أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسن خضر - كش ملك..!!















المزيد.....

كش ملك..!!


حسن خضر
كاتب وباحث

(Hassan Khader)


الحوار المتمدن-العدد: 4218 - 2013 / 9 / 17 - 14:24
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تحرّض على العودة إلى الشيخ القرضاوي، من وقت إلى آخر، قضايا تتجاوزه من حيث الأهمية، لكنه يتجلى فيها، باعتباره وسيلة إيضاح مثالية. فكلما كان الكلام عن الحقل الديني باعتباره جزءاً من حقل السلطة، وعن علاقة الديني بالسياسي، وعن العلاقة بين الفقيه والدولة الحديثة، نجد ما يبرر العودة إليه. ناهيك، طبعاً، عن حقيقة وجوده في الجاري من الأحداث، وآخرها المطالبة بمحاكمته في مصر بدعوى الخيانة العظمى.
وإذا جاز الكلام بالتعبيرات الشائعة عن الخطوط الحمر، فإن تحريض القرضاوي للجيش المصري على التمرّد، ودعوته الجنود المصريين للانشقاق وعدم إطاعة الأوامر، يُعتبر في مصر المحروسة تجاوزاً لخط أحمر لا تسامح معه، ولا غفران بعده.
وفي هذين الأمرين، معاً، أي ضرورة عدم التسامح أو الغفران، ما يمكننا من الاستفادة من ظاهرة القرضاوي باعتبارها وسيلة إيضاح، وتجاوزها في الوقت نفسه، للإسهام في تشخيص ظاهرة الإسلام السياسي، والعثور على فرضيات يمكن اختبارها وتعميمها في حقل السلطة، وعلاقة الديني بالسياسي، ومكانة الفقيه في الدولة الحديثة.
وأوّل ما يتبادر إلى الذهن، في هذا الصدد، مسألة الحقوق المدنية والسياسية، وحرية التعبير. فهل يملك الداعية، أو الفقيه، حصانة تستمد مبرراتها من نطقه باسم المقدّس، وتمنحه ضمانات إزاء القانون، إلى حد يمكنه من التحريض على العنف، والقتل، وتقويض الدولة، دون ملاحقة قانونية؟
لا وجود، في الواقع لحصانة، وضمانات، إلا في الدولة الثيوقراطية الدينية. بيد أن العلاقة الملتبسة بين الديني والسياسي في دول ما بعد الاستقلال، والاستثمارات المالية الهائلة في الحقل الديني (بعد الطفرة النفطية) وتمفصل الديني مع السياسي في صراع القوى الإقليمية والدولية في العالم العربي وعليه، أوهم الداعية، أو الفقيه، بإمكانية استرداد مكانته التقليدية في زمن ما قبل الدولة الحديثة. ولم يكن لوهم كهذا أن يضرب جذوره في الأرض دون تواطؤ، وتحريض، من جانب أنظمة أغلقت الحقل السياسي، وحكمت على المجتمع المدني بالشلل، وعلى السياسة نفسها بالتعفن والموت.
وقد أسهمت هذه العوامل، فرادى ومجتمعة، إلى جانب بنى اجتماعية وثقافية تقليدية، في إنشاء، وتعزيز، وتكريس سوق للديني تمتاز بحيوية مدهشة، وسلع متنوّعة، ومعدلات استهلاك عالية، وتحتدم فيها المنافسة على احتلال المتن، ومركز الأولوية، استناداً إلى قانون العرض والطلب، وكفاءة الدعاية، والإعلان، والإعلام.
ولن نفهم لماذا راجت سوق كهذه ما لم نضع في الاعتبار أمرين: أولاً، أن إنشاء السوق ترافق مع تقدّم وسائل الاتصال والتقنيات الحديثة، وعلى أسها التلفزيون، وكان من نتائجها. وثانياً، أن إنشاء السوق ترافق مع نشوء ظاهرة "الجماهير"، وكان من نتائجها. وكلتاهما ترافقت مع طفرة النفط.
أهم خصائص التلفزيون، خاصة في زمن الفضائيات، أنه عابر للحدود، والقوميات والطبقات، والمهن، والثقافات. ومع هذا وذاك، أن استهلاك بضاعته لا يحتاج إلى حد أدنى من التعليم، أو الكفاءة الثقافية.
ولهذه الخصائص نفوذ يكاد يكون أسطورياً في ظل صعود "كتلة الجماهير"، الذي لا يعني الزيادة الديمغرافية الهائلة التي شهدها العالم العربي في النصف الثاني من القرن العشرين، فغيّرت ملامحه إلى الأبد وحسب، بل ونجاح فكرة المواطنة والحقوق، بما فيها الممارسة السياسية وحرية التعبير، في احتلال المتن في النسق الثقافي العربي، أيضاً.
وفي هذا السياق، لم يعد في وسع حتى أكثر الأنظمة تقليدية ومحافظة إنكار حق المشاركة السياسية. ولم يعد في وسع حتى أكثر الأنظمة طغياناً إنكار الحق نفسه، بصرف النظر عن صدق هذه وتلك، أو الممارسة الواقعية على الأرض، في الحالتين.
في ظل الزيادة الديمغرافية، وما تركته من آثار كارثية على المدن، وهيمنة فكرة الحق في الخطاب الشعبوي العام، والمستوى المتدني للتعليم، وانغلاق الحقل الثقافي، وموت السياسة نفسها، نشأت "كتلة الجماهير" باعتبارها ظاهرة سياسية وسوسيولوجية جديدة، عابرة للطبقات والمهن. وهذه الظاهرة مسكونة بقدر كبير من العنف، خاصة في أوساطها الأكثر فقراً وهامشية، ولكنها تعي مصادر قوتها، ولا تخفي طموحاً ملتبساً في إعادة صياغة المجتمع والدولة، استناداً إلى حق يحظى، بالاعتراف الديمقراطي العام، حتى من جانب خصومها، والمُحذرين من طاقتها التدميرية.
على خلفية كهذه يصبح الحضور التلفزيوني للداعية، جزءاً من ظاهرة أكبر. فمن ناحية تحتاج الكتلة إلى منتج للخطاب، ومن ناحية ثانية، لا ينجو الخطاب، كما صاحبه، من ضرورات تفرضها السوق، وتؤدي في نهاية المطاف إلى تمفصله، مباشرة أو مداورة، مع رهانات وصراعات محلية وإقليمية ودولية.
وإذا كان في هذا ما يفسر تعددية الدعاة، وتباين التحيّزات، والولاءات، فإن فيه ما يفسر، أيضاً، تدني المستوى المعرفي للخطاب، في سوق سمتها تزايد الطلب، وتدني ذائقة المستهلكين، وعدم التدقيق في مؤهلات المنتجين. وهذا ما يمكن التدليل عليه في ظل صعود ما لا يحصى من دعاة يفتقرون إلى مؤهلات يعتد بها، على جناح الطفرة التلفزيونية في العقود القليلة الماضية.
وبقدر ما يتعلّق الأمر بالقرضاوي فإن مؤهلاته لا تفسر ما لديه من نفوذ، يصعب التحقق منه والتدليل عليه بعيداً عن رعاية المشيخة القطرية وعدتها وعتادها المالي والتلفزيوني، والعلاقة بجماعة الإخوان المسلمين، وحركات الإسلام السياسي عموماً، . والمؤكد أن الغالبية العظمى من مستهلكي خطابه عرفته عن طريق التلفزيون، لا من قراءة مرافعاته الفقهية.
ولعل التدقيق في مصادر النفوذ يمكن المراقب من تحليل الموقف السياسي: إذا قررت المشيخة القطرية، مثلاً، إعادة النظر في موقفها من النظام القائم في مصر، بعد الإطاحة بالإخوان، هل يصر القرضاوي على موقفه؟
الجواب بالنفي. وهذا أكيد بالقياس. فلم يسبق له أن عارض، أو حتى تحفّظ على، سياسات حكامها للتدليل على استقلالية من نوع ما. والشواهد كثيرة. وفي هذا ما يدينه ويشهد عليه. فالديني محكوم بالسياسي، والسياسي محكوم بالمصلحة. والسوق محكومة، ومشروطة، بهذا وذاك. والنتيجة، بالمعنى السياسي والأخلاقي: كش ملك.



#حسن_خضر (هاشتاغ)       Hassan_Khader#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نزهة المشتاق في علم الأنفاق..!!
- الإخوان، سردية جديدة..!!
- مصر فازت، والديمقراطية لم تخسر..!!
- شعبان وبعض من وعود العلمانية..!!
- سلاح التلميذ النجيب في مفاوضات رام الله وتل أبيب..!!
- طه حسين في التحرير وقطب في رابعة..!!
- مصير مصر في الميزان..!!
- حقيقة الصراع في مصر وعليها..!!
- مصرُ التي في خاطري..!!
- يومٌ من أيام القيامة..!!
- لا ثورة، ولا إنقاذ..!!
- جريمة الغامدي وموت الضمير..!!
- وأخيراً، دولة الحق الطبيعي..!!
- فتح والنساء واليد الطالبانية..!!
- لن يقفز..!!
- سورية أصبحت مثل غزة..!!
- مأساة إغريقية كاملة..!!
- في رثاء مارتن رتشارد..!!
- أنا أحبُ الأخ الأكبر..!!
- جهاد النكاح..!!


المزيد.....




- هارفارد تنضم للجامعات الأميركية وطلابها ينصبون مخيما احتجاجي ...
- خليل الحية: بحر غزة وبرها فلسطيني خالص ونتنياهو سيلاقي في رف ...
- خبراء: سوريا قد تصبح ساحة مواجهة مباشرة بين إسرائيل وإيران
- الحرب في قطاع غزة عبأت الجهاديين في الغرب
- قصة انكسار -مخلب النسر- الأمريكي في إيران!
- بلينكن يخوض سباق حواجز في الصين
- خبيرة تغذية تحدد الطعام المثالي لإنقاص الوزن
- أكثر هروب منحوس على الإطلاق.. مفاجأة بانتظار سجناء فروا عبر ...
- وسائل إعلام: تركيا ستستخدم الذكاء الاصطناعي في مكافحة التجسس ...
- قتلى وجرحى بقصف إسرائيلي على مناطق متفرقة في غزة (فيديو)


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسن خضر - كش ملك..!!