أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هيثم عايد ابو صعيليك - صراع في الخليج ؛ قطر الإمارة، وأحلام التوسع الإمبراطوري ( الجزء الثاني )















المزيد.....

صراع في الخليج ؛ قطر الإمارة، وأحلام التوسع الإمبراطوري ( الجزء الثاني )


هيثم عايد ابو صعيليك

الحوار المتمدن-العدد: 4195 - 2013 / 8 / 25 - 20:44
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الجزء الثاني
(4)
الجزيرة.. وأزمة المثقف العربي
وأتى إغلاق القسم العربي للـ BBC في نيسان 1994 ، "تدخلا من القدر " إن صح القول، لصالح الأمير الشاب، الذي انسجم - إن قصدا أو بغير قصد - مع مخرجات مراكز الدراسات الأمريكية لمرحلة ما بعد الحرب الباردة، فعمل على إطلاق قناة تلفزيونية ذات سقوف مرتفعة، هذا التدخل وفر لهذه القناة المادة الأولية الخصبة التي احتاجها الأمير لبناء مشروعه هذا، فالإعلاميون العرب عموما، المتحدرون من الإذاعات والقنوات الرسمية العربية التي اعتادت على خطاب حجري جامد، لم يكن متوقعا أن يجيدوا التعامل مع هذه السقوف المرتفعة على هذا الأثير الذي تم تسويقه على انه بلا سقوف، وبالنسبة للأمير ولمراكز الدراسات الأمريكية، فإنها لن تجد أفضل من إعلاميي "الفضاء الحر" العاملين في BBC ، والساخطين على الأنظمة العربية عموما، لن تجد أفضل منهم لترويج خطابها الليبرالي، المرتكز على صناعة الصورة، وإعلاء الأصوات المخالفة للنهج العام، لا بل تكريس هذا النمط الإعلامي، واعتباره خطابا إعلاميا أوحدا في العالم العربي، يتهم مخالفوه بالعمالة للأنظمة والرجعية، وسوى ذلك من التهم التي أظهرها الربيع العربي الحالي، ومما كرس هذه النظرة الخلابية إلى الجزيرة، دورها المقصود في تغطية حروب العراق ولبنان وغزة الأمر الذي ولد انطباعا لدى المشاهد العربي البسيط بصدقية هذه المحطة غاضا الطرف عن بعض ما اعتبره "تجاوزات" من طرف القناة، كانت في الواقع تخطيا مقصودا لخطوط حمر كبرى في تاريخنا المعاصر، تم تمريها لذهن المشاهد العربي بسلاسة تامة اعتمادا من القناة ومن خلفها مراكز الدراسات الأمريكية على الفهم العميق لسيكولوجية الإنسان العربي، وميله للتفكير العاطفي، وخصوصا في مرحلة انهيار "الوعي المقاوم" الذي كرسته الثورات والانتفاضات العربية التحررية بدءا من النصف الثاني للقرن المنصرم، ويبقى السؤال الفكري العميق، كيف تساهل المثقف العربي مع استضافة الجزيرة لعسكريين صهاينة في حرب غزة مثلا؟! ألم يكن ذلك من المحرمات العربية؟! وكيف تم تمرير قصف عاصمة عربية هي طرابلس إلى ذهن المواطن العربي بهذه السهولة؟! وكيف تم تمرير العنف الطائفي في العراق على انه مقاومة؟! ( وهنا نؤكد أننا لا نقصد المقاومة العراقية الباسلة التي أخرجت المحتل)، كل هذه الأسئلة التي وان بدت شكلية، إلا أن لها أصول متجذرة في الهوية العربية لمرحلة ما بعد حرب الخليج الثانية، وأوردها هنا لأصف المشكلة التي مر بها المثقف العربي أثناء تعامله مع الجزيرة، فهذه الأشكال والأمثلة دالة على مدى انحراف البوصلة المقاومة وانهيار الرؤى العلمانية و (حتى المدنية ) التي يمر بها المثقف العربي عموما.
(5)
قطر والإخوان، الزواج الكنسي
لما كانت أي حرب في التاريخ تحتاج جهدا سياسيا مرافقا لترجمة الانتصار العسكري إلى واقع ملموس في السياسة الإقليمية أو الدولية، فإن الحرب الإعلامية لا تشذ عن القاعدة، وكان لا بد من وجود ظهير سياسي للإمارة الصغيرة يضمن تمدد نفوذها الإقليمي في ظل استحالة التمدد الجغرافي لها، وفي هذا السياق نسأل سؤالا جوهريا، هل كان الإخوان المسلمون هم الخيار الأمثل؟
إن أدنى نظرة إلى الخريطة الجيوسياسية للمنطقة مع بداية القرن الحالي تظهر وجود مشروعين سياسيين يسعيان إلى التوسع على أنقاض "العالم العربي القديم"، المحور المنبثق عن الثورة الإيرانية، والمتمثل في إيران وسوريا ولبنان (جزئيا) والعراق (جزئيا- بعد الحرب)، ومحور آخر يمثل خط الدفاع عن المصالح الأمريكية في المنطقة ( امن "إسرائيل"، إمدادات النفط وامن المضائق والقنوات المائية)، هذا المحور الذي تدخل عسكريا لحماية هذه المصالح في العراق ولبنان، فمن حيث المبدأ كان من غير الممكن للإمارة الصغيرة أن تكون في المحور المقابل، إذ إن تكوين الإمارة والظرف الجيوسياسي، وغياب الإمكانات الدفاعية، أي استحالة الدفاع عن أراضيها في حال أي اشتباك مسلح، كان يوجب على الإمارة - كما سائر إمارات الخليج - أن تدور في الفلك الأمريكي، إن لم يكن بالقرار المباشر، فبعدم تخطي خطوط حمر معينة مرتبطة بالمصالح الأمريكية في المنطقة، فالأمريكي الذي يجيد لعب أوراقه، ما كان ليجعل كل أوراقه نسخ مطابقة لبعضها البعض، وما كان ليجعل السعودية كقطر كمصر، فاختلاف الأدوار المطلوبة من كل منها اقتضى اختلاف توجيه كل منها في لعبة الأمم الدائرة في الإقليم، فالدور الأمني المطلوب من مصر مبارك، لحماية "إسرائيل" وامن قناة السويس، مثلا، اقتضى تحالفا امنيا وثيقا وظاهرا للعيان ( الأمر الذي جعل نظام مبارك مكروه شعبيا)، لكن السؤال، ألم تكن السعودية تقوم بدور وظيفي أيضا؟! ألم تسهم في تدمير العراق؟! فلماذا لم تكن مكروهه شعبيا بالقدر ذاته الذي يكره به نظام مبارك ؟! إنها السايكلوجية العربية التي ابتليت بطامتها الكبرى يوم انطلقت الطائرات الأمريكية من قاعدة العديد لاحتلال فضاء العراق وانطلقت الجزيرة من الدوحة لتبث تغطيتها الإعلامية من ذات الفضاء المحتل! ألم ينطلق مراسلو الجزيرة من ذات البقعة التي انطلق منها جنود الاحتلال الأمريكي للعراق؟! فكيف إذا صفق العقل العربي للدوحة ونسي العديد والسيلية ؟!
نعود لسؤال هذا المحور، هل التحالف القطري- الإخواني كان الأمثل بالنسبة للإمارة؟
بعد أن حددنا ضرورة الارتباط العضوي للإمارة بالمحور الأمريكي، يظهر بوضوح أن المجال الحيوي التي سيتمدد فيه حلم الإمارة هو ضمنا ذات المجال الحيوي المتواجد في هذا الحلف، وعليه فان النفوذ القطري سيتمدد على حساب النفوذ السعودي-المصري بالدرجة الأولى وسيتواجه معه بشكل أو بآخر، واستمرارا لهذا التسلسل المنطقي فان الاعتقاد الذي تولد لدى ساسة الإمارة، بأن توسع نفوذ قطر يجب أن يكون على حساب السعودية لا مصر، وذلك لاعتبارات جيوسياسية محددة للدور الوظيفي، فبعد الإمارة الجغرافي عن "إسرائيل" يعني عجزها عن القيام بالدور الأمني المطلوب من مصر، كما أن هرم مؤسسة الحكم في السعودية شكل دافعا للتقدم القطري على حساب تراجع نفوذ السعودي الذي ابتعد من تلقاء نفسه عن الواجهة.
والسؤال الآن، ما هي عناصر قوة الحكم السعودي؟ وما هي الأدوات التي تحتاجها الإمارة لمواجهته؟ لعل ابرز مقومات التأثير السعودي في الواقع العربي هو سلاح النفط، واعتبارها لنفسها مركز المشروع الإسلامي وصاحبة الوصاية الشرعية على الإسلام، نظرا للمكانة الدينية لمكة والمدينة، من هنا فأن الإمارة كانت بحاجة ماسة إلى نموذج ديني بديل تواجه به المشروع السعودي الوهابي، وان يكون هذا المشروع عابرا للحدود كما الوهابية، وذلك لضمان تحقيق مكاسب سياسية في جميع المواقع التي يشغلها هذا الإسلام، مما يجعل نفوذ الإمارة عابرا لحدودها، ومن أفضل بالنسبة للإمارة من الإخوان المسلمين؟! هذا التنظيم الذي يقدم نموذجا أكثر معاصرة واقرب للجماهير العربية من الوهابية، هذا النموذج الذي اكتسب شرعية جماهيرية كرستها حركة حماس، وشرعية اقتصادية-اجتماعية كرسها ما سوّق على انه نجاح للنموذج الاقتصادي التركي، هنا بالضبط حدد القطري خياراته، وعمل على استحضار الأقصى والأزهر بوجه الكعبة والمسجد النبوي!
في المقابل، كان الإخوان بحاجة لحليف اقتصادي-إعلامي قادر على دمجهم في مؤسساته، وتقديمهم إلى العالم بوجه لاعب سياسي إقليمي بدلا من حالة الحصار المفروضة عليهم، هنا لعب القدر لعبته الثانية مع الأمير، فكان هذا التحالف أشبه بالزواج الكنسي بين إمارة ساعية لنفوذ خارج حدودها وتنظيم يبحث عن شرعية دولية لنفوذه، ودعم مالي، وواجهة إعلامية، وبارك هذا الزواج القس الأمريكي الذي لم يرد خسارة النفوذ الإسلامي السعودي لصالح النموذج الإسلامي للحلف الآخر، الذي مثلته إيران وحزب الله تحديدا، وأظهرت السنوات اللاحقة أن ثمن هذه المباركة الأمريكية هو قيام قطر بدور لاحتواء حماس والقوى الإسلامية العسكرية في المنطقة، بل تعدى ذلك إلى الطلب من الإمارة احتواء أجزاء من الحلف المقابل، حزب الله وسوريا أقصد.

يتبع



#هيثم_عايد_ابو_صعيليك (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صراع في الخليج؛ قطر الإمارة، واحلام التوسع الامبراطوري


المزيد.....




- هارفارد تنضم للجامعات الأميركية وطلابها ينصبون مخيما احتجاجي ...
- خليل الحية: بحر غزة وبرها فلسطيني خالص ونتنياهو سيلاقي في رف ...
- خبراء: سوريا قد تصبح ساحة مواجهة مباشرة بين إسرائيل وإيران
- الحرب في قطاع غزة عبأت الجهاديين في الغرب
- قصة انكسار -مخلب النسر- الأمريكي في إيران!
- بلينكن يخوض سباق حواجز في الصين
- خبيرة تغذية تحدد الطعام المثالي لإنقاص الوزن
- أكثر هروب منحوس على الإطلاق.. مفاجأة بانتظار سجناء فروا عبر ...
- وسائل إعلام: تركيا ستستخدم الذكاء الاصطناعي في مكافحة التجسس ...
- قتلى وجرحى بقصف إسرائيلي على مناطق متفرقة في غزة (فيديو)


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هيثم عايد ابو صعيليك - صراع في الخليج ؛ قطر الإمارة، وأحلام التوسع الإمبراطوري ( الجزء الثاني )