أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - البراء مدحت عبدالبارى - تاجر الدم














المزيد.....

تاجر الدم


البراء مدحت عبدالبارى

الحوار المتمدن-العدد: 4193 - 2013 / 8 / 23 - 01:21
المحور: كتابات ساخرة
    




استيقظت اليوم مستعداً ليومٍ مملٍ آخر؛ العُماص يملأ عينى و الأفكار التافهةٌ تغزوا رأسى، و طريقى إلى دورةِ المياه ضبابى، و فجأة يسد شخص ما طريقى فأُدقق النظر لأجده "الحاج" فألوح يدى بإستهتار قائلاً "صباحو إرهاب يا حُجِيج".
فيُزَمجِر مُشمَئِزاً "صباحو عسكر يا ابن الهبلة".

لا أبالى لكلامه و أدخل دورة المياه؛  ها هى اللحظة التى تزول فيها آثار الوسادة من على وجهى. أفتح الصنبور لأجد الماء لونه أحمر رائحته مسك !!
آه نعم تذكرت هذا دم الشهداء الذى أُتاجر فيه منذ اليوم الذى قلت فيه: "و هم ايه اللى نزلهم ؟ ده كلها سنة و ييجى رئيس"؟!! مروراً ب"ايه اللى وداها هناك ؟  ياعمى دول اولاد ابو اسماعيل و 6 ابريل العميلة"، و انتهاءاً بانتخاب خونة الثورة و أقوال مثل "سيبوه يكمل مدتو".

آه كم انا بارع فى هذا النوع من التجارة!!.

خرجت من الحمام إلى الصالون وقد عدت الى حالتى الطبيعية و فتحت التلفاز لأشاهد أشياء من عينة "دول ارهابييييين" و أخرى على شاكلة "كلاب البيادة" و حقيقة الأمر أن كلهم "خدم مصالحهم".
لكنى فوجئت أن الوضع مختلف تماماً و أن ما نراه هو من عينة "اوعى القنااااااااابل , شوفتوا خرطوش الداخلية ؟!!!!!! "

نعم إنه اليوم الذى تحاول فيه الداخلية فض اعتصام رابعة العدوية الذى دام لما يزيد عن الشهر، فلم أستوعب المشهد، و حينها أسرعت إلى المطبخ و حضَّرت كوباً من الأدرينالين الساخن كى أتقبل ما يحدث.

بدأ الأمر بعشرات القتلى و مئات المصابين ُثم مئات القتلى وآلاف المصابين.
هذا هو الموسم!!  فكر فى الحل الذى ستبيع من خلاله هذا الدم.
يجب أن أنزل إلى الأحداث لأجد تلك الحجة؛  و فعلاً أجد الوالد مُقدماً على صارخاً: "انت ياض أنا نازل، جاى ؟"،  فاتبعته دون رد؛

و فعلاً توجهنا الى الشارع لأجد العديد من الناس الذين نزلوا حرقةً على ذوييهم من أولاد المحروسة لا أكثر.
و عندما وصلنا إلى أرض الحدث لم أتوقع أن يكون المشهد على هذه الشاكلة.
إنها لعبة أطفال دموية من تلك التى نراها على الحاسب الالى !!!!!
اللعنة، أين الحجة ؟ لا اجدها !!!

و بينما ان فى حيرةٍ من أمرى أجد فتى يتقدم و معه بندقية ويسامر بعضاً من اصدقائه مشيراً إلى أحد المبانى.
لا أعلم حقيقة ماذا قال لهم ولكنى تخيلتها كذلك: "بؤلكو إيه يا جدعان احنا هنطلع على سطح البناية دى و نرش الداخلية بالنار".

نعم أحسنت أيها الفتى هذا هو الحل " المتظاهرون يقتلون قوات الداخلية" حجة رائعة ؛
و بينما أنا غارقٌ فى أفكارى، و بدون سابق إنذار أجد يداً توضع على كتفى حملها ثقيل فالتفت إلى صاحب اليد فأجده فتى فى العشرينيات من عمره شعره طويل يربطه ب"توكة"، مصاب بطلق نارى فى كبده و ينزف بشدة.

توترت لوهلة و لكنى سرعان ما جمعت أشلاء عقلى و حملت الفتى على كتفى بجثتى الضخمة و أسرعت به تجاه سيارات الإسعاف و التى كانت تبعد ميلاً أو أقل، و عندما وصلت كان الفتى قد عاد إلى خالقه، و لكن نظره كان تجاهى نظرةَ شخصٍ مُعاتِب؛
حينها فقط أدركت معنى الدم، فوقفت صامتاً لا أدرى ما يجول حولى و لا أفهمه؛ هذا الفتى له أبٌ و أمٌ و أخ و ربما حبيبة.
 لماذا كان على استعدادٍ أن تُزهق روحه ؟! هى بالتأكيد قضيةٌ أهم من كل هذا!

حقاً لا أبالى أى قضيةٍ قُتل من أجلها و لا أى رصاصةٍ قتلته و لكنى أُبالى أنه قُتل.
بالطبع يوجد إرهابيون و لكن،  نسبةً الى الثوار الحقيقيين كم عددهم ؟!!
صدقنى أنت لن تدرك حقيقة الأمر إلا إذاأادركت معنى الدم.

لذلك قررت ان اعود الى بيتى و أكتب تلك القصة و أمتنع عن تجارة الدم .
نختلف معاً سياسياً، دينياً، فكرياً، هذا حقنا؛ و لكن....
لا يحق لنا أن نختلف على حرمة دمنا , لأنه فى هذه اللحظة فقط تعلم أنك خائنٌ لنفسك و وطنك و عرضك.



#البراء_مدحت_عبدالبارى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - البراء مدحت عبدالبارى - تاجر الدم