيرية في ملاحقتها لمنظمة "باكو حرام" المتفرعة عن منظمة القاعدة، إضافة إلى مساعدتها للقوات الأفريقية التي جاءت إلى الصومال لمطاردة منظمة القاعدة المتواجدة فيها وتحمل اسم منظمة الشباب الإسلامية التي نجحت القوات الأفريقية ومنها القوات الكينية في طردها بل ومطاردتها إلى خارج المدن الصومالية، حتى تبين أخيرا بأنها لم تنجح تماما في ذلك عندما هاجمت مجموعة من شباب الصومال الإسلاميين ذاك المجمع التجاري في نيروبي، والذي انتهت اليوم فقط مأساته التي استمرت عدة أيام واستنزفت عشرات الأرواح كما سبق وذكرنا.

ومع ذلك فإن هذه الملاحقة ليست شاملة أو تامة لكل منظمات القاعدة او، على الأقل، لكل فروعها أو المجموعات التي تدور في فلكها. فعلى سبيل المثال لا الحصر هي لا تلاحق دولة العراق والشام المنتمية للقاعدة والتي تعمل داخل العراق. كما أنها لا تلاحق المجموعة المنتمية لذات المنظمة والتي تعمل داخل سوريا بالتحالف مع منظمتي النصرة وكتائب أحرار الشام الإسلامية المتحالفة أيضا مع القاعدة. وهي لا تلاحق أيضا المتشددين من تيار الإسلام السياسي الناشطين في سيناء والذين ينتمي العديد منهم إلى منظمة القاعدة. وهي تغض النظر بل وتشجع التخطيط لتنشيط أعمال القاعدة مستقبلا في الشيشان الروسية وفي الجمهوريات الإسلامية الصغيرة المنضوية تحت لواء الإتحاد الروسي. فهذه كلها منظمات تنتمي إلى القاعدة، لكن دول الغرب، وبالذات الولايات المتحدة، لا تلاحق هذه المنظمات "القاعدية" بنفس الأسلوب الذي تلاحق فيه منظمات القاعدة في أفغانستان، أو في باكستان، أو في اليمن والصومال وغيرها من المواقع، بل ولعلها لا تكتفي بعدم ملاحقتها، بل تقدم لها السلاح والدعم المالي بشكل مباشر او عن طريق طرف ثالث، بل وربما تساعدها بالمعلومات الاستخبارية أيضا، وذلك لكون تلك المنظمات تخدم مصالح أميركية، وهي لذلك، تصبح بالتالي منظمة "قاعدية" شريفة أو على الأقل غير شريرة.

وبطبيعة الحال هذه كلها كانت مجرد خطوط عريضة، أي مانشيتات صحفية ، فلا بد إذن من التفصيل فيها.

1) فبالنسبة لدولة العراق والشام العاملة في العراق، هي لا تعمل فحسب ضد المصالح الأميركية، كما سبق وذكرنا، بل هي ربما تقوم بخدمتها أيضا. فالرئيس جورج بوش الابن عندما هاجم العراق في عام 2003، متنكرا لصفقة الدبلوماسية السرية التي عقدها والده جورج بوش الأب مع العراق في عام 1991 والتي عقدت برعاية سوفياتية، بهدف الحيلولة دون تمكن رجالات إيران من حرس الثورة الايرانية والمتعاونين معهم من شيعة العراق واللذين سمتهم الحكومة العراقية بالغوغاء، من الوصول إلى بغداد والسيطرة على السلطة فيها ، لم يلحظ هذا الرئيس بأنه يرتكب خطأ كبيرا ستعود عواقبه بالويل على الولايات المتحدة في المدى القريب أو البعيد. فهذا التدخل الأميركي الجديد في الشأن العراقي، جاء متناقضا مع التعهد الأميركي في عام 1991 والذي تضمن ما يعتقد أنه صفقة الدبلوماسية السرية برعاية سوفياتية ، بعدم التعرض للنظام العراقي أو لرئيسه صدام حسين، مقابل تعهد العراق بمقاتلة الايرانيين الغزاة وطردهم بعيدا عن العراق ، وذلك في معرض السعي للحيلولة دون وصول الخطر الايراني إلى دول الخليج المتحالفة مع أميركا، وهو التعهد الذي جاء متماثلا مع التعهد الأميركي للسوفيات في زمن الرئيس كينيدي في عام 1962، بعدم غزو كوبا وعدم التعرض للرئيس كاسترو او للنظام الكوبي، مقابل سحب السوفيات لصواريخهم التي نصبت على الأراضي الكوبية غير البعيدة عن الشواطىء الأميركية.

فهذا التدخل الأميركي الطائش، لم يأت مخالفا فحسب لتعهد دولي استند إلى كلمة شرف، رعته دولة كبرى هي الاتحاد السوفياتي، بل جاء أيضا مناقضا للأهداف التي سعت الصفقة الدبلوماسية الدولية لتحقيقها، وهي الحيلولة دون وصول الإيرانيين المنتمين في غالبيتهم لطائفة الشيعة ، إلى حد السيطرة على مقاليد الأمور في بغداد. فهذا التنكر لتعهد دولي، خلافا للموقف الأميركي بالنسبة للتعهد المشابه الخاص بكوبا، وهو التعهد الذي احترمه كل الرؤساء الأميركيين اللذين جاءوا بعد الرئيس جون كينيدي، وظلوا يحترمونه حتى الآن وبعد انفراط عقد الاتحاد السوفياتي وزواله كدولة، بل وكان الرئيس بوش الأب وكذلك الابن ممن احترموه، هذا التنكر شكل خطرا واضحا في معرض عدم احترام مفاهيم الصفقات الدولية، سرية كانت أم علنية، كما شكل خطرا أكبر في النتائج التي ترتبت عليه، وهو خطر على المصالح الأميركية .

فالغزو الأميركي للعراق في عام 2003 ، قد حمل إليه مجددا مخاطر السيطرة الإيرانية على مقاليد الأمور في العراق ، بدءا بزيادة النفوذ الإيراني فيه، تمهيدا للسيطرة التامة عليه ، وهو ما سعى جورج بوش الأب لتفاديه، فجاء الابن في معرض ما اعتقد أنه عملية انتقام لوالده الذي فشل في إسقاط النظام العراقي في حينه، وكأنه يقول " أنا بانتقملك يا دادي "، ومكن بعمليته تلك التي أزهقت أرواح عشرات الآلاف من المدنيين والعسكريين العراقيين، من تغلغل النفوذ الإيراني إلى العراق، حيث جثم بالتالي على رأس الحكومة العراقية، في المحصلة النهائية، السيد نور المالكي، الشيعي الإنتماء والموالي، بل والمتعاطف أيضا مع إيران، والذي تمسك بكرسي رئاسة الوزراء رغم كل العمليات الانتحارية والسيارات المتفجرة التي تقتل المئات من العراقيين كل شهر وتنفذها منظمة دولة العراق والشام الإسلامية التي تشكل، باعترافها رسميا، فرعا من فروع منظمة القاعدة.

ومع ذلك الاعتراف الرسمي من قبل "داعش"، وهو الاسم المختصر لمنظمة دولة العراق والشام الإسلامية ، بانتمائها لمنظمة القاعدة، فإن طائرات " الأندرود" الأميركية التي تلاحق جماعات القاعدة في اليمن وباكستان وأفغانستان، لم تلاحق "داعش " بأي شكل من الأشكال. بل وربما قدمت لها المساعدة المالية واللوجستية سواء مباشرة او من خلال طرف ثالث، إضافة إلى تزويدها، كما يحتمل، بالمعلومات الاستخبارية التي توفرها طائرات الأواكس والأقمار الصناعية. ذلك أنه شئنا أم أبينا، فإن العمليات التفجيرية والانتحارية التي تنفذها "داعش"، تخدم المصلحة الأميركية بعدم استفحال النفوذ الإيراني في بغداد، دون إضعاف حكومة نور المالكي، إلى درجة قد تؤدي إلى عودة حزب البعث العربي، الذي ترأسه صدام حسين المعادي للولايات المتحدة ، الى السلطة. فكلا الأمرين مكروه لها، وهي لذلك، أي أميركا، لا تلاحق "داعش " القاعدية بالطائرات أو بغيرها من الأساليب الفعالة التي تملكها الولايات المتحدة، ذلك لأنها تخدم في هذه المرحلة، المصالح الأميركية مما يجعلها، أي "داعش"، منتمية للفئة الشريفة بين المنظمات المنتمية لمنظمة القاعدة.

2) وفي سوريا هناك أيضا فرع من فروع "داعش"، إضافة إلى مجموعة النصرة وأحرار الشام المنتمين بدرجات متفاوتة لمنظمة القاعدة. وهذه المنظمات، خصوصا "داعش والنصرة، ارتكبوا أعمالا وحشية كثيرة منها قطع رؤؤس، وإعدام عشرات الأسرى، واغتصاب نساء، واختطاف رهائن منهم مطرانين اختفت آثارهما تماما منذ ثلاثة أشهر، إضافة إلى اقتحام مدن مسيحية آمنة كمدينة معلولة والتي قيل قبل يوم أو يومين، أن مجموعة من راهباتها ونسائها وأطفالها، ما زالت مختبئة منذ عدة أيام ، داخل إحدى الكنائس بانتظار الاطمئنان بأن الخطر قد زال، وهو لم يكن قد زال حتى قبل يوم على الأقل، وذلك نتيجة لاستمرار القتال في بعض أحياء المدينة الصغيرة.

ولكن هذه الأعمال الوحشية والإرهابية التي تعبر عن سمات القاعدة ، لم تستدع تدخلا من الجهات الأميركية، سواء عن طريق قصف طائرات " الأندرود" أو بغيرها من الوسائل، أسوة بما تفعل الولايات المتحدة بصدد المنظمات الأخرى التابعة للقاعدة.

ولكن الأمر لم يتوقف لدى امتناع الولايات المتحدة عن ملاحقة أولئك عسكريا أو بوسائل أخرى، إذ امتد لتقديم العون المالي والتسليحي لهم، مع احتمالات تزويدهم بالمعلومات الإستخبارية وذلك لمساعدتهم على مقاومة عدو مشترك هو النظام القائم في سوريا.

فالحكومة الأميركية كانت ترغب في إسقاط حكومة بشار الأسد الذي لا يكن الود للولايات المتحدة ، والمتحالف مع روسيا الاتحادية، ومع إيران وحزب الله. وهؤلاء كلهم ليسوا من أصدقاء الولايات المتحدة. ونتيجة لذلك تغض أميركا الطرف عن هذه الفئات القاعدية الانتماء لكونها تساهم في ممارسة الضغط على النظام السوري الذي لم تتمكن أميركا من إسقاطه، فاتجهت لذلك إلى استنزافه لإبقائه منشغلا عن مخططاتها الساعية للشرق الأوسط الجديد، والراغبة أيضا في حماية ربيبتها إسرائيل. ولكونها تساعد، إراديا أو نتيجة سلوك لا إرادي، على تحقيق هذه الأهداف، فإن السلطات الأميركية قد غضت النظر عن صفات تلك المنظمات القاعدية، وأدخلتها ضمن تصنيف القاعدة الشريفة التي تنفع ولا تضر. فكل تلك الأعمال الوحشية والبربرية والإرهابية، قد باتت أعمالا غير مغضوب عليها تماما، لأن النتائج التي تؤدي إليها، إنما تصب في مصلحة الولايات المتحدة، وهي إسقاط النظام السوري، أو إضعافه، أو استنزافه.

3) والأمر ذات ينطبق على ما يجري في سيناء، حيث تمارس الأعمال الإرهابية بين الفينة والأخرى، نتيجة لوجود مقاتلين يحملون السلاح وينتمون لتيارت تابعة للإسلام السياسي، وبعضهم ينتمي بشكل واضح ومؤكد لجماعة القاعدة. كيف جاء هؤلاء، من أين جاءوا، كيف ظهروا. لا أحد يعلم على وجه التحديد والتفصيل.

والمعروف أن سيناء بموجب اتفاقية كامب ديفيد، مقسمة إلى ثلاثة أجزاء. الجزء المحاذي لحدود إسرائيل يحظر فيه تواجد أي نوع من القوات المسلحة المصرية، مع إمكانية تواجد بض رجال الشرطة، ولكن بأعداد قليلة. وفي الجزء الأوسط، يمكن تواجد بعض رجال القوات المسلحة والشرطة، ولكن بأعداد قليلة حددتها اتفاقية كامب ديفيد. أما الجهة الثالثة المحاذية لقناة السويس، فيمكن للقوات المسلحة المصرية التواجد فيها بالأعداد التي تحتاجها وذلك لحماية الملاحة في قناة السويس التي هي مصلحة دولية، إضافة إلى كونها مصلحة مصرية.

ولكن إسرائيل التي لم ترغب في تواجد قوات مصرية بمحاذاة حدودها، تغاضت لسبب نجهله، عن تنامي تواجد المسلحين في تلك المنطقة ذاتها، وفي المنطقة الوسطى أيضا. بل وتغاضى عن ذلك أيضا، نظام الرئيس المعزول الدكتور محمد مرسي الذي لم يسمح بإجراء تحقيق جدي في قضية مقتل الضباط الستة عشر في المنطقة القريبة من رفح المصرية، وذلك في الشهر الأول من توليه الرئاسة. وكذلك لم يسمح للجيش بالتدخل لإطلاق سراح عدد من العسكريين اختطفوا من قبل مسلحين خلال الشهرين الأخيرين من حكمه. وتبين تدريجيا أن هذا الحظر الذي فرضه على القوات المسلحة بالتدخل، كان سببه ألا يتيح الفرصة لقوات الأمن والقوات المسلحة للإطلاع على حقيقة ما يجري في سيناء بمباركته، أي بمباركة الرئيس السابق مرسي، بل وبمعرفته أيضا من تسليح وتدريب لأولئك المقاتلين، بهدف إنشاء قوة ضمت إسلاميين وسلفيين ومنتمين للقاعدة ، ليشكل أولئك مجتمعين، قوة مساندة للرئيس المصري آنئذ في حالة احتياجه لهم نتيجة لاستقواء المعارضة عليه، أو في حالة قلب نظام حكمه خصوصا وأن ثقته بولاء الجيش له لم تكن كبيرة.

وفي ظل هذا التخاذل وغض النظر عن عملية التدريب والتسليح في سيناء ، مع إبعاد الجيش عنها ، تنامت قوة المسلحين من تيار الإسلام السياسي وخصوصا من أولئك المنتمين للقاعدة. وبطبيعة الحال، لم تحاول الولايات المتحدة التي تملك الأواكس والأقمار الصناعية المراقبة، والتي كانت تلم، على الأرجح، بكل ما يجري في سيناء، أن توقف أو تنبه علنا للتحركات الحاصلة هناك. بل كانت هناك مؤشرات كثيرة ترجح وجود تحالف ما سري وغير معلن عنه، بين نظام الدكتور محمد مرسي والسلطات الأميركية التي لم تساهم فحسب بغض الطرف عما يجري في سيناء، بل غضت الطرف أيضا عن تدفق الأسلحة عليهم سواء القادمة من ليبيا أو من حماس. ولم يستبعد البعض أن تكون قد جاءت أيضا من إسرائيل.

فالولايات المتحدة كانت تبدو مرتاحة كثيرا لتواجد الدكتور مرسي في سدة الرئاسة، ولتواجد أنظمة سياسية إسلامية أخرى هنا وهناك كما في غزة وفي تونس. فالدكتور مرسي قد تعهد باحترام كامب ديفيد، وربما أيضا بحماية الحدود الإسرائيلية. كما توسط أيضا بين حماس والإسرائيليين لتحقيق نوع من وقف طويل لإطلاق النار من غزة ضد المواقع الإسرائيلية. ومن هنا غضت أميركا النظر عن النشاط المتزايد للقاعدة، والذي أثبت تناميه نتيجة العمليات العسكرية المؤلمة التي نفذها أعضاء تيار الإسلام السياسي بما فيهم المنتمين للقاعدة، ضد قوات الجيش المصري في سيناء وخارج سيناء، كوسيلة للضغط على حكومة الثورة المصرية لتحملها على إعادة الدكتور مرسي الصديق للولايات المتحدة، إلى الحكم، أو كي تشركه أو تشرك جماعته في نظام الحكم الجديد. فهي قد غضت النظر عمن اعتبرتهم قاعدة شريفة تخدم أغراضها ونهجها السياسي في المنطقة ولا تتعارض مع مصالحها رغم كل عمليات القتل التي يمارسها المسلحون ذوي تيار الإسلام السياسي، خصوصا المنتمين منهم لتيار القاعدة.

4) وهناك غض نظر كامل عن تنامي تيارات الإسلام السياسي في المنطقة، والتي تشكل الحاضنة لنمو المجموعات التي تنتمي للقاعدة. وهذا التعاطف أو السكوت عن نشاطهم ذاك، مرده تأزم العلاقات الدولية مع روسيا الاتحادية التي باتت تبرز كقطب جديد في قيادة العالم، في محاولة لإنهاء نظام القطب الواحد. فالولايات المتحدة باتت تتوقع مجيء يوم تحتاج فيه لجهود أولئك المنتمين سواء لتيار الإسلام السياسي، السلفي منه أو القاعدي، إذا ما اضطرت في يوم من الأيام، وربما في يوم قريب، إلى خلق المشاكل والمعضلات للإتحاد الروسي، عبر تحريك الاضطراب في الشيشان، أو في الجمهوريات الإسلامية الصغيرة، كورقة ضاغطة على الإتحاد الروسي الذي تنضوي تحت جناحيه تلك الجمهوريات الإسلامية، بل وكورقة مساومة تستخدمها الولايات المتحدة عندما تستشعر الخطر الروسي عليها. فهؤلاء إذن يشكلون تيارا قاعديا لطيفا ومفيدا وخادما للمصالح الأميركية ، فهوبالتالي يشكل قاعدة شريفة وليس بأي حال من الأحوال، وحتى الآن، قاعدة شريرة.

وهكذا نلاحظ تفاوت النظرة الأميركية نحو قاعدة وقاعدة. فهي تميز بين قاعدة لا تخدم مصالحها، بل هي تهاجمها هنا وهناك، وقاعدة لا تتعرض للمصالح الأميركية، بل تسعى لخدمتها ولمراعاة مصالحها. فالأولى هي منظمات القاعدة الشريرة. أما الآخرون، فأولئك يمثلون القاعدة الشريفة التي لا خصومة بينها وبين الولايات المتحدة رغم أنهم يرتكبون الكثير من الأعمال الشريرة التي لا تعتبرها الولايات المتحدة، في مفهومها الغامض، أعمالا شريرة.

Michel Haj



#ميشيل_حنا_الحاج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا كانت المنطقة العربية منذ الحرب العالمية الأولى وحتى ال ...
- لماذا يلاحق -أوباما-مخالفات لاتفاقية دولية تحظر استخدام السل ...
- هل تشكل معركة -إعزاز- علامة فاصلة في كوكتيل تحالفات المعارضة ...
- هل يدمر نتنياهو سلاح إسرائيل الكيماوي، بعد أن تعهدت سوريا بت ...
- متى يقوم -أوباما- باستبدال اسم سوريا ليصبح -سوريستان-؟
- هل يؤدي الاقتراح الروسي حول الكيماوي، إلى قرار شبيه بالقرار ...
- متى تسقط ورقة التين عن البعض، كما سقطت منذ حين عن البعض الآخ ...
- السؤال الحادي والأربعون : هل أصبح النفط نقمة ، ولم يعد نعمة ...
- السؤال الأربعون : هل باتت ما سميت بالثورة السورية ، هي الثور ...
- هل يتعظ اوباما من تجارب بوش وبوش في العراق ؟وهل انتهى زمن ان ...
- كم ستقتل الولايات المتحدة من السوريين، انتقاما لضحايا الكيما ...
- هل تسعى عملية دول الغرب العسكرية إلى إنهاء الحرب في سوريا، أ ...
- لماذا لا يسمح بإقامة التوازن النووي في الشرق الأوسط؟
- لماذا ...لماذا ...لماذا ؟؟؟
- متى يتعلم الأميركيون من أخطائهم ؟ متى ؟
- هل أطل علينا أخيرا ربيع عربي حقيقي، أم علينا أن ننتظر؟
- لماذا تقصف طائرات -درونز- الأميركية مواقع -القاعدة- في اليمن ...
- من ينقذ الأردن من بركان ربيعي مدمر ؟
- متى يزهر الربيع العربي في السودان، أم أنه قد تحقق قبل كل فصو ...
- متى يدرك القادة العرب أن -المغول- قادمون؟


المزيد.....




- الرئيس الصيني يستقبل المستشار الألماني في بكين
- آبل تمتثل للضغوطات وتلغي مصطلح -برعاية الدولة- في إشعار أمني ...
- ترتيب فقدان الحواس عند الاحتضار
- باحث صيني عوقب لتجاربه الجينية على الأطفال يفتتح 3 مختبرات ج ...
- روسيا.. تدريب الذكاء الاصطناعي للكشف عن تضيق الشرايين الدماغ ...
- Meta تختبر الذكاء الاصطناعي في -إنستغرام-
- أخرجوا القوات الأمريكية من العراق وسوريا!
- لماذا سرّب بايدن مكالمة نتنياهو؟
- الولايات المتحدة غير مستعدة لمشاركة إسرائيل في هجوم واسع الن ...
- -لن تكون هناك حاجة لاقتحام أوديسا وخاركوف- تغيير جذري في الع ...


المزيد.....

- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ميشيل حنا الحاج - هل هناك منظمة -قاعدة- شريرة ، وأخرى -قاعدة- شريفة ؟ كيف؟ وأين؟