أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - فيحاء السامرائي - هل تنحصر -الانسانية- في مهرجان؟














المزيد.....

هل تنحصر -الانسانية- في مهرجان؟


فيحاء السامرائي

الحوار المتمدن-العدد: 4225 - 2013 / 9 / 24 - 01:29
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


في محطة " لوبورجيه " ، طوابير طويلة ممتدة أمام النظر، يحمل واقفون فيها مظلات تقيهم من رذاذ خريفي مشاكس، تتناوب حافلات خاصة لنقلهم الى مقصدهم...الجمع مغمور بأبتسامات مأنوسة نتبادلها معهم رغم أننا لا نعرفهم..ننزل سوية عند بوابة كبيرة لأرض براح في ضاحية باريسية شمالية، يهرع نحونا عند الدخول شباب طالبين توقيعنا على مظالم يختنق ويغصّ بها هذا العالم، ترى هل تجدي تواقيع لإصلاح وضع سياسي واجتماعي معوّج؟...يشيع لون أحمر في المكان، لافتات وكتابات بمختلف اللغات، مفارش طاولات، دهان جدران أكشاك، واجهات أجنحة، فانيلات مطبوع عليه صور شخصيات ورموز، قبعات ومناديل...لِمَ نرى هذا اللون في الجيش الأحمر، الثورة الحمراء، الساحة الحمراء، العلم الأحمر، كتاب (ماو) الأحمر ؟ هل هو رمز للون نضال متسم بدماء مبذولة على الدوام؟ أم هو رمز لقدسية متوارثة وولاء لآيديولوجيا معينة؟...تطوف عيوننا مذهولة في المكان وبالمكان، من هنا مرّ (جوريس) و(كاشين) ويخطب اليوم (بيير لوريه) وسط حشد من مريديه...ونستقر في (قرية العالم) لإحتواء التقاطات ما حولنا من تنوع وأجواء صاخبة، موسيقى تنطلق من كل خيمة بلون أرضها وسمات لسانها، رقصات مرحة مشبوبة بحب أرض وناس وتراث، فرق فنية متفاخرة بارتداء أزياء شعوبها، طاولات لكتب ومنشورات تتباهى بكتّابها ونخبتها من ذوي نشاطات فكرية مبهرة، أكشاك لعرض فولكلور وموروث في ملبس ومأكل ومشرب: رم كوبي، كوكتيل كاريبي، روج فرنسي، شاي نعناع مغربي، شاي عراقي أبو الهيل...من أين نبدأ؟ ما الذي يستحوذ على اهتمامنا دون غيره؟ من أين لنا أن نأتي بهذا الكم من الابتسامات لنوزعها على جمع مبتسم؟ وأقدامنا، كيف لها ان تتثبت ولا تهتز جراء سطوة موسيقى يرقص على ألحانها شباب وكهول، نساء ورجال، لا يأبهون لعمر وروادع وتحفظات وهم يدورون في حلبات رقص ومرح وضحكات، وفي الخصوص حين يسحبون مارّ من أمامهم ليعلن تضامنه برقصه وفرحه معهم...وحينما يفرغون، تنطلق حناجرهم بهتافات، يحييون فيها نضال شعوب متعبة تصبو لعدالة ونظم اجتماعية منصفة...نبتسم لهم رغم أننا لانعرفهم ونتعاطف مع قضيتهم، قضاياهم، منادين باستقلال، انفصال، مساواة، تغيير نظم، إنصاف لطبقات، حرية ممارسة عقائد، إطلاق سراح مسجونين، إطاحة بأنظمة جائرة، تمثيل في برلمان، قوانين عادلة، مطالب تأبى سلطات حاكمة تلبيتها...
ندخل خيمة لنستريح، حينها تغرينا روائح أطعمة مختلفة، (آش) إيراني، طعام مغربي، محار فرنسي، أطباق أفريقية، حلويات جزائرية، ورائحة سمك مشوي برتغالي، نطلبه ونأكله بطريقتهم بشوكة وسكين، يرفع جالسون على طاولة مجاورة أنخابهم بحياة سعيدة لجميع شعوب الأرض ويغنون نشيد (الأممية)، نرى أنفسنا نغنّيها معهم بلغتنا، ثم يختتمونها بضحكة وضجّة...لا ندري لماذا يغمرنا شعور بالألفة والطمأنينة هنا، كأننا نعرف هؤلاء الناس من زمن بعيد، يوم كنا نغني أغان ممنوعة في محافل محظورة الاّ من آبار ذاكرة لا تزال مبتلة بعرق عمل سري شغفنا به ونحن شباباً، وكأنه خلاصنا وملاذنا من مظالم كنا نحسّها ونؤدي بهذا الشكل واجب وعيْنا عليه، حتى لو لم ندرك له نتائج وردية...هل ستظل الانسانية تسير هكذا، لتبقى مطالبها قيد التأجيل والتسويف؟ وهل يكتب لها أن تواصل نضالها الى مالا نهاية؟ هل أدمنتْ شقاءً وجهداً وعناء؟ أما آن لها ولنا أن تستريح ونستريح؟...
ندلف بعد ذلك لخيمة أخرى تعلو فيها أغان مغربية وصور ومنشورات بالعربية، نوقع لهم، تضامناً مع مطالب يؤمنون بمشروعيتها، ونشرب شاياً مضمخاً برائحة نعاع ولوز، قبل انطلاقانا في شوارع تخلّد أسماء نجوم ثوريين، فهنا شارع كاسترو وسيجاره الشهير، وهناك شارع أراكَون مع ألزاه، وهذا شارع تشيه غيفارا، حيث خيمة أقرب الى جهة القلب...
وجوه قديمة صديقة في خيمة طريق الشعب، جُبلوا على عمل تطوعي ونكران ذات، وجوده شابة يقتدون بأهل وأقارب، ويسيرون في درب الانسان والإنسانية ذاته، الكل يروح ويجيء بنشاط، فنان تشكيلي يجلس عند طاولة عليها كتب ومنشورات وبوسترات، آخر يبتعد عن لوحة يرسمها، مثبة على جدار الخيمة، تأتيه فكرة، فيقترب منها مرة أخرى وينثر إبداعه ألواناً ومعان مكرّسة للإنسانية لا غير، يعتلي فنان موسيقي المسرح ويغني، تأتي فرقة من بعيد ولم يزل عرق البلد الأم يرشح من ملابس أعضائها مع محبة وفرح، هيوة وجوبي مخلوطة بابتسامات وأمل، رائحة كباب وفلافل عراقيتين بامتياز، ولا مناصّ من حضور الهمّ السياسي واستذكارات ماض مشبّع بمقاومة ونضال بشكل محاضرات وندوات...وفي زاوية ليست بعيدة، يتعانق صديقان قديمان، لم يلتقيا ببعضهما الآخر من ذات محطة من محطات الغربة، وفي ركن آخر يتعارف آخرون عن ناس جدد، يدخل أجانب وعرب، يرقصون ويغنون ويشتركون معنا في ( انسانيتنا) وكأنهم يقولون: ها نحن معكم، نحن مع بعض، هكذا نشكّل قوة متينة مكينة تقارع مستبديها ومستغليها، ولهذا نأتي الى مهرجان اللومانتيه لنحسّ بذلك ونواصل.



#فيحاء_السامرائي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- (حمار وثلاث جمهوريات) من يروي ومن يرى؟*
- تفاحة الذاكرة
- فصل
- 1979
- جهشات الفراشات
- في الطريق
- مسرحية (ليالي عربية) بسماء ثورية
- عاتم أنوار
- سينما من اجل التغيير
- هلاوس
- المقامة الدمشقية 2-3/3
- المقامة الدمشقية
- المضطرمات في العُقد
- كل النساء جميلات
- روميو وجوليت في بغداد، مسرحية تثير الجدل
- شعارنا، لا حرامي ولا اوبامي
- آنيت هينمان...صوت يعلو على أصواتنا
- حمندي
- و...يحمل آلام القصيدة
- العودة الى الوطن


المزيد.....




- سلمان رشدي لـCNN: المهاجم لم يقرأ -آيات شيطانية-.. وكان كافي ...
- مصر: قتل واعتداء جنسي على رضيعة سودانية -جريمة عابرة للجنسي ...
- بهذه السيارة الكهربائية تريد فولكس فاغن كسب الشباب الصيني!
- النرويج بصدد الاعتراف بدولة فلسطين
- نجمة داوود الحمراء تجدد نداءها للتبرع بالدم
- الخارجية الروسية تنفي نيتها وقف إصدار الوثائق للروس في الخار ...
- ماكرون: قواعد اللعبة تغيرت وأوروبا قد تموت
- بالفيديو.. غارة إسرائيلية تستهدف منزلا في بلدة عيتا الشعب جن ...
- روسيا تختبر غواصة صاروخية جديدة
- أطعمة تضر المفاصل


المزيد.....

- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية / دلير زنكنة
- أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره / سمير الأمير
- فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة / دلير زنكنة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - فيحاء السامرائي - هل تنحصر -الانسانية- في مهرجان؟