وصفي أحمد
الحوار المتمدن-العدد: 4213 - 2013 / 9 / 12 - 22:51
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
العراق من أيام فتح سليمان العظيم حتى سقوط المماليك
كانت التجارة في هذه الحقبة (( هجروية )) أو (( ترحالية )) في طابعها , إن صح التعبير . فبالرغم من ان الطريق من الهند وعبر الخليج والوديان النهرية العراقية , ومن ثم غرباً إلى البحر الأبيض المتوسط او شرقاً إلى بلاد فارس , كانت هي الطريق الأقصر , فقد كان امام التجارة خيارات من الطرق , وقد اختارت التجارة القناة التي كانت تقدم لها شروطاً ملائمة . وعندما كان زمام الأمن يفلت في العراق أو يسود الاستبداد ودياته , كانت التجارة تهجر بغداد تقريباً , وتبحث عن مراكز توزيع تجاري أكثر ملائمة . وعندما كان يتم تامين الحماية و الثقة المتبادلة مرة اخرى , أو كانت شروط المراكز الأخرى تصبح غير محتملة , كانت التجارة تتدفق عائدة إلى خطها العراقي .
وحددت سمات تجارة الترانزيت طبيعة التجار المرتبطين بها , فقد كانوا أساساً طبقة هجروية , وبكلمات اخرى , فقد كان التجار يتنثلون بتنقل الأقنية التجارية . ولهذا فإنه من الصعب القول بأنهم , أو بأن جزءاً جيداً منهم على الأقل , كانوا يشكلون ثمرة عضوية لاقتصاد العراق . ولهذا فإن الكثير من تجار بغداد في القرن التاسع عشر , كان أرمنياً من اسطنبول , أو فارسياً , أو يهودياً فارسياً , عربياً – ولو بشكل أقل – من نجد أو سوريا .
وهناك طابع للتجارة آخر كما كانت تجري في أيام المماليك , بنية هذه التجارة , على الأقل في مطلع القرن التاسع عشر , تشير إلى أنه بالرغم من أن بعض التجار العاملين فيها ربما كدسوا الثروات , فإن العراق أُفقر عملياً , وأفقرت أكثر منه البلدان التي كان يخدمها كمركز للتوزيع .
بعد الثلث الأول من القرن التاسع عشر ازدادت أوضاع العنصر التجاري العربي سوءاً . وفي سنة 1861 , ذكر سليمان فائق , وهو حاكم اقليمي ومؤرخ لبغداد , أنه صار هناك في ظل المماليك (( تجار وأصحاب ثروات نسبية )) لا يملكون الآن (( فلساً أحمراً )) باسمهم . واشتكى فائق من أن الاقتصاد أصبح بيد الغرباء . يتبع
وصفي احمد
#وصفي_أحمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟