أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حيدر طالب الاحمر - جنيّة الباص














المزيد.....

جنيّة الباص


حيدر طالب الاحمر

الحوار المتمدن-العدد: 4208 - 2013 / 9 / 7 - 13:12
المحور: الادب والفن
    


تصعد الى الحافلة بخطى ثابتة ترتفع بنظرها بحثاً عن مكان تلجأ إليه وكرسي تجلس عليه وسط كومة من الكراسي الفارغة، فتختار مقابلتي قرب النافذة بكرسي في نهاية الحافلة، تسند إحدى يديها على قبضة الكرسي بينا الثانية تلامس بها زجاجة النافذة كأنها تبحث عن يدٍ تمسك بها... وتستقر بجلستها...تنظر حولها فتصيبني بنظرة عابرة لا تخلو من سهام جارحة بملىء وجهها !!! ياإلهي!!! ...
ماهذا؟
مالذي أصابني؟
ماهذا الوجه الملائكي؟
رحت أحاول أن الملم اوراق بدني التي تناثرت بصورة وجهها التي صعقتني بها...لم أرى مثل جمال وجهها الفتان سوى في الخيال ...لابل حتى في الخيال لم أتخيل ذلك.
شعرها الذهبي سقط على كتفها كما تسقط أشعة الشمس على الظلام ... رحت أتأملها، وهي تهدل شعرها جانبا، ثم تضمه بيدها خصلة كبيرة واحدة، وترفعه عن عنقها، والضوء الخافت من أعلى زجاجة السيارة ينعكس عليه فيحيله لآليء رائعة، وجهها كما الدر النفيس الذي تحتضنه الوسائد حرصاً على خدشه... درُ نفيس لايختلف عن سواه إلا بالحياة...!
العينيان النجلاوان كحبتا زيتون تونسيّ، تُظلل عليهما سعفتان لشجرة موز بدت بهما كواحة في صحراء تلّظ الرمال حولها ، تجلى في صفائهما التعالي والإقدام مرسومتان على وجها تجسم فيه الحسن والكبرياء فيه من دواعي الفتنة، بقدر ما فيه من نوازع الهيبة، أما أنفها ذلك الشيء الحاد الصغير المتناسق مع ما حوله، مستقر فوق شفتان لعساون لا تنظر لها الى وتتمنى اللقاء بهما، فكيف أصف الكرز أو تينة بلون الفراولة الممتلئة المختنقة التي تبحث عن الثورة والربيع الذي يشق ما حوله من موت ليحيله حياة ... يطوقان فمٌ مملوء بالدُر بانت من انفراج ثغرها ملامحه، لتنحدر اراضيها من سفح الشفاه التي سالت منها سيول الشهد الاحمر ليعود ويرتفع مرة أخرى ليفتح مجرى جديد ليجري به الفائض من رحيق الشهد ليتصل بجيّد قائم مصقول من كل جوانبه فلا يعكره صفوٍ ولا تعكير سوى حبة عدسٍ سوداء على الجانب الايمن لخدها لتكون مرتكز يحوي كل المجرات التي في الكون كما النجمة في سماء ليل داجٍ وكالشمس في رائعة النهار، جيّد ليس له وصف سوى انه يشبه عنق جونو (زوجة جوبيتر) ... جيدُ لايحمله سوى الملائكة المخلدون في الجنان العلا، لا تعرف مَن يحمل مَن ...! هل يحمل الرأس ؟ أو ممسك به الرأس حرصاً وحباً به؟
أنظر بين الفينة والفينة إلى ذراعها الجميلة البضة العاجية التي تستند إلى مسند المقعد استنادا رفيقا، وتارة إلى ذلك النحر الذي يفوق ذراعها جمالا يزينه نهر من عقدٍ ذهبي يكاد يخنقه، لن انزل في الوصف اسفل الجيّد، فالكتفان التي تشبه اكتاف نحتها كانوفا لاجساد نسائه الرخامية التي تحاكي السحر، تحتضن بشدة صدرٍ يكاد ينبثق منه جبلا بركان على وشك الانفجار متساويتان في ركزهما، صنعهما الخالق بدقته التي لامثيل لها شوامخ ثابتات لايهزهما ريح او عاصفة، تنحدر منهما على بطن ممشوقة تستطيع ان تتخيلها بكل دقة، جمالها المستور وخصرها الذي لايبعد شبهاً عن قبضة الكأس والذي يظهر عند تمايل ذلك الجسد الساحر...سبحان الله.
لن أقول لك أكثر من ذلك فقد رُص اسفل جسدها كبنيان تحت تلك التنورة الطويلة التي تغطي ساقان مبرومتان برماً تستطيع ان تتصورها ...
حركت إحدى يديها لتضغط بزرٍ قرب النافذة إشتعل به ضوءُ احمر قرب السائق نبهه لشيء... اوقف السيارة لأجله، نهضت أفروديت (آلهة الجمال) تحمل جسدها تسحبه بخطوات تقطع بها الطريق لتنزل من الحافلة، تنهي بها خطاها على الرصيف قرب باب السيارة التي تغلق ببطء فتنطلق الحافلة كما لاتريد ذلك، وأمرُ من قربها فتتلاقا عيناها عيني كما الاحجية التي تمت بآخر حجر ... فتبتعد مرة أخرى عني ولا ازال بها واجماً، أنظر بلا رؤية لما حولي حتى أمسى الباص فارغاً سواي، انتبهت في ذلك الحين وأنا مستغرب فقد تجاوزت كثيراً طريق بيتي ولم أفطن على ذلك، نهضت بسرعة لأنزل في نهاية الموقف عسى ان أركب باص يعيدني الى بيتي الذي لم استطع ان اعود له...



#حيدر_طالب_الاحمر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الخطوط البرتقالية
- اللغز
- علي الأديب ... والوزارة !!!
- الجواهري يشكر ... جوجل
- ج2.سلسلة أشهر اليهود العراقيون
- سلسلة أشهر اليهود العراقيون
- مرثية قاسم عجام
- التغييّر بالمنصة
- أحلى صباح في حياتي
- التعليم العالي العراقي وفشل المرحلة
- المشهد الأخير
- رسالة إلى وزارة الصحة العراقية لطفاً بالعراقيين
- الرسائل الالكترونية المفخخة
- السجن
- المفوضية المستقلة في العراق وانقيادها!
- تمويل الانتخابات العراقية
- التعليم الالكتروني وفوائده
- المسيب عشق الفرات
- الهنود والتكنلوجيا
- الحضارات القديمة والعولمة


المزيد.....




- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...
- الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟
- “جميع ترددات قنوات النايل سات 2024” أفلام ومسلسلات وبرامج ور ...
- فنانة لبنانية شهيرة تتبرع بفساتينها من أجل فقراء مصر
- بجودة عالية الدقة: تردد قناة روتانا سينما 2024 Rotana Cinema ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حيدر طالب الاحمر - جنيّة الباص