أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يحيى علوان - وفاءً لذاكرتي ..















المزيد.....

وفاءً لذاكرتي ..


يحيى علوان

الحوار المتمدن-العدد: 4210 - 2013 / 9 / 9 - 09:30
المحور: الادب والفن
    


" الأوطانُ مُلكُ أهلها
لا حُكّامها "

" إنْ تحدّثتُ بلغةِ الجمعِ ، قيلَ
مَنْ خوَّلكَ .. لذلك سأنطِقُ بأنايَ
كي لا أَمسَّ أَنواتٍ أُخرى ! "


1


ما أشقاني إنْ هَرِمَتْ ذاكرتـي ولَـمْ أَعُـدْ أَشتاقُ لفَجـرِ الشامِ
وصباحاتها النَديَّـة ، فالنسيانُ توأمُ الذكـرى ، يتناوبانِ ، يتخاصرانِ أحياناً ..
كلٌّ منهما يُطفيءُ في الآخرِ حِمَمَ جحيمه ،
واهـاً لِـي إنْ تناَسيتُ مَنْ إحتضنني وأكرَمني ، يومَ كنتُ هاربـاً ، عليلاً ، بلا
أوراق ، بلا نقود .. في خريف 1969 ، يَومَ كنتُ أنتظرُ بطاقةَ سَفَرٍ للعلاج في براغ ..

أُفّـاً لِـي لَو نَسيتُ الشَوْشَََرةَ الحلوة لساحة " المَرجَـه " و" جسر فكتوريـا "..!
حينَ تَنهَضُ المخابِـزُ مع صيـاحِ الديكِ ،
تَنثرُ في الهـواءَ عَبَقَ الرغيفِ ،
عُمـالُ النظافـةِ ، يكنسونَ كَسَلَ الليلِ ، يَدفعونَ براميلهم فوقَ عجلاتِ تُصدِرُ صريراً مميّزاً ..
يترنّحـونَ ، يُغالبونَ بقيةَ حُلمٍ/ كابوس لَمْ يُكملوه ،
عَتّالونَ بعُدّةِ الشغلِ ! يفترشونَ الأرصفَةَ ،
يزفِرونَ هُمومهم مواويلَ وعَتابا ، في إنتظارِ مَنْ يشتري عَرَقَ الجبينِ !
بائعو الخُضَارِ ، يُهندسونَ بضائعهم في العَرَبـاتِ ، يُلَمّعـونَ الفاكهةَ بمناديلَ ،
كـي تغـدو فتنة للناظرين !
أَشتاقُ لبائع الفُستُق بطربوشه ، يقف عند الركن حيث أوتيل سمير آميس ،
لا يَملُّ يُقَلّبُ بضاعته ، كأنه يلهو بها ، مثل ساحرٍ يرمي حَصَــاهُ ، ثمَّ يجمعها عدة مرات ،
قبلَ أنْ يبوحَ وبطريقة " مسرحية " ما أفشَتْ له العظماتُ والحجرات مع دندنةٍ بإيقاعٍ أفريقيٍ ،
فيما تواصِلُ الماسورةُ الرشيقة لصينيته تنفثُ دُخاناً رماديّـاًً بتوأدةِ المُستَرخي .

بـي شوقٌ لمطعمِ " أبو كمـال " وصحنٍ " غميقٍ " من " فَتّة مقادم " باللّبْنَة
والثوم مع صنوبر مقليٌّ بزيت الزيتون .. أشهى وألذُّ فطورٍ ، لَمْ أذقه منذُ دهرٍ !!
صاحبُ المطعمِ كانَ كريماً ، لَمّـا علم بحالي ، راحَ يقدمُ لِيَ الطعـام دون أَنْ يسألَ عن ثمنه .
كنتُ أُطمِّنه بأنَّ دفعةً من الفلوس ستصلُ قريباً .. نَهرني مرة
عندما كرّرتُ الوعد بأنَّ الفَرَجَ قريب : " شو، يا عمّي ؟! بِدَّكْ تهينّا !
يعني نحنا ما منعرف نضيِّف ؟! يا إبني ، إذا صار معاك مَصاري ، تدفع مثل ما بِدَّك ، إذا ما إدَرت ، الله يوفأك ويوفأنا "...
مرةً ، كنتُ مَرَرتُ من هُناكَ ، لَمَحني ، فخرجَ يناديني مُلوّحا بجريدةٍ ، دسَّها تحتَ أُبطي ، لَفَّ بها كروص سجائر جيتان ،
قال " دخّان ظريف ! أنا ما بدخّن ، العالم بتئول ببيروت يدخنوه الأكابر هنيك ..!"


2


خلافـاً لِمـا يُشاعُ عنّا من أَننا أُمةٌ مُبذِّرةٌ ، فإننا مُقتِّرونَ ، باطنيون .. !
نُقَتِّرُ في الحاضِرِ لأجلِ الغيبِِ باطنياً ،
زوجاتٌ يُقَتِّرنَ في الحنان والعاطفةِ ، يدَّخرنها لفارسِ أحلامٍ هلاميٍّ ،
حُكّامُنا يَدّخرون قِرشَ الحريةِ الأبيضَ لأيّامنا السُود ،
مثقفون يدّخرونَ موقفهم المُبَطّن لمـا بعدَ ، بعد – الحداثـة ،
" يسارٌ " يَستبطنُ الثورةَ ، يدّخرها في كُتبٍ مركونة في زوايا معتمةٍ ، وحينَ
" يسقطُ النظام " ، يستخرجها .. فيجد أَنَّ الأحداثَ تجاوزته .. سيظلُّ حائراً ،
مبعثاً للشفَقَة !!




3


لا تبتأسوا ، أهلَ الشامِ ، رُغمَ ضيقِ مساحةِ الأمَلِ ، خِلافاً لِما أشاعته المادية-التأريخية فينا من تفاؤلٍ !
عَجَلَةُ الروليت تدورُ وتدور ...
المَقْتَلَةُ الكبرى في الطريقِ إليكم .. فَحيحُها يَصِمُّ الآذانَ !
لا تَبتأسوا ! هل الحربُ أكثر من زمنٍ قصيرٍ ، عََجِلٍ ؟!
إختبئوا وراءَ موتكم ، إنتظروا إنقضاءَ زمنها ...!

لا تُصدِّقوا ، فـ " قاسيونَ " يعجزُ عن حِراسةِ أحلامكم في " حَدوَته " ،
دَجّجوا الأطفالَ بالموتِ في أحضانكم ، تَحَزَّموا بآيةِ الكُرسي ، شُمّوا عَرَقَهم ، قبلَ
أَن يُخضِّبوا التُرابَ بدمهم ،
إقتلوهم بأيديكم ! أليسَ الوأدُ جزء من " الميراث " ؟! فذلك ما سيرفَعُ قيمَةَ الأرضِ بثأرِ الحقدِ المُرتَجى ، بلا غُفران !
بَدَلَ أنْ يغدوا غُلماناً أو جواريَ في " خِيامِ " البدو الهَمَجِ ، كالِحي السَحنةِ والماضي .. !!

... تَصبَّروا ، وإختزنوا الحقدَ ، فلا بُدَّ لـ" الصبيِّ " أَن يتَعَلَّمَ ميدانياً ! وإلاّ كيفَ
سيحكُمُ ويكنِزُ ، أقصُدُ الخبرَةَ ....!!
لا بأسَ ، ستأتيكم " الريح " مُجَلجِلَةً ،
سيُمطِرُكُمْ إبن أوباما بالديمقراطية والعيش الرغيد ، كما في العراق اللعين ،
سيُسَيِّرُ لكم ما تشاؤون ، او لا تشاؤون من توماهوك وكروز ، ستكونُ أوفَرَ من ثَمرِ القِطافِ ،
قذائفَ ذكيّةً ، وأخرى مُنضّبةً بما تجهلونه .. كجيرانكم من قبلُ !
صواريخَ وقذائفَ عابرةً ، مثلَ الطيورِ العابرةِ ، التي لا مَقامَ ولا أعشاشَ لها ،
تكتفي بدرازبين الشبابيك ... تخطِفُ الصغارَ من مُكعّباتِ أحلامهم المُلَوّنَةِ ، كأنهم
فوقَ بساطِ سحريِّ ..!
سيتلوّى ويموتُ الزمن المُعَلَّقُ في ساعات الحائط ...
بالأحضانِ ، وبمنتهى الحميمية ، ستلتقي الجدرانُ المُتباعدة ، وتهرَبُ المسافات ...
سينجوا القتلى والمُتشظّونَ ، حسب ! ولَنْ يبقى لكمُ غيرَ العذابِ ،
سيُصيبُكُم الخَرَسُ ، تحبسونَ الأنفاسَ حتى لا يسمعكم مَلاكُ الموتِ ،
حينها لن يَجِدَ الموتُ ما يفعله في الخلاءِ ، سيسحَبُ أذياله خائباً ..

غالياً ستدفعون ثمنَ " شَطَطِكُمْ " نحو الحريّـة !!
سينهدِمُ ما تبقى من بيوت ، وتَظلُّ لكم أبياتُ الشِعرِ ، بساتين الضياع ، ياسمينٌ
مُدمّى ، ورأسُ مالٍ من الميجانا والقُدودِ الحَلبيّة ...!! حينها ستَفْترُّ وجوهُ الملوك
والسلاطين والأمراء في الجزيرة شبه العربية ! و" أَبناء عمومتنا " عن ضحكاتٍ مُشفّرة بالتشفّي !!
.................................
.................................

سلاماًً ، أَهـلَ الشام والياسمين !
سلاماً مقهى الهافانا !
سلاماً فندق الإخـاء ، قُربَ المَرجه !
وسلامٌ لكلِّ الحارات الساهرةِ على ضَوءِ قَمَرٍ مذبوحٍ !



#يحيى_علوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- .. بَعْضِيَ والليل
- ذاتَ وَخْمَة(1)
- رُحماك
- شَذَراتٌ حائرة
- ماذا فعَلتَ ، أَيّها الإسقريوطي ..؟!
- سعدون - والي الحَرَمْ -!
- يا ظِلّها
- يوغا 2
- الذيب
- زُخرُفْ
- فِخاخُ الصِغار..
- شَبَهُ المُختَلِف ..
- فُسحَةٌ للتأمُّل (2)
- فُسحَةٌ للتأمُّل
- افتراضات
- هي دورةُ الأشياء ..
- مَقاصيرُ نُصوصٍ
- أَحزانُ المَطَرْ
- غوغاء!
- مُرافَعة


المزيد.....




- منارة العلم العالمية.. افتتاح جامع قصبة بجاية -الأعظم- بالجز ...
- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...
- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...
- رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة ...
- الغاوون .قصيدة (إرسم صورتك)الشاعرة روض صدقى.مصر
- صورة الممثل الأميركي ويل سميث في المغرب.. ما حقيقتها؟
- بوتين: من يتحدث عن إلغاء الثقافة الروسية هم فقط عديمو الذكاء ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يحيى علوان - وفاءً لذاكرتي ..