أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - نبيل محمود والى - مدينة الموتى وقبور الفوارق الطبقية














المزيد.....

مدينة الموتى وقبور الفوارق الطبقية


نبيل محمود والى

الحوار المتمدن-العدد: 1205 - 2005 / 5 / 22 - 11:34
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


على الرغم من رهبة الموت استطاع المصريون أن يتآلفوامعه وأن يعقدوا معه صداقات فالموت فى هذه المدينة التي تقع بالقرب من وسط القاهرة بأسماء مختلفة مقابرالإمام ترب الغفير الشافعي البساتين لم تعد مجرد مقابر لأن المصريين الأحياء قرروا ألا يتركوا موتاهم وأرغموا على أن يسكنوا معهم حتى النهاية في مكان واحد بل في مقبرة واحدة.

عندما تطرق الباب لتدخل لا تتساءل من يسكن هنا ولا تتوقع أن يجيبك الموتىلأن هنا يسكن الأحياء أيضا - وفي أحد شوارع مقابر
البساتين والمقامة على هيئة مدينة سكنية كبيرة بيوتها من طابق واحد البيت به غرفتان تبدو الشوارع والبيوت كئيبة لكن هذا ليلا فقط أما في النهار فتدب فيها الحياة ويخرج ساكنو مدينة الموتى الى شوارعها وهم من الأحياء الذين اختاروا السكنى في صحبة الموتى هربا من ازدحام القاهرةأو من جحيم الحياة إلى جنة صمت الموتى .

و في أطراف العاصمة هناك قطاع تقطنه الأغلبية العظمى يقطنه الأموات أنها مدينة أو قل ضاحية إن شئت تمتد وتستدير مع مدينة الأحياء ما بين شوارعها المزدحمة وتلال المقطم إذا وقفت عند مسجد الجيوشى فوق القلعة من أعلى الحصن الذي قذف منه نابليون بقنابله العاصمة الساهره . هكذا يصف ديزموند ستيوارت مدينة الأموات كما يسميها قائلا إن الذين ينكرون دوام الصلة بين أهل القاهرة من قبل أربعة آلاف سنة فإن في مدينة الأموات ما يكفي للرد عليهم وكان الرومان يحرقون موتاهم والإغريق يدفنونهم خارج المدن على قارعة الطريق و يبدو ان التقسيم الطبقي لا يسري فقط على الاحياء بل هو يمتد أيضا الى عالم الموتى في مقابر القاهرة .

فعلاقة المصريين بالموتى علاقة غريبة ففى الريف نجد الكثير من القرى المصرية بحرى وقبلى عبارة عن بيوت تلتف حول المقابر حيث تصبح المقابر هي مركز القرية وفي احيان كثيرة تصبح مكانا للسهر أو اللعب أو اقامة الحفلات بين الشباب و هناك معايير تتحكم في سعر المدفن منها الموقع وهيطل على شارع رئيسي أم فرعي ومساحته والتشطيبات ونوع الزخارف التي تزينه ومدى قربه من القاهرةفهناك مدافن مصر الجديدة والتي تعد مدافن الصفوة وقد يزيد سعر المدفن الواحد فيها على سعر أي شقة في حي راق حيث يبلغ في بعض الاحيان اكثر من 150 ألف جنيه ويتحدد سعر المدفن بمساحته التي تبدأ من 20 مترا مربعا وتصل في بعض الاحيان الى 200 متر مربع .

ثم تأتي تشطيبات المقبرة من الداخل من حيث نوع الرخام الذي يغطي الارضية وحسب ما اذا كان مصريا أو مستوردا حيث تزين المقابر غالبا بأجود أنواع الرخام من الألباستر والبلترو أو السيراميك الفاخر اضافة الى الآيات القرآنية المكتوبة على المقبرة بماء الذهب وتشييد هذه المدافن على هيئة فيلا صغيرة يحيط بها سور كبير من الخارج مبني من الطوب الحراري وبوابة حديدية على المدخل المؤدي الى المقبرة الذي يصمم بدقة وعناية وبشكل مختلف من مقبرة الى اخرى حيث يتم تزيينها في بعض الاحيان بالاعمدة الرومانية أو بعض الزخارف الاسلامية .

كما يتم زراعة المنطقة المحيطة بالمقبرة من الداخل بأندر أنواع نباتات الزينة والزهور اضافة الى تخصيص اماكن لجلوس الزوار مغطاة بمظلات لحمايتهم من الشمس في الصيف والمطر في الشتاء وفي حالة اذا ما كان صاحب المقبرة من الشخصيات العامة التي قد يتردد على زيارته شخصيات كبيرة فانه يتم تخصيص دفتر يدون فيه الزائر كلمة للمتوفي وتاريخ الزيارة ويتولى نظافة هذه المدافن من الداخل مجموعة من العمال نظير مبالغ ماليه يتقاضونها من ملاك هذه المدافن الأحياء .

بساطة ولعل الذي يزور منطقة البساتين (اسفل هضبة المقطم) سيكتشف ان كل بيت (مقبرة) توضع عليه من الخارج لافتة رخامية مكتوب عليها اسم الميت والذي غالبا ما يكون أحد أفراد الأسرة المالكة في فترة ما قبل الثورة أو أحد الباشوات أو الفنانين المرموقين أو الوزراء الراحلين أو من ألاثرياء الجدد من ورثة نظام 23 يوليو 1952 والاشتراكية والانفتاح وتتميز هذه المقابر بالرفاهية في حين تبدو المقابر الأخرى في ترب الغفير مثلا متروكة في العراء نجد أن مقابر هؤلاء معتنى بها تماما فحتى فى الموت هناك الفوارق الطبقية وسبحان من له الدوام !!!



#نبيل_محمود_والى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العسكر فى الجمهوريات العربية
- !!! الإمتناع سلبا أم إيجابا
- العمل المشترك من أجل العراق
- المسكوت عنه فى الصحراء العربية-2
- القنابل البشرية
- المسكوت عنه فى الصحراء العربيه-1
- المقايضة
- هتك الأسرار وتحطيم الأصنام
- تقليم الأظافر
- الفقر المائى
- الجيوش لحماية العروش والكروش
- رؤية فكرية فى الجماعات الإرهابية
- مصر رايحة على فين.!!!
- مش كفاية مش كفاية ... احنا معاك للنهاية


المزيد.....




- فيديو غريب يظهر جنوح 160 حوتا على شواطىء أستراليا.. شاهد رد ...
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 1000 عسكري أوكراني خلال 24 سا ...
- أطعمة تجعلك أكثر ذكاء!
- مصر.. ذعر كبير وغموض بعد عثور المارّة على جثة
- المصريون يوجهون ضربة قوية للتجار بعد حملة مقاطعة
- زاخاروفا: اتهام روسيا بـ-اختطاف أطفال أوكرانيين- هدفه تشويه ...
- تحذيرات من أمراض -مهددة للحياة- قد تطال نصف سكان العالم بحلو ...
- -نيويورك تايمز-: واشنطن سلمت كييف سرّا أكثر من 100 صاروخ ATA ...
- مواد في متناول اليد تهدد حياتنا بسموم قاتلة!
- الجيش الأمريكي لا يستطيع مواجهة الطائرات دون طيار


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - نبيل محمود والى - مدينة الموتى وقبور الفوارق الطبقية