أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - داود روفائيل خشبة - أفلاطون: قراءة جديدة















المزيد.....

أفلاطون: قراءة جديدة


داود روفائيل خشبة

الحوار المتمدن-العدد: 4197 - 2013 / 8 / 27 - 15:40
المحور: الادب والفن
    


أفلاطون: قراءة جديدة
داود روفائيل خشبة

ليأذن لى القارئ فى أن أستغل فترة السكون النسبى فى الأحداث فى بلدنا – وإن يكن سكونا قلقا، وإن يكن سكونا على السطح لا يشى بما يعتمل تحته – لأحدثه عن كتابى الذى صدر من المركز القومى للترجمة منذ شهور. وهذا الكتاب هو الطبعة العربية من Plato: An Interpretation الذى كتبته أصلا بالإنجليزية ونشِر فى 2005. وكنت قد اعتزمت أن أترجمه بعنوان "أفلاطون: رؤية"، وكنت أقصد من هذا العنوان معنيين، الأول أنه يقدم رؤيتى الخاصة لفلسفة أفلاطون، والثانى هو القول بأن أفلاطون لا يقدم لنا، ولم يقصد أبدا أن يقدم لنا، منظومة فلسفية، بل هو يعطينا رؤيته للحقيقة وللحياة والإنسان. كان ذلك ما اعتزمت، لكن صديقا عزيزا لم يَرُق له ذلك العنوان، واقترح "أفلاطون: قراءة جديدة"، فصدرت الطبعة العربية تحمل هذا العنوان.
فيما يلى أنقل للقارئ شذرات من "التصدير" Preface ثم فقرة من كلمة قدمت بها للطبعة العربية ثم بضع فقرات مجتزأة من الجزئين الأول والثالث من مقدمة الطبعة الإنجليزية.
شذرات من تصدير الكتاب
لقد قيل إن أفلاطون لم يُدرس أبدا، على الأرجح، بمثل التركيز الذى دُرس به فى أواخر القرن العشرين. وللأسف يمكن أن نقول أيضا إن أفلاطون لم يتعرّض أبدا، على الأرجح، لمثل سوء الفهم والمسخ والتشويه الذى تعرّض له فى نفس تلك الفترة. ...
لم يكن غرض أفلاطون فى كتاباته، ولا فى تعليمه الشفهى، أن يقدّم منظومة فلسفية مكتملة. فكما أن الغاية الوحيدة للحوار السقراطى لم تكن، كما يُفترض عادة، الوصول إلى تعريفات صحيحة، وإنما كانت غايته ابتعاث تلك الحيرة الخلاقة التى تقود محاوريه للاعتراف بجهلهم ولأن يسعوا للاستنارة بالاتجاه إلى داخل عقولهم، فكذلك كانت غاية أفلاطون أن يقدح فى روح سامعيه وقرائه شرارة الفهم تلك التى "فجأة تولد فى الروح مثلما يومض الضوء حين توقد نار وتتغذى بذاتها من ذاتها"، على حدّ قوله فى الرسالة السابعة. ....
إننى أدخل فى حوار حى مع أفلاطون الحى وأقدّم الفهم الذى أخرج به لنفسى من هذا الحوار، لا أنسب لنفسى أهليّة ولا لتأويلى صدقا. إننى أفعل ما فعل أفلوطين، أرِد ينابيع أفلاطون الفيّاضة لأروى حديقتى، وأقدّم صيغتى الخاصة من الأفلاطونية، لا شاهد لها إلا ما تحمله فى قلبها.
فقرة من "حول هذه الطبعة العربية"
كل فلسفة أصيلة تأتى معها بلغتها الخاصة، أو، إن أردنا الدقّة، تأتى معها بعالمها الخاصّ مكتسيا بلغته الخاصّة. وإنى أزعم أنى أقدّم فلسفة أصيلة أتت بمفاهيم جديدة جاءت معها بالضرورة بلغة جديدة. ولقد لقيت عنتا فى نقل هذه المفاهيم وإلباسها كساء عربيا، خاصّة وأن لغة الفلسفة عندنا تعانى فقرا مدقعا. فالمعاجم والمراجع الشحيحة المتاحة لا تتفق فيما بينها حتى فى شأن المصطلحات التى يُفترض أن تكون مستقرّة، كمصطلحات المنطق مثلا. وحيث تصادف أن وجدتها تتفق، وجدت فى حالات عديدة أن ما اتفقتْ عليه لا يفى بغرضى وكان علىّ أن أخالفه. كل ما أرجوه أن يكون ما تحمّلته من عناء فى هذا السبيل قد أسهم بعض الشىء فى إثراء لغتنا الفلسفية.
بضع فقرات مجتزأة من الجزئين الأول والثالث من مقدمة الكتاب
1
فهْمُنا لأفلاطون وفهمنا لطبيعة الفلسفة هما وجهان لعملة واحدة. المفهوم الأكاديمى السائد لطبيعة التفكير الفلسفى يفسد كلا من فهمنا للفلسفة وتأويلنا لأفلاطون.
إن الحال الأليمة التى انحدرت إليها الفلسفة نتجت عن مطالبة الفلسفة بأن تخدم نفس الأغراض التى يخدمها العلم، وعن انخداع الفلاسفة إذ زعموا أنهم يلبّون هذا المطلب. طولبت الفلسفة بالسعى لمعرفة موضوعية صادقة ومؤكدة، وفى جهالة زعم الفلاسفة أنهم يستطيعون ذلك. هذا شَرك على الفلسفة أن تفلت منه. وللأسف فإن هذا الخلط الضارّ بين الفلسفة والعلم أربك كل المصطلحات اللازمة لمناقشة المسألة: ‘المعرفة’، ‘الصدق’، ‘الفهم’، ‘العقل’، إلخ.، كل هذه المصطلحات تعانى الغموض ويمكن أن تؤدى لكثير من التشوّش وسوء الفهم إذا لم نهتم بالالتفات للاستخدامات الخاصة بكل كاتب يستخدم هذه المصطلحات. ولأنى أهدف لمراجعة جذرية لفهمنا لهذه المصطلحات فإنى يؤرّقنى إدراكى بأنى معرّض بشكل خاص لسوء الفهم عند استخدامها. ...
ينبغى للفلسفة أن ترى نفسها كنوع من الشعر، شعر عقلانى؛ هى تخلق أحلاما وأساطير ذاتية الاتساق، تستكنه حقائق الحياة الروحية، وتعترف فى وضوح بأن إبداعاتها هى أحلام واختلاقات وأساطير، لكنها أحلام واختلاقات وأساطير تشكّل حقائقنا الخاصة، الحقّة، التى هى أثمن ما لنا. هذا، فى رأيى، هو فحوى بصيرة أفلاطون ورؤيته، وهذا أيضا فيما أرى هو جوهر منظور كَنْت Kant ...
المفهوم السقراطى للمعقول the intelligible هو أساس الأفلاطونية. المعقول يولد فى العقل. لا مفهوم يأتى إلينا من الخارج. لا إحساس sensation هو فى ذاته معقول. مفهوم المتساوى ليس مستمدّا من التجربة. قد نرى مليونا من الأشياء المتساوية مليون مرّة ومع ذلك لا تكون عندنا فكرة ‘المتساوى’ حتى يومض فى العقل وميض يعلن: "بالطبع، هذان متساويان!" وليس من الضرورى أن نرى كثيرا من الأشياء المتساوية كى نكوّن فكرة ‘المتساوى’؛ رؤية زوج واحد من شيئين متساويين لمرّة واحدة قد توفّر المناسبة المطلوبة لخلق المفهوم. وأيضا، قد نملك مفهوم ‘المتساوى’ ونطبّقه على العديد من الأشياء المتساوية دون أن يكون عندنا مفهوم ‘التساوى’، وهذا مفهوم لا ينبغى أن نسميه تجريدا أعلى بل مفهوما من رتبة أعلى. ...
من مفارقات الفكر الإنسانى والتواصل الإنسانى أننا مضطرون لأن نُجرى تفكيرنا وحوارنا بكلمات مبهمة. حلم لايپنتس Leibniz بلغة تامة الكمال هو وهم. فباستثناء أنظمة الرموز المجرّدة، الصورية تماما، التى، مهما عظمت فائدتها العملية، ينحصر فعلها فى نطاق محدود، فإن كل تفكير حى وكل حوار حى، كل تفكير وكل حوار يتعلّق بمواقف أو أوضاع ‘واقعية’، ‘فعلية’، ‘عضوية’ (أيّما كانت الصفة الملائمة) لا يمكن أن يجرى إلا فى كلمات سائلة، غامضة، غائمة، وإلا لكانت غير متعلّقة بوقائع الحياة المتغيّرة دوما، غير المستقرّة أبدا.
لهذا فإنه فى الشعر وفى الفلسفة فى أحسن أحوالها تكون اللغة فى أعلى درجات السيولة وفى أعلى درجات القدرة على الإيحاء. حين يغفل الناس عن هذا، يكون تفكير الأفراد دوجماتيا، متعصّبا، غير متسامح، وفى النقاش يرمى كل طرف الطرف الآخر بشتّى الاتهامات. أما حين نتحلّى بالوعى الذى عمل كل من سقراط وأفلاطون دواما ودون كلل على نشره، فيمكننا أن نسعى باستمرار، فى تواضع وفى صبر، نحو المزيد من الوضوح فى فهمنا لأنفسنا ونحو المزيد من التفهّم المتبادل، المتعاطف، مع رفاق إنسانيتنا. ...
أهدانا أفلاطون أعمق البصائر فى أنفسنا وفى الحقيقة فى كساء من أساطير مجنّحة، — الصور الأزلية، الروح الخالدة، ‘نظرية’ التذكّر. لكن باحثينا الجهابذة يحيلون الأساطير إلى عقائد دوجماتية سخيفة، إلى نظريات واضحة الخلل، ويضيع كل شىء: الجوهر الموحى والرؤية الملهمة، كل ذلك يتبدّد حين تتحطّم صَدَفة الأسطورة التى تحويه. ...

3
أذكر حكاية حكاها لنا أبى حين كنت صبيّا. ذهب دعىّ إلى مجلس الخليفة، زاعما أنه عالم حكيم. أمر الخليفة بأن يخضع الرجل لامتحان يجريه حكيم القصر. واتّفِق على أن يأخذ الامتحان هيئة حوار بلغة الإشارة. وقف الرجلان وجها لوجه. أشار حكيم القصر بالإصبع السبّابة، فأشار الآخر بإصبعين. أشار الحكيم بإصبعه لأعلى، فأشار الآخر بإصبعه لأسفل. أظهر الحكيم بيضة دجاجة، فأظهر الدعىّ كتكوتا حيّا. عندئذ طُلب من الزائر الدعىّ أن يتنحّى، وسأل الخليفةُ حكيمَ القصر أن يدلى بشهادته. أثنى حكيم القصر على الرجل ثناء عاطرا، وقال إنه حقّا علامة حكيم، ثم أوضح قائلا: "لقد امتحنته فى اللاهوت. قلت له: ‘الله واحد’ فأجابنى: ‘لا ثانى له’. قلت له: ‘خلق السموات’ فردّ قائلا: ‘والأرض’. قلت له: ‘يُخرج الميّت من الحىّ’ فأضاف: ‘والحىّ من الميّت’. عندئذ تنحّى حكيم القصر وأدخِل مدّعى الحكمة. سأله الخليفة: "ما قولك فى حكيمنا؟" فأجاب الرجل: "إنه وغد وقح، لكنّى رددت له الصاع صاعين." تساءل الخليفة: "كيف؟" فأجاب الرجل: "قال لى: ‘سأخرق لك عينك’ فقلت له: ‘سأخرق لك الاثنتين’. قال لى: ‘سأطيح بك عاليا’ فأجبته: ‘أنا سأطرحك أرضا’. قال لى: ‘سأجعلك تبيض بيضا’ فرددت عليه: ‘أنا سأجعلك تفقسه’. — لم يكن أىّ الرجلين على صواب، ولم يكن أيّهما مخطئا، بل نضح كلّ إناء بما فيه.
هكذا، لكلّ منّا أفلاطونه. فى الصفحات التالية أقدّم أفلاطونى الخاصّ. لا أطالب أحدا بأن يشهد لى بأنى على صواب، لكن لا يحقّ لأحد القول بأنى على خطأ. كلّ ما له أن يقول هو ما إذا كان أفلاطون الذى أقدّمه ذا قيمة أو بلا قيمة. "استمعوا إذن إلى حلمى، إن يكن جاء من البوّابة القرنيّة أو جاء من البوّابة العاجيّة" akoue dê to emon onar, eite dia keratôn eite di elephantos elêluthen، الـ خارمديس، 173-أ.
مدبنة 6 أكتوبر، 27 أغسطس 2013



#داود_روفائيل_خشبة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هوامش على مواد تعديل الدستور
- نحن والغرب
- رسالة مفتوحة إلى يسرى فودة
- دفاعا عن البرادعى
- التيار الإسلامى فى لجنة الدستور
- نقط فوق الحروف
- إلى باسم يوسف: كلمة هادئة
- زمن الفعل
- حدود التنظير
- كل منا له دور يؤديه
- حول الإعلان الدستورى
- الثبات على المبدأ وتجمّد الرأى
- لنحذر الباطل المتدثر بالحق
- فى أعقاب 30 يونية
- فى انتظار 30 يونية
- نوعان من الترجمة
- توافق ما لا يتوافق
- لقطة
- من هم العلماء؟
- اعتراف واعتذار


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - داود روفائيل خشبة - أفلاطون: قراءة جديدة