أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جاك جوزيف أوسي - الصراع على سوريا















المزيد.....

الصراع على سوريا


جاك جوزيف أوسي

الحوار المتمدن-العدد: 4210 - 2013 / 9 / 9 - 10:23
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


هل هو الصراع على سوريا أم إنه الصراع مع سوريا؟ كان هذا فحوى السؤال الذي طرحه صاحب كتاب الصراع على سوريا الصحفي البريطاني باتريك سيل، ويمكن أن نعيد صياغة السؤال على الشكل التالي: هل هو الصراع هو على موقع سوريا أم على الثوابت السياسية للحكومات السورية المتعاقبة منذ الاستقلال وحتى انفجار الأزمة الحالية؟ هذا الطرح أدى إلى انقسام وتباين كبيرين في الرأي عند محاولة الرد على هذا السؤال الأساسي والمركزي والذي يُعتبر المدخل الطبيعي لدراسة الوضع السياسي الداخلي والخارجي في الجمهورية العربية السورية.
فذهب رأي إلى القول، أن الصراع كان ولا زال مع سوريا وعلى ثوابتها القومية والوطنية منذ الاستقلال وحتى اللحظة الراهنة. فحتى بعد زوال الإتحاد السوفييتي بقيت دمشق المشاكسة الأولى للسياسة الأميركية في المنطقة، وقد تمكنت من خلال تحالفها مع إيران وحزب الله وحماس من إفشال مخططات واشنطن في المنطقة. وبالتالي، ليس صحيحاً بالمطلق ما كان يقال عن خطوط اتصال سرية واتفاقات كانت تتم في الغرف المغلقة، وأن واشنطن لا يمكن أن تختلف مع دمشق، وأن النظام السوري ضرورة أميركية في المنطقة.
أما الرأي الأخر فيقول، أن الحرب التي تُشن حالياً على سوريا بسبب موقعها الجغرافي الذي يقع على طريق مرور أنابيب النفط والغاز وبسبب الثروات الباطنية غير المستثمرة في محافظات ريف دمشق ودير الزور ودرعا وحمص وإدلب. وأصحاب هذا الرأي يؤكدون بأنه ليس صدفة أن تبدأ المواجهات في هذه المناطق، وإن العامل الأساس الذي يحرك الأحداث الأخيرة التي عصفت بسوريا تعود إلى هذه الأسباب. وهذا ما يفسر التطرف القطري – السعودي – التركي غير المبرر ضد الحكومة السورية جراء مواقفها الرافضة لوصول الغاز القطري والسعودي إلى تركيا ومنها إلى أوروبا التي ستحرر عندئذ من حاجتها الماسة إلى الغاز الروسي، الأمر الذي سيؤدي إلى خسارة موسكو لنفوذها في أوروبا وللمردود المالي الهائل الذي يصب في خزائنها وهذه ما يفسر الموقف الصلب الروسي في الدفاع عن التراب السوري كاملاً.
ويؤكد أصحاب هذا الرأي موقفهم بالقول بأن الحرب على سوريا وموقفها سيتصاعد بسبب دخول أطراف إقليمية ودولية إلى الداخل السوري لاستغلال الغاز والنفط السوريين الذي يُقال إن كميته ستجعل دمشق ثاني عاصمة مصدرة للنفط والغاز بعد موسكو. وكذلك بسبب موقع سوريا الذي سيتحكم بخطوط نقل الطاقة العالمية في حال وصول حكومة موالية لواشنطن إلى سدة الحكم في دمشق وتنفيذ مشروع نابوكو.
إن حسابات ومخططات القوى الدولية ترتبط إلى حد كبير بالموقع الاستراتيجي لسوريا وحساسيته بالنسبة لمختلف الأطراف. فروسيا منذ العهد القيصري تعتبر سوريا "مفتاح موسكو" حسب تعبير الإمبراطورة كاترين الثانية، وموسكو في ظل السوفييت خلال الحرب الباردة جعلت من دمشق عنصراً أساسياً في صراعها مع واشنطن، ولم يختلف الوضع كثيراً في ظل روسيا بقيادة فلاديمير بوتين ذو النزعة الوطنية الروسية والذي يخطط لعودة موسكو كقوة عظمى على مسرح السياسة الدولية، والذي يجد في دعم موقف الحكومة السورية مدخلاً إلى إعلان روسيا قوة عظمى عِبر تثبيت شراكته مع سوريا والدفاع عن مصالحها مصحوباً بتعزيز الحضور العسكري الروسي في البحر المتوسط من خلال القاعدة العسكرية البحرية في طرطوس. ومن هنا نرى أن الإصرار الروسي على أن معادلة إسقاط الحكومة السورية قد سقطت وسقطت معها المطالبة بتنحي الرئيس السوري الدكتور بشار الأسد، الأمر الذي ترافق مع خفوت أصوات المطالبين بالتدخل العسكري لحسم النزاع الدائر في سوريا.
واشنطن تتخوف من امتداد "الحرب الأهلية" إلى الخليج حيث مصالحها النفطية الحيوية وقواعدها العسكرية الاستراتيجية (المتأهبة ضد إيران ومن خلفها روسيا والصين). إن واشنطن قد تركت إدارة الصراع على سوريا في الفترة السابقة لتركيا وقطر والسعودية ونأت بنفسها عن ذلك. فما يناسب واشنطن هو أن تخرج دمشق كليمة وضعيفة من هذه الأزمة، حتى تُضعف موقعها الاستراتيجي وتكسر المعادلة التاريخية للدور العربي المتمثل بمحور القاهرة – دمشق – بغداد، المحور الذي يمثل الكابوس بالنسبة لإسرائيل. فواشنطن عملت على دك بغداد وإشعال دمشق وإشغال القاهرة حتى تستطيع إسرائيل إعلان نفسها دولة قومية يهودية.
ومن هذا المنطلق ترى واشنطن أنها نجحت في إضعاف دمشق وأدخلت الحكومة والمعارضة في سوريا في لعبة دم المنتصر فيها سيكون منهكاً، وترى واشنطن أنها تمكنت من جر طهران وموسكو إلى المستنقع السوري لتعمل على استنزافهما فيما بعد. ولا تبدو واشنطن متسرعة في اتخاذ قرار حول مسألة شديدة الأهمية كالتي تحصل الآن على الساحة السورية، فالخطة التي وضعتها تُصيب عدة أهداف بضربة واحدة فمن جهة تُغرق أحد أعمدة "محور الشر" في حرب منهكة مع "الجهاديين المتطرفين"، وكلما زادت أعداد الجثث تضاعفت الأرباح الأميركية، ومن جهة أخرى ترى واشنطن أن أعداءها يصفون بعضهم البعض على الساحة السورية بينما هي تتأهب للقضاء على المنتصر من هذا النزاع.
هذه الاستراتيجية النفعية والمصلحية لواشنطن أغضبت حلفاءها في المنطقة. فعمد الأتراك إلى الإكثار من الصراخ والوعيد باتخاذ خطوات أحادية الجانب ضد سوريا، واندفع رئيس الحكومة التركية والتهديد بالويل والثبور وعظائم الأمور إن لم ترضخ دمشق لشروط "المجتمع الدولي". الأمر الذي اضطر الدبلوماسية الأميركية إلى رشه بالماء البارد مرات كثيرة حتى يعود إلى رشده. أما تل أبيب فقد ذهبت إلى استخدام كل الوسائل للضغط على واشنطن وإرغامها على تغيير مخططاتها وجرها لحرب ضد طهران، لكن كل هذه الجهود ذهبت سُدىً لأن الولايات المتحدة صرحت مراراً بأن لا يوجد على جدول أعمالها مواعيد محددة لضرب إيران. أما دول الخليج فلم يكن وضعها أفضل بعد أن أجهضت واشنطن مساعيها وضغوطها لإرغامها على تبني سياسة واضحة لتسليح المعارضة، بعدما رفضت واشنطن تسليح المتمردين السوريين بسلاح نوعي بشكل واضح وعلني، وحاولت تجنّب جرّها بالقوة للغوص في المستنقع السوري.
إن سياسة التدخل العسكري المباشر عِبر العودة إلى منطق "الاستعمار القديم" قد ولّت إلى غير رجعة، فروسيا لن تكرر تجربة الجيش الأحمر في أفغانستان، والذاكرة الأميركية لا تزال تعاني كوابيس فيتنام والعراق وأفغانستان، والصين بعيدة عن مشاكل العالم تعمل على بناء إمبراطوريتها الاقتصادية بصمت وصبر. وبالتالي لابد من التوافق على حل كل المشاكل والنزاعات السياسية ومعالجة بؤر التوتر بالعالم عِبر "أخذ مصالح جميع الأطراف المعنية بالاعتبار" عند البحث عن حل لأي قضية أو معضلة عالمية أو إقليمية. الأمر الذي يُحتّم اعتماد سياسة الحوار في المنطقة، والعمل على إنهاء الصراع العربي – الإسرائيلي، وحل الأزمة في سوريا عن طريق الحوار بعيداً عن أسلوب الحل العسكري، والتعاون على ضرب الخطر الإرهابي على العالم المتمثل في ظاهرة "المجاهدين" الذي باتت تهدد الخاصرة الروسية عبر بوابة الشيشان، وتقرع باب الصين من تركمانستان الشرقية، وتهدد أمن أوربا من خلال الغيتويات التي بدءوا يُنشئوها في ضواحي المدن الرئيسة، والخلايا النائمة التي ستهز كيان الولايات المتحدة عندما تستيقظ. ذلك أن هذه التنظيمات المتبنية للفكر الجهادي السلفي غير الملتزمة بأي مبدأ أخلاقي أو ديني وحتى إنساني بدأت تنحدر رويداً رويداً نحو شريعة الغاب الأمر الذي بدأ يظهر بوضوح في بعض المناطق السورية حيث تعتبر الإنسان الذي لا يعتنق فكرها كافراً يجب قتله ... هذا الفكر الذي تدافع عنه بعض القوى الإقليمية والدولية وتريد تعميم أسلوبه الديمقراطي على كامل تراب المنطقة.



#جاك_جوزيف_أوسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دور الإسلام السياسي في تنفيذ مشروع الشرق الأوسط الجديد
- الوجه العاري للإخوان المسلمين
- دور اليسار التونسي في تصحيح مسار ثورة الياسمين
- الفخ الأميركي
- الديمقراطية من وجهة نظر الإخوان
- الزلزال المصري وتداعياته
- الحكمة الصينية والذئاب الرمادية والعقلية العثمانية.
- خواطر في السياسة من وحي الربيع العربي -3-
- خواطر في السياسة -من وحي الربيع العربي 2-
- خواطر في السياسة -من وحي الربيع العربي-
- الدبلوماسية الخليجية ... والطريق إلى معركة صفين الثانية
- ملامح من الصراع على منطقة الشرق الأوسط -الأرث الهاشمي
- دور القنوات التلفزيونية في -الربيع العربي
- قراءة و معايشة للأسباب التي أدت للأزمة في سورية
- الإخوان ولحظة الحقيقة
- الوضع السياسي والاجتماعي في سورية في النصف الأول من القرن ال ...
- عصر الحارات العربية
- في الأزمة السورية


المزيد.....




- شاهد.. رجل يشعل النار في نفسه خارج قاعة محاكمة ترامب في نيوي ...
- العراق يُعلق على الهجوم الإسرائيلي على أصفهان في إيران: لا ي ...
- مظاهرة شبابية من أجل المناخ في روما تدعو لوقف إطلاق النار في ...
- استهداف أصفهان - ما دلالة المكان وما الرسائل الموجهة لإيران؟ ...
- سياسي فرنسي: سرقة الأصول الروسية ستكلف الاتحاد الأوروبي غالي ...
- بعد تعليقاته على الهجوم على إيران.. انتقادات واسعة لبن غفير ...
- ليبرمان: نتنياهو مهتم بدولة فلسطينية وبرنامج نووي سعودي للته ...
- لماذا تجنبت إسرائيل تبني الهجوم على مواقع عسكرية إيرانية؟
- خبير بريطاني: الجيش الروسي يقترب من تطويق لواء نخبة أوكراني ...
- لافروف: تسليح النازيين بكييف يهدد أمننا


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جاك جوزيف أوسي - الصراع على سوريا