أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - كريم كطافة - فؤاد يلدا... الجرح الناتئ في روحي














المزيد.....

فؤاد يلدا... الجرح الناتئ في روحي


كريم كطافة

الحوار المتمدن-العدد: 4213 - 2013 / 9 / 12 - 19:01
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
    


لم أتعود كما لا أرغب كتابة نعياً لصديق فارقني. لكن ذكرى فؤاد يلدا في هذا اليوم من كل سنة تكون ملحاحة متطلبة لا تمل من النقر على رأسي. وهي اليوم وبعد مرور 25 سنة بدت أكثر إلحاحاً حد الوجع. لن أنعيه. لكني سأستل هذا المقطع من رواية (حصار العنكبوت) التي ستخرج للنور عما قريب:
{{ ..... نهض (فؤاد) من جلسته كنابض كان مضغوطاً، انتشل بندقيته القصيرة التي كانت موضوعة أمامه ومعها رفاقه من صمتهم المغلف بالغيظ. بدا غاضباً ونافذ الصبر على غير سجيته الصبورة المرحة في كل الأوقات والظروف. انتفخت أوداجه بالاحمرار القاني حتى غطت على لون شعر لحيته الشهباء، وتدورت عينا القط الزرقاوان بلمعان صار يلصف تحت جبينه الذي تجعد ببعض خصلات شعره الأشقر، أعلن النية على الخروج وكأنه يودعهم إلى الأبد: آني نازل.!!
لعله أراد الهروب من احتصاره. لكنه وقبل الخروج وقف قبالة بوستر سياسي معلق على الجدار كتب عليه: (من أجل وقف الحرب فوراً.. وإسقاط النظام الدكتاتوري). تأمل البوستر وكأنه يراه للمرة الأولى. تذكر نبوءات درج على ترديدها مسؤولون حزبيون عن انتفاضات قادمة بعد توقف الحرب، أبطالها جنود عائدون من الجبهات، سيواجهون النظام بسؤال لا جواب عليه: ما الذي جنيناه من الحرب..؟ انفرجت أساريره عن ابتسامة لا تشبه الفرح. وقبل خروجه، ترك لرفاقه ما يبددون به غلالة الصمت. ترك احجيته أو معلقته:
- حمار الملك لم يتعلم القراءة والكتابة.. والجنود جنود. انتهت المهلة يا رفاق.
اكتفى الجميع بابتسامات لم تجدِ نفعاً مع سيماء الوجوه المجعدة ما زالت بالغيظ. إنما الأجساد المسترخية في ظلال الفانوس الوحيد قد بدأت بالتململ. بدا لهم ما قاله واحدة من معلقاته. هكذا كانوا يصفون وسيلة (فؤاد) في التعامل مع الأفكار والأحداث مهما تعقدت وكبرت، باختصارها وضغطها إلى حجوم غالباً ما تكون غير مفهومه لمن لا يعرفه. يختزل التعقيد الكامن في الأشياء والأحداث، ثم يغلفه بنكتة أو مفارقة حصلت معه أو مع غيره. سريع الملل من الشارحين والمنظّرين والمحاضرين. اعتادوا عليه في المحاضرات لاهياً بقلم الرسم ذي النبلة الدقيقة ودفتره الصغير اللصيق به، محققاً هروبه بخطوط يوالفها على أنساق يستلها من على صفحة خياله المأخوذ بعوالم بعيدة عن عوالم أشباهه. ليأخذ ذلك الهروب لاحقاً شكل لوحات مكتملة أو مشاريع للوحات ستكتمل. وإن لم يجد ضالته في خطوطه، يهرب بعيونه الزرقاء البرية إلى حيث متعلقات الجدار المقابل، يبحث هناك عن أشكال وأفكار ورؤى تجسدها خارطة الأشياء المعلقة بإهمال من حقائب ظهر، بنادق، أحزمة عتاد، شراويل عتيقة، يشاميغ، بشاتين وغيرها الكثير.! قال مرة مازحاً وهو يرد على المحاضر الذي سأله:
- رفيق فؤاد.!! أنت معنا؟
- بصراحة. أفكر شلون توصلنا هنا في هذه العزلة إلى فن الانستليشن.!!
سيتحول السؤال وجوابه الغامض إلى مناسبة لضحك ينتاب جميع الحاضرين مثل فاصل استراحة. ليجيب على سؤاله:
- بشرفي آني ما دااتشاقى. بس ركزوا شوية على الحائط.
تندار الرؤوس إلى حيث الجدار الذي أشار إليه، الجدار المزدحم بأشياءهم:
- قليل من الخيال. راح تشوفون لوحة مكتملة معمولة بطريقة التركيب. هذا هو فن الانستليشن.!!
وهذا هو (فؤاد) لا يرى في موجودات عالمه الجبلي سوى لوحات يؤثثها بمخياله المأخوذ بعوالم لا يصلها الرائي الآخر. هو ليس هنا في كل الأحوال. لكن. وعلى الرغم من غيابه الواضح وبعد انتهاء المحاضرة سيفاجئ الجميع باختزال مناسب لما قيل على لسان المحاضر أو أحد المعلقين، اختزال يقدمه على شكل نكتة، يكون ضحيته القائل. اختزالات (فؤاد) في الغالب غير بعيدة عن مقاصد القول للمحاضر أو للمعلقين ويتقبلها حتى من يكون هو الضحية، لتتحول فيما بعد إلى نكات يتندر بها البعض في مناسبات عديدة ويتناساها البعض الآخر. منهم من تعود عليه وصار يفهم ألغازه الطائرة وهؤلاء حلقته الضيقة من الأصدقاء ومنهم من ظل على قناعة، بأن هذا الشاب الملتحي بهالة تشبه هالة وجوه القديسين في الأيقونات المسيحية، في رأسه (وشيش) الجنون.....}}
فؤاد يلدا الفنان التشكيلي الموهوب والذي درس الفن على أصوله في أكاديمة الفنون في فلورنسا بإيطاليا استشهد بعد أن حوصرت مفرزته داخل مضيق جبلي مفتوح على رشمال كوردي أحرقه الجنود ومن الجهة الأخرى مقطوع بشلال وقطوع لا تسمح بالمرور. قال أحد الجنديين:
- الله على هذا الشاب شكد حلو.. ليش قتلتوه؟
رد زميله:
- والله خوية محد قتله.. طلبنا منه يسلّم نفسه.. صوب مسدسه على رأسه وقتل نفسه.



#كريم_كطافة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماذا يريد الأنصار..؟
- ما يخفيه النص
- بيت اللعنات...!!!
- بين كلابنا وكلابهم دماء تنزف..!!
- الحزب الشيوعي العراقي وسؤال الهوية الوطنية
- من يرسم خرائط حديدان..؟
- التاريخ المنسي في فلم (سنوات الجمر والرماد)
- النقاط الثلاث الساحرات في الانتخابات الهولندية
- التجمع العربي ومشروع صديقي الكوردي
- طائفة الغراب الأبيض..!!
- دعاء البدل.. صلاة البدل
- اليسار.. فقدان الحاضنة الاجتماعية..!!
- إحصاء المنصور...!!
- شؤون وشجون شباك الدائرة..!!
- كراديس جيش المهدي..!!!
- أطفال البعث.. يا لهم من أطفال..!!
- المواطن يسأل .. ورجل الدين يجيب..!!
- سقوط شماعة الباطون السلفي..!!
- هل من يبحث عن عوائل مه راني
- أنا شخص لا يحلم.. لكني حلمت..!!


المزيد.....




- الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح ...
- تحت حراسة مشددة.. بن غفير يغادر الكنيس الكبير فى القدس وسط ه ...
- الذكرى الخمسون لثورة القرنفل في البرتغال
- حلم الديمقراطية وحلم الاشتراكية!
- استطلاع: صعود اليمين المتطرف والشعبوية يهددان مستقبل أوروبا ...
- الديمقراطية تختتم أعمال مؤتمرها الوطني العام الثامن وتعلن رؤ ...
- بيان هام صادر عن الفصائل الفلسطينية
- صواريخ إيران تكشف مسرحيات الأنظمة العربية
- انتصار جزئي لعمال الطرق والكباري
- باي باي كهربا.. ساعات الفقدان في الجمهورية الجديدة والمقامة ...


المزيد.....

- سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول / ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
- سلام عادل -سیرة مناضل- / ثمینة یوسف
- سلام عادل- سيرة مناضل / ثمينة ناجي يوسف
- قناديل مندائية / فائز الحيدر
- قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني / خالد حسين سلطان
- الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين ... / نعيم ناصر
- حياة شرارة الثائرة الصامتة / خالد حسين سلطان
- ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري ... / خالد حسين سلطان
- قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول / خالد حسين سلطان
- نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - كريم كطافة - فؤاد يلدا... الجرح الناتئ في روحي