أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي دغمان - (مو)قف














المزيد.....

(مو)قف


علي دغمان

الحوار المتمدن-العدد: 4208 - 2013 / 9 / 7 - 11:34
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


جرت العادة أن نُسجِّل موقفنا اتجاه القضايا التي نُعايشها، سواء الداخلية منها أو العربية أو العالمية، بنبرة تقترب إلى الفضول والتدخّل في شؤون الغير، أكثر منها مشاركة ذات فاعلية ينتظر من ورائها فائدة تذكر؛ موقف برّرناه بدواع تعلو مُؤشِّراتها أو تنخفض، بحسب درجات وعينا بالقضايا ونوعيتها، حتّى نُثبت صوتنا في مُعترك الأحداث المحطية بنا، رغم سابق معرفتنا من أنّ صوتنا(= صمتنا) لن يُغير في دولاب الأحداث شيء(اً)، كما أنّه لا فرق بين الصمت والكلام لمن تحدّد، سلف(اً)، الإطار الذي ثُبِّتت عليه صورته، بنوعية وكمية محفوظة ضدّ التغير والتّجدّد، غير أنّه جرى الاتّفاق على وجوب إبداء موقف، لا يهمّ إن تأرجح كالبندول بين الإيجاب والسلب، كما إنّه لا يهمّ وزنه من خفّته، فالذي يهمّ فقط، أن تُوقِّع موقفك في سجل التاريخ، كأنّه طقس جديد للتّحلل من خطئية أو ذنب، أو ربّما قد ينحصر فقط في خانة: «[...] وذلك أضعف الإيمان» تماشي(ًا) مع الحديث الشريف[...]، سُمي هذا الموقف، بـ: «الموقف الإنساني».
جرت العادة، أيض(اً)، أن نُسارع إلى إبداء موقنا الإنساني؛ بتسارع يُبرِّر مزاجيتنا اتجاه قضايا تتطلّب، على الأقلّ، وعي(اً) وحضور(اً) بمعنى: "فقه السياسة"، فيما لا نمتلك غير عصبيتنا التي تُحرّك اندفاعنا وحماستنا. كما جرت العادة، أيض(اً) أن ننجرّ اتّجاه القضايا الفاشلة؛ إذ نمتلك حسًّا فائق(اً)، نحن الشعوب الفاشلة، في التعرّف على القضايا الفاشلة، أو تعريضها للفشل، وهو حسٌّ ارتضيناه لأنفسنا، منذ أن صار الفشل وشم(ًا) يُحدِّد هويتنا، كما يُحدِّد موقعنا في سلم التمدّن؛ ارتضيناه كنوع من التعويض عن تمزّق الذات، فصرنا نُفتِّش عن القضايا التي تُكرِّر جرحنا؛ خيبتنا وتكسّرنا، كأنّه نوع من رثاء الذات، أو تكرار لذة ألمها حتىّ نعرف الانعتاق والسكينة أخير(اً)، تماشي(اً) مع معنى المثل العربي: "الثكلى تحنّ للثكلى"، غير أنّ العربي مملوء بالتناقضات، كلغته، وذهنيته، وتركيبته النفسية والسلوكية، التي تنحت من ذاته دليل(اً) على تشوّه إنسان العصر؛ الهامشي، وعبثه القائم على الـ(لا)جدوى؛ سقوط المُثل العليا والقيم، إذ يتردّد في المقابل، وبلهجة أقوى، مثل آخر، عربي، أيض(اً)، يناقض المثل الأول، بنبرة تكاد تجعلنا بصورة أقرب إلى التشفّي، منها إلى المواساة، حين يُردِّد معنى: "ليست النائحة الثكلى كالمستأجرة"، ممّا يجعلنا نبدو بمظهر "الضيف" ثقيل الظلّ، فيكون ردّ الفعل مماثل(اً) لردّ فعل المناصرين حين استبدلت مباراة "الريال" بخطبة "الرئيس"..
حق(اً) يُعدُّ الموقف الإنساني سمة "إنسانية" بامتياز، تعكس درجة مثالية ورقي صاحبه، بل تنحت منه صورة مُتجدِّدة لتمثال إنسان المدنية الراقي، الذي أخذت صورته تتشوّه نتيجة عنجهية مزمنة، لا يوقفها غير رجّة قوية من نوعية: الزلزال والبراكين، أو الحروب والموت بالحزم والأكداس، حتىّ يستيقظ فيه شعور "الإنسانية" فيعلن موقفه، غير أنّ السياق؛ السياق الذي ينتشر منه الموقف، هو وحده من يُوقِّع نجاح، أو هدم الموقف نفسه؛ فنحن أبعد من أن نعدّ "إنسانيين" فنشارك "الإنسان" خيباته وطموحاته؛ إذ لا زلنا نتحاشى عيون العالم هرب(اً) من تُهم تشم جباهنا؛ إذ لا زلنا إرهابيين وشعب(ًا) بربريّ(ًا) مستوحش(ًا) ينقاد لسياط الكلمات/ أو للسياط بالكلمات، ولم نعدّ يوم(ًا) جز(ءًا) من الحضيرة المُسمّاة بـ"العروبة"؛ إذ لازلنا نحافظ على نمط الحياة التي نحتها فينا الاستعمار بإزميله الصدئ، فأعاد تشكيل أرومتنا: ذهنًا وسلوكًا وفعالية؟..
وعليه، فنحن أقلّ من أن نبدي موقفنا الإنساني، وأبعد من أن يستمع إليه الآخر؛ لأنّه سيحصل معنا ما حصل مع: سارتر، وفانون، وجيد، إذ بحثوا عن مُبرّرات خيباتهم في معاناة الآخر، كنوع لرثاء الذات أو جلدها في عيون الآخر المُتكسّر بسبب توقّعاتهم الهمجية، وأغفلوا دواعيها؛ وهي: ذهنية المتعالي القمعي، أوالكولونيالي، كإطلاق لسلطة المستعمر، وما بعد الكولونيالي، كإطلاق للنظام، بل على الأنظمة جميعها، التي تدوس رقابنا، فانتشرت أصواتهم صامتة؛ لأنّها صدرت من قاع القمقم، تعالت، وارتفعت زمن(ًا)، غير أنّها ما فتئت متهاوية كنتف من الرماد؛ لأنّها تناولت قضية "الموقف الإنساني"؛ وهي قضية تفوق قدراتنا الضحلة؛ إذ لا زلنا نفتّش بعد عن مبرّرات وجودنا بـ: "القوّة"، أي لا زلنا متوقّفين عند مرحلة "البداوة"؛ نُفتّش عن ذواتنا؛ دواعي ومُبرّرات ذواتنا؛ وفي كلمة؛ نُفتّش عن وطن لنا، غير أنّ الطريق إلى هذا الوطن صعب وشاق..
وعليه، فقضية "الموقف الإنساني" لا تهمّني إطلاق(ًا)، خاصّة ونحن في عصر يُؤمن بمفهوم الدولة؛ دولة الفرد بمفهوميها: الوجودي والجينيالوجي الحديثين، لا دولة الجماعة بمفهوميها القبلي والوجداني، الذين تنجرّ عنهما مقولات: القبيلة والبداوة والعصبية والعنجهية المزمنة والقومية والدين[...]، لذلك فمفهوم الوطن، وابتناء وطن، أصبح أولويتي، بل محنتي الوحيدة؛ لأنّ الوطن وحده من يُحدّد مدى كينونتي، التي تتحدّد بمدى حضوره على الرقعة الحضارية والسياسية في العالم، حينها، فقط، استشعر المشترك بيني وبين العالم؛ وهو الإنسانية بجميع أبعادها التي تتخطّى حدود: الجنس والعرق والطائفية، والمركزية، وحينها، فقط، يهمُّني إبداء موقفي اتجاه العالم؛ لأنّني على يقين من أنّه يتحرّق شوق(ًا) لسماعه..
وحتّى ذلك الحين سأختار "الصمت"..
- هامش
تعكس حركة: المدّ والتنوين بين المعقوفين(اً) مدى تناقض الذات العربية، إذ تُوهم بالمبالغة في الأهمية؛ فالعرب تنصب الأهم، والتنوين "أيقونة" تفوّق العربية على سواها من اللغات الأخرى، بينما هي حكاية جلد الذات؛ كنوع من التعويض لعقدة الفشل المتكرر، أو الصغار أمام عصر "التألّه"؛ تأله إنسان العصر، الغربي على نحو أكثر تحديدًا، نتيجة إنجازاته التي تُمثِّل فتحًا جديدًا لمدى تجاوزية العقل، والخيال المبدع.



#علي_دغمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التنديد ب -خطاب- رئيس الحكومة الجزائرية
- ما بعد الخطاب السياسي الموجّه


المزيد.....




- مصدر عراقي لـCNN: -انفجار ضخم- في قاعدة لـ-الحشد الشعبي-
- الدفاعات الجوية الروسية تسقط 5 مسيّرات أوكرانية في مقاطعة كو ...
- مسؤول أمريكي منتقدا إسرائيل: واشنطن مستاءة وبايدن لا يزال مخ ...
- انفجار ضخم يهز قاعدة عسكرية تستخدمها قوات الحشد الشعبي جنوبي ...
- هنية في تركيا لبحث تطورات الأوضاع في قطاع غزة مع أردوغان
- وسائل إعلام: الولايات المتحدة تنشر سرا صواريخ قادرة على تدمي ...
- عقوبات أمريكية على شركات صينية ومصنع بيلاروسي لدعم برنامج با ...
- وزير خارجية الأردن لـCNN: نتنياهو -أكثر المستفيدين- من التصع ...
- تقدم روسي بمحور دونيتسك.. وإقرار أمريكي بانهيار قوات كييف
- السلطات الأوكرانية: إصابة مواقع في ميناء -الجنوبي- قرب أوديس ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي دغمان - (مو)قف