|
الجهاد الجنسي بين الفقه والباثولوجي ..
قاسم حسن محاجنة
مترجم ومدرب شخصي ، كاتب وشاعر أحيانا
الحوار المتمدن-العدد: 4208 - 2013 / 9 / 7 - 13:11
المحور:
الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
الجهاد الجنسي بين الفقه والباثولوجي .. قديما وحديثا ، تهتم الجيوش بالجانب اللوجستي لحروبها . ويشمل هذا الجانب من بين أمور كثيرة جدا الاكل ،الشراب ، التنقل والذخيرة . لكنني لم اسمع عن تزويد الجيش بالخدمات الجنسية وذلك من ضمن واجبات القيادة تجاه جنودها . وتاريخ الحروب مليء بالجرائم التي ارتكبها الغزاة بحق الشعوب المهزومة ، ومن ضمنها عمليات الاغتصاب للنساء والفتيات من الطرف المهزوم . ولم يكن لدى المنتصر اي اعتبار لدين المهزوم ، حتى لو كان من نفس دين المنتصر . وتاريخ المسلمين فيه الكثير من الشواهد ، ولعل استباحة المدينة المنورة لجيش يزيد بن معاوية ، خير مثال على ذلك . اذن ، وجد الجيش في نساء المهزوم ، "مزودا " ومشبعا ل"حاجته " الجنسية ، عبر عمليات اغتصاب واستباحة لنساء "العدو " . ولم تتقيد الجيوش بشكل عام بمنظومة قيمية اخلاقية في تعاملها مع المهزوم . فالخاسر يخسر كل شيء ، بما في ذلك كرامته الانسانية . وويل للمهزوم ، كما قال الرومان قديما .. لكن ... وعلى الاقل ظاهريا ، نشأت هناك حاجة لتقنين سلوكيات الجيوش ، فكانت المعاهدات والاتفاقيات الدولية ، التي تحدد سلوكيات التعامل مع الاسرى والواقعين تحت حكم عسكري ، وقيدت "حرية " المنتصر في افعاله وتصرفاته . وحيث أن من يخوض الحروب ايضا ، هم مجموعات مسلحة عقائدية ، لا تتعامل وفق القوانين الانسانية ، وانما تنصاع لمرجعيات دينية في حربها ، لذلك نرى "مجموعات جهادية " تلتزم بفتوى يصدرها "مرجع ديني " خاص بها . فالفتاوى وبالنسبة لهم ، هي القانون الذي ينظم سلوكهم وحياتهم . وبما أن الطيور على اشكالها تقع ، فالمفتي يسارع في تلبية رغبات جماعته ، ويجد تسويغا فقهيا لرغباتهم ، ولو كانت شاذة ومنكرة ، وأُذكركم بفتوى توسيع الدبر على سبيل المثال ، والتي شرعنت اللواط بين مجموعة من "المجاهدين " . فهذه المجموعة ارادت أن تلوط بزميل لها ، فكان لدى شيخهم مبرر شرعي "لرغباتهم " . وبالمقابل فرجال الفقه والافتاء ، يقررون بأن الفتوى وبشكل عام ، غير ملزمة لعامة المسلمين ، وأنما يعمل بمقتضاها ، من يؤمن بها ومن يطلبها . وهنا يتبادر للذهن ، سؤال هام وحقيقي : من الذي يستجيب ويلتزم بالفتاوى الشاذة ، الغريبة والمُنكرة ولماذا ؟ وكم عددهم ؟ ولكي لا نخوض في جدل فقهي ،فأننا نتفق مع القائلين بأن "فقهاء " السلفية المعاصرة وفقهاء الوهابية ، نشروا وكرسوا فقها لا يرى من المرأة ، الا "ما بين فخذيها " ، وحولوا المرأة الى سلعة استهلاكية ، يتمتع بها الذكر ، انى وكيفما شاء ، وعليها أن تؤدي وظيفتها بخنوع وطاعة وقبول . ومع ذلك ، من هن النساء والفتيات ، اللواتي استجبن لفتوى جهاد النكاح ، ولماذا ؟ تناقلت وسائل الاعلام ، قصصا لنساء وفتيات "شاركن " في الجهاد الجنسي ، ومن قصصهن يمكننا التوصل الى بعض الاستنتاجات غير القطعية ، لكنها تُعطي صورة وتُلقي ضوءا على هذه الحالات . اولا ، وكما ذكرت وسائل الاعلام ، فأن رجالا استدعوا زوجاتهم للمشاركة في هذا "الجهاد " !! فهذا الزوج ، بنى علاقته بزوجته على أساس أنها عبدة عنده ، يملكها ويملك جسدها ، وعليها طاعته وتنفيذ أوامره حرفيا . وهذا هو حال الكثرة من "الزيجات " العربية ، لكن أغلب الرجال العرب ، يعتبرون نسائهم كذلك ، شرفهم الذي يجب أن يُصان ، وتجب حمايته ولو بالدم ! اذن ، فمن يستدعي زوجته "للجهاد " ، قد فقد ، احساسه بكرامته الانسانية مسبقا وسلفا ، لا يحترم نفسه ولا كيانه العائلي ، يرى في زوجته اداة ووعاء لاشباع رغباته الجنسية ، وخادمة تقوم على خدمته فقط . ليس للعلاقة الانسانية دور في حياته ، علاقته بها مبنية على العنف الجسدي والقمع الوحشي ، لأنه لا يعرف ، لا يشعر ، ولا يحس ككائن أنساني !! تُرى لماذا ؟؟ لن نُطيل في تحليل الظاهرة ، لكن العلم يُخبرنا عن خلل في الشخصية ، وهو الشخصية الضد اجتماعية . أو انتي سوشيال بيرسوناليتي . أما "زوجته " ، فقد تعرضت لعنف متواصل "عنف جسدي وجنسي" ، بحيث اصبحت محكومة بالخوف . وتحولت الى الة ليس لها مشاعر ، ولا تستطيع التمرد !! "الله يكون بعونها " . أما بالنسبة للمراهقة التي تحدث عنها الاعلام ، ففي رأيي ، فهذه الفتاة هربت من "جحيم " حياتها ،وارادت أن تُعاقب جلادها !! عدا عن ذلك ، فأن المراهقين والمراهقات ، يخوضون غمار مغامرات ، غير عابئين لعواقب الامور ، كل ما يدفعهم هو ، اشباع حاجتهم للمغامرة ، لذا فهم صيد سهل ، وأداة طيعة في ايدي المجرمين !! الاستجابة للفتوى المجنونة ، كانت ضئيلة جدا ، لأن شخصية انسانية سوية ، لا يُمكن أن تكون جزءا من فكر مرضي . ولو استجابت كل المؤمنات والطامحات بثواب الاخرة لهذه الفتوى ، لخلت بيوت المسلمين من النساء !! ما زالت مجتمعاتنا ، ورغم كل أمراضها الاجتماعية ، ما زالت سوية بشكل أو بأخر ، وما ردة الفعل الرافضة والمستهجنة لهذه الفتوى ، هي الدليل على صحة ما نقول . لا يعني هذا ، أن نسكت على فتاوى التسليع للمرأة ، وعلى الكيانات النسوية أن تأخذ دورها الفاعل والجريء في محاربة هذه الفتاوى وما يشاكلها . الصراع في ايامنا هذه ، هو صراع على سلامة وصحة مجتمعاتنا النفسية والجسدية . .
#قاسم_حسن_محاجنة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سرديتان من الواقع السوريالي .. البغل يرتدي بنطلونا..!!
-
الدكتاتوريات المُستبدة والمُعارضات اللامسؤولة .
-
سُكارى وما هم بسُكارى ..!! أو شخصيات تُعجبني ..
-
هلوسات ....!!
-
عدو عدوي صديقي ..
-
ديماغوغية رقمية !!!
-
قطبا الحكم في النظام الديموقراطي
-
تضامن ومناشدة
-
اعوذ بك من علم لا ينفع ...!!
-
الارض المحروقة و-صيد الساحرات -...
-
-دكتاتورية - العلمانية ..-وديموقراطية - الاصولية ..!!
-
مغسلة الكلمات
-
مظهر واسلام ...مظهر الاسلام المعاصر
-
جدلية حقوق المجرم وحقوق الضحية
-
السياحة الجنسية ...
-
-اقتصاد -الابراج !!!
-
اقصاء النساء من مواقع اتخاذ القرار 2 ....الاحزاب العربية بين
...
-
زغلولشتاين ونجوان ... العجز والاعجاز!!
-
ديناميكية رفض المخالف والمغاير ..
-
خير اجناد الارض .... العوا ومعمر القرضاوي !!
المزيد.....
-
سقط سرواله فجأة.. عمدة مدينة كولومبية يتعرض لموقف محرج أثناء
...
-
-الركوب على النيازك-.. فرضية لطريقة تنقّل الكائنات الفضائية
...
-
انتقادات واسعة لرئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي بسبب تصريح
...
-
عقوبات أمريكية جديدة على إيران ضد منفذي هجمات سيبرانية
-
اتحاد الجزائر يطالب الـ-كاف- باعتباره فائزا أمام نهضة بركان
...
-
الاتحاد الأوروبي يوافق على إنشاء قوة رد سريع مشتركة
-
موقع عبري: إسرائيل لم تحقق الأهداف الأساسية بعد 200 يوم من ا
...
-
رئيسي يهدد إسرائيل بأن لن يبقى منها شيء إذا ارتكبت خطأ آخر ض
...
-
بريطانيا.. الاستماع لدعوى مؤسستين حقوقيتين بوقف تزويد إسرائي
...
-
البنتاغون: الحزمة الجديدة من المساعدات لأوكرانيا ستغطي احتيا
...
المزيد.....
-
الجِنْس خَارج الزَّواج (2/2)
/ عبد الرحمان النوضة
-
الجِنْس خَارج الزَّواج (1/2)
/ عبد الرحمان النوضة
-
دفتر النشاط الخاص بمتلازمة داون
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (مقدمة) مقدمة الكتاب
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (3) ، الطريق المتواضع و إخراج
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
ثمانون عاما بلا دواءٍ أو علاج
/ توفيق أبو شومر
-
كأس من عصير الأيام ، الجزء الثالث
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
كأس من عصير الأيام الجزء الثاني
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
ثلاث مقاربات حول الرأسمالية والصحة النفسية
/ سعيد العليمى
-
الشجرة الارجوانيّة
/ بتول الفارس
المزيد.....
|