قاسم حسن محاجنة
مترجم ومدرب شخصي ، كاتب وشاعر أحيانا
الحوار المتمدن-العدد: 4200 - 2013 / 8 / 30 - 11:59
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
لا يتذكر المرء متى كتب الكواكبي ،بالضبط عن الاستبداد وطبائعه ، لكن على ما أظن فأن طبائع استبداد هذا العصر العربي الرديء ، فاق ويفوق ما خطر ببال الكواكبي قبل اكثر من قرن . فالانظمة تستبيح كل الطرق والوسائل ، لكي تبقى مؤخرات رجالها ملتصقة بمقاعد الحكم . فكل شيء مباح ومستباح .
هذه الطبائع ورثتها المُعارضات ، بكل ترحاب وتتمسك فيها وكأنها "حبل أو جبل " تعتصم به من ما تخبئه الاقدار . ففي داخل تنظيماتها لا وجود للديموقراطية ، لا ..ولا للحرية الفكرية والتي هي الضامن الوحيد لضخ دماء فكرية جديدة . فالجمود وتقديس النصوص هو دين وديدن هذه المُعارضات من اقصى اليمين الى اقصى اليسار .
وبانتقال الدكتاتوريات الى سفك الدماء ، جارتها المعارضة في ذلك ، فهما في المحصلة النهائية توأمان سياميان لا تنفصم عراهما .
تجلى ذلك في عسكرة الحراكات الشعبية ، وتحولت هذه الهبات الشعبية ، في فترة قصيرة ، الى صدام مسلح ، لا يلتزم بأية قواعد .
اعلم ، بأن ما اكتبه هنا يبدو قاسيا للوهلة الاولى ، ويساوي بين المجرم وبين الضحية في الظاهر ، لكنني ازعم بأن الهدف من اسقاط المستبد ، هو في جوهره الاساسي ، اسقاط للقيم والمعايير التي استغلها المستبد ، لتثبيت اركان استبداده . فالثورات تهدف الى بناء شيء جديد على انقاض القيم القديمة ، وليس على انقاض الدولة الوطنية ، لا ..ولا على اهرام من الجثث .
أدت العسكرة الى فتح منفذ امام " محترفي القتل " من ابناء جميع القوميات ، التي تريد فرض رؤيتها السياسية على كل الحيز العربي الاسلامي ، لتنزل الى ساحة الصراع وتتصدرها ، بأفكارها وممارساتها والتي ليس لها مثيل في تاريخ "الذبح " البشري .
فبدلا من التراجع خطوة الى الوراء ، تقوم الدكتاتوريات بجر المُعارضات معها ، خطوات تصعيدية الى الامام ، يدفع ثمنها الشعب البسيط ، وهو نفس الشعب الذي يدعي كلاهما ( المستبد والمُعارض له ) ، يدعي حمايته وتحقيق أهدافه .
لا يعني كل هذا بأنه يمكن "أصدار " صك براءة للمستبد .. فهو المجرم الاول وينطلق من مصلحته الضيقة فقط .. وفقا لمقولة ..أنا أو الطوفان ..!!
لكن اين مسؤولية المعارضة ..
الاستعانة بالتدخل الاجنبي ، لن يؤدي الى استقلال وطني ابدا ..ومن لا يتعلم من الاخرين ، لا يحق له التحدث باسم الشعب ..
فالشعب لا يريد الموت ..بل يريد الحياة ...
لا يريد دولة من الاوهام ..بل يريد رغيف خبز ..!!
لا تدفعه الحسابات السياسية ..بل يريد تحرير العقل والانسان ..!!
#قاسم_حسن_محاجنة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟