أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد غريب - ملاحظات على اقتراح استبعاد الأميين من التصويت















المزيد.....

ملاحظات على اقتراح استبعاد الأميين من التصويت


أحمد غريب

الحوار المتمدن-العدد: 4213 - 2013 / 9 / 12 - 02:35
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


نشرت جريدة الوفد أمس خلاصة مناقشات واقتراحات القراء لتعديل الدستور، وبلغ عدد الاقتراحات الهامة التي تم نشرها مايزيد عن دستة من الاقتراحات، منها ما يتعلق باستقلال البنك المركزي، ودعم الدولة للعاملين في القطاع الخاص الذين يخوضون معركة غير متكافئة مع رأس المال دون أي سند أو حماية، وفي ظل معايير شرسة لسوق يمتص عطاء العامل ثم يلفظه عندما يضعف أو عندما تتخلف قدراته عن متطلبات التنافس.
من الاقتراحات الجذابة التي لقيت تأييداً النص في الدستور على انتخاب المحافظين والإدارات المحلية. لكن من الاقتراحات التي استوقفتني، ووجدت نفسي أتجادل حولها مع أصدقاء وزملاء أكن لهم التقدير موضوع استبعاد الأميين من التصويت على الدستور، بحجة عدم استطاعتهم فهم النصوص المعقدة ودلالاتها، والتي يكون فهمها وإدراك دلالتها عند التطبيق صعباً على بعض المتعلمين أيضاً.
موقفي ضد الاستبعاد، لكن المنطق والفكر وراء تبلور قناعات بتأييد هكذا اقتراح أو معارضته، أهم من الموقف نفسه.
مبدأ وصاية المتعلمين على الأميين أكثر من خطير، وهو نفسه منطق وصاية الدائرة التي تحلقت حول قيادة ثورة يوليو سابقاً بحجة أنهم أدرى بمصلحة الوطن. وهو ما تطور بعد عهد ناصر الذي كان مدفوعاً بنزعة التحديث ومناطحة الغرب الاستعماري، وشد البلاد من قاع التخلف ونشر التعليم بسرعة لضمان قوة المجتمع، لينتهي الأمر بعد تلك الموجة إلى أن "الجهات السيادية" أو المخابرات وأجهزة الأمن القومي، هم الأدرى بمصلحة البلد. ولمن يخامره الشك في ذلك، ويدعو إلى موقف سياسي مغاير يقوم رجال أحد هذه الأجهزة القومية (وهو هنا أبانا الذي في مباحث أمن الدولة ) بكسر عنفوان الشخصية المعارضة وإخضاعها لسلطة الجهات السيادية.
من الحجج التي فاجأتني الاستدلال بأنه من الصعب الثقة في ناخبين صوتوا في استفتاء مارس بـ 77 في المائة لخيار تم تصويره على أنه يدخلهم الجنة وبالتالي يمكنه إصلاح أحوال الدنيا، هؤلاء لا يمكن الثقة في اختيارهم. ورأيي أنه بغض النظر عن عنصرية هذه الحجة، فإن تجربة الشعب المصري مع الصندوق كانت عظيمة بكل المقاييس لأن الكتلة الحرجة التي خرجت عن المسار التقليدي بالتصويت بنعم في الاستفتاءات في تزايد.
خير دليل على ذلك الفارق بين الـ 22 في المائة الذين قالوا لا في استفتاء مارس، والـ 35 في المائة الذين رفضوا دستور الإسلاميين؛ رغم عدم الثقة في أمانة نتائج هذا الاستفتاء الذي تم تحت إشراف الإخوان وبمقاطعة نسبة كبيرة من القضاة، فالمعارضة كانت أكبر من 35 بالمائة، وإلا لما لجأت إلى وسائل مثل تمر واضطرت للعودة إلى الشارع في 30 يونيو لتكشف عن حجمها الحقيقي..
لقد قات جموع عريضة من الشعب بالتوقيع على استمارات تمرد، والنزول يوم 30 يونيو و3 يوليو، لتصحيح مسار سياسي ظن من اختطفوه أنهم أوثقوا الحبل عليه بواسطة شرعية الصندوق. مثل هذا الناخب لا يمكن إهدار تجربته الفريدة والقوية ووأدها بحجة أن بين صفوفه قطاع لا يملك أحد الأدوات المعرفية وهي القراءة والكتابة، مهما بلغت أهمية تلك الأداة.
من الحجج التي سُقتها في النقاش، أن الناخب الذي يقبل ببيع صوته مقابل أن ينقله حزب في أتوبيس لمقر اللجنة الانتخابية، ويعطيه عصير وسندوتش أو أية منافع مادية (سلع تموينية)، هذا الناخب لا يقل احتراماً في نظري عن احترامي لمن ذهب ليبطل صوته ويكتب يسقط حكم العسكر وتجار الدين على بطاقة انتخاب عليها صورة شفيق ومرسي، كلاهما احتقر بطريقته اللعبة التي همشته.
ما الفرق في طريقة تعبير كل من هذين الناخبين عن احتقاره ويأسه من المؤامرة السياسية الدائرة حوله؟ الذي أبطل صوته قام بسب المتآمرين ويعلم أن بطاقة تصويته باطلة، والآخر حصل على منفعة (في الحقيقة هو مارس ابتزاز بنفس طريقة من يسرقون صوته) واستطاع أن يخرج من جيب هؤلاء الفسدة ما لا يخرجونه إلا عند الحاجة، وفي كل الأحوال هو يعلم أن صوته مجرد تحصيل حاصل من وجهة نظره ووفق ووعيه السياسي بأنه مهمش ومستبعد ومتآمر عليه.
لا ابرر لأحد هنا، لكني ضد تعالي المتعلمين الذين يعتقدون أن إبطالهم للتصويت على طريقتهم الخاصة هي الطريقة الوحيدة للاحتجاج والسخرية السياسية من نظام يغتصب إرادتهم السياسية. من قال لك أن ذلك الشخص البسيط لم يسخر من ضعف هؤلاء المتحكمين في أموره وهم يعطونه منفعة مادية صاغرين من أجل الحصول على صوته؟ هل جربنا وسألنا أحد هؤلاء البسطاء؟ هل تحاورنا معم؟
في كل الأحوال هذا شعبنا، هذه صورتنا وحقيقتنا؛ وأهم ما في هذه الصورة والحقيقة أن الفاشية المتغلغلة في ثقافتنا المعيشية كلها تزداد خطورة بين المتعلمين الذين يبدون أكثر استعداداً لتأصيل وتقنين حقوقهم الفاشية في استبعاد الآخرين من غير المتعلمين.
فكرة منع الأميين من التصويت كان قد طرحها الكاتب علاء الأسواني، للأسف، وهي سقطة كبيرة في تاريخه مهما سيقت مبررات طرحها.
دور المتعلمين هو التواصل مع غير المتعلمين، شرح ما استغلق عليهم، فالأمّي تنقصه قدرة القراءة والكتابة لكن قدراته على التفكير والإبداع اليدوي والحرفي والوعي بمصالحه لا تتأثر أبداً، بل ربما تزداد.
الوعي السياسي بالمصالح موجود لدى الجميع، ما لا يعرفه بعض المتعلمين هو تدريب أنفسهم على الاستماع للبسطاء وفهم طريقتهم في الوعي بمصالحهم. وحجة أن الاستبعاد يقتصر على الدستور دون غيره من الاقتراعات لأخرى غير مقبولة، لأن المواطن الذي نسميه "مواطناً بسيطاً" ليس بهذه البساطة يا سادة، هناك 20 مليون شخص قاطعو الخمس اقتراعات التي تمت عل استفتائين وغرفتي برلمان ورئاسة. أما من يشارك ويبيع صوته فهو جزء من اللعبة، ووعيه بها عميق بقدر قذارة اللعبة واللاعبين.
ببساطة إن الدعوة إلى إقصاء الشريحة الجماهيرية التي يستعين بها اللاعبون القذرون ليست إلا نتيجة فشل الطبقة السياسية في تحجيم هؤلاء اللاعبين من خلال فرض أنفسهم وبرامجهم على الساحة، وطمأنة المتحتاجين إلى أن مطالبهم يمكن تحقيقها من خلال الانحياز للطبقة السياسية غير القذرة. لماذا فشل السياسيون والنشطاء في إقناع المحتاجين الذين انحازوا لعبدالناصر يوماً ما بأنهم قادرون على بناء دولة العدالة الاجتماعية بطريقة أنجح من الطريقة الناصرية؟
أين النشطاء السياسيين من مخاطبة القطاعات الجماهيرية خارج ميادين الثورة والظهور الإعلامي؟ اين برامج محو الأمية التي تنظمها الأحزاب وتحشد لها المتطوعين؟
في مراحل التحول الديموقراطي تزداد أهمية الإعلام، ولا حجة للمتعلمين في ظل انفتاح المجال الإعلامي أن شخصاً مثل "توفيق عكاشة" يستطيع مخاطبة قطاعات جماهيرية بسيطة، فطريقة حكي المصاطب ليست حكراً عليه وحده، وهناك من لا يتجاوز أسلوبه الإعلامي مستوى المصاطب إلا من حيث بعض الحركات الاستعراضية الشكلية التي تعجب شرائح اجتماعية أعلى، لكن منهج تعاطيها مع الوعي لا يختلف كثيراً.
الثورة نجحت في خلق أدواتها الإعلامية ورصيدها الإعلامي، فالحراك السياسي والإعلامي الذي أفرز قنوات وبرامج وصحف وفبلها صفحات على الإنترنت، ومواهب مثل باسم يوسف لا يمكن تأطيره أو تحجيمه، فكل محاولات حبسه تؤدي إلى تمدده وظهوره بطريقة إبداعية جديدة، وفكرة تمرد وتأثير برنامج باسم يوف نموذجان جيدان لقدرة هذا الحراك على مفاجأة السلطويين.
لقد نجح الناخب المصري في تجاوز نفسه، وتصحيح خياراته، ولا يمكن لومه على ثقته في تيار الإسلام السياسي وسط فساد الحزب الوطني ونظام مبارك، ووسط غياب مفجع لطبقة سياسية فاعلة، وفي ظل تركيز كبير من شريحة الشباب التي قامت بالحراك السياسي على النشاط في المدن بل والمناطق الحيوية من بعض المدن دون غيرها.
إن نجاح حملة إسقاط مجلس طنطاوي وطغمة مبارك، ثم نجاح حملة إسقاط الإخوان بعدما انتهجوا نفس السياسات يجب أن يكون مدعاة للثقة بالنفس، والثقة في الوعي الشعبي.
الطفرة التي قام بها وعي الناخب، والحراك الإعلامي الذي أفرز مجموعة من الإعلاميين ارتبطت متابعة الجماهير للثورة ببرامجهم، والتجربة السياسية الخصبة التي يعيشها الشعب منذ 25 يناير، كل ذلك لا يدعو إلى إقصاء أحد، بل إلى استكمال التجربة، وبذل المتعلمين مزيداً من الاهتمام بالتواصل مع غير المتعلمين، وتشجيع الأحزاب على اختراق الشرائح المهمشة والبسيطة، لا هجرها والحجر على إرادتها.



#أحمد_غريب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشرعية الدينية والغاز الطبيعي
- عاصفة 30 يونيو: الإسلام السياسي والتحالف الجديد
- هل الديموقراطية سيئة؟
- النموذج التركي!
- تمرّد
- هواجس عن التدين كوسيلة خروج على القانون!
- دولة مدنية.. أحلام الثورة مستمرة
- دورة العنف.. الرصيد لا يسمح!
- من سيتكلم باسم الشعب؟
- الجماهير أسبق من السياسيين: هذه دولة الإسلاميين.. فماذا عن د ...
- الإسلام السياسي ونزعة الخصومة
- دستور الإخوان:المقاطعة.. والشرعية
- مليونية 27 نوفمبر.. الكتلة الحرجة
- الإسلام السياسي.. الحاكمية.. والبطولة الغائبة
- الأصابع الخفية
- ماذا حدث لسوريا؟
- -الخطة بوتن-
- -والله الموفق-
- المشير
- بروفات مواجهة إسرائيل


المزيد.....




- مكالمة هاتفية حدثت خلال لقاء محمد بن سلمان والسيناتور غراهام ...
- السعودية توقف المالكي لتحرشه بمواطن في مكة وتشهّر باسمه كامل ...
- دراسة: كل ذكرى جديدة نكوّنها تسبب ضررا لخلايا أدمغتنا
- كلب آلي أمريكي مزود بقاذف لهب (فيديو)
- -شياطين الغبار- تثير الفزع في المدينة المنورة (فيديو)
- مصادر فرنسية تكشف عن صفقة أسلحة لتجهيز عدد من الكتائب في الج ...
- ضابط استخبارات سابق يكشف عن آثار تورط فرنسي في معارك ماريوبو ...
- بولندا تنوي إعادة الأوكرانيين المتهربين من الخدمة العسكرية إ ...
- سوية الاستقبال في الولايات المتحدة لا تناسب أردوغان
- الغرب يثير هستيريا عسكرية ونووية


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد غريب - ملاحظات على اقتراح استبعاد الأميين من التصويت