أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شريف خوري لطيف - مِحنة الإسلاميين مع الهوية المصرية ‘‘ أولاً: معضلة القومية العربية كهوية ’’















المزيد.....

مِحنة الإسلاميين مع الهوية المصرية ‘‘ أولاً: معضلة القومية العربية كهوية ’’


شريف خوري لطيف

الحوار المتمدن-العدد: 4213 - 2013 / 9 / 12 - 22:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ذلك الجدل الدائر منذ مئات السنين حول الهوية المصرية التي صارت لغزاً محيراًعبر التاريخ لكل من حاول العبث بها لإذابتها في خيمة العروبة أو في الحلم الرمادي لدولة الخلافة، فالتاريخ المصري كان عبرة لهم بأن مصر لا يمكن إلباسها ثوب الهوية العربية ولا الهوية الدينية، لأن هويتها متجذرة منذ فجر التاريخ في عمق الحضارة الفرعونية والمصرية القديمة التي هي من أولى حضارات العالم القديم والتي أثرت بشكل مباشر وغير مباشر في تاريخ العالم و حضاراته، و لم يستطع العالم أن يغير من تاريخها ولا هويتها، وهذه حقيقة لم يخجل نابليون بونابرت بكل عظمته أن يعترف بها: { في مصر قضيت أجمل السنوات، ففي أوروبا الغيوم لاتجعلك تفكر في المشاريع التي تغير التاريخ، أما في مصر فإن الذي يحكم بإمكانه أن يُغيِّر التاريخ }
فمن ينادون اليوم بالقومية العربية للإرتكاز عليها كهوية لمصر فهم لم يقرأوا التاريخ المصري وأن هويتهم العربية لا تصلح لأسباب أهمها، أنها هوية متجزأة ومقسمة بلبلدان مستقلة بحدود سياسية رسمها الإستعمار السياسي، فعندما نذهب كمصريين لبلاد العرب نبرز بطاقة هويتنا المصرية بإعتبارنا أجانب رغم أننا نتحدث العربية، إذاً أنا لستُ عربياً بل مصرياً أتحدث العربية ‘‘آراب فون’’، كما أن الهوية العربية إرتبطت بتطوارت سياسية مجزأة ومتغيرة على أرض الواقع، بالإضافة إلى أن هذه الدول التي حاولوا صهرها فيما يسمى بالقومية العربية كانت قائمة فعلياً قبل ظهور نعرة القومية العربية، وبالتالي فهي هوية لا أساس حضاري ولا إمتداد تاريخي لها، فهي لم تكن أساس من أسس وعوامل ومقومات قيام هذه الدول، لتصبح هوية لاوجود فعلي لها، وكما قال ألبرت حوراني المفكر الإنجليزي من أصل لبناني في كتابه‘‘ الفكر العربي في عصر النهضة’’ بأن العرب لم يكن بإمكانهم فصل القومية عن الإسلام بالقدر الذي فعله الأتراك ’’ ولبيان مدى هشاشة ما يدعون بنعرة العروبة، فقد حاول الرئيس جمال عبد الناصر توحيد مصر وسوريا تحت هذه النعرة، وقام بمسح إسم مصر الرسمي من ‘‘جمهورية مصر العربية’’ لـ ‘‘ الجمهورية العربية المتحدة’’ ولكن ظلت الهوية المصرية كما هي ولم يتغير من الأمر شيئاً على أرض الواقع، فقط، تم كشف زيف إدعائهم وسقوطت العروبة سقوطاً مدوياً بعد ثلاثة سنوات فقط‘‘ 1958- 1961’’

فمنذ فجر التاريخ ومصر تُعرف بإسمها الحالي كما ذُكرت في أقدم مخطوطات العالم ومطبوعاته وهو التوراة العبرية والذي ذكر إسمها ‘‘مصرايم ، مصر’’ ومصرايم هو إسم أطلق على أرض مصر وشعبها وهو الإسم العبري المثني لمصر العليا والسفلى نسبة لـ مصرايم إبن حام إبن نوح أبو المصريين كما جاء في سفر التكوين { وبنو حام: كوش ومصرايم وفوط وكنعان} (تك 10: 6)
ولو رجعنا للعصر الفرعوني نجدها عرفت بأسماء عدة أهمها الإسم الذي أطلق على مدينة ممفيس وهي العاصمة القديمة لمملكة مصر السفلى، فى عصر الأسرة الفرعونية الأولى، حيث كان معبود مدينة ممفيس هو الإله ’’ بتاح ‘‘ ومنه عُرفت مصر بـ ‘‘ ها-كا-بتاح’’ أو “هيكو بتاح” أو‘‘كوبتاح’’ والتي تعني ’’ بيت أو أرض روح الإله بتاح ‘‘ وباللغة القبطية القديمة سُميت‘‘ ha-ka-ptah ’’. وبإنتشار اليونانية ودمجها بالهيروغليفية في العصر الهيلينستي صارت‘‘ egapthah’’ وباليونانية الحديثة ‘‘أيجيبتوس egaptos - egaptus ’’ ومنها ‘‘ egypt’’ و لهذا سُمي أهل مصر بالاقباط نسبة لهويتهم الوطنية ‘‘ها - كا - بتاح’’ و عُرف المصريين بجزيرة العرب بـ‘‘قبط مصر’’ وأرضهم عرفت بـ‘‘ أرض القبط’’ وهو تعريب‘‘ha-ka-ptah’’، فالهوية القبطية هي الهوية القومية المصرية، لأن كلمة ‘‘قبطي’’ تعني ‘‘مصري’’ وليس لها علاقة بالمسيحية، ولكن تحت فرض ثقافة الغازي وتنصل الكثيرين من المصريين لهويتهم القبطية روجوا لهوية الفاتح العربي حين وجدوا ضالتهم ومصالحهم معه، وبها أستطاع الفاتح أن يزرع ثقافة التمييز الديني والطائفي بين المصريين، ليحول مفهوم الهوية القبطية المصرية لمفهوم ديني ينحصر ويقتصر فقط على أقباط مصر، إلا أن أغلبية المسلمين العلمانيين يعتزون بل يفخرون بهويتهم القبطية المصرية رافضين تلك العروبة.

ولعلنا نذكر من قاموا بتكفير أستاذ الجيل الليبرالي أحمد لطفي السيد رئيس مجمع اللغة العربية بالقاهرة وهو مفكر من أعلام النهضة التنويرية، وإدعوا بإلحاده لمجرد أنه لم يعتبر الأمة المصرية لا أمة عربية ولا إسلامية - تلك الهوية الدينية التي سأتكلم عنها في مقال مستقل لتفنيد مزاعمها - بل أعتبر لطفي السيد أن ‘‘الأرض’’ هي التي تمنح الهوية وليس الدين ولا اللغة، فيذكر المؤرخ الإنجليزي ألبرت حوراني في كتابه ‘‘ الفكر العربي في عصر النهضة - ص216’’ ..فكتب يقول عن لطفي السيد:{ وكان لطفي كغيره من المفكرين المصريين، لا يحدد الأمة على أساس اللغة أو الدين، بل على أساس الأرض، وهو لم يفكر بأمة إسلامية أو عربية، بل بأمة مصرية : أمة القاطنين أرض مصر}
و رغم محاولات العرب إذابة الهوية المصرية في ثوبهم العربي على مدار مئات السنين، إلا أن مصر كانت مقبرة لهم وأذابت فيها كل هوية دخيلة عليها، لأن مصر ‘‘ إسماً وهوية ’’ في وقت واحد، كما أن علماء اللغة والمفكرين يتفقون بأن اللغة لا تمنح شعب ما هويته الوطنية، و نحن كمصريين لم نولد بجزيرة العرب، فبمقياس الإسلاميين تعتبر الدول التي أحتلتها فرنسا في الغرب الأفريقي هي دول فرنسية الهوية لتحدثهم الفرنسية فهي دول فرانكوفونية، كذلك المستوطنات الثلاثة عشر الأولى لتأسيس الولايات الأمريكية كانت مستوطنات بريطانية تتحدث الإنجليزية ومع هذا لم تسمى نفسها الولايات المتحدة الإنجليزية! فاللغة لا تمنح هوية وطنية بل بالأرض هي التي تُبنى عليها الأوطان، فالهوية الوطنية هي إنتماء شعب ما لأرض مستقلة ومحررة وتكوين حضارة تاريخية وطنية بكل تجلياتها على هذه الأرض وهو ما يعطي مفهوم الأوطان .. ومصر مر عليها كثيرا من الثقافات كالرومانية، واليونانية ولم يستطع المحتل أن يغير هويتها، فبأي منطق يدعون أن المصريين عرباً لمجرد نجاح الغزو العربي بقوة البطش في قطع لسان اللغة القبطية أو المصرية القديمة لفرض لسانه العربي؟! لا نقبل كمصريين بأن يوصمنا العربي بهويته وننسى جرائمه ومذابحه عند دخوله مصر، فإن كان هذا حال العربي المحتل أو الفاتح العربي، فكيف يعتز شعب ويفخر بغزو شعب آخر لبلده، أو بمعنى أصح كيف تفتخر وتعتز بعروبتهم ‘‘الشعوب المفتوحة’’ التي قضوا على لغتهم وسبوا نسائهم وأطفالهم وقتلوا رجالهم وفتحوا أبواب تلك البلاد لهجرة أهلهم وعشيرتهم وحكموها بجيشهم الغازي؟!
كيف نمجد عروبتهم ونرتدي جلبابهم ونستظل بخيمتهم وننسى أطماعهم السياسية حتى يومنا هذا، فالقرآن نفسه لم يمجدهم حين قال عنهم‘‘ الأعراب أشد كفراً ونفاقاً ’’( التوبة97) لتميزهم بحياة البداوة والتوحش والتصحر حيث السلب والنهب وقطع الطرق وهتك الأعراض، وكما قال فيهم الجبرتي في عبره: { أن العرب إذا تغلبوا على أوطان، أسرع إليها الخراب والسبب في ذلك أنهم أمة وحشية باستحكام عوائد التوحش وأسبابه فيهم فصار لهم خلقاً وجبلة وكان عندهم ملذوذاً لما فيه من الخروج عن ربقة الحكم وعدم الانقياد للسياسة‏.‏ وهذه الطبيعة منافية للعمران ومناقضة له‏... أن العرب لا يحصل لهم الملك إلا بصبغة دينية من نبوة أو ولاية أو أثر عظيم من الدين على الجملة والسبب في ذلك أنهم لخلق التوحش الذي فيهم أصعب الأمم انقياداً بعضهم لبعض للغلظة والأنفة... العرب أبعد الأمم عن سياسة الملك والسبب في ذلك أنهم أكثر بداوة من سائر الأمم..}
وهي حقيقة يخشى ذكرها الكثير من المصريين اليوم، ومن التحدث فيها وعن فظائع العرب عند دخولهم مصر، فالحقيقة التاريخية تقول ‘‘ أنا مصري أتحدث العربية’’ ولن أكون عربي الهوية، فهناك شعوب مسلمة أشداء كالفرس غزاهم العرب ولكنهم نجحوا في الإحتفاظ بهويتهم الوطنية ولغتهم الفارسية ولم يتحدثوا العربية ويدركون هذه الحقيقة جيداً بل ويفخرون بمحافظتهم على لغتهم وهويتهم الفارسية ويتمسكون بإسلامهم ولكنهم يكرهون العرب على مر أحداث التاريخ، وكذلك الحال بالنسبة لأندونسيا وهي أكبر دولة من حيث عدد المسلمين!
لهذا قام‘‘العربي الفاتح’’ على مدار مئات السنين بأستخدام أسلوب القمع الفكري والترويع المعنوي والبدني، و ربط أطماعه وغزواته وفتوحاته بدينه بحجة نشره، ولكن أليس الله قادر أن ينشر دينه بالموعظة الحسنة بلا فتوحات ولا إحتلال؟! أليست محاولتهم مسح الهوية المصرية لهو دليل كافي على بشاعة غزو سلفهم الصالح في إذلال المصريين، وأن محاولتهم طمس الهوية المصرية كان من أولى اهدافهم الإحتلالية؟ فكتب التاريخ والتراث العربي والإسلامي تعج بجرائم الإنسان العربي وبشاعته التي يُندى لها جبين الإنسانية، لتصبح فظائعه وأطماعه السياسية عبر التاريخ فترة مسكوت عنها لايجرؤ أحداً من الإقتراب منها وفضح كم المذابح والجرائم التي أرتكبت لتركيع شعب مصر لثقافة العربي وفكره الماضوي والجاهلي.



#شريف_خوري_لطيف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا تدعم أمريكا والغرب الإسلام السياسي ؟
- سد النهضة، و سياسة تجويع المصريين
- هل أعلن السيد المسيح عن عقيدة لاهوته ؟
- هل كانت ثورات بريئة.. وماذا بعد السقوط ؟!
- الإسلام وعلاقته بالنُصرانية والمسيحية {1}
- حمادة يقلع .. حكاية تعرية وإغتصاب شعب
- الحاكم بأمره، وشعب البلاك بلوك
- أخي المسلم، أنت لستُ كافراً


المزيد.....




- قائد الجيش الأمريكي في أوروبا: مناورات -الناتو- موجهة عمليا ...
- أوكرانيا منطقة منزوعة السلاح.. مستشار سابق في البنتاغون يتوق ...
- الولايات المتحدة تنفي إصابة أي سفن جراء هجوم الحوثيين في خلي ...
- موقع عبري: سجن عسكري إسرائيلي أرسل صورا للقبة الحديدية ومواق ...
- الرئاسة الفلسطينية تحمل الإدارة الأمريكية مسؤولية أي اقتحام ...
- السفير الروسي لدى واشنطن: وعود كييف بعدم استخدام صواريخ ATAC ...
- بعد جولة على الكورنيش.. ملك مصر السابق فؤاد الثاني يزور مقهى ...
- كوريا الشمالية: العقوبات الأمريكية تحولت إلى حبل المشنقة حول ...
- واشنطن تطالب إسرائيل بـ-إجابات- بشأن -المقابر الجماعية- في غ ...
- البيت الأبيض: يجب على الصين السماح ببيع تطبيق تيك توك


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شريف خوري لطيف - مِحنة الإسلاميين مع الهوية المصرية ‘‘ أولاً: معضلة القومية العربية كهوية ’’