أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - احمد الحمد المندلاوي - بدرايا.. البوابة الذهبية نحو الشرق















المزيد.....

بدرايا.. البوابة الذهبية نحو الشرق


احمد الحمد المندلاوي

الحوار المتمدن-العدد: 4218 - 2013 / 9 / 17 - 09:02
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


بسم الله الرحمن الرحيم
بدرايا.. البوابة الذهبية نحو الشرق
**مدن حضارية من أعماق التاريخ :1

بقلم/أحمد الحمد المندلاوي

بدرايا – بدرة الحالية من مدن العراق القديمة ،ضاربة جذورها في أعماق التاريخ،والتي يعود تاريخها الى زمن السومريين والأكديين كما ورد ذلك في كتب الرحالة ، حيث تدل الخرائط الأثرية على أن تأريخ بدرة يمتد الى 3500 ق .م ممثلاً بتأريخ تل العقر الذي يقع بالقرب من المدينة،و هذا التل هو مدينة بدرة القديمة حيث تعاقبت عليه عصور عديدة ابتداءً من العصر البابلي وانتهاءً بالعهد الساساني قبل الاسلام بفترة قصيرة حيث انتقلت المدينة الى التلال الموجودة بين المدينة الحالية،وتل العقر لتستمر حوالي عشرة قرون قبل انتقالها الى الضفة اليسرى من وادي الكلال قبل أربعة قرون بسبب تحول مجرى وادي النهر.
لقد كانت بدرة في العصور القديمة الغابرة تسمى الدير ، بل كانت مملكة قوية تسمى (مملكة الدير) صاحبة الحضارة والعمران والقوة،ونافست الإمبروطوريات المجاورة في الاستيلاء على أكبر رقعة من الأرض،لديمومة حكمها و سلطانها،واليوم بدرة قابعة في شرق البلاد،في الشريط الحدودي مع الجارة إيران ،ذات موقع مهم بل تعتبر منفذ العراق نحو بلاد الشرق، و اليوم آلت على نفسها أن تنهض من بين أتربة النسيان و الإهمال المتعمد من قبل النظام البائد، لتواكب الركب الحضاري وعطاءها الفكري كبقية مدننا الجميلة ..فها هي بدرة بلد النسيم و منفذ العراق الجميل نحو بلاد الشرق.
بدرة قضاء عريق،تتبعه ناحيتانِ هما :الزرباطية و الجصان،و مدبنة بدرة تقع في شمال شرقي الكوت ،و تبعد عنها (81) كم ،وعلى بعد (20) كم من الحدود مع الجارة إيران ، يحدّها من الشرق جبال بشتكوه ومدينة مهران الإيرانية ،ومن الغرب الكوت ، ومن الشمال قضاء مندلي ،ومن الجنوب محافظة ميسان .
وبذا تكون بدرة من المنافذ الرئيسية للعراق منذ القدم،بل البوابة الذهبية الموصلة نحو بلاد الشرق.
يمتاز مناخها بالحرارة العالية في فصل الصيف وتصل الى (45) درجة مئوية ، فيما يميل الى الاعتدال في فصل الشتاء, أما أمطارها فهي شتوية وقليلة وتصل معدلاتها في أحسن السنين مابين (100-150) ملم، وهذه الكميات غير كافية لإنجاح الزراعة بالاعتماد على مياه الأمطار، وعموما فمناخ بدرة يصنف على أنَّه من ضمن مناخ المنطقة الحارة .
و المصدر الرئيسي للمياه فيها هو (كلال بدرة) وهو نهر صغير وموسمي على الأغلب وينبع من جبال لورستان ، يفيض منسوبه في فصل الشتاء وبدايات الربيع بسبب ذوبان الثلوج الأمطار الكثيفة التي تتساقط على جبال لورستان وقد انحسرت مياهه في أعوام الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي بسبب تدهور العلاقات السياسية بين العراق و إيران، وتركت آثارها السلبية على مجمل سكان المناطق الحدودية ومنها بدرة و مندلي و خانقين.. على أي حال فالاعتماد الرئيسي في سقي البساتين و الأراضي الزراعية يعتمد على نهر (الكلال) بالدرجة الأساس فيما يعتمدون في شربهم على مياه منطقة (منصورآباد).

أما تضاريس بدرة فهي إمتداد لتضاريس المنطقة المتموجة في جنوب وجنوب الشرق كردستان العراق والذي ينتهي بالقرب من جنوب سلسلة جبال حمرين والتي إعتبرها الجغرافيون أطول سلسلة في العراق، وتشكل هذه السلسلة خطاً متواصلاً في الارتفاع وسط الأراضي السهلية متجهة نحو الجنوب الشرقي الى أن تصل بجبل بشتكوه من كردستان إيران في شرقي مدينة (مندلي) بالقرب من موقع
( كومة سَنك) وفي يسار نهر كنكير حيث تتصل هناك بجبل بشتكوه، ثم يتجه حمرين نحو الجنوب ويقطع الفرع الجنوبي منه (آب شونكولا) في شرقي ( بدرة ) ويستمر الى ان ينتهي بنهر كرخة في شرقي العمارة .
الحركة الاقتصادية في بدرة
يعتمد سكان قضاء بدرة عموماً في حياتهم الاقتصادية على الزراعة، وتربية الحيوانات،و التجارة ، وعلى ممارسة بعض الحرف اليدوية التقليدية الموروثة ،وتشتهر بدرة منذ القدم ببساتينها الغنّاء ، ويوجد ما يقارب (750) ألف نخلة مثمرة تنتج أجود أنواع التمور المعروفة بتمور بادرايا،و الزبير ،والمكتوم، و باوه آدم، وكذلك الأشرسي و هذا النوع الأخير نادر لا يوجد منه الا في بدرة و مندلي،و يعطي طعماً خاصاً ويتمَّ حشوه بلب الجوز، وتزرع أيضا تحت ظلال النخيل أنواع عديدة من أشجار الثمار كالبرتقال والليمون البدراوي الشهير بطعمه، وغيرها.. ولسكان بدرة خبرة متوارثة عبر السنين في إدارة البساتين.
مواطنو بدرة و عاداتهم:
بلغ تعداد سكان بدرة في إحصاء العام (1947) (16.189) نسمة أغلبهم من الكرد أي ما يقرب 80% وتضاءل هذا العدد باستمرار بسبب عمليات التسفير والترحيل عنها من قبل الحكومات العراقية، فيما قدر عدد سكانها عام 1980م أي قبل الحرب بين العراق و إيران بزهاء (35) ألف نسمة أغلبهم رحلوا وسفّروا بسبب الحرب.. أما لهجة كرد بدرة فهي فيلية ، ومن عشائرهم:
(ملكشاهي- بَيري - زوروي- علي شيرواني- دزبولي- شوهان- خزل) وكانوا في السابق أي قبل تهجيرهم ينتشرون في داخل القصبة وقراها، و هناك عشائر عربية متآخية في بدرة منها :
عشائر بني لام،وبني كعب، و الركابي.. أما أهم هذه القرى المحيطة بالقضاء فهي: منصور آباد- ورمزيار- سَي سفر- عبد الله – قلمات – حاجي زوراو – حجي عيسى – سَي مامَي – قياوي..
أما عن العادات و التقاليد في هذا القضاء فبسبب الخصوصيات التاريخية، فقد امتازت كل منطقة بتقاليد وعادات تختلف من منطقة الى أخرى توارثوها عبر السنين عن أسلافهم، و يحتفلون بأيام الربيع وعيد نوروز ، ويتبادلون الزيارات مع ذويهم ويقومون بزيارة العتبات المقدسة في النجف وكربلاء المقدستين كغيرهم من الشيعة المنتشرين في المنطقة..

مدينة بدرة من مدن العراق القديمة كما ذكرنا ،يرجع تاريخها الى زمن السومريين و الأكديين و ان أصلها (الديرة) ثم أدخل الآراميون على الاسم (ب - بيت) فاصبح بدرة بمرور الزمن بعد حذف الياء أو ادغامه و معناه القلعة أو الحصن، و قد تكرر اطلاق هذا الاسم كثيراً في العراق القديم؛وأورد التاريخ ان أشهر ملوك الدير كان (أنو متابول) الذي تمكن أن يقضي على سلالة كريكري و بلالاما في اشنونا (آثار ديالى) و أن يمد بنفوذ بدرة مدينته الى المدن العيلامية . الا انه صادف أن توغلت في العراق في ذلك الزمن قبائل الأموريين الذين تمكن ملكهم كونكونم من أن يقهر (أنو متابول) ملك الدير ،و يقل من نفوذه ،و قد قام الملك الآشوري شمسي أدد بحملته على بلاد بابل فعبر الزاب و جبال حمرين وعبر ديالى ثم انحدر الى الدير ،فنهب خزائنه و اضطر أهلها الى الهروب الى بلاد عيلام من وجه الآشوريين ثم نجد في كتابات سرجون (722- 705 ق.م ) اضطر أن يستردها من العيلاميين و كانت الدير في زمن آشور بانيبال من قواعد العسكرية الهامة .
و يرى الآخرون إن تسمية بدرة مشتقة من (بَيرَه) العشيرة الكردية المعروفة باسم (بيري).و يقول آخرون ان التسمية ترجع الى (بك زايا) أي أحفاد الأمراء، جاء في كتاب اللر ولورستان لمؤلفه (على سيدو كوراني) أن التسمية جاءت نسبة الى أمير لورستان الشهير(بدر الدين مسعود) وهو من احد الأمراء الخورشيديين الذين حكموا إمارة لورستان لفترة طويلة.. ، و تدل الخرائط الأثرية على أن تاريخ بدرة يمتد الى 3500سنة ق.م ممثلاً بتاريخ تل العقر الذي يقع بالقرب من المدينة،واليوم تقع بدرة على رابية صغيرة على سفح النهر (الكلال) بيوتها في الصوب القديم متلاصقة ومبنية من الطين و الجص ومسقفة بجذوع النخل وله سوق يتكون من (50) محالاً تجارياً يتم فيها عمليات البيع والشراء والمبادلات التجارية الأخرى، أما الصوب الثاني أو الصوب الجديد فقد بني في عهد قيام الدولة العراقية ويتكون من الدوائر والمؤسسات الحكومية والبيوت الحديثة وغيرها..
من أهم معالم مدينة بدرة تل العقر، بالإضافة إلى وجود مرقد عبد الله الصالح ومقام الإمام علي بن موسى الرضا (ع). ويعرف عن أهل بدره بطيبة القلب وحسن النية، فقد عرفوا عبر التاريخ بطيب قلبهم وصفاء نيتهم، وغالبيتهم أناس مثقفون ومتعلمون، فقد خرج من رحم هذه البلدة الصغيرة العديد من المبدعين في مختلف المجالات (شعراء،أدباء،وزراء) وغيرهم.
احمد الحمد المندلاوي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



#احمد_الحمد_المندلاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بقايا ظمأ..عن مركز مندلي/5
- تباريح ملوّنة..عن مركز مندلي/4
- بدلَ القمحِ..
- صهوةُ الحجر..
- درسٌ من الحجارة
- مفقس أسامة
- السيد ظاهر البندنيجي .. سيرة و ذكريات
- سألتُ يوماً ..
- ستونَ منْ مهجِ الشّبابْ
- ذاتي الكئيبة..
- رسّامُنا الصَّغير..
- مدينة كانت هناك!!..
- مرثية خانقين
- هاهنا في كربلاء طفٌّ جديدٌ..
- كتان كتانه:سفيرة الغناء الكوردي الفيلي
- ثورةُ الزّهرةِ البريّة
- مرثيّة حي مندلي
- اللغوي نعمت علي في الذاكرة
- هذا العراقُ و مجدُهُ ..
- مذكرات جدار..


المزيد.....




- الرئيس الإيراني: -لن يتبقى شيء- من إسرائيل إذا تعرضت بلادنا ...
- الجيش الإسرائيلي: الصواريخ التي أطلقت نحو سديروت وعسقلان كان ...
- مركبة -فوياجر 1- تستأنف الاتصال بالأرض بعد 5 أشهر من -الفوضى ...
- الكشف عن أكبر قضية غسل أموال بمصر بعد القبض على 8 عناصر إجرا ...
- أبوعبيدة يتعهد بمواصلة القتال ضد إسرائيل والجيش الإسرائيلي ي ...
- شاهد: المئات يشاركون في تشييع فلسطيني قتل برصاص إسرائيلي خلا ...
- روسيا تتوعد بتكثيف هجماتها على مستودعات الأسلحة الغربية في أ ...
- بعد زيارة الصين.. بلينكن مجددا في السعودية للتمهيد لصفقة تطب ...
- ضجة واسعة في محافظة قنا المصرية بعد إعلان عن تعليم الرقص للر ...
- العراق.. اللجنة المكلفة بالتحقيق في حادثة انفجار معسكر -كالس ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - احمد الحمد المندلاوي - بدرايا.. البوابة الذهبية نحو الشرق