أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مثنى حميد مجيد - مفاهيم إسلامية صابئية مترادفة ومتقاربة 1-2















المزيد.....


مفاهيم إسلامية صابئية مترادفة ومتقاربة 1-2


مثنى حميد مجيد

الحوار المتمدن-العدد: 1200 - 2005 / 5 / 17 - 10:36
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


1. الوضوء ـ الرشامة أو الرسم بالماءكما يسبق الوضوء الصلاة عند المسلم كذلك تسبق الرشامة صلاة الصابئي .قال تعالى ـ ياأيها الذين امنوا إذا قمتم الى الصلاة فأغسلوا وجوهكم وأيديكم وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم الى الكعبين وإن كنتم جنبآ فاطهروا ـ سورة المائدة ـ الاية 6.ويتطابق الوضوء الصابئي بشكل تام مع الوضوء الاسلامي وخاصة وفق المذهب الحنفي.
2.النخلة ـ خصت الديانتان الاسلامية والصابئية مكانة مميزة للنخلة فقد ذكرت في 23 موضعآ في القران الكريم.وودرت ثمرة النخيل ، الرطب ، في سورة مريم في الايتين 26 ـ 25.وخصها الرسول محمد بأحاديث صحيحة له فعن إبن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ إن من الشجر شجرة لا يسقط ورقها ، وإنها مثل المسلم فحدثوني ماهي. فوقع الناس في شجر البوادي قال عبد الله ووقع في نفسي إنها النخلة فاستحييت ثم قالوا حدثنا ماهي يارسول الله ؟ قال هي النخلة ـ رواه البخاري.ويدخل التمر أو الرطب كمادة أساسية في طعام الإيلاف ـ اللوفاني الذي يقام من أجل نفس المتوفي لدى الصابئة كما يدخل في طقوس عقد القران حيث يرمز فحل النخل ـ سندركا ـ للذكورة.وقد ثبت علميآ أن مادة الطلع لذكور النخيل تزيد من منى الرجل وتساعد في علاج العقم.
3. المسلمون ـ مشلماني ـ تطلق هذه الصفة على الصابئة في العديد من ايات كتاب الكنزا ربا المقدس وهكذا تترجمها السيدة ناجية المراني المختصة بعدة لغات والعارفة المتبحرة بالديانة المندائية ، وترجمة البعض لها الى ـ مسالمون ـ غير مسوغة ولا تنسجم مع الحقيقة التاريخية فالصابئة هم ملة إبراهيم ـ ع ـ ويرد في القران الكريم ـ ما كان إبراهيم يهوديآ ولا نصرانيآ ولكن كان حنيفآ مسلمآ .. ـ
ال عمران 67 ـ وأول من انتبة وأكد حقيقة إنتماء إبراهيم الخليل ـ ع ـ الى الصابئة في عصرنا هو المرحوم العلامة عباس محمود العقاد لما تميز به من غزارة العلم والمعرفة فأنصف بذلك المندائيين. والصباغة الإبراهيمية هي ركن أساسي عند الصابئة ، والصابئي لن يكون مندائيآ ـ عارفآ ـ إلا بترديده ـ صبيت بمصبتا بهرام ربا بر روربي مصبوتي تناطري وتيسق لريش إشما ادهيي وماري ومندادهيي مدخر الي ـ ـ أي ـ إصطبغت بصبغة إبراهيم العظيم بن القدرة صبغتي تنطرني وتسمو بي عاليآ اسم الحي مولاي العليم مذكور علي ـ ولمزيد من المعلومات الدينية واللغوية القيمة حول هذا الموضوع يراجع كتاب السيدة ناجية المراني ـ مفاهيم صابئية مندائية.
4. الكعبة المشرفة ـ بيت الله الحرام ـ البيت المعمور.يرد بتكرار وقدسية باسم ـ بيت هيي ـ بيت الحي وهو قبلة أهل الاخرة لدى الصابئة أي البيت المعمور في الاسلام ونظير الكعبة المشرفة. والباحث المتمعن والمتأمل في البناء الإلهي للكعبة تنجلي أمامه حقائق رائعة عن عمق الروابط بين الأديان المستمدة من مصدر ومنبع واحد.يتجه الصابئة في صلاتهم وكل شعائرهم الى الشمال الذي يحددونه بالنجم القطبي توخيآ للدقة فالشمال بالنسبة لهم هو بوابة الاخرة حيث ـ أباثر ـ أب الملائكة الأثريين يستقبل النفوس القادمة من عالمنا ليزنها بميزان تقارن به بالنفس الطاهرة للنبي ـ شيت ـ ع ـ شيتل طابا أو الشتل الطيب رمز البر والتضحية والكمال.يقول الدكتور زغلول النجار ـ أن خط طول مكة هو خط الطول الوحيد الذي يتجه الى الشمال الحقيقي ، والأرض لها شمال حقيقي ولهاشمال مغناطيسي ، الشمال الحقيقي هو الإتجاه الى النجم القطبي ، يسمى الشمال الحقيقي أو الشمال الجغرافي ، والنجم القطبي كأنه بوصلة وضعها لنا ربنا تبارك وتعالى في السماء تحدد اتجاه الشمال ، وإذا حددت الشمال ،يكون الجنوب عموديآ إلى أسفل ، والى يمينه الشرق ، والى يساره الغرب ـ.ويقول الدكتور النجار أيضآ ـ والعلم يؤكد لنا الان على أن مكة المكرمة في وسط اليابسة ، في قلب العالم ، بمعنى أنها قلب اليابسة .. قلب الأرض ، وخط طول مكة المكرمة الخط الرأسي ، وخط عرض مكة المكرمة الخط الأفقي ، وتوسط مكة من اليابسة معناه لو رسمنا دائرة مركزها مكة المكرمة ، فإن هذه الدائرة تحيط باليابسة إحاطة كاملة لا يخرج عنها شئ ـ لا شك أن العلم الحديث يوصلناالى حقائق باهرة لكن الدراسات المقارنة الموضوعية للاديان التي تفتقر اليها مكتبتنا العربية لا تقل أهمية عن العلم بل ربما تغني العلم نفسه إذا إعتمدت حقآ أسس النزاهة والصدق وتوخي الحقيقة.ومن المؤكد أن الدكتور النجار كرجل علم متخصص سيصل ، على ما أعتقد ، إذا ما إطلع على الكتب والشعائر الصابئية الى نتائج جديدة مدهشة بخصوص تاريخ بناء الكعبة وعمارتها وخارطتهاأكثر مني أنا القارئ المتأمل ولكن غير المتخصص.فأنا كصابئي من ملة إبراهيم ـ ع ـ أفهم وأدرك لماذا يعتبر الركن الشمالي الشرقي من الكعبة المكرمة أكثر الأماكن قدسية ولماذا وضع الحجر الأسود في هذا الركن والباب على مقربة منه على يمين الركن الشمالي ـ العراقي ـ ولماذا يبدأ الحجاج طوافهم من الركن الشمالي الشرقي بإتجاه
الغرب.كل هذا واضح بالنسبة لي فالشعائر الصابئية المندائية الإبراهيمية لا تتم وتعتبر باطلة ما لم يتم الإلتزام التام والدقيق بجهتي الشمال والشرق ـ اليمين . ومما لا أنساه من ذكريات الطفولة يوم تم نقل رفات جد لي في سوق الشيوخ فالأصول الدينية تقضي أن يكون رأس المتوفي متجهآ الى الشمال وخروج الجنازة يجب أن يتم من الجانب الأيمن من الدار ولم يكن هناك باب فإضطر القائمون على نقل الجنازة الى فتح باب في جدار الغرفة الأمامية الى اليمين ـ الديوانية وإلا لكانت كل المراسيم تعد باطلة.إن هذه الدقة في أداء الشعائر هي التي مكنت الصابئة من المحافظة على ديانتهم عبر الاف السنين الأمر الذي يضع الباحث الذي يتناولهم أمام وثيقة تاريخية حية وليست اثارية لتاريخ الأديان في الشرق الأوسط. ومن المهم الإشارة الى أن الصابئي وهو يتجه الى الشمال في صلواته وتراتيله فانه روحانيآ وقلبيآ يتطلع في الحقيقة الى بيت الحي ـ بيت هيي ـ الذي يرد دائمآ في سور ـ بوث ـ الكنزا ربا كقبلة تتجه اليها كل مخوقات الله من بشر وأثري وملائكة والصابئي دائمآ يقسم بالقول ـ وحق بيت هيي ـ.فما أظلم من يشكك في وحدانية الصابئة وينسب لهم الجهل وعبادة النجوم فهو لا يغلق باب السلام الإجتماعي والتعايش والحوار البناء بين خلق الله
فحسب بل يظلم نفسه بجهله بديانته نفسها فما التعصب إلا الجاهلية نفسها. ـ وهو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا بها في ظلمات البر والبحر قد فصلنا الايات لقوم يعلمون ـ الأنعام 97.
5.الأجر وهو مفهوم يرد كثيرآ في القران الكريم ويماثله لغة ومعنى مفهوم الأجر ـ أجرا في كتاب الكنزاربا المقدس والكتب المندائية الخاصة بالصلوات والتراتيل.
وفيما يلي ترجمتي لتراتيل يرد فيها هذا المفهوم والمفاهيم التي سأتناولها لاحقآ في مقالة تكميلية .

تراتيل اختتام قداس الصعود ـ المسخثا ـ
100
في بنيان يبنيه الحي ،
تزدهر الأشجار الحسنى.
شذي عطر الأشجار
بعطر من مندادهيي
تتحنى.

101
قد أرسى الحي السكنى ،
وعم ضياء
أثيرآ قدسيا
وأنا والأثريون من الأصحاب ،
بسطنا ما لزم من الأطياب ،
وبسطنا للأعظم السهم المكنى .
لمقام النور رفعناه بطهر.

102
بنيان يبنيه الحي
لن يفنى أبد الدهر.

103
نكست الظلمة في الظلمه
ورفع النور الى ركنه.
قد قبل الحي صلاتك ،
وقبل الأثريون مديحك
لربه قد خص طعام الذكر ،
ووهب لصاحبه الأجر.
ولتتثبت هذي الروح ـ الاسم الديني ـ
وهذي الأرواح المعنيه
بهذي المسخثة
في وطن النور الأعظم والدار الأبديه.
1.مندادهيي إسم من أسماء الحي ممكن ترجمته ـ العليم ، العارف ، علم
الحياة.
2. ـ مسقثا تعني الصعود ، وقداس المسقثا طقس يقام من أجل نفس المتوفي
3. أنا والأصحاب ـ تعني المشارك في القداس والمساعدين.الأطياب ـ طابثا ـ
تشير
الى الأكوام الصغيرة للطعام الطقسي

الترتيلة 212
بسم الحي العظيم
ممجد النور السامي.
هناك كرمة لشيت وأخرى لأنوش
لشيت كرمة هناك
بك ياأرض الأوفياء ،
محملة بالأجر ، محملة بالثواب ، محملة بالعرفان.
البراعم في نهايات أوراقها
مكنوزة بالصلوات ، والتراتيل والقصص الساميات.
حينما قمت واقفآ في مكاني
دعوت دعاءآ وكان دعاءآ عظيما ؛
سائلآ أن أوهب سلمأ عاليآ
أركنه على الكرمة مرتقى للارتقاء ،
مرتقى للارتقاء أركنه على الكرمة ،
لعلي به أعتلي كرمتي ،
أكبر نفسآ وأمسك أوراقها ،
أطعم وأورف في فيئها
وأنعم بايراقها ،
لعلي أجدل اكليلآ لنفسي من براعمها
وأحكمه على هامتي.
حينما قمت واقفآ في مكاني ، استجيب دعائي الذي قد دعوت .
منحوني سلمآ عاليآ أركنه على الكرمة مرتقى للارتقاء.
على الكرمة مرتقى أركنته.
صعدت على كرمتي ، كبرت نفسآ ، وأمسكت أوراقها ،
طعمت ، وأورفت في فيئها
نعمت بايراقها ؛ومن براعمها
جدلت اكليلآ وأحكمته على هامتي.
والتأم الناس من كل فج ، والذرايا التقت ،
وجدل الجادلون على صورة اكليلي أكاليلهم ،
ولم يك ما جدلوه بشبه له.
وراحوا وقد قلدوا نفسهم ورق الكرم
يقولون ، يا أنت ، من أين اكليلك ،
ومن أين هو الكائن الذي جدله ؟
واني أجيب عليهم ،تبآ لكم ، أما تغربوا عن وجودي ، موتى ،خطاة لم تعرفوا
الحي .
أما أنا ، فليس اكليلي من الأرض ؛
وليس من العالم هذا الكائن الذي جدله.
ان اكليلي من كرمة الروض
والكائن الذي جدله ، من موقع النور.
والكائن الذي جلبه ، وعلى هامتي ثبته
من موطن الخلد.
والحي معروف وظافر
وظافر من بلغ المنتهى.
6.اليمين ـ من الضروري إلقاء المزيد من الضوء على مفهومي اليمين واليسار في الديانتين الإسلامية والصابئية لأهميتهما في إجلاء أوجه للتشابه أساسية ومهمة بينهما.وكتاب الكنزاربا المقدس نفسه كتاب فريد في تقسيمه إذ أن له أيضآ يمين يشكل ثلثي الكتاب يتضمن السور الخاصة بخلق السماوات والأرض والكائنات أي كل ما له علاقة بالحياة والروح ، ويسار يؤلف الثلث المتبقي يعالج أمورالموت والجسد المادي وعودة النفس الى باريها وبما أن الكتاب مقدس بكل صفحاته فقد كتب القسم الأيسر منه أيضآ من جهة اليمين مما جعله يتيح القراءة لشخصين ، الأول يقرأ الأسفار الخاصة بالخلق والحياة والثاني يقرأ الأسفار الخاصة بالجسد والموت وتحرر الروح وإنطلاقتها الى موطنها الأول.والإسلام له نفس النظرة الى اليمين فالمسلم يبدأ الوضوء بأعضائه اليمنى قبل اليسرى ويضع اليد اليمنى على اليسرى
فوق الصدر عند القيام الذي يسبق الركوع.ويتم التسليم عن اليمين ثم عن اليسار.وفي بعض الشعائر يتصافح رجل الدين مع المندائي باليد اليمنى تأكيدآ للعهد المقطوع الى الخالق.وقد أكد الرسول محمد ـ ص ـ على ـ جعل اليد اليمنى للطعام والشراب والمصافحة وغير ذلك من أمور الحياة وجعل اليد اليسرى للاستنجاء والإمتخاط ـ ويقترن اليمين في المندائية بالشرق حيث تكون الشمس الى يمين المتجه الى القبلة في الشمال والمعروف أن النبي محمد ـ ص ـ قد خص الشمس ، وهي مصدر
للضوء بيده اليمنى في حين خص القمر وهو متلق للنور بيده اليسرى ـ يا عم والله لو وضعوا الشمس في يميني، والقمر في يساري، على أن أترك هذا الأمر حتى يظهره الله أو أهلك فيه ما تركته ـ وهذا التفضيل متطابق مع النظرة الروحانية الصابئية لهما.و نجد في القران الكريم أيضآ هذه المكانة لجهة اليمين ـ فلما أتاها نودي من شاطئ الواد الأيمن في البقعة المباركة من الشجرة أن ياموسى إني أنا الله رب العالمين ـ القصص 30ويرد أيضآ ـ وأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة ، وأصحاب المشئمة ما أصحاب المشئمة ـ الواقعة 3.ونقرأ أيضآ ـ وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين في سدر مخضود وظل ممدود وماء مسكوب ـ.
7.الكوثر ـ الخير الكثير ـ في الحقيقة أن أي ديانة تزعم الإنتماء الى إبراهيم الخليل ـ ع ـ ينبغي أن تثبت أنها ديانة خير وعطاء ونماء ووفرة ، تثبت ذلك بنيويآ وتاريخيآ وعلميآ وليس بالتعسف الكهنوتي والإستحواذ على حقائق التاريخ ومصادرتها.لقد فشلت بعض الجهات الاوربية الأصولية المساهمة في تمويل البعثات الأثارية للعراق في ربط نتائج التنقيب بتصوراتها الاسطورية الكهنوتية عن تاريخ وادي الرافدين فعوضت الفشل بالتأثير في الصياغة العلمية لتاريخ العراق بل وفي نهب الثروات الاثارية وضياعها. ونسبت الى أور وبابل كل الأثام والشرور والإلحاد وكأن تلك الأقوام لم تكن وما كانت أول من إخترع القلم وكتب على الطين وبنى شبكات الري المعقدة وعمر وصاغ أقدم المعارف والعلوم.كانت حضارة العراق القديم حقآ وفعلآ حضارة خير وعطاء ووفرة وكما وصفها هيرودتس المؤرخ اليوناني ـ 425.484 ق.م ـ بإشارته لبابل حين قال عنها منبهرآ ـ انها مخزن للحبوب و يلاحظ المتمعن في الأداب البابلية والسومرية شيوع مفردة ـ الوفرة ـ أو ـ الكثرة ـ فيها وكلما توغلنا عمقآ في التاريخ تكتسب هذه المفردة طابعآ روحانيآ وتصبح محورآ للمقطوعات والأناشيد الدينية كما في أريدو وأور وأوروك وباقي المدن السومرية وهي البيئة التي ظهر فيها الأنبياء الأوائل كشيت ونوح وإدريس وإبراهيم ـ ع ـ.فالنبي شيت ـ ع ـ نفسه مشتق إسمه من الوفرة والخصب فهو شيتل طابا أي غرس النعمة أو الشتل الطيب.هكذا نستنتج أن الأنبياء الأوائل من أبناء أدم ـ ع ـ كانوا حقآ أنبياء خير وعطاء ووفرة وكتاب الكنزاربا المقدس ينتمي عمقآ وأصالة ومبنى ومعنى الى تلك الحضارة المبدعة الأولى ، الى أولئك الأباء الأوائل شيت وإدريس ونوح وإبراهيم ـ ع ـ الذين دعوا قومهم الى التوحيد فنقلوا جيلآ إثر جيل تلك التعاليم الربانية السامية التي تنزلت على أبيهم ادم ـ ع ـ .ان الترجمة الأكثر دقة والأقرب الى جوهر ومحتوى كتاب الكنزاربا، رغم أن ترجمة الكتب الدينية أمر في غاية الصعوبة وأحيانآ الإستحالة ، هي ـ كتاب الكوثر العظيم ـ فترجمته الى ـ الكنز العظيم ـ هي ترجمة حرفية بحتة أملاها التشابه اللغوي بين كلمة ـ كنز ـ العربية و ـ وكنزا الارامية المندائية لأن المعنى الأساسي والمحتوى الجوهري الكلي للكتاب يكمن في مفردات الخير الكثير ، العطاء الوفير وهي معاني الكلمة الارامية المندائية ـ كنزا وكتاب الكنزاربا في ثلثيه ـ اليمين ـ مكرس للخلق للولادة للعطاء في حين أن ثلثه الأيسر مكرس للموت كباب لولادة حقيقية جديدة فهو كتاب إلهي للوفرة والخير والولادة والصيرورة الأبدية المتجددة في كل تفاصيله الروحانية والجوهرية واللغوية والبنيوية والشكلية
إن هذه الخلفية التاريخية والروحانية ، على إقتضابها ، يمكن أن تعيننا في فهم الروابط العميقة بين الديانتين الإبراهيميتين الإسلام والصابئية المندائية.لقد وردت تفسيرات عديدة لسورة الكوثر ومعني كلمة ـ الكوثر ـ بالتحديد وهي جميعآ تلتقي مع بعضها في الجوهر فالكوثر هو الخير الوفير والأعظم الذي يخص به الله أنبياءه ، وهو أيضآ موقعهم الذي خصهم به الله في جنته ، فهو النهر العظيم الأول الذي ينبع من تحت العرش الرباني للحياة الأولى الذي ورد في كتاب الكنزاربا المقدس وهو أقدس أنهار عالم الحق والخلود ـ مشوني كشطا ـ وبه تقترن سدرة المنتهى الواردة في القران الكريم أو الكرمة المباركة الوارد ذكرها في الكنزاربا والشجرتان رغم إختلافهما في الاسم الذي أملته الضرورة الإلهية بضرب المثل وفق معطيات البيئة الطبيعية إلا إن لهما نفس المعنى الروحاني.
وغالبآ ما يذكر النهر العظيم ـ يردنا ربا ـ مقترنآ بالشجرة المباركة الأولى في الصلوات والتراتيل المندائية وهذه ترجمة للترتيلة 156 من كتاب قلستا المندائي ـ
عند ضفة النهر العظيم للحياة الأولى
تقوم في ثبات كرمة مطهرة
مرفوعة أمامها كل يوم يمر
مني صلاة وشكر.
8.الماء والأنهار ـ لا شك أن أديان الأرض كلها تولي الماء مكانة وقدسية لكننا نجد فقط في الاسلام والصابئية المندائية نظيرآ روحانيآ سماويآ لبعض أنهار الأرض.ففي حديث لأبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ سيحان وجيحان والفرات والنيل كل من أنهار الجنة ـ رواه مسلم.أما الصابئة فيعتقدون أن نهري دجلة والفرات مع روافدهما وفروعهما هما من أنهار عوالم النور.وفي القران الكريم كما في كتاب الكنزا ربا يقترن الماء بالحياة في العالم المادي والخلود في عالم النعيم.وتتشدد التعاليم المندائية في ضرورة عدم تلويث الأنهار ومصادر المياه وتلعن من لا يلتزم بذلك.وقد روى البهيقي بنده عن النبي صلى الله عليه وسلم ـ من غسل سخيمته على طريق من طرق المسلمين فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ـ.وفي مسند الامام الربيع ج 1 ص 221 ـ لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ثم يغسل منه أو يتوضأ ـ والماء الدائم هو الماء الجاري أما الماء الراكد أو الاسن فهو غير صالح أو شرعي سواء للمسلم أو الصابئي
ان وزارة البيئة العراقية مطالبة اليوم بالكثير الكثير لمعالجة الاثار المهلكة للحرث والنسل التي تركتها جرائم النظام السابق والإحتلال الأمريكي المزدوجة بحق دجلة والفرات والأهوار وطيورها وكل دابة وسمكة ،وبحق الإنسان وقيم السماء.
9. النظير ـ تؤكد الصابئية المندائية أن لكل إنسان نظير سماوي ينتظره بعد الموت وتشبه أرواح المؤمنين بالطيور الخالدة التي تقطن الكرمة المقدسة وأشجار عالم مشوني كشطا ـ عالم الحق المتقن ـ .وفي الإسلام هناك ما يؤكد وجود هذا التصور فقد ورد في الحديث الصحيح ما يشير الى أن أرواح المؤمنين ـ طير خضر تعلق بشجر الجنة حتى يبعث الله هذه الأجساد يوم بعثها ـ.وفي حديث أخر ـ تكون النسم ـ وهي أرواح المؤمنين ـ طيرآ تعلق بالشجر ، حتى إذا كان يوم القيامة دخلت كل نفس جسدها.ومن المهم هنا الإشارة الى أن الروح في النصوص المندائية تقوم لها كلمة نشماثا أي ـ نسمة ـ تمامآ كما ورد في الحديث الشريف.
10.ليلة القدر ـ لقد سبق للباحثة السيدة ناجية المراني أن أشارت الى تشابه ليلة القدر بين الإسلام والصابئيةبإعتبار عظمة وقدر هذه الليلة التي هي للسلام وللملائكة يتنزلون فيها وللمؤمنين يتعبدون ويسهرون ويدعون خلالها.لكن أوجه التشابة في الحقيقة تحتاج الى دراسة مقارنة كاملة من لدن السادة المختصين للوقوف على التفاصيل الدقيقة لخلفية هذا التشابه المدهش والفريد الذي يمتد اليها ، وفيمايلي بعض النقاط الأساسية التي تلامس الجوهر وتؤشر تلك التفاصيل.أـ أن اليوم المرجح لليلة القدر هو اليوم السابع من العشرة الأواخر لشهر رمضان ووفق التقليد المندائي هي الليلة السابعة بعد ليلة عيد رأس السنة الصابئية أي ليلة يوم كنشي وزهلي ـ الكنس والتنظيف ـ،ووفق التقليد المندائي أيضآ تتوسط بين اليوم السابع وهو يوم السلام العظيم ـ شيشلام ربا ـ واليوم السادس وهو يوم للسلام أيضآ كاليوم السابع تمامآ.والمعروف
أن الرقم سبعة والأرقام الفردية عامة لها قيمة روحانية كبيرة في الإسلام والصابئية ، ويكفي أن نذكر الاية 87 من سورة الحجر ـ ولقد أتيناك سبعآ من المثاني والقران العظيم ـ. ب ـ ان ليلة اليوم الأول من السنة المندائية هي ليلة أخرى تكرس للعبادة والدعاء حتى طلوع الشمس وهي ليلة عودة الملائكة بعد زيارتها للعرش الإلهي إحتفاء بالسنة الجديدة وتقدير المصائر وهو ما ينسجم مع الترجيح الشيعي لليلة القدر أي ليلتي 21 و23 من رمضان.عن الإمام الباقر عن أبائه سلام الله عليهم ـ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن تغفل عن ليلة إحدى وعشرين وليلة ثلاث وعشرين أو ينام أحد تلك الليلة.وملخص القول إن المندائيين لا يكرسون ليلة القدر فقط للعبادة والسهر بل وكذلك يسبقونها للسهر في يومين سابقين.ألا يثير هذا التكرار في السهر والعبادة لثلاث ليال الى الأصل المشترك لهذا التقليد والمنبع الواحد الإلهي لنفس مفهوم ليلة القدر ؟. ج ـ يقوم المندائيون بالإطفاء التام لمصادر النور وهي طبعآ قبل إكتشاف الكهرباء النار فقط وكل مندائي ورع ومكرس نفسه كلية لتلك الليلة يتوقع رؤية نورانية تترائى له فيحصل على مراده وما تتوق له نفسه من خلالها.ويشبه التقليد الإسلامي تمامآ التقليد الصابئي في ظهور الرؤية النورانية وبعضهم يعتقد بالظهور الفعلي للنور.د ـ يعتقد الصابئة أن الله عز وجل يقدر الأقدار والأحداث والأرزاق في الأيام السبعة لعيد رأس السنة ويقوم بعضهم بالقراءة في كتاب ـ أسفر ملواشة ـ أي سفر الأرواح وهو كتاب غير ديني ولكنه يعينهم كما يعتقدون على إستكناه السنه فيما إذا كانت تدعو الى التفاؤل أم انها غير ذلك وهو تقليد شعبي لكن أساسه الديني مشابه للإسلامي ـ إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين ، فيها يفرق كل أمر حكيم ـ سورة الدخان.ه ـ
لصبيحة ليلة القدر قدسية مشتركة لدى المسلمين والصابئة حيث إن هناك تأكيد في سورة القدر على بزوغ الشمس في الفجر الذي تختتم به ـ سلام هي حتى مطلع الفجر ـ وفي حديث أبي بن كعب رضي الله عنه أنه قال ـ أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، انها تطلع يومئذ لا شعاع لها ـ رواه مسلم.ومما تجدر الإشارة له أن اليوم المندائي يبدأ بظهور الشمس ويقوم علماء الدين الصابئي في صبيحة يوم السلام العظيم ـ دهوا اد شيشلام رباـ أو هبة السلام العظيم بزيارة الأسر المندائية معلقين على أبواب الدور أكاليل الأس والصفصاف الخضراء تفاؤلآ بالسنة ودفعآ للشر عنهم.وعن الإمام الباقر سلام الله عليه ـ صبيحة يوم ليلة القدر مثل ليلة القدر فاعمل واجتهد ـ.



#مثنى_حميد_مجيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنباء عن أمريكا والقصر والبحر
- ستستعبدكم أمريكا مادمتم تستهينون بالأقليات
- تصغير الصابئة وإنكارهم دليل على خيبة الساحة السياسية
- محمد الطائي وصلافة عملاء إيران
- أليس من الجبن محاكمة صدام وعصابة الصدر تسرح وتمرح ؟
- الجذور التاريخية والاجتماعية لطقس التعميد الصابئي في أريدو
- الى علي الدباغ ـ الحقد على الشيوعية نهايته غير مشرفة لك
- قصيدة ـ مهداة الى روح بشر الحافي ميتافيزيا فيزا لجواز كوني


المزيد.....




- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...
- -تصريح الدخول إلى الجنة-.. سائق التاكسي السابق والقتل المغلف ...
- سيون أسيدون.. يهودي مغربي حلم بالانضمام للمقاومة ووهب حياته ...
- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى في ثاني أيام الفصح اليهودي
- المقاومة الإسلامية في لبنان .. 200 يوم من الصمود والبطولة إس ...
- الأرجنتين تطالب الإنتربول بتوقيف وزير إيراني بتهمة ضلوعه بتف ...
- الأرجنتين تطلب توقيف وزير الداخلية الإيراني بتهمة ضلوعه بتفج ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مثنى حميد مجيد - مفاهيم إسلامية صابئية مترادفة ومتقاربة 1-2