أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد السلام أديب - هل هو الخوف أم مفعول تخدير حكومة بنكيران نصف ملتحية؟















المزيد.....

هل هو الخوف أم مفعول تخدير حكومة بنكيران نصف ملتحية؟


عبد السلام أديب

الحوار المتمدن-العدد: 4208 - 2013 / 9 / 7 - 16:24
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


هل الجماهير خائفة من حكومة بنكيران؟ أم أنها خاضعة لخطابها التخديري الدوغمائي؟ فهي تقود المغاربة مغمضي الاعين لتخطي ما يسمونه بالربيع الديموقراطي بسلام، سلامة الطبقة المهيمنة بدون شريك، لكن التمادي في ترياش المواطن من قدرته الشرائية (قياسا على ترياش الدجاج المذبوح) والمساس بشكل عميق بمعيشته اليومية دون حصول ادنى احتجاج أو تنديد أو مقاومة تذكر، يثير الاستغراب حقا! في ظل صمت مطبق للأحزاب السياسية (أكثر من 40 حزب) وصمت متواطئ للمركزيات النقابية (أكثر من 30 مركزية نقابية) وفي ظل تجاهل تام من قبل المنظمات الحقوقية (لا نتحدث هنا عن بياناتها الخجولة المنددة بالغلاء) فهل الجماهير الشعبية هي بالفعل خائفة من قمع حكومة بنكيران؟ أم أنها تأثير واقعة تحت تأثير تضبيعها الفعلي (الضبع يفرز روائح تخدر فريسته قبل الانقضاض عليها) بالخرافات الغيبية الدينية والايديولوجية التي لا تغني ولا تسمن من جوع؟، فقد كان المغاربة في أحلك فترات تاريخهم(في زمن الانحطاط والمجاعة والاوبئة) كانوا ينتفضون ضد استبداد السلطة الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، ولا زالت الشواهد التاريخية تذكر بها كما حدث في مدن مثل مراكش انتفاضة الاسكافيين، وفي فاس، عيطة بنيس او انتفاضة حرفيوا سوق بوجلود، كما ان التاريخ الحديث يزخر بردة فعل المغاربة على كل زيادة طفيفة في اسعار الخبز، انظر احداث 20 يونيو 1981 حيث سقط شهداء الكوميرة كما سماهم سيء الذكر ادريس البصري، وأحداث يناير 1984 بسبب موجة الغلاء التي افرزتها سياسات التقويم الهيكلي، وأحداث دجنبر 1990 بسبب الزيادات التي عرفتها عدد من المواد الاساسية.

انظر أيضا ما حدث مؤخرا على سبيل المثال في مواجهات أحداث سيدي افني وانتفاضة البهاليل وصفرو وانتفاضة ساكنة سيدي يوسف بنعلي بمراكش وهبة الناموس لساكنة دوار الشليحات بالعرائش فكلها انتفاضات عفوية تعبر عن وعي جماهيري قوي يأبى الجمود في مواجهة العدوان على قوت يومه. لقد كانت هذه الانتفاضات كلها في البداية عبارة عن حركات احتجاجية سلمية الا أن السلطة اختارت ان تحولها الى احداث دموية لإرعاب الجماهير الشعبية المتمردة من التمادي في الاحتجاج.

لكن ما يحدث حاليا وخصوصا منذ تنصيب حكومة بنكيران نصف ملتحية يثير الاستغراب أمام تراجع ثقافة الاحتجاج نحو مجرد الاحتجاج الرمزي المحتشم الذي دشنته مجموعة من الشباب اليافع غير المسيس أو الضعيف التسييس والذي أطلق على مبادرته حركة 20 فبراير انطلاقا من سنة 2011، مدفوعا من طرف مجموعة من البرجوازيين الصغار الساعين الى المساومة بهم على مطالب غامضة تحت شعار "الملكية البرلمانية الآن" والتي لم تحصل الا على الفتات من الاصلاحات الادارية والدستورية الشكلية، بينما عمقت في المقابل من واقع الاعتقال السياسي والاختطاف والتعذيب من اجل ردع هؤلاء الشباب عن الاستمرار في مطالبهم الاصلاحية.

فهل الوقائع المرعبة التي حدثت في كل من ليبيا وسوريا ومشاهد الدمار والفوضى والتقتيل شبه اليومي أحدثت مفعولها وبدلت طموحات المتبرجزين الصغار تتهاوى كقصر من ورق، ولكي تتحول في النهاية الى مجرد فانتازيا شهرية بدون مستقبل (ستنظم يوم 22 شتنبر 2013 المحطة الثلاثين من المسيرات الوطنية الشهرية) وحيث نسمع الكثير من هؤلاء قد أصبحوا يفضلون الوضع القائم على الرغم من مساوئه مقارنة بما يحدث في البلدان المذكورة، بدون اي تحليل ملموس للواقع الملموس.

ان تحليل الوضع الراهن ضروري لفهم مرتكزاته وصيرورته وآفاقه، فهل حدث تراجع خطير في مستوى الوعي الجماهيري؟ أم هو السيادة المطلقة لنمط الفكر البرجوازي الصغير التصفوي والانتهازي؟ أم أنه تأثير الفكر الظلامي المبالغ فيه في الكثل الكبرى من الجماهير الشعبية والذي جعلها تفضل خنوع القطيع في انتظار نعم الجنة في العالم الأخروي؟ الا يخفي هذا الجمود نوع من الخوف من ضياع المكتسبات الاقتصادية الصغيرة المتآكلة باستمرار؟ بحيث يتم الالتفاف على البقية المتبقية منها وبالتالي السير جنب الحائط خوفا من زوالها؟
قد يكون هذا العامل أو ذاك سببا في ما أصبحوا يسمونه بالاستثناء المغربي، فما هو في المقابل دور ما يسمون انفسهم بالمثقفين أو المثقفين العضويين أو اليساريين أو الشيوعيين وهلم جرا من التسميات المشتقة والتي لم تتمكن حتى من معالجة امراضها الطفولية فبالأحرى امراض المجتمع واللذين خربوا طبلة آذاننا بزعيقهم الذي لا يتوقف انطلاقا من قلاعهم العاجية والذين يتخوفون من النزول منها والاختلاط والنضال وسط عامة المعذبون في الارض خوفا من انفضاح الاعيبهم ودورهم الانتهازي.

يبدوا أن الوضع العام يسير أكثر فأكثر نحو المزيد من التفكك والتفسخ الاقتصادي والسياسي والاجتماعي، فعندما تتأثر القاعدة الاقتصادية للبنية الطبقية الهرمية بكاملها بضربات عنيفة متتالية نتيجة أزمة نمط الانتاج الرأسمالي وتصدعه، وتبحث الطبقة البرجوازية المهيمنة عن فرض الحلول الراديكالية لمعالجة التراجع الكبير في معدلات ارباحها الذي يتهدد نمط معيشتها الذي اعتادته، وتتمثل هذه الحلول في تفريغ ازمتها على كاهل الطبقة العاملة وتضخيم بؤسها المعهود وامتصاص فوائضها الاقتصادية التي تحتاجها، فان ادواتها السياسية والايديولوجية تبدأ في التصدع والتحلل فتبرز عورتها السياسية والايديولوجية البشعة أمام الجماهير الشعبية المقهورة.

ان مواجهة هذا الوضع من التفسخ الاقتصادي والاجتماعي والسياسي ليس سهلا بطبيعة الحال، خصوصا في غياب الأداة السياسية للطبقة العاملة وفي ظل استمرار التأثير الديني على الكتل الجماهيرية. علما أن كل تأخر في بلورة الأداة السياسية المنظمة للطبقة العاملة في ظل هذا التفسخ، لن يزيد الوضع الا تفسخا وتشتتا واندثارا كليا للوعي الطبقي، كما أن المؤسف هو امكانية السقوط من جديد في الحلول البربرية سواء من طرف النظام أو من طرف القوى المعادية له والتي يفرزها هذا التفسخ الشامل
ليست هناك مبالغة في تشخيص صيرورة الواقع الحالي، فالأشياء لن تتوقف عن التحول والانحطاط في ظل الاحتضار الطويل الأمد للنظام الرأسمالي المهيمن عالميا ومحليا، كما أن ما يحدث في المنطقة المغاربية والعربية من تحولات عنيفة ومفاجئة ليست سوى مقدمات، لصدمات وتحولات أعنف في المستقبل، أما وهم الاستثناء المغربي، فسرعان ما سيندثر مع حكومة بنكيران نصف ملتحية الثانية، فليس في القنافذ أملس. والجماهير الشعبية لن تقف مكتوفة الأيدي حتى وإن ظلت مخدرة تخديرا موضعيا بجرعات من الخطاب الديني والايديولوجي الذي يتآكل بسرعة، فالباب أصبح مفتوحا أمام الهبات العفوية العنيفة وأمام الممارسات القمعية الدكتاتورية وأمام المزيد من التفسخ والبربرية.

إن اختيار توقيت مقايسة اسعار المحروقات لم يتم اعتباطا، فقد جاء قبل أيام من شن العدوان على سوريا والذي اصبح أمرا مفروغا منه بالنسبة للامبريالية والانظمة الكومبرادورية الرجعية، وهو العدوان الذي سيحلق بأسعار البترول عاليا والذي سينعكس مباشرة على مختلف الاسعار في بلادنا وسيعمق أكثر من معاناة الكادحين. انه دخول مدرسي وسياسي ممتاز ابتدأ بالحليب والنفط والبقية تأتي (طقوس الضيافة في المغرب تبدأ بالحليب والثمر)، في ظل انتظار غودو (النسخة الثانية من الحكومة نصف ملتحية التي استطال التشاور حول تشكيلها) كما لو ان الناس تترقب العصا السحرية التي ستحول بؤسهم الى ثراء. انك لو تحدثت مع أي كان من هؤلاء البرجوازيين الصغار الانتهازيين الذين يملؤون صفوف الاحزاب السياسية الانتهازية والمركزيات النقابية البيروقراطية فسيقولون لك ان الظرفية دقيقة وعلينا اجتيازها بحذر حتى لا تغرق السفينة بما فيها، فهم يفضلون رمي الجماهير الشعبية لقمة سائغة الى اسماك القرش لتخفيف وزن السفينة حيث تتحصن الطبقة البرجوازية الكومبرادورية المهيمنة وتعالج ازماتها على حساب الطبقة العاملة.


على المواطن أن يلجأ اليوم الى حلوله الذاتية لمواجهة غلاء الاسعار سواء بتقليص اختياراته المعيشية أو بتعويضها ببدائل اقل كلفة، لكن صيرورة التفسخ والتردي لن تتوقف.



#عبد_السلام_أديب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دعوة للتظاهر ضد الحرب الامبريالية على سوريا
- قراءة سريعة في طبيعة ازمتنا الراهنة
- الطبقة العاملة بيت الميثاق الاجتماعي الجديد والحوار الحكومي
- الطريق البروليتاري
- أزمة النظام الضريبي المغربي سنة 2013
- الاعتقال السياسي في المغرب قضية طبقية
- مؤامرة الحكومة البرجوازية ضد الطبقة العاملة عشية فاتح ماي 20 ...
- ماذا تنتظر الطبقة العاملة المغربية من الحكومة نصف ملتحية؟
- الطبقة العاملة في حاجة الى منظمة سياسية ثورية
- الثورة المضادة البرجوازية الصغرى على ثورة 1917
- بإعدامها لصندوق المقاصة تستهدف الحكومة قوت الملايين من الكاد ...
- ستالين في مواجهة البرجوازية الصغرى والبيروقراطيتين القديمة و ...
- لينين في مواجهة البرجوازية الصغرى والبيروقراطية
- تطلعات ثورية في الألفية الثالثة؟
- الاحتجاجات الشعبية والاحتقان الاجتماعي في المغرب
- الحركة الاحتجاجية لساكنة حي سيدي يوسف بنعلي بمدينة مراكش
- السياسات العمومية وأثرها على القدرة الشرائية للكادحين
- ميادين الصراع النقابي بين الطبقة العاملة والبيروقراطية النقا ...
- أي عمل نقابي نريد وبأية آفاق؟
- الحكومة أحرقت ما تبقى من القدرة الشرائية وبنكيران يريد حل ال ...


المزيد.....




- صدمة في الولايات المتحدة.. رجل يضرم النار في جسده أمام محكمة ...
- صلاح السعدني .. رحيل -عمدة الفن المصري-
- وفاة مراسل حربي في دونيتسك متعاون مع وكالة -سبوتنيك- الروسية ...
- -بلومبيرغ-: ألمانيا تعتزم شراء 4 منظومات باتريوت إضافية مقاب ...
- قناة ABC الأمريكية تتحدث عن استهداف إسرائيل منشأة نووية إيرا ...
- بالفيديو.. مدافع -د-30- الروسية تدمر منظومة حرب إلكترونية في ...
- وزير خارجية إيران: المسيرات الإسرائيلية لم تسبب خسائر مادية ...
- هيئة رقابة بريطانية: بوريس جونسون ينتهك قواعد الحكومة
- غزيون يصفون الهجمات الإسرائيلية الإيرانية المتبادلة بأنها ضر ...
- أسطول الحرية يستعد للإبحار من تركيا إلى غزة


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد السلام أديب - هل هو الخوف أم مفعول تخدير حكومة بنكيران نصف ملتحية؟