أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - محمد الحمّار - تونس وكل العرب: اليوم سهرٌ وغدا أمرٌ














المزيد.....

تونس وكل العرب: اليوم سهرٌ وغدا أمرٌ


محمد الحمّار

الحوار المتمدن-العدد: 4201 - 2013 / 8 / 31 - 19:36
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


بالرغم من أننا لا نتّهم الشاعر أبو نواس ولا "النواسيين" من التونسيين بتأبيد المقولة الشهيرة "اليوم خمر وغدا أمر"، إلا أننا نشجب تقمص المجتمع للحالة النفسية والعقلية التي ورثها عن الأثر عموما، سواء كان هذا الأخير مستقًى من الأدب أم من التراث الديني (الخاطئ).

وتنطبق المقولة النواسية المعدّلة، بالتوازي مع انطباق عقيدة دينية خاطئة، على وضعية الشعب في الظروف الراهنة و التي تشهد فيها تونس أزمة حادة يسندها حراك سياسي غير مسبوق( ولو أنه يتسم حسب اعتقادنا بالعقم للأسباب التي سنشرحها لاحقا). وتتلخص الوضعية في سماح الناس لأنفسهم بالمتعة والتمتع، وباللذة والتلذذ، وبالسهر وإقامة الحفلات، اليوم قبل الغد وبلا مراعاة للوضع السياسي الشائك، لا المحلي ولا الإقليمي ولا الدولي. إنهم، نواسيًّا إن جاز التعبير، "يسكرون" الليلة ولا يأبهون لما قد يحصل غدا من مكروه. كما أنهم، دينيا، وبصفة معكوسة لِما ينبغي أن يكون، يعملون لدنياهم (لا لآخرتهم) كأنهم يموتون غدا.

نحن في هذا المستوى في قلب الإشكالية الأزلية التي تتخبط فيها لا فقط تونس وإنما البلدان العربية بأسرها إن لم نقل المجتمع العربي الإسلامي كله. ألا وهي مدى تأقلم الناس مع الواقع المعيش ومن ثمة مدى اشتغال العقل المجتمعي بتزامن (لازم) مع هذا الواقع ابتغاء تعديله و تطويره و تغييره.

وكنتيجة لأعمال استقرائية قمنا بها في هذا الصدد اتضح لنا إجمالا أنّ المجتمع يسير في واد وعقله في واد. وتبين لنا أيضا أنّ المِعول الأساس ذي المفعول السلبي على العلاقة بين الواقع المجتمعي والعقل المجتمعي، والذي يحرم الاثنين من التوافق والتناسق والتناغم إنما هو قضية "تطبيق الشريعة".

لقد سجلنا موقفين اثنين يبدوَان مختلفين لكنهما يؤشران على نفس الحالة من الجمود. ويصدر الموقف الأول عمن يسمون بالسلفيين والأصوليين والإسلاميين السياسيين، ويتمثل في كونهم ينتظرون اللحظة التي سيحققون فيها حلمهم بالصعود إلى سدة السلطة ومن ثمة التمكن من تطبيق الشريعة، بينما في الأثناء يسمحون لأنفسهم بالقيام بأفعال حتى لو كانت لا تجوز شرعا مثل الزنى بدعوى جهاد النكاح، وذبح المسلمين (سوريا) بتعلة استباحة دم المرتد والكافر، ناهيك الأفعال اليومية المشينة مثل الاحتكار التجاري والكذب والنفاق وعدم احترام حق الآخر وغيرها.

أما الموقف الثاني فيصدر عمن يفنّدون فكرة "تطبيق الشريعة" ويعتبرون أنّ الدين مسألة شخصية. ولئن يعمل هؤلاء ما في وسعهم للتموقع ضد الشق الآخر المطالب بالتطبيق فإنهم يشاركون خصومهم الانتظارَ المرَضي، انتظار أن يُحسم في أمر الهوية (لفائدتهم) كشرط ليتوقفوا هم أيضا عن اقتراف الأفعال السيئة التي لا يرضونها لأنفسهم، وهي عموما أفعال مشابهة لأفعال خصومهم، من حيث رداءتها ولاأخلاقيتها.

بكلام آخر، إنّ الشقين متفقين على أن يقبع كلاهما في مكانه منتظرا هزيمة خصمه لكي يدشن عصره الذهبي، إنْ عصر تطبيق الشريعة أم عصر تطبيق القانون الوضعي على التوالي. لهذا السبب ترى راشد الغنوشي (الشق الأول) مثلا يشيطن حزب نداء تونس وقائده (الشق الثاني) اليوم ويُبرئه غدا (الحديث لقناة نسمة). ولهذا السبب ترى الباجي قائد السبسي(الشق الثاني) يزعم استقلالية القرار التونسي للتوّ لكنه في الأثناء يتفاهم مع أطراف سياسية ومالية أجنبية لا تخفى أجنداتها على أحد.

بل و للسبب نفسه ترى الشعب العربي ينتظر أن يصبح عربيا بينما عَلمو، جزافا وإجحافا، أنه مطالب بأن ينتظر حتى يصبح مسلما. فهو يستاء ويحزن لما يحصل في بلد مسلم (أفغانستان) وفي الأثناء لا يبني مجتمعه آية قدرة تمكنه من تلافي أزمنة مماثلة قد تحل ببلد عربي. ثم يُستعمر العراق وينعاه الشعب العربي من دون أن يتحسب للمستقبل. وفي سنة 2011 (في 20 مارس/آذار، أي في نفس اليوم الذي اختل فيه العراق)، ينهال الناتو قصفا على ليبيا بدعوى لا أدري ماذا وبعنجهية لا تبررها إلا فظاعة الانتظار المكبل للإرادة وللعقل العربيين. وأخيرا (وقد لا يكون آخرا) هاهي سوريا تجني ما زرعه العقل العربي المنتظِر بينما الشعب ساهر وكأنّ الغد باهر.

والغريب في الأمر أنّ لا أحد من الشقين، المتأسلم والمتغرب، في المجتمع العربي، يجرؤ على إنجاز الاتساق بين العقل والواقع بطريقة تحوّل الصراع الحاصل بينهما من نهج الافتعال (إسلام/حداثة وإسلام/علمانية) وإعادة إنتاج الافتعال، إلى النهج الميداني المتوخي للمقاربات الفطرية والعقلية من أجل الحسم في ثنائيات طبيعية مثل جهل/علم، مرض/صحة، فقر/ ثراء، بطالة/ شغل، حرب/سلم، خطأ/صواب،حق/باطل وما إلى ذلك.



#محمد_الحمّار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نحن وأمريكا والربع ساعة الأخير
- تونس أكبر من الأحزاب وأغنى من النواب
- الإسلام السياسي فُضَّ فماذا بقي؟
- تونس ومصر: واقعٌ متأسلم ودامٍ، ونخب منتهية الصلوحية
- تونس: اقتراح بعث سلطة من الفكر الإسلامي لتعديل السياسة
- تونس: إنقاذ وطني بلا سلطة للتجديد الديني؟
- المجتمع والإخوان: طرقُ الباب بلا تطرّق إلى الأسباب؟
- مصر وتونس: انقلاب الضلالة أم انقلاب على العمالة؟
- تونس: على النهضة أن تغير اسمها أو أن تتحول إلى جمعية
- تونس: توحيد العقيدة التشريعية ضمانة الإنقاذ الوطني
- تونس: اعتصام الرحيل وعربة بلا سبيل؟
- لماذا هناك سلفيون وإخوان وما البديل؟
- الاغتيال السياسي في بلاد الإسلام والإسلام الموازي
- هل اغتيلت الديمقراطية باغتيال محمد براهمي؟
- هل من انقلاب علمي على الإسلام السياسي؟
- متى سيمرّ العرب من الديمقراطية التابعة إلى المصلحياتية؟
- تونس: باكالوريا أم امبريالية الرياضيات؟
- تونس: هل انقلبت علينا الديمقراطية؟
- تونس: هل التجديد التربوي مسألة مباهج أم مناهج؟
- من تحزب خان..


المزيد.....




- الهجمة الإسرائيلية المؤجلة على إيران
- بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ...
- أصولها عربية.. من هي رئيسة جامعة كولومبيا بنيويورك التي وشت ...
- مصدر التهديد بحرب شاملة: سياسة إسرائيل الإجرامية وإفلاتها من ...
- الشرطة الفرنسية تستدعي نائبة يسارية على خلفية تحقيق بشأن -تم ...
- السيناتور ساندرز يحاول حجب مليارات عن إسرائيل بعد لقائه بايد ...
- إعادة افتتاح متحف كانط في الذكرى الـ300 لميلاد الفيلسوف في ك ...
- محكمة بجاية (الجزائر): النيابة العامة تطالب بخمسة عشر شهرا ح ...
- تركيا تعلن تحييد 19 عنصرا من حزب العمال الكردستاني ووحدات حم ...
- طقوس العالم بالاحتفال بيوم الأرض.. رقص وحملات شعبية وعروض أز ...


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - محمد الحمّار - تونس وكل العرب: اليوم سهرٌ وغدا أمرٌ