لينين-تروتسكي...العلاقة والخلاف/ الارشيف الملعون!!!(4)

ماجد الشمري

الحوار المتمدن-العدد: 4209 - 2013 / 9 / 8 - 17:45
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    

انعقد المؤتمر الثالث في ايارعام1907 في لندن ايضا وللمرة الثانية،في كنيسة تابعة لاحدى الجمعيات الدينية،وكان المؤتمر استثنائيا من نواحي عديدة،منها:انه المؤتمر الاخير للحزب الموحد،وقد ضم350 مندوبا،اي مايفوق باضعاف مندوبي المؤتمر السابق.وكان عدد اعضاء الحزب لازال كثيرا،فهو يجمع البلاشفة والمناشفة معا،بالاضافة للحزب البولوني،والليتواني،اللذان عادا الى الحزب الام.القضايا الكبرى للثورة،التيارات الاقتصادية والنقابية،تحديد التمايز الطبقي وتحليل الطبقات،افاق الثورة المستقبلية،دروس فشل ثورة1905،شؤون التنظيم،وتطوير تكتيكات الممارسات السياسية العملية:التعبئة،التحريض،التثقيف،كل ذلك وغيره،كان مطروحا على جدول اعمال المؤتمر،ومادة للنقاش والجدل المثمر.وقد استمرت جلسات المؤتمر لاسابيع،دون توقف،وتمكن تروتسكي،ولاول مرة،من عرض نظريته عن الثورة الدائمة،وانتقد بحدة المناشفة لميلهم للتحالف مع الدستوريين اللبراليين،وطالب بتكوين كتلة تضم العمال والفلاحين،واعلنت روزا لوكسمبورغ،والتي مثلت الحزب الاشتراكي الديمقراطي البولوني،دعمها لنظرية الثورة الدائمة،واعترف لينين مرتان خلال المؤتمر،بان تروتسكي يلتقي مع البلاشفة،فهو يدافع بحماس عن تحالف العمال والفلاحين.كان لينين يأمل ويرغب بكسب تروتسكي الى صفه،ولكنه مرة اخرى فشل في ذلك،فتروتسكي كان يقف وحيدا،وعلى مسافة واحدة من الكتلتين-البلاشفة والمناشفة-،وكان يطمح وباخلاص لتوحيد الحزب المنشطر،لكن لينين ومارتوف،كانا يعرفان ان خلافاتهما تتسع وتتعمق،وستصل حتما-رغبا بذلك ام لا-الى القطيعة التامة،ونقطة اللاعودة.وقدصرخ تروتسكي في المؤتمر قائلا بحرقة:"اذا كنتم تعتقدون ان الانشقاق محتوم،انتظروا على الاقل ان تفصل بينكم الاحداث.لاتصنعوه بناءا على تصريحات بحتة،لاتستبقوا الاحداث".كان موقف تروتسكي نوعا من الحرص على مصلحة الحزب،وتساميا فكريا،فهو يرى ان لينين ومارتوف،كلاهما،كانا يعتقدان بأن الثورة الروسية ستكون برجوازية وحسب،كلاهما مخطئان في ذلك-والاحداث القادمة ستثبت ذلك،وفعلا اثبتت ذلك!-.كان تروتسكي محقا نظريا،ولكن ليس بالضرورة ان تكون النظرية الخالصة اقرب للحقيقة،فالواقع المؤكد ان حزب الثورة كان تحت سيطرة لينين،والحزب الاصلاحي تحت جناح مارتوف.كان من الممكن ان يقرب موقف تروتسكي النظري من البلاشفة،الا ان بعض العلاقات الشخصية الحميمة،وذكرى خصامه الاول مع لينين يحولان دون ذلك،مما جعله محسوبا على المناشفة-شاء ام ابى-.خلال المؤتمر اثيرت مسألة المصادرات،والسطو على الاموال العامة،التي قامت بها مجموعات بلشفية في القوقاز،ندد المناشفة بتلك الاعمال،كنوع من الارهاب الناردوني،ولصوصية سافرة ومدانة،واقنعوا المؤتمر،والذي كانت غالبيته مع لينين،بمنع اعمال قطاع الطرق تلك،وقد كان موقف لينين غامضا،فهو كان يميل لاعتبار تلك الفعال والممارسات-شرعية ثوريا!-لما تقدمه من اموال تصب في صالح الحزب،ليستمر في نضاله،ويواصل نشاطه ضد ارهاب القمع القيصري.وطوال فترة المؤتمر كان هناك مندوبا قوقازيا مغمور،وكان احد الذين قاموا بتلك الاعمال-من سلب وسرقة-،ويقود احد مجموعات الغوار،يدعى جوزيف دجوغاشفيلي-ايفانوفيتش(لم يكن قد اتخذ بعد اسم ستالين)،بقى صامتا منتظرا ختام النقاش،وقف تروتسكي الى جانب مارتوف في هذه القضية،لم تسفر محاولات لينين للتقارب الايديولوجي مع تروتسكي،وتكرار جهوده من اجل كسبه لصفوف البلاشفة،الا عن بعض الجدل الصاخب والنعوت المقذعة،وقد انفجر تروتسكي في وجه لينين عدة مرات..وكان تروتسكي يصوت مرة الى جانب البلاشفة،ومرة الى جانب المناشفة،وحسب قناعته.بعد المؤتمر بقليل،كتب لينين الى غوركي(الذي حضر المؤتمر وحاول مصالحة لينين وتروتسكي)"ان تروتسكي يتصرف كمدع".انتهى المؤتمر وغادر تروتسكي الى برلين،وخلال السنوات السبع من1907 الى1914 عاش تروتسكي في فيينا،ولم يمارس اي نشاط فكري او سياسي يذكر،بأستثناء رئاسة تحرير جريدة صدرت في فيينا من قبل اشتراكيين اوكرانيين بعنوان"البرافدا"،وكان محررو الجريدة مجموعة متميزة ومثيرة منهم:سكوبيليف:وهو طالب شاب،وتلميذ تروتسكي المفضل،وعمل سكرتيرا للجريدة،وقد اصبح في مابعد نائبا منشفيا في الدوما الرابعة،وشغل في عام1917منصب وزيرا للعمل في حكومة كيرنسكي.وكان الساعد الايمن لتروتسكي في التحرير هو:سيمكوفسكي المنشفي هو الاخر،والذي غالبا ما برز اسمه في المجادلات داخل الحزب.وقد ساهم في التحرير:ريازانوف،المؤسس اللاحق لمعهد ماركس-انجلس،والمتمرد دائماعلى كل سلطة،والذي لم يكن ينتمي الى اي من الكتلتين،وكان صديقا حميما لتروتسكي،والذيكان يؤمن الاتصال السري بروسيا هو:اوريتسكي،وهو ايضا منشفي قديم،وكان يشتهر بشجاعته داخل السجون القيصرية،وفي عام1917 كان اوريتسكي من المنظمين الرئيسيين لانتفاضة اكتوبر،وهو الذي صرف الجمعية التأسيسية بصفته مفوضا خاصا.ومن المحررن ايضا:فكتور كوب،والذي اشتهر كدبلوماسي مغامر وداهية،وهو الذي فاوض في عام1922 ومن وراء الكواليس بخصوص معاهدة راباللو الالمانية-الروسية،وتحرى لاحقا لصالح ستالين وسرا عن مدى امكانية اتفاقية مع هتلر في الثلاثينات.الا ان الوجه الاكثر فرادة وتميزا بين مجموعة التحرير هو:ادولف يوفي،الشاب المثقف،والذي كان يعاني من اضطراب نفسي،كان يتعالج منه،وقد قدم يوفي لتروتسكي محلله النفسي الفرد ادلر،وهكذا انسجم تروتسكي مع التحليل النفسي،ووصل لقناعة:ان ماركس وفرويد ليسا بعيدين احدهما عن الاخر كما يعتقد جل الماركسيين،وفي عام1917 كان يوفي بين قادة ثورة اكتوبر،ولعب دورا في مفاوضات صلح بريست-ليتوفسك،وقد اشار تروتسكي في ذكرياته:الى ان الثورة لعبت دورا في شفاء يوفي من مرضه النفسي اكثر مما فعل التحليل النفسي لشفئه من عقده.وقد كان يوفي صديقا مخلصا ووفيا لتروتسكي،وبلا حدود،وعندما طرد ستالين تروتسكي من الحزب،اقدم على الانتحار احتجاجا على هذا الاجراء المتعسف.في عام1910 اجتمع في باريس قادة الكتلتين في مؤتمر تداولي،وحاولوا للمرة الاخيرة تجاوز الخلافات،ومن الجانبين كان هناك من يدفع بأتجاه القطيعة،ويعمق الفجوة بين الجانبين،ولكن المعتدلين من كلا الطرفين-البلاشفة والمناشفة-هم الذين انتصروا في البداية،وكان رجال الوفاق من البلاشفة هم:ريكوف،سوكولينكوف،،لوزوفسكي،كامينيف،ومن الجانب الاخر جعل تروتسكي من نفسه رجل الوحدة،وافشل مارتوف.وافق التكتلان على حل منظمتيهما والاندماج،ليتخلص كل طرف من متطرفيه،المناشفة من تصفويهم،والبلاشفة من مقاطعيهم،ولكن سرعان ما فشلت المصالحة،نتيجة للتصلب المنشفي،ولعدم حلهم لكتلتهم.اما لينين فقد وفى بالتزامه،وطرد المقاطعين الرئيسيين:بوغدانوف،ولوناتشارسكي.فالمناشفة وجدوا ان طرد الذين وقفوا في وجه النضال السري كان يعني القضاء على نفوذهم،فالغالبية المنشفية،كانت تصفوية.فبدت المسألة على النحو التالي:من عارضوا العمل السري،لامكان لهم في الحزب الذي يتوقف مستقبله على هذا الشكل من العمل،هذا ماقاله البلاشفة،اما المناشفة،على الاقل الذين كانوا مناهضين للتصفوية،فكانوا يقولون:بان على الحزب ان يسمح ببقاء اختلافات في الرأي داخله،لكن لينين المتقبل من حيث المبدأبوجود معارضة داخل الحزب،رفض التساهل بشأن هذا الخلاف الخاص،لان معارضي العمل السري لايمكن ان يكونوا مناضلين سريين جيدين.كان صراعا بين انصار الانضباط،والمدافعين عن حق المعارضة،وقد انحاز تروتسكي-مخطئا- ضد الاولين،وهذا هو اللامنطقي في موقف تروتسكي،فهو الذي كان يسعى من اجل وحدة الحزب،زاد من حدة الانقسام،والذي يتحمل المناشفة تبعته.ان تروتسكي العدو اللدود لليبرالية البرجوازية،وقف-للاسف-في خندق من ينادون بالتحالف مع الليبرالية ضد المعارضين لمثل هذا النوع من التحالف.ان موقف تروتسكي المشحون بالتناقض،لم يقوده الا الى الاحباط وخيبة الامل،فهو بالنسبة للبلاشفة:اكثر من معارض،بل عدو غير شريف!وبالنسبة للمناشفة:حليف غير موثوق به،وقريب من البلاشفة!..شن تروتسكي حملة في الصحافة الاشتراكية الالمانية مؤكدا:انه ما من احد من القادة المهاجرين،يمثل حقا الحركة الثورية الروسية،والتي كانت ترغب وباصرار بوحدة الحزب،ويؤلمها خصومات القادة،وكان هذا الرأي هو الرأي العام لدى المناضلين السريين،وكان ستالين يحمل توجها شبيها بذلك ويروج له في القوقاز،وقد احدثت مقالات تروتسكي ضجة وتأثيرا في مندوبي الحزب الذين اجتمعوا في كوبنهاكن في تشرين الاول/اكتوبر1910 للمشاركة في مؤتمر الاممية.طالب بليخانوف مدعوما من لينين بتوجيه عقوبة ضد تروتسكي،والذي دافع عنه لوناتشارسكي وريازانوف،وقد نجى تروتسكي من الادانه،فلم يستطع موجهو الاتهام التنديد به لمجرد رأي عبر عنه في الصحف الالمانية الشقيقة!!.................
.......................................................................................................
يتبع...
وعلى الاخاء نلتقي...

#ماجد_الشمري (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات