أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - مفيد بدر عبدالله - الواحد أكبر من الاربعة














المزيد.....

الواحد أكبر من الاربعة


مفيد بدر عبدالله

الحوار المتمدن-العدد: 4220 - 2013 / 9 / 19 - 00:15
المحور: المجتمع المدني
    


فرحت كثيرا بوصول رسالة دعوة على هاتفي النقال لحضور احتفالية الحزب الشيوعي العراقي بذكرى تأسيسه من زميلة لي وهي أخت لم تلدها أمي وهبتني من عطائها المعنوي الصادق ما يفوق عطاء الكثير ممن عرفتهم قبلها حتى بعقود ، ما المني كثيرا أن الدعوة وصلت متأخرة بعدما ارتبطت بأربع مواعيد عمل متتالية ولن أستطيع أن ألبي دعوتها .انطلقت بسيارتي لعملي وانطلق بداخلي صراع وتساؤلات استحوذت علي وجعلت من سرعة سيارتي تهبط للنصف أو اقل مما اعتدت عليه من مسير وصرت كمن هو نادم على شيء كبير، بعدما بحثت بداخلي كثيرا لم اعرف سوى أني اسلك الطريق الخاطئ وذهبت أجد تبريرات لأقنع بها نفسي منها أن المواعيد الأربعة إنا من اقترحتها وبإمكاني تأجيلها فيما لا يمكن تأجيل حفلة إخوتي وأحبتي ، وقبل وصولي مفترق الطرق ( تقاطع ساحة سعد ) بقليل اخذ الصراع بداخلي يتصاعد فلم يكن لي بدا من الاحتكام لمكيالي الحقيقي ( قلبي ) الذي كثيرا ما احتكم إليه والذي لا يعرف غير العطاء الصادق ، وضعت مواعيدي الأربعة في كفة ومن دعاني للحفلة في الأخرى ، حينها وجدت تفسيرا لقلقي وحيرتي ، لان من وجهوا لي الدعوى هم الأغلى ، هوت كفتهم بسرعة مذهلة وألقت بالأربعة من الكفة الأخرى .وحتى قبل أن اتخذ القرار وجدت نفسي متجها باتجاه قاعة الاحتفال ( قاعة عتبه بن غزوان ) في العشار دونما ادري ، بدأت اعتذر للأربعة واحدا تلو الآخر وما أكد دقة مكيالي إن اثنين منهم اخلفوا الموعد وبدأوا بأعذارهم الواهية حتى قبل أن ابدأ الكلام . وإنا اقترب من القاعة انتابني هاجس غريب اخذ يكبر كلما اقتربت وهو أني للمرة الأولى في حياتي سأجلس بين أناس لهم تفكيرهم ونظرياتهم واسمع عنهم إنهم مثقفين ، اسمع كثيرا مثل هذه من أناس ليسوا منهم ويختلفوا عنهم فكريا .
ما ورثته عن والدي رحمه الله والذي كان يعمل معلما أن أبقى مستقلا فنحن في بلدان العالم الثالث لم تنضج عندنا والى يومنا هذا فكرة التعددية الحزبية وقبول الآخر ولم نرتق لهذه الفكرة ، فمعنى أن أكون في حزب معين سيكون لي خصوما أو أعداء أحيانا . وصلت المكان و ما رسمته في مخيلتي أن أجد صفين أو ثلاث صفوف من المحتفلين لاني قلما التقي بأشخاص ينتمون لهذا الحزب ألا ما ندر وما لفت نظري باني لم يتم تفتيشي في الباب الرئيسي على عكس ما اعتدت عليه في مثل هذه المناسبات فلم أجد تفسيرا بداخلي سوى أنهم أناس مسالمين .ما اذهلني أن ما موجود في القاعة من زخم للمحتفلين كبير لدرجة أن من الصعب أن أجد لأرجلي مكانا حتى بين الممرات والبعض واقف في حديقة القاعة الصغيرة فبعثت برسالة لزميلتي صاحبة الدعوة لأنبئها إني وصلت متأخرا ولم أجد مكانا و سأغادر بعد قليل ، ما هي ألا لحظات وإذا بها تقف مع زوجها الرائع والذي لا أراه إلا هرما من أهرامات الثقافة والفكر قل نضيره شاهدته كثيرا على الفضائيات وفضولي جعلني اسأل عن تاريخه النضالي العريق ، قضى أكثر من نصف عمره بين السجون والغربة وحتى أبنائه لازالوا يحملون بعضا من لهجة الغربة ورغم أن الحركة داخل القاعة المكتظة كانت أصعب ما يكون ، ما هي إلا لحظات حتى وجدته بجانبي وبعد عناق وترحيب حار أبدى أسفه لضيق المكان رغم اني أنا من وصلت متأخرا بعض الشيء ، بقى مرابط بجانبي يرقب خلو احد المقاعد لينقلني أليه ، وهذا ما حصل بالفعل وسط دهشتي وذهولي ، فمن أكون أنا لأحظى بهذه الحفاوة من رجل تتسابق عليه الفضائيات لتستنير بفكره و تحليله وطلاقته ، لم يكتف بهذا ذهب وعاد ليرابط بجانبي إلى أن أوصلني للصف الأول ومما أسجله لتاريخي إني للمرة الأولى في حياتي اجلس في الصف الأول في احتفالية واني للمرة الأولى أتعامل مع إنسان بهذا النبل والخلق ولم يثنه انشغاله في تلك اللحظات الحرجة عني شيء رغم انه من المنظمين للحفل والمسؤولية الملقاة على عاتقه كبيرة والسيجارة وحدها هي من كانت تتحمل قسوته وعدم رضاه عن عدم توفر المكان فلا ادري أن كان يحرقها أم هي من تحرقه وأنا على يقين بان الفلتر البلاستيكي الذي كان يضعه للسيجارة هو من كان يحميها من غضبه أحيانا وحتى بعض الابتسامات التي كان يلاقي بها الحاضرين كانت تخفي بعض الألم فهو كان ولا زال ثوريا بلا هوادة ولا يبتغي غير ما هو اقرب للكمال .ما أفرحني كثيرا إن المحتفلين علت أصواتهم وأهازيجهم للعراق أعلى بكثير من هتافهم لحزبهم وكأنهم يقولون بان حزبهم لأجل العراق وفي خدمة العراق وحتى ما رددوا من هتافات تقبلتها رغم إني لست منهم فمن منا لا يتمنى ( وطن حر وشعب سعيد ) والاهم إنهم يؤمنون بان ( الفكر لا يقارع إلا بفكر) بمعنى إن العنف والإرهاب بعيدا عنهم تماما .غادرت المكان بعدما هنأتهم كثيرا وخرجت من القاعة وفي نفسي احترام ومحبة لهم أكثر مما دخلت ولن أنسى خلقهم وحفاوتهم لي رغم علمهم أني لست شيوعيا .



#مفيد_بدر_عبدالله (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أحذروا.. الديناصور يبتلع البصرة
- خارج أسوار الحياة
- الكهرباء تدخل موسوعة غينس
- ناصر(أبو الجرايد) سياسي بامتياز
- لصوص الليل والنهار
- لنتعلم من الصبور
- جسر المقام نهاية حلم
- سهرة لا تنسى
- ملايين البصريين ينتظرون جواب الشرط من مجلس المحافظة
- مراعيهم ومزابلنا
- من يمسح دمعة البصريين
- انقذونا من ملائكة الرحمة
- مهندس في الصباح حمال في المساء
- في معرض الزهور ذكرى لبوسطن وبغداد
- عزيزه وصلت البرلمان
- مقتنيات الحاج خنياب تدخل موسوعة جينيس
- لن تعود لزوجها الا بقرار سياسي
- اوباما للبيع
- حريق نهر
- مهندسا في الصباح حمّالا في المساء


المزيد.....




- العفو الدولية: الكشف عن مقابر جماعية في غزة يؤكد الحاجة لمحق ...
- -سين وجيم الجنسانية-.. كتاب يثير ضجة في تونس بسبب أسئلة عن ا ...
- المقررة الأممية لحقوق الإنسان تدعو إلى فرض عقوبات على إسرائي ...
- العفو الدولية: استمرار العنصرية الممنهجة والتمييز الديني بفر ...
- عائلات الأسرى المحتجزين لدى حماس تحتشد أمام مقر القيادة العس ...
- استئجار طائرات وتدريب مرافقين.. بريطانيا تستعد لطرد المهاجري ...
- تعذيب وتسليم.. رايتس ووتش: تصاعد القمع ضد السوريين بلبنان
- كنعاني: الراي العام العالمي عازم على وقف جرائم الحرب في غزة ...
- كيف تستعد إسرائيل لاحتمال إصدار مذكرة اعتقال دولية لنتنياهو؟ ...
- منظمة التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بش ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - مفيد بدر عبدالله - الواحد أكبر من الاربعة