أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ميشيل حنا الحاج - لماذا يلاحق -أوباما-مخالفات لاتفاقية دولية تحظر استخدام السلاح الكيماوي، ولا يلاحق مجازر تخالف اتفاقية جنيف حول معاملة الأسرى ؟















المزيد.....

لماذا يلاحق -أوباما-مخالفات لاتفاقية دولية تحظر استخدام السلاح الكيماوي، ولا يلاحق مجازر تخالف اتفاقية جنيف حول معاملة الأسرى ؟


ميشيل حنا الحاج

الحوار المتمدن-العدد: 4223 - 2013 / 9 / 22 - 05:29
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أسئلة تحتاج إلى إجابات حول الواقع العربي والربيع العربي
السؤال السابع والأربعون :
لماذا يلاحق "أوباما"مخالفات لاتفاقية دولية تحظر استخدام السلاح الكيماوي، ولا يلاحق مجازر تخالف اتفاقية جنيف حول معاملة الأسرى ؟

الاتفاقيات الدولية وضعت لتراعى من قبل الجميع. فلا يجوز أن يراعى بعضها، وأن يضرب عرض الحائط بالبعض الآخر. ومن هنا يجوز التساؤل عن السبب الذي أدى إلى إثارة الدنيا ووضعها على شفير حرب قد تبدأ على أساس أنها لن تتجاوز أكثر من غارات جراحية محدودة على مواقع سورية مختارة، لكن قد يفقد السيطرة عليها وتتطور إلى حرب أوسع وأشمل مما كان متوقعا .

الإشارة هنا هي إلى تلك الضجة التي أثيرت حول الاتهام الذي وجه إلى سوريا بخصوص الادعاء باستخدامها السلاح الكيماوي الذي هبط على منطقة الغوطة السورية القريبة من دمشق. ورغم عدم وجود أدلة كافية على ذلك الاتهام، فقد أطلقت التهديدات، بل ووضعت الخطط العسكرية التي تسعى في ظاهرها إلى تأديب ومعاقبة النظام السوري لارتكابه مخالفة لاتفاقية دولية (لم يكن قد وقع عليها بعد )، مع أنها كانت في حقيقة الأمر، كما قدر بعض المحللين، تسعى لإعادة توازن القوى على الأرض، بعد أن حققت القوات السورية تقدما، في وقت واجهت فيه المعارضة السورية تراجعا في أكثر من موقع.

لكن موضوعنا اليوم ليس الضربة العسكرية التي كان يزمع الأميركيون تنفيذها لولا الموقف الروسي المتشدد، والذي خرج بفتوى تدمير الأسلحة الكيماوية السورية كحل للأزمة المفتعلة، ولطمأنة العالم بأنها لن تستخدم، وذلك بهدف تجنب الأعمال العسكرية. فالموضوع الحقيقي هو: لماذا تثار ضجة حول مزاعم استخدام السلاح الكيماوي باعتباره مخالفة لاتفاق دولي، ولا يجري التساؤل عن مخالفات أخرى لاتفاقات، بل معاهدات دولية أخرى، كمعاهدة جنيف الموقعة عام 1949 حول كيفية معاملة الأسرى. والمقصود هنا كيفية معاملتهم من قبل منظمات المعارضة السورية المسلحة التي قتلت العديدين منهم بدم بارد، وفي بعض الأحيان أمام أعين المشاهدين.

وتعود الاتفاقيات الخاصة بمعاملة أسرى الحرب إلى القرن التاسع العشر وبالذات إلى عام 1864 عندما وقعت أولى الاتفاقيات التي تتعلق بمعاملة جرحى الحروب، ثم ألحقت بتعديلين أحدهما في عام 1906 والثاني في عام 1929، إلى أن جاء أهم تلك التعديلات على تلك الاتفاقيات الثلاث في عام 1949 حيث أضيف إليها معاهدة رابعة عرفت بمعاهدة جنيف حول معاملة الأسرى والجرحى والسكان المدنيين تحت الاحتلال. وكانت الظروف والمتغيرات الناجمة عن الحرب العالمية الثانية المنتهية في عام 1945، هي التي فرضت وجوب توقيع المعاهدة الرابعة التي باتت معروفة بمعاهدة جنيف التي أضيف إليها بروتوكولين آخرين عام 1977. وقد وقع عديد من الدول بلغ عددها 192 دولة على هذه الاتفاقيات، كما صادقت عليها برلمانات تلك الدول باستثناء الولايات المتحدة التي رفض الرئيس رونالد ريغان في عام 1987 أن يقدم أحد هذين البروتوكولين للكونجرس للمصادقة عليه خوفا من أن يشمل المقاتلين والمسلحين غير النظاميين، والمقصود بهم من يعتبرون إرهابيين في المفهوم الأميركي،علما بأن ذلك الوصف قد يشمل الثوار الساعين للحرية، أو للتخلص من نفوذ الدول الأجنبية، مما يجعل الولايات المتحدة غير ملزمة بتطبيق بنود ذاك البروتوكول، مع بفائها ملتزمة بتطبيق بنود معاهدة جنيف 1949 التي وقعتها وصادقت عليها.

ويرجع أساس تلك المعاهدات لمنتصف القرن التاسع عشر، عندما لاحظ Henry Dunant فظائع الحروب وسؤ التعامل فيها خصوصا مع مرضى وجرحى تلك الحروب، فوضع كتابه حول هذا الموضوع في عام 1862 الذي أثار ضجة كبرى وأدى إلى تأسيس الصليب الأحمر الدولي عام 1864، وهي المنظمة العالمية التي باتت تدريجيا تعنى بشؤون جرحى الحرب وأسرى الحروب.

وإذا كانت معاهدة جنيف تعاملت مع كيفية معاملة أسرى الحروب الواقعة بين الدول ، فإن المادة الثالثة من معاهدة جنيف ، تتعامل مع الحروب الأهلية أو الثورات المسلحة الدموية داخل دولة واحدة ، وهو ما يقع الآن في سوريا ، مع وجود تحفظات على هذا الفهم ، وهي ملاحظات تنفي صحة وصف ما يجري في سوريا بأنه حرب داخلية، حيث بات من المرجح أن عددا من الدول تتدخل بشكل أو بآخر فيما يجري في سوريا ، مما ينفي عن تلك الحرب صفة الحرب الأهلية الداخلية ، مع وجود العديد من المقاتلين غير السوريين في صفوف المقاتلين، ومع قيام عدة دول بتزويد المسلحين المعارضين بالتدريب وبالمال وبالسلاح، إضافة إلى تزويد المعارضة السورية بالمعلومات الاستخبارية حول تحركات القوات السورية النظامية، مما يزود المعارضة السورية بميزة تتفوق بها، مقابل تفوق القوات السورية النظامية المتمثلة بوجود سلاح الجو السوري تحت إمرتها.

والواقع أنه شاء البعض أم أبى ، فإن الولايات المتحدة ومعها عدد ما من الدول العربية والخليجية، قد باتوا منخرطين في العمليات القتالية الجارية في سوريا، سواء عبر التدريب أو التمويل أو التسليح أو التزويد بالمعلومات الاستخبارية. فالمشاركة في المعركة لا يقتضي دائما بالضرورة تواجد قوات نظامية لتلك الدول على الأرض، فهناك تواجد بأساليب أخرى منوعة. وهذا التواجد قد يكون أكثر فاعلية من تواجد مقاتلين من جيوشها النظامية في أرض المعركة، علما أن بعض الدول العربية والإسلامية تتغاضى عن وجود فعلي لبعض رعاياها في صفوف مقاتلي المعارضة السورية، ومنهم مقاتلين من ليبيا، ومن أفغانستان، ومن الشيشان والأردن، وكذلك من دول أخرى أبرزها العراق التي جاء منها العديد من مقاتلي منظمة دولة العراق والشام الإسلامية التي أكد قبل أيام السيد رامي عبد الرحمن، المسؤول عن المرصد السوري لحقوق الإنسان المتواجد في بريطانيا، أن العديد من المشاركين في القتال الذي جرى قبل أيام في مدينة "أعزاز" الواقعة في شمال سوريا قرب الحدود التركية ، لم يكونوا سوريين، بل جاءوا من دول أخرى.

ومن هنا لا يجوز القول أن ما يجري في سوريا هو قتال داخلي، لأن الأصابع الخارجية متوفرة بشكل أو بآخر وأهمها، إضافة إلى التدريب والتسليح والتمويل، تزويد المعارضة بالمعلومات الاستخبارية وخصوصا التي تلتقطها الأقمار الصناعية كما سبق وذكرنا. فلا شيء يفسر معرفة المعارضة المسلحة والمتشددة منها بشكل خاص، بالمعلومات حول نقاط الضعف سواء بالمواقع العسكرية السورية الرسمية، أو بنقاط التفتيش التي يتواجد فيها عدد قليل من الجنود السوريين، بل ويزودونهم أحيانا بعدد أولئك الجنود المتواجدين في النقطة السورية، فيهاجمونها بعدد أكبر من عدد الجنود السوريين المتواجدين في ذاك الموقع ، مما يمكنهم من السيطرة على الموقع في أكثر الحالات . وقد لاحظ المراقبون العديد من تلك الهجمات المباغتة على نقاط تفتيش سورية بأعداد تتفوق على الدوام على أعداد الجنود السوريين المتواجدين في الموقع، مما يرجح وجود معلومات مسبقة لدى المهاجمين، وهم في أغلب الأحيان من القوى المتشددة وليسوا من قوات الجيش السوري الحر. وقد كان ذلك بالغ الوضوح لدى مهاجمتهم نقطة تفتيش الجيش السوري لدى مداخل مدينة معلولة.

وهكذا يمكن القول أنه ليس المادة الثالثة فقط في معاهدة جنيف حول معاملة الأسرى ، هي فقط التي تنطبق على الوضع السوري، بل تنطبق إضافة إليها، كل المواد الواردة في معاهدة جنيف حول معاملة الأسرى والجرحى والسكان المدنيين الموقعة عام 1949 والمعدلة ببروتوكولين إضافيين عام1977 رغم عدم مصادقة الولايات المتحدة على أحدهما، هذا إذا لم تكن قد صادقت عليه في وقت لاحق. والسبب في ذلك، ما يتضح تدريجيا حول مشاركة بعض الدول في تلك الحرب ولو بأشكال خفية ومختلفة.

ويبدو من الغريب أن الرئيس أوباما قد أثار زوبعة حول خروقات تتعلق بمعاهدة حظر استخدام الأسلحة الكيماوية التي لم تكن سوريا قد وقعت عليها بعد (وقعت عليها الآن)، لكنه لا يذكر الخروقات لمعاهدة جنيف حول التعامل مع الأسرى والجرحى والسكان المدنيين الواقعين تحت الاحتلال، وهي الخروقات التي ترتكبها المعارضة السورية باستمرار. فهل هناك معاهدة دولية يتوجب على الدول مراعاتها، ومعاهدات دولية ليست مجبرة على مراعاتها، أو إصدار أصوات احتجاج على خرقها.

والواقع أن أول المبادرين للاحتجاج على خروقات كهذه، كان يتوجب أن يكون السناتور جون ماكين الذي عانى مرارة الأسر في فيتنام، ولكنه أسرفي بلد لم يكن التعامل فيه مع الأسير في مستوى الحضارة الذي قد يصدر عن دولة غربية في مواجهة أسراها (الألمان مثلا في زمن الحرب العالمية )، ولكنه في جميع الأحوال، أسر وآسريه حافظوا على حياته ، بل وجعلوه بطلا مما أدى إلى انتخابه عضوا أو بطلا في الكونجرس، خلافا لتعامل المعارضة السورية مع أسراها ، إذ تقتلهم بدم بارد. ولكن السناتور ماكين رفع صوته محتجا على الادعاء باستخدام سوريا للسلاح الكيماوي مطالبا بالتدخل العسكري غير المحدود، بل الساعي لإسقاط الحكومة السورية وتدمير جيشها، عوضا عن رفع صوته بملاحقة قاطعي الرؤوس ، ومطلقي النار في عمليات إعدام بدم بارد للجنود السوريين الواقعين في أسر المعارضة السورية.

والأمر ذاته ينطبق على موقف الرئيس أوباما الذي جاء حاملا غصن الزيتون ، داعيا للسلام، بل ومرتديا رداء حمامة السلام بجناحين بيضاوين. فقد بادر فورا رافعا صوته مطالبا بإلحاق العقاب الشديد بسوريا حتى قبل أن يتأكد بالدليل القاطع واليقيني، أن سوريا الدولة، هي التي نفذت الهجوم الكيميائي على الغوطة الدمشقية. ومع ذلك لم يرفع صوته من قبل بإدانة أي من الأعمال الوحشية التي ترتكبها المعارضة السورية في مخالفة كبرى ووحشية لكل بنود معاهدة جنيف المطالبة بالمحافظة على حياة الأسرى، وعلى معاملتهم معاملة حسنة وتحت إشراف مندوبين من الصليب الأحمر الدولي اللذين يحق لهم زيارة الأسرى والاطمئنان إلى حسن معاملتهم .

فهل من المعقول أن الرئيس الأميركي لم يطلع على أي من تلك الخروقات الفاضحة، مع أن بعضها قد نشر في الصحف العالمية ، وفي بعض القنوات التلفيزيونية الغربية. فقبل أسبوع أو أكثر قليلا بثت "البي بي سي" عربي تقريرا لأحد مراسليها، وأعتقد أنه "جيريمي بوين"، روى فيه كيفية تنفيذ حكم الإعدام بقطع رؤوس ثلاثة موظفين مدنيين عملوا في السلك المدني للحكومة السورية، ولكنهم وقعوا تحت الأسر في أحد مدن شمال سوريا. وعرض التقرير صور المواطنين الأسرى الثلاث وهم راكعون على الأرض ، يداهم مربوطة إلى الخلف، ورأسهم محني إلى الأمام بانتظار قطعها. وبطبيعة الحال لم تعرض البي بي سي صور قطع الرؤوس لكونها مشاهد مؤلمة جدا. والواقع أن أحدا لم يعد يشاهد مثلها منذ نهايات القرن الثامن عشر عندما قطع، بواسطة الجيلوتين، رأس الملك لويس السادس عشر ورأس زوجته الملكة.

وفي الخامس من أيلول 2013 نشرت صحيفة "التايم" مقالا كتبه C J CHIVRES تحدث فيه عن عمليات إعدام 7 جنود سوريين أسرى . وروى بالتفصيل كيفية إعدامهم قبل حوالي العام ذاكرا أن من أمر بتنفيذ ذلك هو عبد الصمد عيسى، رئيس مجموعة جند الشام، إذ قام عبد الصمد بإطلاق الرصاص على رأس أحد الجنود السبعة، وتلاه أنصاره من جند الشام بإطلاق الرصاص على رؤوس الستة جنود الباقين اللذين كانوا جميعا مقيدي اليدين قبل إطلاق الرصاص عليهم . ونشرت الصحيفة صورة فوتوغرافية تظهر عملية إعدام أولئك الجنود الأسرى.

وفي خان العسل نفذ حكم الإعدام بدم بارد في عشرين جنديا سوريا كانوا مربوطي اليدين ومعصوبي العينين لدى التنفيذ. ويعرض شريط فيديو على "اليو تيوب" صور أولئك الجنود معصوبي العينين بعد تنفيذ إعدامهم رميا بالرصاص .

وهناك شريط آخر على اليوتيوب يعرض جثثا لواحد وخمسين معظمهم من الجنود مع وجود بعض المدنيين بينهم، وربما كانوا جنودا ارتدوا الملابس المدنية هروبا من الإعدام المتوقع والذي بات مألوفا خصوصا في شمال سوريا. ويقول الشريط أنه قد نفذ فيهم حكم الإعدام رميا بالرصاص. أضف إلى ذلك شريط آخر ظهر في 13 أيار 2013 ، يعرض عملية تنفيذ حكم الإعدام رميا بالرصاص أيضا في أحد عشر جنديا سوريا ارتدوا الملابس المدنية. وجرت عملية الإعدام تلك في دير الزور في شمال سوريا حيث تسيطر تيارات الإسلام السياسي المتشددة، وأبرزها جماعة النصرة . وفي شريط آخر عرض في 12 أيلول 2012 ، صورة فعلية لإطلاق نار على مدني أو عسكري يرتدي ملابس مدنية . ويظهر الشريط إطلاق النار عليه. ومع أنه قد وقع مقتولا ودفع به المقاتلون بعيدا عنهم بعد الرصاصة الأولى، فقد ظل بعض المقاتلين السوريين من المعارضة ، يطلقون النار عليه واحدا تلو الآخر. ولكنهم كانوا عندئذ يطلقون النار على جثة هامدة .

وفي المقابل، ولغايات الموضوعية والدقة، فإن هناك شريط على "اليوتيوب" يعرض صورا لبعض المقاتلين المذبوحين ذبحا بالسكين، وقال الحضور أنهم قد ذبحوا من قبل شبيحة الأسد.

ويروي شريط آخر أن "غادة عويس" التي وصفت بكونها مراسلة تليفزيونية لقناة الجزيرة القطرية ، قد اغتصبت من قبل مقاتلين من جماعة النصرة، كما ذكر الشريط. وعندما استطاعت "غادة" العودة الى الدوحة ، طالبت بإصرار بمعاقبة مغتصبها أو مغتصبيها. وتحاول قناة الجزيرة عبثا إثناءها عن ملاحقة الأمر ، كما ورد في الشريط .

وقبل "غادة"، كانت هناك عملية اغتصابات متعاقبة لفتاة إسمها "ماريا" من " القصير" أثناء سيطرة النصرة على المدينة. وكان عمر الفتاة المسيحية الانتماء خمسة عشر عاما. وقد اغتصبت أولا من قائد مجموعة النصرة بذريعة أنه قد عقد عليها شرعا ، لكنه طلقها في صبيحة اليوم التالي ليعقد عليها عندئذ أحد أتباعه، الذي طلقها في اليوم التالي أيضا ليعقد عليها رفيق آخر من مجموعة النصرة . ومضى الأمر على هذا المنوال إلى أن بلغ مجموع مغتصبيها خمسة عشر مقاتلا قام آخرهم بقتلها وبإلقائها أمام منزل ذويها . وقد جرى ذلك في وقت كان يفترض فيه حماية تلك الفتاة من أولئك، بصفتها مدنية تحت الاحتلال، وتوجب معاهدة جنيف على المحتل (جماعة النصرة في هذه الحالة ) أن يحافظوا على حياة المدنيين تحت الاحتلال لا اغتصابهم ثم قتلهم. ولم توجد صور أو فيديو لتلك الفتاة ، لكن راهبين في دير مار الياس بالقصير، قد أكدا الرواية كما أكدها كتاب وصحفيون.

وهناك روايات شبه مؤكدة عن قطع رأس الأب الإيطالي "باولو" الذي اختطف وغابت أخباره إلى أن تردد بأنه قد قتل بقطع رأسه. وهناك مطرانين اختفيا تماما ، ويرجح البعض أنهما قد قتلا. أضف إلى ذلك الرواية الشهيرة التي صورت على الفيديو أيضا وتعرض لها أعضاء في مجلس العموم البريطاني لدى مناقشة قضية التدخل العسكري في سوريا، وتلك هي قضية قيام أحد المتشددين الإسلاميين من النصرة، بتناول قلب جندي سوري أمام الجميع . وكذلك قيام مقاتل سوري بإطلاق النار على صبي يافع لم يتجاوز الرابعة عشرة ، لا لشيء إلا لأن المقاتل قد سمعه (أي سمع الصبي) يتفوه بعبارة لم ترق له واعتبرها تجديفا . ولهذا السبب فقط أردى الصبي قتيلا أمام والديه .

والواقع أن الروايات حول عملية الإعدام بدم بارد للجنود السوريين ولعدد من المدنيين ، كثيرة ويصعب حصرها . ولو وجد الرئيس أوباما دقائق قليلة ليراجع بعض الأشرطة التي تعرض على اليوتيوب ، لربما أصابه التقزز وصعب عليه بعد ذلك تناول طعامه ليوم أو ليومين. وهنا قد يعيد النظر في أولوياته ، مدركا أن الخطر الكيماوي قد يكون خطرا كبيرا ويجب التعامل معه بحزم سواء ارتكب تلك الجريمة النظام أو المعارضة ، ولكن هناك خطرا آخر لا يقل أهمية عن السلاح الكيماوي، وهو خطر إساءة التعامل مع الأسرى والجرحى، سواء كانوا عسكريين أو مدنيين. أم ترى أن الولايات المتحدة، تفضل عدم التعرض لموضوع معاملة الأسرى ، كي لا تثار في وجوههم سوء معاملة الأسرى من قبل الأميركيين في سجن أبو غريب، وهو التعامل الذي سيبقى وصمة عار على جبين أميركا المتمدنة . ولعل المعارضة السورية من قبل الإسلاميين المتشددين التابعين للقاعدة، ربما تقتدي بالولايات المتحدة، معتقدة أنه "ما فيش حدا أحسن من حدا".

يقول كبير المحللين السياسيين الأستاذ محمد حسنين هيكل، في لقاء له بث على شبكة "سي بي سي " المصرية قبل أيام ، أن السلاح الكيماوي هو "قوت" الدول الصغيرة والفقيرة التي لا تمتلك سلاحا نوويا . ومع ذلك، فإن إسرائيل التي تمتلك أسلحة نووية ، إضافة إلى الأسلحة الكيماوية والبيولوجية، لم تبد حتى الآن لجون كيري وزير خارجية أميركا ، استعدادها لتدمير سلاحها الكيماوي أسوة بما تعهدت سوريا بفعله . وربما فسرت ذلك بأن إيران ربما تمتلك أسلحة كيماوية ، فهي لا تستطيع أن تجرد نفسها من هذا السلاح، مع وجود مثيل له لدى إيران. وتناسى نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، أن إيران لا تمتلك سلاحا نوويا، وهي أيضا لم تستخدم السلاح الكيماوي في القرن الحادي والعشرين ، هذا في وقت استخدمت فيه إسرائيل ذاك السلاح في عام 2009 عندما قصفت غزة به، مع ارتفاع أصوات بإدانة الفعل الإسرائيلي، لكن دون ارتفاع أصوات بمعاقبة إسرائيل أسوة بتلك الأصوات التي ارتفعت مطالبة بمعاقبة سوريا ، حتى قبل ظهور الدليل اليقيني على أن الحكومة السورية هي التي قصفت الغوطة الدمشقية بتلك المواد الكيماوية.

ومن هنا لعله من الأفضل أن يضيف الرئيس الأميركي إلى مجلس أمنه القومي، مساعدا أو أكثر من أصل عربي، ليطلعوه على حقيقة ما يجري في العالم العربي ، فلعله يكتشف أخيرا أ وأن الخطر الحقيقي قادم من " القاعدة" وليس من الكيماوي، أو من سوريا، أو من مصر. ولعل حادثة نيروبي في هذا اليوم ، السبت 21 أيلول، حيث قتل 39 مواطن كيني بريء، أكبر دليل على أن القاعدة متمثلة هذه المرة بشباب الصومال ، هي صلب المشكلة ، وأن كل الجهود يجب أن توجه نحو كيفية معالجتها قبل استفحال الأمر أكثر فأكثر. ويجب معالجتها بدءا في سوريا قبل فوات الأوان.

Michel Haj



#ميشيل_حنا_الحاج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل تشكل معركة -إعزاز- علامة فاصلة في كوكتيل تحالفات المعارضة ...
- هل يدمر نتنياهو سلاح إسرائيل الكيماوي، بعد أن تعهدت سوريا بت ...
- متى يقوم -أوباما- باستبدال اسم سوريا ليصبح -سوريستان-؟
- هل يؤدي الاقتراح الروسي حول الكيماوي، إلى قرار شبيه بالقرار ...
- متى تسقط ورقة التين عن البعض، كما سقطت منذ حين عن البعض الآخ ...
- السؤال الحادي والأربعون : هل أصبح النفط نقمة ، ولم يعد نعمة ...
- السؤال الأربعون : هل باتت ما سميت بالثورة السورية ، هي الثور ...
- هل يتعظ اوباما من تجارب بوش وبوش في العراق ؟وهل انتهى زمن ان ...
- كم ستقتل الولايات المتحدة من السوريين، انتقاما لضحايا الكيما ...
- هل تسعى عملية دول الغرب العسكرية إلى إنهاء الحرب في سوريا، أ ...
- لماذا لا يسمح بإقامة التوازن النووي في الشرق الأوسط؟
- لماذا ...لماذا ...لماذا ؟؟؟
- متى يتعلم الأميركيون من أخطائهم ؟ متى ؟
- هل أطل علينا أخيرا ربيع عربي حقيقي، أم علينا أن ننتظر؟
- لماذا تقصف طائرات -درونز- الأميركية مواقع -القاعدة- في اليمن ...
- من ينقذ الأردن من بركان ربيعي مدمر ؟
- متى يزهر الربيع العربي في السودان، أم أنه قد تحقق قبل كل فصو ...
- متى يدرك القادة العرب أن -المغول- قادمون؟
- ألا يدرك الإخوان المسلمون في مصر، أن محاولتهم لاستدراج الحكو ...
- أسئلة تحتاج إلى إجابات حول الواقع العربي والربيع العربي


المزيد.....




- مصدر إسرائيلي يعلق لـCNN على -الانفجار- في قاعدة عسكرية عراق ...
- بيان من هيئة الحشد الشعبي بعد انفجار ضخم استهدف مقرا لها بقا ...
- الحكومة المصرية توضح موقف التغيير الوزاري وحركة المحافظين
- -وفا-: إسرائيل تفجر مخزنا وسط مخيم نور شمس شرق مدينة طولكرم ...
- بوريل يدين عنف المستوطنين المتطرفين في إسرائيل ويدعو إلى محا ...
- عبد اللهيان: ما حدث الليلة الماضية لم يكن هجوما.. ونحن لن نر ...
- خبير عسكري مصري: اقتحام إسرائيل لرفح بات أمرا حتميا
- مصدر عراقي لـCNN: -انفجار ضخم- في قاعدة لـ-الحشد الشعبي-
- الدفاعات الجوية الروسية تسقط 5 مسيّرات أوكرانية في مقاطعة كو ...
- مسؤول أمريكي منتقدا إسرائيل: واشنطن مستاءة وبايدن لا يزال مخ ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ميشيل حنا الحاج - لماذا يلاحق -أوباما-مخالفات لاتفاقية دولية تحظر استخدام السلاح الكيماوي، ولا يلاحق مجازر تخالف اتفاقية جنيف حول معاملة الأسرى ؟