أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - ياسين الحاج صالح - لا جديد في المذبحة، إنها النظام














المزيد.....

لا جديد في المذبحة، إنها النظام


ياسين الحاج صالح

الحوار المتمدن-العدد: 4194 - 2013 / 8 / 24 - 19:09
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


ليس هناك ما هو مفاجئ في أحدث مجازر النظام السوري في غوطة دمشق. للمجزرة شقيقات كثيرات أكبر سنا في درعا وجييل الزاوية وكرم الزيتون والحولة والتريمسة وداريا وجديدة الفضل وبانياس... هذا غير قصف يومي بالطيران لمناطق متعددة بالبلد توقع كل يوم عشرات الشهداء، وغير قصف بصواريخ سكود لمناطق أخرى في حلب والرقة ودير الزور وغيرها، وغير العديد من السوابق باستخدام الغازات السامة في الغوطة الشرقية نفسها (جوبر وحرستا ودوما)، وفي حمص وخان العسل. وغير مذبحة مستمرة في ما لا يحصى من المقرات الأمنية، راح ضحيتها مئات الشهداء، وتتوفر عنها شهادات حية تزلزل النفوس. وغير اغتصاب ما لا يحصى أيضا من أطفال ونساء ورجال في تلك الأوكار الإجرامية نفسها.
هذا كيلا نستذكر أيضا مذابح كبرى من جيل سبق في حلب وتدمر وحماة، ذهب صحيتها عشرات الألوف. ومنها السجن الذي كان مذبحة موصولة طوال عشرين عاما، سجن تدمر الرهيب.
لا جديد في المذبحة الجديدة ولا ينبغي أن تفاجئ أحدا. لقد كانت المذبحة أداة حكم دائمة بيد النظام البعثي منذ أيامه الأولى. وجذورها تمتد في نزع وطنية ونزع إنسانية محكوميه عبر الاستيلاء على معنى الوطنية، وفي جيل سبق التقدمية، واليوم على "العلمانية"، بما يمكن النظام من خفض قيمة حياة الخونة والرجعيين و"العراعير" وتسهيل إبادتهم. ليس هناك شيء جديد في هذا النسق الذي يستمد زخمه من منابع انفعالية عميقة الغور، تحيل إلى علاقات الجماعات الدينية والمذهبية، وهوامات السيادة والتبعية بينها، مما هو غير مناقش وغير مضاء من قبل مثقفين سوريين يتراوحون بين الامتثال والجبن والتواطؤ. ليس هناك جديد في مذبحة ترسم بالنار الغازات السامة أسوار حماية نظام طغيان يحرس امتيازات مادية وسياسية ورمزية، غير عقلانية وغير شرعية وغير وطنية. حماية المليارات تقتضي، بل توجب، قتل أولئك البؤساء المتخلفين المتعصبين، الذين ينازعونا ملكنا، نحن السادة المتمدنون.
ولا يستحق التشكك بان النظام هو مرتكب المجزرة أي نقاش إلا من زاوية دلالته على أن للمجرم العام شركاء معنويين، فاشيون صغار، ممن يعبدون البوط العسكري وينصبون له التماثيل، أو شركاءهم الإيديولوجيون الذين لا يكفون عن إضفاء صفة نسبية على جرائم النظام بالإحالة إلى جرائم أخرى. هذا نهج شائع في سورية، والغرض منه إضاعة مبدأ المسؤولية (الكل مسؤولون على حد سواء) وتقويض مبدأ الحقيقة (لكل حقيقته الخاصة).
لكن رغم التطورات المعقدة للأوضاع السورية، وظهور مجموعات جهادية غير وطنية في بعض مناطق البلد، ومظاهر "فلتة حكم" في العديد منها، فإن ذلك كله لا يغيّر من حقيقة أن المنبع العام للجريمة والخراب الوطني هو النظام الأسدي. ينبغي أولا إخراج السكين الأسدية من الجسد السوري كي يمكن شفاء الوطن المريض. كلما تأخر الوقت تعذر الشفاء، وربما مات البلد الذي ليس للسوريين غيره.
منذ عامين ونصف انطرح على السوريين تحد تاريخي كبير، تغيير نظامهم السياسي، إن كان لهم أن يحافظوا على وحدتهم، ويعالجوا مشكلاتهم الوطنية والاجتماعية الكبيرة. وما نراه اليوم من مظاهر انحلال وطني متولد بصورة مباشرة عن تعثر الاستجابة الفاعلة على هذا التحدي الكبير. فإذا تمادى فشل السوريون في مواجهة التحدي التاريخي كان مرجحا أن نشهد مظاهر انحلال اجتماعي ووطني وأخلاقي أكبر بما لا يقاس، ومنها اللجوء خارج البلد، ومنها التشدد الديني المفرط، ومنها الإرهاب، ومنها الجريمة، ومنها قبل كل شيء "حكم الشبيحة"، ومنها بالتأكيد الاحتلال الأجنبي، الإيراني تحديدا. بشار اليوم مجرد وكيل مجلي لسيطرة إيرانية، ليس حزب الله اللبناني غير وكيل موثوق لها.
من شأن الاستجابة المثمرة لتحدي تغيير النظام، بالمقابل، أن تحد من المظاهر الانحلالية، وأن تحرض على تفاعلات معاكسة، متجهة أكثر نحو البناء والتواصل والتقارب بين السوريين. نقطة التحول في المسار السوري هي تغيير النظام، حربا أو تفاوضا. ليس هناك نقطة تحول أخرى.
هذا النظام مذبحة مستمرة، فلا نهاية للمذابح في سورية غير نهايته.



#ياسين_الحاج_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إصابات بسلاح كيميائي في الغوطة الشرقيّة
- جريمة قتل طفل باسم دين!
- صورة الطفل الذبيح من بانياس
- حوار في شأن الدين والسياسة والإصلاح الديني. أسئلة ريتا فرج
- حوار في شأن ألإسلام والتطرف والإرهاب والتسامح/ أسئلة محمد ال ...
- حوار في شؤون الثورة السورية/ أسئلة جواد صايغ
- حوار في شؤون شخصية وعامة، من الغوطة الشرقية/ أسئلة غسان المف ...
- صورة، علمان، وراية/ مقاربة اجتماعية رمزية لتفاعل وصراع أربع ...
- رسالة إلى المثقفين وقادة الرأي العام في الغرب -
- في نقد -سياسة الأقليات-/ حماية الأقليات من الأكثريات، أم كفا ...
- من -الإسلام- إلى المجتمع/ مقاربة جمهورية علمانية
- وطنيون وخونة وطائفيون...
- الثورة في الداخل والمعارضة في الخارج!
- متى تفجرت الثورة، وأين؟
- حوار حول الثورة السورية في عامين
- 1963- 2011: بين -ثورة- وثورة
- الرقة... صورة -مستعمرة داخلية-
- يوم سقط التمثال
- التناقض الكبير للثورات العربية
- ثورة في المملكة الأسدية


المزيد.....




- مؤلف -آيات شيطانية- سلمان رشدي يكشف لـCNN عن منام رآه قبل مه ...
- -أهل واحة الضباب-..ما حكاية سكان هذه المحمية المنعزلة بمصر؟ ...
- يخت فائق غائص..شركة تطمح لبناء مخبأ الأحلام لأصحاب المليارات ...
- سيناريو المستقبل: 61 مليار دولار لدفن الجيش الأوكراني
- سيف المنشطات مسلط على عنق الصين
- أوكرانيا تخسر جيلا كاملا بلا رجعة
- البابا: السلام عبر التفاوض أفضل من حرب بلا نهاية
- قيادي في -حماس- يعرب عن استعداد الحركة للتخلي عن السلاح بشرو ...
- ترامب يتقدم على بايدن في الولايات الحاسمة
- رجل صيني مشلول يتمكن من كتابة الحروف الهيروغليفية باستخدام غ ...


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - ياسين الحاج صالح - لا جديد في المذبحة، إنها النظام