أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أماني فؤاد - البناء الروائي في -عاشق تراب الأرض-للروائي :أحمد الشيخ















المزيد.....

البناء الروائي في -عاشق تراب الأرض-للروائي :أحمد الشيخ


أماني فؤاد

الحوار المتمدن-العدد: 4207 - 2013 / 9 / 6 - 19:12
المحور: الادب والفن
    


البناء الروائى فى "عاشق تراب الأرض"
د. أمانى فؤاد
• ينقسم البناء الروائى فى نص "عاشق تراب الأرض للروائى أحمد الشيخ والذى صدر عن روايات الهلال إلى ثلاثة أجزاء:
(1) فى الجزء الأول يحكى الروائى من خلال سارد مأزوم مأساته الكبرى والتى طبعت حياته جميعها بنوع من البؤس والشقاء، والشعور بالحرمان بعد أن فُصِل عن أمه وعاش مع أبيه وجدته وجده لأبيه، ومع زوجة أب، لم يجد لديها الحنان الذى حرم منه إلى الأبد، بعد أن تزوجت أمه وصار لها أولاد من رجل آخر ولم تطلب أن تراه طيلة حياتها.
يصور هذا الجزء مشاهد وأحداث ومواقف حدثت لهذا الطفل، ثم الشاب، فالرجل حتى وصوله إلى سن الشيخوخة المبكرة كما يذكر.
ويتكون هذا الجزء من فقرات من السرد تتحول إلى استبطان ذات والغوص فى مكبوتاتها وتحليلها النفسى والاجتماعى؛ لإبراز وطأة الحرمان والفقد "فقد الأم"، والسارد لم يزل طفلاً رضيعاً يستمر هذا الشعور بالحرمان والفقد وعدم التحقق مع رحلة الشباب والرجولة؛ لاستمرار الشعور بالإخفاق على المستوى المهنى والمستوى الأسرى الاجتماعى لشخصية السارد، يتخلل هذه الرحلة رغبة قوية فى التحقق والنجاح، ولقد تم تحقيق ذلك بالفعل على مستويات متعددة، فشخصية النص مبدع له كتاباته ونجاحاته. لكنه يعانى من بعض الظواهر المجحفة التى تنال الكتاب.
(2) الجزء الثانى من البناء الروائى مجموعة من المنامات والأحلام: منامات ناعمة البدايات، وكوابيس، وربما مجموعة من الأحلام البينية بين اليقظة والنوم، وجميعها تبدو كظلال ضبابية لرحلة عمر ممتدة ومتنوعة الخبرات مرت بشخصية العمل الرئيسية، وتلعب على أوتار محورية بتجربة حياة مكتملة، حياة مهنية لكاتب، وتجربة حب ثم ارتباط عاطفى وزواج، تجربة الأبوة والمسئوليات التى تقع على كاهله تجاه الأبناء، ثم تجربة المرض والشعور باقتراب نهاية الأجل، تجربة تهميش من الأسرة، الأم والأولاد، أو تخلى عن المسئوليات من شخصية السارد.
وأتصور أن بعض الفقرات السردية تتماس بالفعل مع نقاط من السيرة الذاتية للروائى أحمد الشيخ، وهناك بعض الشفرات التى تحيل إلى ذلك مثل عمل السارد، أصوله الريفية،بعض الإشارات لمراحل ومشكلات من حياته المهنية والأسرية.
(3) يتبدى الجزء الثالث من البناء الروائى فى مجموعة من القصص القصيرة التى تندرج فى منظومة هذا النص الذى يظهر تحت مسمى الرواية مثل: قصة عفت الطنبور أو مصطفى فاضل، أو الأخوات الثلاثة، أو الفلاح الذى أجاره الجد عبد القادر الضرير، أو الشاعر ذو العاهة الصوتية. وهى لا تنفصل عن السردية سوى ببعض الفواصل الطباعية، لكنها لا تأخذ عنوانات منفصلة.
قد أتساءل ويتساءل معى القارئ ما هى المنظومة التى جعلت الروائى يضم ما قد يبدو شتاتاً فى كيان واحد، وربط هذا بثورة 25 يناير وما حدث بها. وعلاقته أيضاً بعنوان العمل "عاشق تراب الأرض".
• أتصور أن هناك خيطاً عميقاً فى ذهن الروائى استساغ هذا البناء الفنى المراوغ، فإن عوَّلنا على الرمز المفتوح لاستطعت أن أقول أن شخصية السارد الذى حرم من أمه هو كل ابن لمصر، مصر الوطن الأم التى تخلت عن أولادها وبناتها منذ سنين بعيدة منذ توالى على حكمها صنوف متباينة من القادة النفعيين، الذين لم يعنيهم سوى أطماعهم من وقت الملكية فى قصة "ثور الهانم والباشا" إلى وقتنا هذا، وحتى إشعار آخر، ستون عاماً بعد الملكية ونحن نعانى الثورات دون تصحيح جذرى، كأننا جميعاً عانينا اليتم والوطن على قيد الحياة، فتصبح شخصية السارد امتداداً بتنويعاته على نماذج بشرية متعددة تعانى جميعها من إخفاقات متباينة، كأن السارد رأس وله أذرع متعددة متمثلة في شخوص القصص المكملة للنص الأصلي.
شاب السرد فى الجزء الأول من النص اعتماده على كثير من الفقرات الوصفية والتكرار الذى أصاب النص ببعض الترهلات.
فى ص23 علي سبيل المثال يستغرق الروائى فى ظاهرة من الظواهر النفسية أو ما يتعلق بأحلام اليقظة أو المنامات ويستمر فى وصفها، لنفس ذات المشاعر التي يصفها ويحللها، أو التى تتوالد من بعضها البعض، دون إضافة واضحة تنمى المشهد الواقعى أو الحلمى، بل تصيبه بالضبابية وقد يتسرب الملل إلى القارئ من تكرار نفس المعنى بأساليب مختلفة.
لكن يحسب لهذا النص الروائى ولع المبدع بصياغة أساليب رصينة وجمل ذات صياغة أسلوبية وبلاغية مبدعة، وهى فى حالاتها المفردة، لكن الملمح الذي لاحظته أن بعضها لا يتكاتف لغرض تنمية مشهد حيوى نابض بالدهشة أو التشويق، فالسرد فى مجمله يميل إلى الوصف لا الحركة، ويكاد يخلو من الحوار إلا نادراً. ومعظمه يميل إلى المونولوج.
وهنا قد نتساءل ما العناصر التى تدفع بالحيوية إلى بنية العمل الروائى؟ وهل الإبداع سرد للحياة، أم خلق الحيوات، وطرح أسئلة تقع فى مساحات تخلق موازاة مع الواقع بطريقة حيوية تتضمن صراعاً بأشكاله المتعددة، وربما يكون ما دفع الروائى إلى هذا الإسهاب الوصفى امتلاكه لسر دفين ومطوى، يؤلمه وينغص عليه حياته، نجاحاته، وإخفاقاته، وهو يسكن بكهوفه النفسية السحيقة وكأنه أحكم طيه فى طبقات متعددة وطيات لا حصر لها فى قطعة نسيج طويلة ممتدة بعمر السنوات، وليبوح به السارد من خلال القص تطلب الأمر أن يفض الطيات طية تلو الأخرى، ولذا شاب السرد بطرق متعددة اللعب على ذات الوتر دون تنمية، وكأن هذا السر هو شاغله الأوحد والذى طبع حياته بهذا التردد والمراوحة.
أجاد الروائى فى استخدام تقنيات سردية متعددة جعلت هناك توافقاً بين الشكل ومحتواه مثل:
1- استخدام المبدع لتقنية الأحلام التى تظهر بفقرات السرد ثم تهمش لتعود وتظهر، وربما يتكامل الحلم على مراحل متعددة؛ ويتداخل مع أحلام أخرى، كل هذا التكوين يدلل على العالم المتداخل والمتشابك الذى يطال جميع شخوص النص واحداً أو متعدداً،يجسد الحلم وطرق توزيعه بالنص الأزمة النفسية للسارد.
2- أيضاً حضور الروائى بذاته فى نهاية العمل، وكسر لحاجز الوهم الذي بدأه "برخت"في المسرح، هذه التقنية نوع من استكمال هذه البنية الروائية التى تعتمد على التداخل الذى يفضى بناء شخوصه جميعهم ومواقفهم ومعاناتهم إلى قيام الثورة التى قامت من أجل إصلاح أوضاع متردية ومستفزة للجميع.
3- يتنوع استخدام الروائى للمجاز والرمز والتشبيه وتأتى بعض هذه الأساليب لتصور الطقس النفسى الذى يسود جو النص كأن يقول "ومشاعرى التى كنت أتستر بها، وكأنها ثوب ممزق يغطينى وابتلاه الزمن الممطوط وقد أصابتنى المواجع" ص119، أو قوله "وقال الرجال للرجال على مسمع من الصغار، أن بطن جلالة الملك زادت اتساعات وأن سيرته زادت فساداً بسبب ثور الست هانم وثور الباشا" ص175.
4- نماذج الشخوص المقدمة بالعمل "السارد" "مصطفى فاضل" "عامل التليفون، عفت الطنبور" "مصطفى الطنبور" الأب"، مدير الفرع وزوجته، الثلاث أشقاء، الشاعر صاحب العاهة فى النطق، كلها نماذج توحى بأن العلاقة مع الآخر هى نوعاً من الجحيم، أقنعة لا تنتهى ودائماً ما تحتوى التناقض والتعدد، وحده السارد يبدو شخصية إيجابية ،وهو مايضع علامة استفهام أمام البناء الروائي لهذه الشخصية.
5- يرصد النص تحولات شخصية السارد ومحاولة لخلق شخصية إيجابية من خلال مقاومتها لإخفاقاتها ومحاولة النهوض بعد الكبوات المتعددة.
6- ضفر الروائى حياة السارد ومراحله مع مراحل حياة الأب، توهجه العملى، ثم هبوط منحنى أعماله وإنجازاته، ثم انعزاله ثم موته، وكأنها دورة معاناة تعاد وتتكرر مع الزمن، يجتمعا الآب والابن فى بعض المحاور وخاصة حين قدوم الإحساس بالموت.
يعتمد السرد على تقافزات زمنية متحررة تبدأ منذ لحظة الميلاد حتى الوصول إلى الشيخوخة المبكرة، وهى لا تأخذ خطاً زمنياً متصاعداً لكنها مشاهد متحررة من الترتيب المنطقى للزمن، كما أن الزمان الخاص بالشخوص يتقاطع فى حدث الإخفاق بأشكاله المختلفة،أعني فى حياة الشخوص المتعددة بالنص.
هذا ويعد الإيقاع الزمنى للسرد بطيئاً لاعتماد السرد على الوصف أكثر من الحوار وتراجع الحيوية الناتجة من تنامى المشاهد.
وعلى خلاف نصوص الروائى أحمد الشيخ السابقة يبدو المكان فى النص هو العالم الداخلى الخاص بشخصية السارد، فهو يحكى عن كهوفه النفسية أكثر من تجوله بالعالم الأثير لديه فى نصوصه السابقة، فضاءالقرية والصراعات التى تقع بين عائلاتها.
• يبدو إن إبداعات الروائى أحمد الشيخ تشد بعضها بعضاً، تستمر ظلال العوالم الأخرى فى النصوص السابقة له لتقع على أحدث نصوصه "عاشق تراب الأرض" فلم يزل أولاد عوف وأولاد شلبى والصراعات الدائرة بينهما ترمى بظلالها على معظم نصوصه مثل "الناس فى كفر عسكر" و"حكاية شوق" و"حكايات المدندش" و"أرضنا وأرض صالح" حتى نصه الأحدث.
ويبرع الروائى فى نثر خيط من سيرته الذاتيه ليضفره بالسرد فى أعماله كافة، كما أنه يشتق من ذاته بعضه، ويؤنسنه ليقيم معه حواراً يسترضيه أحياناً أو يوبخه أو يحاول أن يجد معه صيغة تفاهم، وهو ما يدفع ببعض الحيوية فى هذا العمل لاعتماده على الوصف التحليلى لنماذج الشخوص والمواقف.



#أماني_فؤاد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحدود في الأسلام والمعاصرة
- أشياء برع فيها الأخوان المسلمون
- روضة... هندسة القاهرة
- الصمت الصاخب بالموسيقي في -تانجو وموال- للروائية -مي خالد-
- بعيدا عن إطلاق الرصاص..
- سُحقاَ للتبعية
- الفانتازيا الذهنية بين روايتين صانع المفاتيح وعالم المندل
- المرأة والقهر المضاعف
- الإله في كتاب النحات
- الإعاقة بين الواقعية والفانتازيا
- صانع المفاتيح...سارق نار الفانتازيا الذهنية
- فطر عنيد
- كن اختيارك
- قراءة نقدية لحفيدات شهرزاد
- كلنا صرعي هذا الضريح..
- رجال بلون الحرباء
- لا للرفق بالقوارير
- دعونا نستولد منها ... الثورات
- الفن.. وخلخلة الضريح
- القهر والزمن فى الزينى بركات


المزيد.....




- هتستمتع بمسلسلات و أفلام و برامج هتخليك تنبسط من أول ما تشوف ...
- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أماني فؤاد - البناء الروائي في -عاشق تراب الأرض-للروائي :أحمد الشيخ