أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - ما بعد الكيمياوي!















المزيد.....

ما بعد الكيمياوي!


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 4218 - 2013 / 9 / 17 - 20:33
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



على خلفية اتهام الولايات المتحدة لدمشق باستخدام السلاح الكيمياوي في الغوطتين الشمالية والشرقية في 21 آب (أغسطس) الماضي، اتّخذ الرئيس الأمريكي باراك أوباما قراره وحسم أمره بعد تردّد بخصوص "معاقبة" سورية. وحبس العالم كلّه أنفاسه بانتظار الوقت المعلوم لبدء العلميات العسكرية ضدها. وعلى الرغم من انتظار أوباما موافقة الكونغرس ليضفي على قراره شرعية أكبر، جاءت المبادرة الروسية بوضع السلاح الكيمياوي السوري تحت تصرّف المجتمع الدولي كتطور جديد، بهدف نزع الفتيل والحيلولة دون الضربة العسكرية، وأعلنت سورية على الفور قبولها بالمبادرة الروسية، وأبدى الرئيس السوري بشار الأسد استعداده لتسليم جميع أسلحته الكيمياوية للمجتمع الدولي خلال أسبوع.
وتبلورت المبادرة الروسية بعد سلسلة من التطورات السريعة: منها القرار الذي اتخذه مجلس العموم البريطاني بعدم الترخيص لرئيس الوزراء ديفيد كاميرون للدخول بالحرب ضد سوريا وإعلان الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند انتظار نتائج بعثة التحقيق الدولية بخصوص استخدام السلاح الكيمياوي بعد أن كان متحمساً للحرب، أما السيدة أنجيلا ميركل المستشارة الألمانية، فقد علّقت المشاركة بالحرب، على نتائج البعثة الدولية بخصوص استخدام الأسلحة الكيمياوية، وشهد الكونغرس الأمريكي انقسامات ونقاشات من شأنها إضعاف قرار الرئيس توجيه ضربة عسكرية محدودة ومحدّدة.
وإذا ما عرفنا أن أوباما هو الذي قرّر إنسحاب القوات الأمريكية من العراق، سندرك صعوبة قراره بالحرب ضد سوريا، حتى بضربات عسكرية، وتعهّدٍ بعدم إرسال قوات برية، ولعلّ ذلك هو الذي دعاه للتصريح أن الإطاحة بنظام الأسد سيضع على عاتق الولايات المتحدة مسؤوليات بخصوص النظام الذي يليه، ولأنه يقدّر أن الفوضى ستكون عارمة والعنف سيكون شاملاً، خصوصاً بصعود النزعات الإستئصالية والانتقامية، لهذا لم يرغب الخوض في المستنقع السوري، حتى وإن تم قصف المنشآت والمرافق الحيوية، ولا سيّما القدرات العسكرية من البحر والجو بصواريخ توماهوك وكروز .
هكذا تبدو المشكلة في السلاح الكيمياوي دون إكتراث بالواقع المأسوي الذي يعيشه السوريون، سواء في الداخل حيث هناك أكثر من 4 ملايين نازح، أو في الخارج حين زاد عدد اللاجئين المسجّلين على مليونين، وما ستتركه الضربة العسكرية من مضاعفات جديدة، حتى وإن استمرّ الوضع السوري المتفجّر إلى ما هو عليه لأشهر وربّما لسنوات، مثلما حصل في التجربة العراقية، فبعد قضم تدريجي، طويل الأمد، وحصار دولي استمر ما يزيد عن 12 عاماً، اتخذت واشنطن قرارها للاطاحة بالنظام وحلّ الجيش، بعد انهاك طويل وحرب ناعمة مضنية استمرت لسنوات.
قد تكون آلة القضم تفعل فعلها في سوريا، لكن الأمر يحتاج إلى فترة أطول لإضعاف وتفكيك الجيش السوري، سواء بتوريطه بأعمال عنف أو إنهاكه بمواجهات أقرب إلى معارك الشوارع، بعد حرب أهلية ناعمة طويلة الأمد، وفي ظل أوضاع اقتصادية غاية في السوء والقسوة، خصوصاً بهشاشة الوضع الأمني، ووقوع مناطق ومدن في الأطراف مثل حلب وإدلب ودرعا، بيد المعارضة وتدمير حمص في الوسط، وتمزيق النسيج الاجتماعي، لا سيّما ما تعرّضت له المجاميع الثقافية، الدينية والإثنية والسلالية وغيرها، وخاصة بارتفاع منسوب العنف الداخلي وردود الأفعال الموازية له طردياً، حتى أن الكثير من المنظمات الدولية أدانت الانتهاكات السافرة والصارخة من جانب الحكومة، دون أن تنسى انتهاكات الجماعات المسلّحة، وخصوصاً القوى التكفيرية، المتطرفة والمتعصّبة.
ولكن ماذا لو سلّم النظام السوري أسلحته الكيمياوية بالكامل؟ أي سيناريو يمكن أن يتحقق؟ هل ستتوقف احتمالات الضربة العسكرية؟ وماذا عن الضحايا الذين زاد عددهم عن ألف ضحية في الغوطتين جرّاء استخدام السلاح الكيمياوي؟ وبعد ماذا عن سقوط أكثر من 100 ألف ضحية بسبب سلاح آخر غير الكيمياوي، وما الفرق بين القتل بالكيمياوي أو بغيره، وكما قال الشاعر ابن نباتة السعدي قال " من لم يمت بالسيف مات بغيره تعددت الأسباب والموت واحد". وما هو السبيل لوضع حدّ للمأساة السورية المستمرة؟ ولماذا تخشى واشنطن من وجود سلاح كيمياوي لدى سوريا؟
كان وزير الخارجية الأمريكي جون كيري واضحاً عندما أعلن عن خشيته من استخدام سورية السلاح الكيمياوي ضد "إسرائيل" أي أن استخدامه ضد شعبه ليس سوى الذريعة، وربما كان هذا وراء استهداف صدام حسين والنظام العراقي بعد إعلانه عن "الكيمياوي المزدوج" في العام 1989 وقبلها الاستخدامات المحدودة التي اتهم فيها في حلبجة وغيرها في العام 1988 ومن ثم مغامرته بغزو الكويت العام 1990 التي اعتبرت عبوراً للخطوط الحمراء، وقد يكون ذلك مقتلاً للنظام السوري ذاته، ولعلّ هذا أحد الأهداف الأساسية للحملة الأمريكية المعلنة، التي تريد إجهاض المشروع النووي الإيراني والقضاء على حزب الله وتدمير الجيش السوري، بغض النظر عن معاناة الشعب السوري من الاستبداد الطويل الأمد ورغبته في انجاز مشروع التحوّل الديمقراطي المنشود.
وإذا كانت الأسلحة الكيمياوية التي تفتك بآلاف البشر ممنوعة من الاستخدام ومحظورة دولياً، فلماذا يتم امتلاكها أولاً، ولماذا يتم تسليمها ثانياً، خصوصاً إذا كانت ضرورة لما سمّي للتوازن الاستراتيجي، وهي "قنبلة الفقراء" مقابل القنبلة النووية، وهو ما يذكّر بالسيناريو العراقي، فبعد تشدّد ومزاودات اضطرّ للقبول بتفتيش غرف النوم العراقية، بما فيها القصور الرئاسية، وكان الشعب هو الذي دفع الثمن باهظاً من قوته وصحته وتعليمه وتنميته.
وقد تم تحريم الأسلحة الكيمياوية بعد الحرب العالمية الأولى وذلك في بروتوكول جنيف العام 1925 والذي اعتبر تطوّراً مهماً للقانون الدولي الإنساني وقد تبعته إعلانات واتفاقيات جديدة في العام 1972 والعام 1993 بتقرير منع تطوير الأسلحة الكيمياوية وانتاجها وتخزينها ونقلها، وكانت اللجنة الدولية للصليب الأحمر قد وصفت الأسلحة التي استخدمت في الحرب العالمية الأولى "بالأسلحة الهمجية" و"الإجرامية".
وقد انضمت إلى الاتفاقيات الدولية التي تمنع استخدام الغازات السامة أو ما شابهها من الأسلحة الكيمياوية والبيولوجية الغالبية الساحقة من دول العالم، وصدّق عليها 162 دولة حيث وافقت على حظر تحديث وانتاج وتخزين واستعمال الأسلحة الكيمياوية أو نقلها بصورة مباشرة أو غير مباشرة. وأكدت الاتفاقية على ضرورة سن تشريعات وطنية من أجل إنفاذ الحظر المنصوص عليها فيها.
وتعتبر اتفاقية العام 1993 الخاصة بالأسلحة الكيمياوية تطوّراً قانونياً جديداً لتوسيع الحظر، وتتولّى منظمة حظر الأسلحة النووية التي تتخذ من لاهاي مقراً لها، تنفيذ إجراءات التحقق من تنفيذ الاتفاقية، وهي التي شاركت بقرار من مجلس الأمن في دراسة الحالة السورية، لا سيّما ما حصل في الغوطتين.
ثماني دول لم تنضم إلى اتفاقية العام 1993، وهي أنغولا وكوريا الشمالية والصومال ومصر وسوريا (أعلنت استعدادها على الانضمام بعد المبادرة الروسية) ومينامار وجنوب السودان والأخيرتان تأسستا حديثاً و"إسرائيل" التي تحتفظ بترسانة سلاح كيمياوي وبيولوجي وبما يزيد على 100 قنبلة نووية منذ إنشاء مفاعلها الأول في ديمونا بمساعدة الفرنسيين العام 1955.
والسؤال ماذا بعد الكيمياوي: هل سيتم نزع صاعق التفجير أم أن خطة الحرب الناعمة ستستمر لفترة طويلة؟ وهل بالإمكان الحصول على ضمان دولي بعد توافق أمريكي – روسي بانتقال سلمي للسلطة وفقاً لجنيف 2؟ أي ترجيح الخيار السلمي، لكن ذلك لا يعني غلق الباب أمام الخيار العنفي، وهو ما عبّر عنه أوباما بأنه خيار قائم إذا فشل الخيار الدبلوماسي، وأكّده جون كيري بإعطاء مهلة شهر لتسليم كل ما يتعلق بالسلاح الكيمياوي، طالما كان الهدف عقوبة سورية وملاحقة نظامها امتثالاً لقواعد العدالة الدولية التي يتم الحديث عنها من جانب واشنطن بصورة انتقائية، فضلاً عن إزدواجية المعايير ؟
لعلّ هذا الأمر في غاية التعقيد والإشكال، فمن جهة يوجد الفيتو الروسي والصيني، لمنع صدور قرار من جانب مجلس الأمن بتوجيه ضربة عسكرية ضد سوريا، ومن جهة أخرى، فإن الاحالة للمحكمة الجنائية الدولية غير ممكن، بفعل الفيتو نفسه والانقسام الدولي، ناهيكم عن أن نتائج البعثة الدولية بشأن الأسلحة الكيمياوية لم تقرر بعد فيما إذا استخدم النظام السوري هذه الأسلحة كما تتهمه واشنطن والقوى الغربية عموماً وجامعة الدول العربية، أو المعارضة المسلحة كما يقول النظام السوري وتؤيده في ذلك روسيا وإيران، أو أن كليهما استخدماها، ولهذا فإن مرحلة ما بعد الكيمياوي، ستتضمن الأسئلة الأصعب، خصوصاً وإن واشنطن مصرّة على معاقبة النظام السوري، مهما كلّف الأمر، سواء بالعقوبات الناعمة " الحصار" أو بالوسائل الخشنة، أي عبر ضربة عسكرية محدودة، لكنها مؤثرة، وقد تكون متواصلة حتى وإن بدت متقطعة، وذلك لكي يتخلخل ما تبقى لديه من عناصر قوّة !



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في الحاجة إلى التسامح: منظور إليها عراقياً!
- اللاجئون السوريون والضربة العسكرية: متى تنتهي المأساة؟
- ساعة الصفر السورية في واشنطن!
- هل المسيحيون أقلية مضطهدة؟
- أوراق خيرية المنصور وشجرة يوسف شاهين
- الرسالة الأمريكية لسورية!
- خريطة التغيير العربية: إضاءات في أطروحات مغايرة!
- تكلفة العدالة الانتقالية !!
- عنصرا اليقظة: الحرّية والقانون
- المبدع في حضوره وغيابه
- وجها الإرهاب: القاعدة ونظام المحاصصة!
- الجامعة وهجرة العقول!
- تصادمت السياسات فانفجر الدم
- مثقف اليوم
- العراق ومشاريع التقسيم!
- آفة التمييز العنصري: هل من علاج؟
- لاهاي وهاجس العدالة!
- نشيد موطني والأَخوَان فليفل
- 45 مليون لاجئ يؤرقون العالم
- مكبّ النفايات الأمريكية


المزيد.....




- وزير الدفاع الأميركي يجري مباحثات مع نظيره الإسرائيلي
- مدير الـ -سي آي إيه-: -داعش- الجهة الوحيدة المسؤولة عن هجوم ...
- البابا تواضروس الثاني يحذر من مخاطر زواج الأقارب ويتحدث عن إ ...
- كوليبا: لا توجد لدينا خطة بديلة في حال غياب المساعدات الأمري ...
- بعد الفيتو الأمريكي.. الجزائر تعلن أنها ستعود بقوة لطرح العض ...
- السلاح النووي الإيراني.. غموض ومخاوف تعود للواجهة بعد الهجوم ...
- وزير الدفاع الأميركي يحري مباحثات مع نظيره الإسرائيلي
- مدير الاستخبارات الأمريكية يحذر: أوكرانيا قد تضطر إلى الاستس ...
- -حماس-: الولايات المتحدة تؤكد باستخدام -الفيتو- وقوفها ضد شع ...
- دراسة ضخمة: جينات القوة قد تحمي من الأمراض والموت المبكر


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - ما بعد الكيمياوي!