أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم اليوسف - صناعة الألم:














المزيد.....

صناعة الألم:


إبراهيم اليوسف

الحوار المتمدن-العدد: 4226 - 2013 / 9 / 25 - 03:41
المحور: الادب والفن
    


صناعة الألم:
يتشكل الجذراللغوي للألم: مصدراً، وتسمية، من الفعل الثلاثي"ألم، و يدل على الوجع، بل الوجع الشديد، وهو في نظر الفلاسفة نقيض اللذة، وإن كانت هناك دلالات كثيرة، يمكن استنباطها من الجذرنفسه، عند تعدية الفعل، وتحويله إلى رباعي، لنجد: الإصابة، والإحاطة، وغيرهما من المعاني العديدة، من اجتماع أرومة المفردة- لغوياً- والألم أثروجداني، يعاني منه من يتعرض له، وإن كان في عامته مضمراً، بحيث لا يحس به سوى صاحبه، سواء أكان نتيجة داع معنوي، كالفراق، وفقد أحد الأحبة، أو نتيجة داع مادي، ملموس، طعنة، أو جرحاً، وما يشابههما.
والإحساس بالألم على درجات، متباينة، حيث أن تعرض مجموعة من الأفراد لأحد أسباب الألم سوية، يجعل لكل منه مستوى تفاعله معه، وتلقيه له، ما يجعل المتنكبين برحيل أحد الأقرباء-وإن كانوا على درجة واحدة من صلة الرحم به- أمام مستويات متباينة من الألم، حيث نجد هناك من هو الأشدُّ تأثراً بالمصاب، إلى جانب من يتلقاه بأقل ما يمكن من ألم، وكل هذا يأتي نتيجة عمليات معقدة، تتعلق بتكوين المرء، وحالته النفسية، والعلاقة بين أحاسيسه وانفعالاته، من جهة، وعقله، من جهة أخرى، وليس أدل على ذلك من أن هناك من سينهار أمام أية صدمة يتعرض لها، إلى جانب من يصمد أثناء تعرضه لتلك الصدمة ذاتها.
ومن يعد إلى تاريخ الأدب والفن، على اعتبارهما، صدى لروح الكائن البشري، ووعيه، يجد أنهما لم يولدا- في الأصل- إلا كنتاج عن الألم ونقيضه: اللذة، التي تحدث عنها الفلاسفة، حيث كانت النصوص الإبداعية الأولى ترجمة صرفة، لهذه الثنائية، إما في أحد مكوناتها، أو من خلال التقائهما معاً، ماداما يتجاوزان حدود الأثرالإبداعي، من خلال استفزازالمتلقي، وصدمته، وإن كان هناك حديث في النهاية عن" لذة النص"، بل و"لذة الألم" و"ألم اللذة"، ويمكن تحليل كل ذلك، في مختبر فهم :"خلق النص"، و"تلقيه" وما ينطوي على ذلك من "سادية" أو"مازوكية"، يتوزعاهما المرسل، والمرسل إليه، عبر التفاعل مع الخطاب وقوة أدواته، وخصوصية رؤيته.
وإذا كان تلقي الألم، يتم على درجات، فإن الألم ذاته، هو الآخر على درجات، حيث ثمة"ألم شديد" و"ألم أقل وطأة"، وإن الذات الإنسانية، قادرة، على تخفيف الألم المعنوي، وتهميشه، بل إن هذه الذات نفسها، قد تضخم الألم، أية كانت درجته، في حدوده الدنيا، أو ذروته، إذ يكون الشعور بالألم، هو الألم، ما جعل المبدع يتعامل معه بمستويات مختلفة في حدود نصه الإبداعي، لاسيما إن هناك من يطوعه، مقابل من ينهزم في حضرته، وقد استطاع "نيكوس كازنتزاكي" في"تقرير إلى غريكو" أن يقدم نقيضي: الجمال- القبح والحياة- الموت عبر براعته في تصوير تلك الحسناء، في ذروة ألقها، إلى جانب استفزاز المتلقي بموتها، وما يتبع ذلك من تطورات مرعبة للجسد.

وإذا كان الأدب والفن أحد المصادر التي تعكس الألم، فإن الحياة اليومية، تعجّ بالآلام التي تحاصر المرء، من كل حدب وصوب، إلى الدرجة التي يبدو لنا وكأن ما من امرىء في الكون من دون ألم، وإن كانت آلام الكبار صغيرة، وآلام الصغار كبيرة، لأن الوعي بالألم، وبطبيعة الحياة، يدفع بنا أن نكون كائنات تمرن أنفسها لمواجهة فخاخ الألم المنصوبة لنا، أنى حللنا، والأمر يزداد أهمية لدى المبدع، عندما لا يرضخ، أو يستكين في حضرة ألمه، ويجعله جسراً نحو حب الحياة والإبداع.

إبراهيم اليوسف
[email protected]




#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- موت الذاكرة
- -دائرة الطباشيرالقوقازية-
- حبكة القص حبكة الواقع
- جيل الاغتراب الأكبر.........!
- الطفل الذي قدم أدوات قصته:
- كرد ستريت ترصد آراء المثقفين والسياسيين الكرد حول انضمام الم ...
- أطفالنا والحرب: من يوميات أيان
- اللاكتابة
- الكاتب و أسئلة الطوفان
- الأول من سبتمبر:
- روح الشاعر
- من يتذكرشخصية-شرو-؟.
- الأسد بطلاً قومياً ونوستالجيا أحضان النظام
- رسالة سبينوزا إلى السوريين:
- مجزرة كيمياء الغوطتين من وراء ارتكابها حقاً..؟
- خارج النظرية:
- سقوط معجم الفرقة:
- إنهم يفرغون الجسد من الروح..!
- برقية عاجلة إلى رئاسة إقليم كردستان و إلى حزب الاتحاد الديمق ...
- الرواية والمفاجأة


المزيد.....




- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم اليوسف - صناعة الألم: