أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد الشمالي - التدخل الأمريكي : أهدافه وتداعياته















المزيد.....

التدخل الأمريكي : أهدافه وتداعياته


محمد الشمالي

الحوار المتمدن-العدد: 4200 - 2013 / 8 / 30 - 00:01
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


حتى أيام قليلة جدا، كانت تصريحات الرئيس الأمريكي وردود فعله قليلة جدا حول ما يجري في سوريا لدرجة بدا لنا ‏وكأنه متواطئ مع الروس حول الملف السوري ـ أو لنقل ـ سلبي في مواقفه تجاه الثورة السورية عموما . وأغلبنا اعتبر ‏صمتة الجليدي إزاء المشاهد اليومية من قتل وتدمير ليس سوى "علامة الرضى" لكل ماينزله الأسد من عقاب جماعي ‏منذ أكثر من ثلاثين شهرا بحق ملايين السوريين أطفالا ونساء وشيوخا وشبابا . كلنا يتذكر أيضا " خطه الأحمر " وما ‏أثاره من غضب عند السوريين والذين فهموا من خلاله بأن قتل السوري بالنسبة للعالم مشروع طالما لم تكن أداته الغاز ‏السام. وكأن القتل بالسكين أو بالرصاص أو تحت التعذيب ليس جريمة ! ‏
‏ ‏
ماذا استجد من أمور كي تتحرك المدمرات الأمريكية بهذه السرعة موجهة صواريخها باتجاه د مشق مهددة الأسد بضربة ‏قريبة جدا عقابا له على جريمته التي " لاتوصف " ؟ هل استيقظ الضمير فجأة عند الغرب كي يهب للدفاع عن شعب ‏سوريا المضطهد ؟ وهل تجد الأخلاق مكانا لها في عقل رجل سياسي اعتمد الواقعية السياسية ( ريال بوليتيك) كمنهج في ‏العلاقات الدولية . لو كنت متشائما كثيرا لقلت بلا تردد بأن السياسة الماكيافيللية التي تنتهجها دول الغرب في إدارة ‏الأزمات الدولية هي التي تكمن وراء هذه التناقضات الكبيرة، تناقضات بين حرصهم على الظهور بمظهر المدافع عن ‏حقوق الإنسان وبين أطماعهم ومصالحهم وميولهم لإستعباد الشعوب وإخضاعها لإرادتهم . تناقضات يصعب على ‏المواطن العادي تحليلها وفهمها أحيانا. فصناع القرار الأمريكيين يجيدون قنص الفرص واستثمارها على أكمل وجه . ‏يكمنون في الظل ، بهدوء وصبر الصياد، بانتظار أول هفوة ، هفوة كالتي ارتكبها الأسد في الغوطة كي يستغلوها بأعصاب ‏حديدية ـ تحت ستار إنساني ـ ليس محبة بالسوريين ولكن من أجل تمرير مخطط أو سياسة طالما انتظرت طويلا على ‏الرف . جورج بوش الأب كان يصرّح لأصدقائه قبل أن يغزو صدام الكويت :" سأدفن هزيمة فيتنام في رمال السعودية ".‏

حتى ولو بدا أوباما غير مبال كثيرا فيما يعصف بسوريا من مآسي لكن بلده تبقى معنية في الصراع الدائر في أسخن ‏منطقة في العالم . الأمريكيون لهم ورقتهم الجيوسياسية الأهم في الصراع السوري ـ السوري .السوريون بمختلف ‏انتماءاتهم حفظوا هذه الورقة الجوكير عن ظهر قلب .من يخفيه أن السياسة الشرق أوسطية الأمريكية ترتكزـ في ‏جوهرها ـ على محورين أبديين :الدفاع عن أمن إسرائيل وحماية مصالحها في الخليج العربي ؟

أما فيما يتعلق بالمحور الأول :منذ بداية الثورة السورية وبداية القمع العسكري اصطفت إسرائيل وراء الولايات المتحدة ‏لتتبع سياسية " التريث "و " الترقب ". فلم يدل أي مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى بأي تصريح ذو بعد سياسي فيما ‏يخص الصراع الذي يدور على بعد عشرات الأمتار من حدوده. واكتفت أمريكا بإقامة نوع من التوازن السياسي : فدعمت ‏المعارضة مقابل دعم روسيا للنظام . ولكن " قواعد اللعبة تغيرت" ( حسب أوباما) سرعان ما استيقظ العالم في صباح يوم ‏الأربعاء 21 آب على مجزرة الغوطة . أول رد فعل دولي جاء على لسان نائب وزير الخارجية الإسرائيلي مذكرا العالم ‏وخاصة أوباما بأن الأسد تجاوز الخط الأحمر وعلى المجموعة الدولية التدخل عسكريا لوضع أسلحة سوريا الكيميائية ‏تحت سيطرتهم .رد الفعل الفوري والحازم من قبل إسرائيل وأمريكا وفرنسا والذي جاء تحت غطاء إنساني لا يترك أي ‏مجال للشك بأن الخط الأحمر الذي فرضه أوباما كقاعدة أساسية للعبة لم يكن هدفه حماية السوريين الذين يتحملون منذ ‏أكثر من سنتين ألوانا الموت أصعب بآلاف المرات من الاختناق بالغاز وإنما حماية أمن إسرائيل وشعب إسرائيل . ومن ‏قال لهولاند بأن الذبح من الوريد إلى الوريد أقل بربرية من الغاز السام . وما أشبه اليوم بالأمس . فمجزرة حلبجة التي ‏اقترفها الجيش العراقي كانت بداية النهاية لنظام صدام الذي لم يعاقب لأنه قتل الأكراد وإنما لمجرد الشك بأنه لم يدمر كل ‏أسلحته الكيميائية ، الشك الذي حرم إسرائيل من النوم على أذنها طالما كان صدام على قيد الحياة . ‏
‏ التغير المفاجىء في اللهجة الأمريكية وفي سياستها لإدارة الملف المأساوي السوري ينبع بلا شك عن إرادة أمريكية ـ ‏إسرائيلية تهدف إلى تنظيف سوريا من النفوذ الإيراني المتصاعد عسكريا (على حساب النفوذ الروسي ) والذي أصبح ‏يشكل خطرا متزايدا على التوازن الإستراتيجي وخاصة بعد دخول ميليشيات حزب الله إلى سوريا وتزايد العنف في ‏طرابلس .‏
ما هي تداعيات التدخل العسكري الذي يطبل له ويزمر الإعلام العالمي كما لو كنا في عشية عملية " صدمة ورعب" التي ‏أطلقها جورج بوش الابن ضد العراق صبيحة 19 آذار 2003 ؟‏
أولا، أوباما ليس جورج بوش الابن المجنون . بوش ولد من رحم اليمين الأمريكي المحافظ وشخصياته المتطرفة ‏المعروفة بالصقور .الصقور الذين جعلوا من الحرب بين القرآن والتوراة ركيزة لفلسفتهم ( صراع الحضارات ) ومن ‏إسقاط عدوهم التاريخي صدام المحور الوحيد لسياستهم الخارجية . بينما دخل أوباما للبيت الأبيض على خلفية سياسية ‏مختلفة تماما، خلفية تهدف إلى مصالحة أمريكا مع العالم العربي والإسلامي ومحي حرب العراق من ذاكرة العالم بكل ما ‏سبقها وما رافقها من كذب و خديعة من الجانبين الأمريكي والإنكليزي . ويمكننا القول : إذا كان جورج بوش الأب قام ‏بعملية عاصفة الصحراء من أجل دفن هزيمة فيتنام في رمال حفر الباطن، فباراك أوباما يريد غسل صورة أمريكا في مياه ‏المتوسط، الصورة التي تغطت برجس سنوات طويلة من الحرب الجائرة والهمجية والحاقدة على العراق و العراقيين .‏
ثانيا، وإذا تعمقنا أكثر في تحليل الأسباب التي د فعت بأوباما لنصب صواريخه باتجاه دمشق وتهديدها فإن هذا الحدث ‏العسكري ليس (في ظاهره ) إعلان حرب بقدر ما هو عملية عقابية تهدف إلى إنزال عقاب بجيش لم يحترم نصا قانونيا ‏دوليا عُمل به اعتبارا من 29 نيسان 1997 والذي يحرّم صناعة وتخزين واستخدام الأسلحة الكيميائية. وبالتالي فإن الرئيس ‏الأمريكي يطمح على ما يبدو لاسترجاع دور الشرطي النزيه الذي فقدته بلاده تحت حكم بوش الابن .هذا النية يدعمها ‏أسلوب إجرائي في تنفيذ العقوبة ، أسلوب جدير بقضاء عادل وراقي . فبالرغم من جاهزية السفن الحربية وبالرغم من ‏حماس فرنسا وبريطانيا وبالرغم من توفر المعلومات الأولية حول استخدام النظام للسلاح للغاز السام فإن الإدارة الأمريكية ‏تنتظر بكل هدوء تقرير لجنة التحقيق من أجل إعطاء ساعة الصفر وإنزال العقاب بالجناة .‏
ثالثا ، من المستبعد جدا أن تأخذ الحملة التي تقودها اليوم أمريكا شكل حرب كحرب بوش على صدام . ‏
ـ على عكس هذا الأخير ، فالرئيس السوري يعتبر حجر الزاوية في استقرار المنطقة بشكل عام و على حدود إسرائيل ‏بشكل خاص .‏
ـ الأسد يحظى بدعم إقليمي ودولي مما يجعله عصيا على أية محاولة دولية لإسقاطه دون جر الشرق الأوسط إلى أتون ‏معركة شاملة وإعادة العالم إلى مستنقع الحرب الباردة .‏
ـ سقوط الأسد في هذه المرحلة قد يكون كارثة من وجهة نظر الغرب . فالبديل بالنسبة له غير قادر على جمع القوى ‏المتحاربة تحت سقف واحد وبالتالي سيؤدي الفراغ السياسي إلى صوملة حتمية للصراع السوري ـ السوري .‏
ـ انطلاقا من هذا المنظور ، فالحملة العسكرية على سوريا لن يكون هدفها إسقاط النظام بل وضع ترسانته الكيميائية تحت ‏مراقبة دولية بهدف تحييدها وإبعادها عن متناول القوى الجهادية .‏
ـ والحالة هذه ، تبقى المجموعة الدولية محتارة بين أمرين أحلاهما مر بالنسبة لإمكانية حسم الصراع :هناك النظام ‏البربري الذي لم يعد يسمع صوت العقل ويتشبث بسلطة يدفع ثمنها كافة الشعب السوري ووطن يتعرض لخطر التمزق ‏وفقدان السيادة ...وهناك معارضة سياسية لا حول ولا قوة ابتلي بها الشعب السوري كما ابتلي بنظام مجرم . من هنا ‏يمكنني الاستنتاج : فإن كان هناك للضربة التأديبية الأمريكية من هدف يخدم فعلا مصلحة السوريين المنكوبين فلن يكون ‏إلا من خلال ما ينتج عن هذه الضربة من إضعاف للأسد وإجباره على الجلوس على طاولة المفاوضات. ساعتها يقول ‏السوريون : وداعا أيتها الثورة .



#محمد_الشمالي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من درعا إلى الغوطة : جريمة ضد سوري
- عندما تصبح الطائفة تهمة


المزيد.....




- قائد الجيش الأمريكي في أوروبا: مناورات -الناتو- موجهة عمليا ...
- أوكرانيا منطقة منزوعة السلاح.. مستشار سابق في البنتاغون يتوق ...
- الولايات المتحدة تنفي إصابة أي سفن جراء هجوم الحوثيين في خلي ...
- موقع عبري: سجن عسكري إسرائيلي أرسل صورا للقبة الحديدية ومواق ...
- الرئاسة الفلسطينية تحمل الإدارة الأمريكية مسؤولية أي اقتحام ...
- السفير الروسي لدى واشنطن: وعود كييف بعدم استخدام صواريخ ATAC ...
- بعد جولة على الكورنيش.. ملك مصر السابق فؤاد الثاني يزور مقهى ...
- كوريا الشمالية: العقوبات الأمريكية تحولت إلى حبل المشنقة حول ...
- واشنطن تطالب إسرائيل بـ-إجابات- بشأن -المقابر الجماعية- في غ ...
- البيت الأبيض: يجب على الصين السماح ببيع تطبيق تيك توك


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد الشمالي - التدخل الأمريكي : أهدافه وتداعياته