أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أوس حسن - قصائد للبيع حضارة للإيجار














المزيد.....

قصائد للبيع حضارة للإيجار


أوس حسن

الحوار المتمدن-العدد: 4208 - 2013 / 9 / 7 - 18:09
المحور: الادب والفن
    


"قصائد للبيع ...حضارة للايجار"
..........................................

لم أكن في حياتي تلميذا ً نجيبا ً للنقاد، والمؤوليين للنص الأدبي، فقد أحببت المشاكسة والتمرد مذ كنت طفلا ً، ورضعت حليب المعاناة والهم الكوني، فقد اتسمت حياتي بقلق وجودي دائم، وبثورة ونفور من كل شيء سائد في المجتمع.كنت أنا ولم أكن الآخرين ..وقد أدركت لاحقا ً أن الشعر هو السلاح المعبر عن أحلام الإنسان وتطلعاته وآماله،وهو المعادلة التي تربط الهم الإنساني بالوجود وبالحقيقة المطلقة التي تمنحه الخلود عن طريق نصه الغريب ،لذا جرت العادة أن أكتب نصوصا ً خارج التنظير الأكاديمي والهندسة الإبداعية المحدودة، فكلما أمسكت بمفتاح جديد من مفاتيح الكتابة تكشف لي سر جديد من أسرار الحياة العميقة.

وجرت العادة أيضاً ً، أنني كلما كتبت نصا ً أدبيا ً مميزا ً ،أن ألهث وراء شاعر كبير أو كاتب معروف لكي أريه نصي المتواضع ، فيطلع عليه ويبدي الملاحظات المهمة و المفيدة بالنسبة لتجربة شاعر شاب مازال نقطة صغيرة في هذا المدى اللانهائي،فمنهم من كان يشجعني، ومنهم من كان يبدي ملاحظاته:.. أنت جيد ومتمكن من اللغة والابداع، لكنك ما زلت بعيدا ً عن الشعر واللغة الشعرية، ومنهم من كان يقول عليك أن تتبع الشروط المتوافرة في النص الفلاني أو الفلاني لكي يكون نصك النثري او القصصي او السردي مطابقا ً للغة السائدة في بنية الأدب الحديث، ومنهم من قال أن نصوصك ترتدي ثيابا ً غريبة، لكن القلة منهم قالوا بأنك مميز وثائر على المنظومة السائدة . كل هذه الملاحظات والآراء، طبيعية ومنطقية لشاعر ما زال في بداية الطريق ، فكل شاعر حاذق أراد لتجربته الشعرية أن تنضج وتختمر عليه أن يشرب عصارة كل هذه الأراء والملاحظات في كأس الحياة. الحياة التي ستعطي الشاعر مفاتيح الدهشة والحكمة إن عايش تفاصيلها اليومية المترعة بالآلام والشجون والنزيف الحاد المتكرر في كل لحظة.
لكن الأمر الذي أثار استغرابي ذات يوم وأصابني بغثيان لم أشفَ منه إلى الآن..
أنني عرضت إحدى قصائدي الجديدة على أحد الكتاب العراقيين المعروفيين وله خبرة طويلة ومتراكمة في مجال الكتابة والأدب والنقد،فأثنى على القصيدة ثناء ً واضحا ً وشجعني بحرارة لكنه أبدى ملاحظة، وقال لي:.. ( ترى الشاعر والكاتب ميكفي يكون مبدع وموهوب وعنده طاقات لازم جيبه مليان فلوس ولازم يكون عنده واسطات وعلاقات اخوانية علمود يوصل . .)،ثم أردف قائلا ً (( إذا عبالك الموهبة والأبداع والقدرة اللغوية والأحساسيس الصادقة ..تكدر تصنع شاعر فطز بيهن كلهن اكو شغلات اخرى لازم انت تعرفها وتتعلمها )) .
إن الواقع العراقي اليومي الذي أرهقته الحروب والنزعات والفساد الإجتماعي، الواقع المتخم بثقافة العنف والايدلوجيات المحنطة والتقاليد البالية التي تؤسس للعقل المحاصر، والخطاب التعبوي المتسم بسياسة التهميش والإقصاء،هو الواقع المرير والبائس الذي حاولت الهروب منه مرارا ً لجوءاً ً إلى الوسط الثقافي الذي يتسم بالإنسانية واللاطبقية،والذي يوفرلي فضاء ً مفتوحا ً للفكر للحر، ظنا ً مني أنني استطيع أن أمارس إنسانيتي بلا استعباد أو عبودية .كانت الصدمة أكبر من الواقع البائس،فالوسط الثقافي تملؤه الميليشيات الثقافية المريضة المصابة بهوس النرجسية والغرور والنواقص النفسية، وسط مليء بالمخمورين والمنحرفين، والتجار الذين يتقنون فن التلاعب بعقول البسطاء، لأجل غرائزهم ومصالحهم المادية،حينها أيقنت أن الثقافة تعاني من أزمة حقيقية خانقة،مرتبطة ارتباطا ً جوهريا ً بالأزمة السياسية التي تعاني منها البلاد، فالمستقبل لأشباه المثقفين للنفعين المتطفلين، لعبيد الثقافة الإستهلاكية للمتسلقين الذين يلحسون أقدام الطبقة الحاكمة، أما اصحاب الكفاءات والمواهب والأبداعات فهم يغردون خارج السرب ويعيشون في غربة وعزلة روحية ،لكنني كنت على يقين تام أنهم هم السائدون ولو بعد مئة عام وهم من سيمثلون الحقيقة التاريخية لبلادهم .
إن المثقف الحقيقي هو الذي يعايش آلام الناس اليومية في الشارع ،يسافر معهم في أحلامهم البسيطة وتطلعاتهم المستقبلية،يحترم غيبياتهم الميتافيزيقية،يعمل على استفزاز الوعي وإثارة التساؤلات،يبدأ مسيرته بالشك،وينتهي برحلة طويلة ومجهولة إلى عالم المعرفة.
سرت قشعريرة في بدني برودة في الدم لزوجة في اليدين ،قلة في الهواء،صعوبة في التنفس ..انتابني شعور غريب اهتزت له ارجاء الأرض، تناهت اصوات إلى مسمعي ( قصائد للبيع ..نثرية تفعلية ...عمودي ... قصص قصيرة ... روايات بالتقسيط المريح ملاحم وأساطير بالتفصيخ ...يالله تعال تاريخ وحضارة للأيجار).
ابتلعت حزني كما يبتلع المساء شمس النهار،و أطلت التأمل في الأفق باحثا ًعن دمعة ٍ ضائعة وعن قلب ٍ أودعته يوماً ً في بقايا ذلك الوطن المتناثر.



#أوس_حسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- (من مذكرات خمسون عاما ً من الرحيل بين المنافي ) للشاعر العرا ...
- صناعة العنف
- فجر النهايات
- صناعة الوهم عند العرب هل هي موهبة فطرية أم مهارة مكتسبة؟
- -رحلة إلى ملكوت الله-
- لوحات شتائية من ذاكرة مساء هرم
- قصائد لهاينرش هاينه ترجمها عن الألمانية رياض كاظم السماوي
- قصائد لهاينرش هاينه ترجمها عن الألمانية رياض كاظم السماوي
- بالأمس
- سنابل الوجع
- ناجي عطالله وفرقته الناجية /
- خديعة
- قناع الوالي
- قصائد قصيرة /2
- صوت من مقبرة الأحياء ...((نص))
- ليلك يا شام
- قصائد قصيرة..بقلم اوس حسن
- (( تحذير للغرباء))


المزيد.....




- أحمد عز ومحمد إمام.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وأفضل الأعم ...
- تيلور سويفت تفاجئ الجمهور بألبومها الجديد
- هتستمتع بمسلسلات و أفلام و برامج هتخليك تنبسط من أول ما تشوف ...
- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أوس حسن - قصائد للبيع حضارة للإيجار