لينين-تروتسكي...العلاقة والخلاف/الارشيف الملعون!!!(6)

ماجد الشمري

الحوار المتمدن-العدد: 4215 - 2013 / 9 / 14 - 20:04
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    

في نهاية عام1915 دب الانشقاق والضعف داخل مجموعة زيمرفالد،فقد كانت الاقلية اللينينية،تنأى عن الاشتراكيين المسالمين،والوسطيين،انصار الاعتدال،والوطنية،واضطهدت عناصر الحركة،من قبل الحكومات المتحاربة،وبدعم من الاشتراكيين الوطنيين،فسجنت بعض قيادييها،وارسلت البعض الاخر الى الخنادق.كان سلوك المناشفة داخل الدوما بالغ الخسة،اما البلاشفة فقد حكم عليهم،وارسلوا الى المنفى السيبيري.تكلم الجورجي تشخيدزه،قائد المجموعة المنشفية في الدوما عن حركة زيمرفالد،متظاهرا بالدفاع عنها،فكان دفاعا خبيثا،اقرب للادانه،منه الى الدفاع!وقد ندد لينين بتشخيدزه،في الحال،وطلب من اعضاء زيمرفالد ان يحذو حذوه.كان تروتسكي قد ارتبط بتشخيدزه،بعلاقة سياسية قبل الحرب،وفي رسالة اليه بالذات،وصف فيها لينين في عام1913ب"المعلم في الشجارات هذا..هذا المستغل المحترف لتاخر الحركة العمالية الروسية"-هذه الرسالة جرى توظيفها في صراع ستالين السياسي ضد معارضة تروتسكي فيما بعد،كدليل ادانة،لموقف تروتسكي من لينين،من حقبة الخلاف-.تفاقمت خيبة تروتسكي،وهو يشاهد الرواد الشيوخ للحركة الثورية:فيرا زاسوليتش،وبوتريسوف،يتبعان خطى بليخانوف،في دعم الحرب،فقد كان احترامه للشيوخ هو السبب الاهم في القطيعة بينه،وبين لينين،وهاهو يراهم الان جميعا،بأستثناء اكسلرود المهاجر"يهجرون القضية".وقد قطع صلته بهم،كما فعل مع بارفوس،وكان يتساءل بمرارة:لم جحد الحرس القديم مبادئه؟!اذا لم يكن لينين محقا وعلى صواب،منذ البدء في نبذهم،وتركهم خلفه والمضي الى الامام.يصف تروتسكي في سيرته الذاتية،تطوره نحو البلشفية،كسيرورة قربته بكامل اختياره ووعيه،اكثر فاكثر من لينين.نادى تروتسكي بتعاون كامل مع"المجموعات اللينينية النشطة جدا والمؤثرةجدا".وقرر ان يجعل من التقارب مع البلاشفة سياسة مبدأية لصحيفة"ناشي سلوفو" بعد انفراده بالمسؤولية فيها،واستقالة مارتوف على اثرها من تلك الصحيفة،وانتهت صداقة اخرى قديمة،ربطت بينه وبين مارتوف.في الوقت الذي كان تروتسكي يمضي حثيثا باتجاه لينين،والاممية الجديدة،كان لايزال هناك قضايا كثيرة ومهمة تفصل بينه وبين لينين،منها:مشكلة الانهزامية الثورية،فقد كتب تروتسكي:"لاتكسب الثورة شيئا من مراكمة الهزائم".فيما اكد لينين لينين:"ان هزيمة عسكرية تنزل بروسيا،تسهل الثورة".وللوهلة الاولى تبدو الاطروحتان،متعارضتان جذريا،ولايمكن ان تتقاربا-هكذا يصور المؤرخون الستالينيون الموضوع!-ولكن الحقيقة،ان الخلاف لم يكن سياسيا،بقدر مايتعلق بأساليب الدعاوة.فلينين وتروتسكي كانا ينصحان الاشتراكيين،بتحويل الحرب الى ثورة،وبنشر افكارهم ومفاهيمهم في صفوف العمال والجيش،حتى لو ادى ذلك لاضعاف بلادهم عسكريا،وكانا يعتقدان معا ،ان الخوف من الهزيمة القومية،لا ينبغي ان يحرف الاشتراكيين عن واجبهم الاساس،وهو القيام بالثورة.فلينين لم يكن يطلب من المناضلين،ان يقوموا بأعمال انهزامية مثل:التخريب،او الفرار من الجيش،بل يشدد على ان واجب الاشتراكيين الروس المقدس،هو ان يقوموا بالتحريض الثوري،حتى لو ادى ذلك الى اضعاف روسيا عسكريا،بأمل ان يفعل الثوريون الالمان الامر نفسه،لتسقط كل الحكومات الامبريالية في نهاية الامر،تحت ضربات الاممين كلهم.تروتسكي،ومعه عدد من انصار لينين ايضا،كان يقول:"انه تكفي المناداة بالثورة واعدادها،دون التفات للوضع العسكري،وكان للموقفين،مساوئهما ومنافعهما.فقد كانت لا-انهزامية تروتسكي،لاتعرض الامميين للاتهام،بتقديم الدعم للعدو.اما موقف لينين،فرغم بعض السلبيات،فأنه يسمح بشكل افضل،بتحصين الامميين ضد الوطنية المحاربة،وتضع حاجزا بينها وبين خصومها.في عام1917كان هذان الشكلان المختلفان من النضال ضد الحرب،يتعايشان معا دون خصومة او خلاف،وكلاهما مثمرا.كان هناك وجها اخر لاختلافهما-لينين،وتروتسكي-وهو المتعلق بموضوعة تروتسكي"الولايات المتحدة الاوربية"والتي اعتبرت فيما بعد-فكرة"تروتسكية"من حيث الجوهر-الا ان لينين ادخلها في اطروحاته الخاصة حول سياسة الحرب منذ1914حيث كانت ترمز الى امل لينين وتروتسكي الذي لايخبو،بأن تهز الثورة البروليتارية،اوربا كلها في نهاية الحرب.الا ان لينين كان يعترض على تلميح تروتسكي،بان الثورة لن تتمكن من الاندلاع في روسيا،الا اذا تلازمت مع هزة اوربية شاملة،وكان تحفظ لينين على ذلك،ان موقفا كهذا سيقود الى الاستكانة والشلل،ويدفع بأشتراكيي اي بلد للانتظار بهدوء حتى يبدأ الاخرون،ومن الجانب الاخر،فلينين لم يستبعد،الوهم المسالم القائل:بانه يمكن قيام الولايات المتحدة الاوربية على قاعدة غير اشتراكية،اي قاعدة رأسمالية.كان لينين يقول:"ان الثورة تستطيع ان تنتصر في روسيا قبل تحرك اوربا"لان التطور الاقتصادي والسياسي غير المتساوي قانون محتم من قوانين الرأسمالية".وقد تعرض تروتسكي لهذا النقد،حين اندفع وراء رؤيته المشرقة:لقارة اشتراكية موحدة،فزعم بان الحرب"بتحطيمها الدولة القومية،ستدمر بذلك القاعدة القومية للثورة"فالمضمون العام لاستدلال تروتسكي،يوحي بان التفسير الذي اعطاه لينين للكلمات المستشهد بها غير سليم.فتروتسكي لم يكف عن التاكيد،بان الثورة الروسية ستكون الاولى التي ستنتصر،وهي التي ستحفز ثورات جديدة في كل اوربا.رد تروتسكي على لينين بالآتي:"ليس على اي بلد ان ينتظر بكسل،من اجل خوض النضال،ان يكون ابتدأ الاخرون،انها حقيقة اولية من المفيد تردادها..علينا خوض النضال على ارضنا القومية،دون انتظار الاخرين،متأكدين من ان مبادرتنا ستكون مهمازا للبلدان الاخرى".كان تروتسكي يحاجج بتحليل ينطوي على بذور خصومة لامع لينين،بل مع خليفته المقبل!.يقول تروتسكي ايضا:"صحيح ان الرأسمالية تطورت بصورة"غير متساوية"وهذا هو السبب في ان الثورة لن تنتصر الا في بلد واحد،الا ان لاتكافوء التطور بحد ذاته غير متكافيء".ان بعض البلدان الاوربية اكثر تطورا من الناحيتين الاقتصادية والثقافية من بلدان اخرى،الا ان اوربا منظورا اليها بمجملها هي اكثر تقدما من افريقيا واسيا،واكثر نضجا بالنسبة لثورة اشتراكية،وليس ضروريا بالتالي تصور ان الثورة ستبقى معزولة في بلد واحد خلال زمن طويل،وبشكل دائم.ليس ثمة حاجة للوقوع في"مسيانية" قومية ثورية،تجعلنا نعتبر دولتنا القومية الخاصة بنا كالمسيح المعد لقيادة البشرية الى الاشتراكية!.يقول تروتسكي:"ان النضال للحفاظ على القاعدة القومية للثورة الاجتماعية بطرائق تهدد بتحطيم تضامن البروليتاريا الاممي،انما يعني تهديم اسس الثورة بالذات،على الثورة ان تبدأ على قاعدة قومية،لكن اذا اخذنا في الاعتبار،التداخل الاقتصادي والسياسي-العسكري للدول الاوربية،فهذه الثورة لايمكن ان تنجز على هذه القاعدة".لم يعترض لينين على هذا القول،وحدس تروتسكي الذي عبر عنه في"المسيانية الثورية القومية"والذي يجعل من امة تعتبر نفسها"كالمسيح المعد لقيادة البشرية الى الاشتراكية"هذه المسيانية،سيصبح ستالين في سنواته الاخيرة هو المعبر عنها!.انصاع الفرنسيون لرغبات حلفائهم الروس فتم حضر صحيفة ناشي سلوفو،والطلب من تروتسكي مغادرة فرنسا،بعد ان امضى فيها سنتان.في30تشرين الاول/اكتوبر1916طرد تروتسكي الى اسبانيا،حيث لم يستطع الحصول على تأشيرة الى ايطاليا او سويسرا،او احد البلدان الاسكندنافية،قبل طرده وجه رسالة مفتوحة منددة الى رائد الماركسية الفرنسية جول غيد الذي سقط واصبح وزيرا للحرب!.وفي اسبانيا اوقف من قبل الشرطة الاسبانية،واطلق سراحه نتيجة لضغط الصحافة الجمهورية والاشتراكية،وابعد الى كاديكس تحت الحراسة ،ثم انضم لعائلته في برشلونة،ليبحر من هناك على متن باخرة اسبانية تغص بالهاربين.كتب تروتسكي الىالفرد روسمر:"انها المرة الاخيرة التي القي فيها نظرة على اوربا القديمة السافلة هذه".في13كانون الثاني/يناير نزل تروتسكي في ميناء نيويورك،وقد استقبل من قبل الجالية الروسية استقبالا حارا.كان المهاجرون الروس يصدرون صحيف بأسم نوفيي مير(العالم الجديد) بادارة بوخارين،وكولونتاي،وفولودارسكي،وعلى الفور بدأ العمل فيها،كان بوخارين يقيم في فيينا عندما كان تروتسكي يصدر صحيفته البرافدا،وكانت حدة الصراع بين الجناحين قد باعت بينهما،اما الان فهما صديقان ارتبطا بعلاقة استمرت ثماني سنوات من ذلك التاريخ،لتنتهي حيث سيغدو بوخارين شريكا لستالين،اما كولونتاي المنشفية القديمة،فستصبح اكثر انصار لينين تعصبا،وكان فولودارسكي منجذبا الى البلشفية،وقد انسجم تروتسكي مع تلك المجموعة.في13 اذار/مارس1917 كتب تروتسكي في نوفيي مير:"نحن ازاء ثورة ثانية في روسيا،فلنأمل ان يشارك فيها الكثير من بيننا"بعد شهران في نيويورك غادرها تروتسكي بعد حدوث الثورة عبر انكلترا التي احتجز فيها،وتدخل حكومة الثورة الروسية بالسماح له بالمغادرة عبر فنلندا ومن هناك بالقطار الى بتروغراد الثورة...
.......................................................................................................
يتبع..
وعلى الاخاء نلتقي..

#ماجد_الشمري (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات