أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - حسين جمو - ديار بكر حزينة لأجل أنقرة















المزيد.....

ديار بكر حزينة لأجل أنقرة


حسين جمو

الحوار المتمدن-العدد: 1204 - 2005 / 5 / 21 - 09:52
المحور: القضية الكردية
    


تشهد الساحة السياسية التركية جملة من التغيرات سواء على الصعيد الداخلي أو الخارجي , فمنذ استلام حزب العدالة و التنمية(akp) للحكم في خريف 2002و الحديث عن نقلة نوعية في السياسة الخارجية و الداخلية ما زال مستمراً .
ولأول مرة تشهد تركيا هذا الانفتاح على الشرق الأوسط , و بما أن الوضع العراقي برمته تنظر إليها تركيا كمشكلة بحد ذاتها , فمن الطبيعي أن تشهد العلاقات التركية –السورية تحسناً على صعيد التعاون الأمني أولاً , وذلك بدءاً من اتفاقية أضنة عام 1998 وما استتبع ذلك من تحسن في المجالات الأخرى و التي تفرضها ضرورة تخفيف الصبغة الأمنية على هذه العلاقات . هذا التحول حدث في العلاقات مع إيران أيضاً , وكل ذلك من مبدأ جديد في السياسة الخارجية التركية و التي تقوم على تصفير (من الصفر) المشكلات مع دول الجوار الجغرافي لتركيا , وهذا سيخرج تركيا من كونها بلداً طرفاً له مشكلات متواصلة مع جيرانه لأن "تركيا يجب أن تُعرف في المرحلة الجديدة على أنها بلد مركز " حسبما يرى أحمد داوود أوغلو مستشار رئيس الحكومة التركية .
لكن الشرق الأوسط منطقة غير مضمونة سياسياً , و يمكن إقامة العلاقة معها كورقة ضغط بديلة عن الساحة الأوروبية في حال تعثر مساعي تركيا للانضمام إلى التحاد الأوروبي , أما إقامة علاقة استراتيجية قائمة على خطط بعيدة المدى كما يطرحا أوغلو و السياسيون الجدد في أنقرة هي مخاطرة بحد ذاتها , فالعلاقة مع سوريا قائمة أساساً على النظرة الإيديولوجية المشتركة للقضية الكردية , و بالتالي لا يمكن لنقطة التقاء أيديولوجية أن تولد علاقة استراتيجية .فتصفير المشكلات مع دول الجوار لا تعني سوى المواجهة المشتركة لهذه الدول (تركيا - سوريا – إيران ) لما يعتبرونه بالخطر الكردي على الأمن القومي لهذه الدول و المستندة على الأيديولوجيا الأحادية في الداخل و الإلغائية للأكراد .
وهناك مثال قريب حول عدم ملاءمة الشرق الأوسط لهذه السياسة التركية . ففي 3 أيار 2005قام رئيس الحكومة أردوغان بزيارة إلى إسرائيل للقيام بجهود وساطة بين الإسرائيليين و الفلسطينيين , إلا أن هذه الجهود فشلت بشكل مزدوج : حيث رفض الإسرائيليون الوساطة التركية , و احتج موردخاي كيداف و هو أستاذ في جامعة بارايلان بأنه لا يعرف " لماذا يحتاج الفلسطينيون إلى وسطاء مثل الأتراك ليتفاوضوا معنا ", ومن ناحية أخرى شن الإعلام العربي و الإسلامي حرباً على هذه الزيارة , ونددت أحزاب و مؤسسات سياسية و ثقافية بالزيارة تلك , مما دفع "ايجه أوغلو " النائب عن حزب العدالة و التنمية في البرلمان إلى الاستغراب في لقائه مع قناة الجزيرة بأن " الإعلام في العلم الإسلامي يتحدث كثيراً عن زيارة أردوغان إلى إسرائيل , لكنهم لا يتحدثون مثلاً عن زيارة أردوغان إلى الفلبين !"
و بالتالي فإن جهود ثلاث سنوات من تصفير المشكلات قد انهارت خلال زيارة واحدة إلى تل أبيب , ذلك أن هناك "احتياطي سيكولوجي "في المنطقة لا يمكن أن يتقبل الأتراك بسهولة , بالإضافة إلى ما يعنيه ذلك من زيادة رصيد تركيا لمشكلاتها مع دول أخرى خاصة الولايات المتحدة نتيجة هذا " التصفير " , حيث أن لتركيا رصيد ثابت من المشكلات . وهذا يعني أن تصفيرها من جهة يعني تفاقمها من جهة أخرى , وهذه المعادلة تصبح غير قابلة للشك عندما نعرف أن نشاط السياسة الخارجية لا تحركها دينامكية الوضع الداخلي , بل يمكن اعتبارها طريقة تتبعها النخبة الجديدة في تركيا و الرافضة حتى الآن للحل الديمقراطي للقضية الكردية لمواجهة الدينامكية تلك و التي تضغط باتجاه الحل الديمقراطي .
على أية حال , فإن هذا المبدأ نفسه لم تتبعه تركيا مع العراق , فالأكراد أصبحوا هناك جزءاً دستورياً من الدولة العراقية عبر إقرار الفيدرالية لكردستان , و مع ذلك لم يتم أبداً تصفير المشكلات معهم . ويمكننا القول أن كل هذه السياسات متأثرة بدرجة أو أخرى بتوجهات الإعلام التركي , فلا نكاد نجد صحيفة تركية إلا و تتحدث بصراحة عن نية أميركا و الغرب لشن حرب صليبية على تركيا , و أخرى تتحدث عن مؤامرة أميركية لتقسيم تركيا في حال نجحت في تقسيم العراق . هذا الطرح الإعلامي خلقت موجة عداء شعبية سريعة ضد أميركا مما دفع في نهاية الأمر السفير الأميركي لدى تركيا " إريك إدلمان " إلى الاستقالة و هو الذي كان يعرف عنه بأنه صديق لتركيا .و نستطيع أن نتحدث عن إرباك سياسي أحدثه الإعلام للسياسة الخارجية , وهذا الإرباك يتجسد في كون الإعلام هو المحرض الأول و الداعم الرئيسي للسياسة التركية الحالية رغم التنوع الموجود فيها , و هذا الإرباك يتوضح من أن التوجهات الجديدة غير قادرة على طرح أي حل لمشكلات تركي بل أصبحت بمثابة مشكلة لكل حل على صعيد حل القضية الكردية , بالإضافة إلى تطوير العلاقات مع أنظمة دول تشهد تغييرات و تهديدات كبيرة .
تستطيع تركيا الحفاظ على مصالحها في وجه التدخل الأميركي في المنطقة عبر طرح برنامجها الديمقراطي على الصعيدين الداخلي و الإقليمي , فأكثر التدخلات الأميركية وحشية في العالم تستند على الأقل على طرح ديمقراطي , بينما نجد أن أكثر التدخلات التركية في المنطقة و خاصة في شمال العراق تعيق أي طرح ديمقراطي حقوقي . و بالتالي فإن التدخل الأميركي و النجاح الأميركي في المنطقة يأخذ شرعيته من أخطاء دول المنطقة و في مقدمتها تركيا وعدم رغبتها في القيام بالتحول الديمقراطي الشامل للجمهورية التركية في الداخل رغم توفر الظروف الذاتية و الموضوعية مما يجعلها أيضاً الوقوف في وجه العمليات الديمقراطية خارج حدودها أيضاً .
وهذا الافتقار إلى التوازن بين تطورات سياسة البلاد الداخلية و الخارجية ي}دي إلى فقدان الاستقرار السياسي الطويل الأمد , لأن ضرورات التغيير الداخلي هو إفراز جانبي للتغيرات الدولية .وسيؤدي إعاقة تركيا للحل الديمقراطي التي تطرحها القوى السياسية الكردية و التركية الليبرالية إلى أن تصبح في النهاية ضحية التغيرات الدولية مستقبلاً . و لا يعني كل ما ذكرناه أن تركيا دولة ليست ديمقراطية , و فالمؤسسات التركية السياسية و العسكرية و الاقتصادية تنتخب و تعين بإجراءات ديمقراطية أو دستورية شفافة , لكن هذه المؤسسات ذاتها تفتقر إلى البرنامج الديمقراطي الخاص بتوسيع المشاركة السياسية للشعب بما يضمن انتخاب الأكراد للمثليهم في البرلمان و و الدخول في ائتلافات حكومية و ضمان الحقوق الثقافية للأكراد .
و يعتبر " هاينتس كرامر " في كتابه ( تركيا المتغيرة ) بأن القوة الداخلية الأكبر و الأعظم هي الشرط الأهم لأية سياسة خارجية و أمنية ناجحة " .و اعتبار اسماعيل جيم وزير الخارجية التركي السابق بأن " تركيا تضطر دوماً لتقديم التنازلات كلما اتجهت نحو الغرب على عكس دول أوروبا الوسطى و روسيا " ناتج من عدم تحقيق المعادلة السابقة . بالإمكان تجاوز هذا المأزق بتعديل مفهوم الدولة – الأمة التركية و التي لا تتطابق مع الحدود الجغرافية و العرقية للدولة التركية و إشراك الأكراد في إدارة الدولة كما اشتركوا في حرب تحرير تركيا ,ومنع الآخرين بذلك من استغلال هذه القضية للحصول على تنازلات من الطرفين , و أخطرها بطبيعة الحال هو تنازل كل طرف ( الكردي و التركي ) عن الروابط الجامعة فيما بينهم . فالغرب يمارس هنا لعبة شديدة التعقيد على المعنيين بالمشكلة فهو من جهة يحصل على تنازلات من تركيا مقابل غض الطرف عن الحقوق الكردية و كان آخرها قبرص , ومن جهة أخرى تعلن وقوفها إلى جانب الأكراد بطابع حقوق الإنسان ليستمروا في التمرد و إعاقة تركيا نحو التحديث الديمقراطي و بالتالي فقد الطرفان الثقة ببعضهما البعض , وهذه هي المصيدة الأوروبية لكل من الأكراد و الأتراك , لذا فإن استغلال جميع فرص الحل الممكنة عبر الطرح الداخلي تعني الضربة القاضية للبنية التحتية و الذهنية للمشكلة التي تم خلقها .و لعل جزءاً كبيرا من عملية تدويل المشكلة هو الناتج المباشر لموقف أنقرة القمعي منها . فالعديد من الأكراد الذين يحاولون لفت أنظار الجمهور الأوروبي إلى القضية الكردية يفعلون ذلك لأن السلطات التركية أجبرتهم على الفرار من البلاد هرباً من الملاحقة و الاضطهاد . وهذه الممارسات أدت إلى فقدان تركيا لسيادتها من الخارج . و الحل عبر إعادة هيكلة المؤسسات الديمقراطية سيؤدي إلى زيادة فرص تركيا للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي . وسبل الحل الديمقراطي لاتطرح الانفصال لأن الانفصال لم يعد الأولوية من بين الخيارات الديمقراطية.
و قرار محكمة حقوق الإنسان الأوروبية في 12 أيار بعدم عدالة حكم المحكمة التركية لأوجلان عام 1999يجب أن ينظر لها كورقة لصالح تركيا عبر تحليل المصيدة التي ذكرناها , فما معنى أن يقوم الأوروبيون بتسليم أوجلان لتركيا و الآن يقومون بمحاسبتها ؟
إن أي فشل في الالتزام بالقرار سيعرض انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي للخطر قبل شهور فقط من بدء أنقرة محادثات الانضمام مع مجموعة الدول ال25 . لذا فإن أفضل طريقة لتخطي الفخ الأوروبي هو الاستجابة للقرار و عدم التنازل في مكان آخر . لكن حكومة ( akp) تحاول استغلال رفض القرار لتخفيف الضغط الداخلي عليها , حيث رفض قرار المحكمة أعادت توحيد جميع القوى المعارضة مع الحكومة بما فيها المؤسسة العسكرية .
في ظل هذه السياسة الداخلية و الخارجية لا يمكن أن يجد السلام و الديمقراطية فرصتها و خاصة في الوقت الذي يشن فيه الجيش التركي حملاته العسكرية في منطقة كردستان ضد قوات حماية الشعب . وهذه الإجراءات تزيد من تعقيد الحل و يفقد تركيا دعماً كبيراً في الخارج , و خاصة في البرلمان الأوروبي , فنواب الكتل اليسارية لا يمكن أن يؤيدوا انضمام تركيا في ظل الخروقات التي تقوم بها للقضية الكردية و حقوق الإنسان و عدم التزامها بمبدأ المشروطية السياسية وفقاً لمعايير كوبنهاغن . و نواب الكتل اليسارية هؤلاء , و على عكس نواب الكتل اليمينية ,لا يرون في الجذور التاريخية و الإسلامية لتركيا عائقاً, لذا لا بد من كسبهم في الوقت الذي تتزايد فيه شعبية اليمين في أوروبا .
إن تخلي تركيا تركيا عن سياستها الحالية وهو عدم قبولها لأي خطوة باتجاه الحل الديمقراطي للقضية الكردية إلا عندما تكون مرغمة من الخارج – وهو ما نقصده بفقد تركيا لسيادتها – سيخلق الثقة المفقودة بين مؤسسات الدولة و مواطني تركيا و هي أهم شرط لتحقيق الديمقراطية ضمن تركيا .
لقد أدرك أتاتورك استحالة خوض حرب التحرير بدون الأكراد , فكان تحالف أنقرة مع دياربكر هو الذي استعاد استانبول . و اليوم على النخب السياسية التركية أخذ القناعة ذاتها بأنه دون تحالف أنقرة مع ديار بكر لا يمكن الوصول إلى " بروكسل ". فالداخل هو منصة الإنطلاق إلى الخارج . فكم كان من مصلحة تركيا لو أن أردوغان قد زار " ديار بكر " بدلاً من " تل أبيب ".



#حسين_جمو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القضية الكردية و أزمة الطرح
- الجبهة التركمانية : الإصلاح أو الإفلاس
- تركيا: بين تصاعد إسلامي ويمين أوروبي
- تركيا ...أزمة اقتصاد أم أزمة دولة ؟
- القضية الكردية بين تركيا و الاتحاد الأوروبي


المزيد.....




- منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية تؤكد مسئولية المجتمع ال ...
- ارتفاع حصيلة عدد المعتقلين الفلسطينيين في الضفة الغربية منذ ...
- العفو الدولية: المقابر الجماعية بغزة تستدعي ضمان الحفاظ على ...
- إسرائيل تشن حربا على وكالة الأونروا
- العفو الدولية: الكشف عن مقابر جماعية في غزة يؤكد الحاجة لمحق ...
- -سين وجيم الجنسانية-.. كتاب يثير ضجة في تونس بسبب أسئلة عن ا ...
- المقررة الأممية لحقوق الإنسان تدعو إلى فرض عقوبات على إسرائي ...
- العفو الدولية: استمرار العنصرية الممنهجة والتمييز الديني بفر ...
- عائلات الأسرى المحتجزين لدى حماس تحتشد أمام مقر القيادة العس ...
- استئجار طائرات وتدريب مرافقين.. بريطانيا تستعد لطرد المهاجري ...


المزيد.....

- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم
- المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية / بير رستم
- الكرد في المعادلات السياسية / بير رستم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - حسين جمو - ديار بكر حزينة لأجل أنقرة