أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - فاطمة ناعوت - أنا صهيبة... أنا خفيت














المزيد.....

أنا صهيبة... أنا خفيت


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 4192 - 2013 / 8 / 22 - 08:16
المحور: حقوق الانسان
    


منذ عام، تحديدًا في 31/7/2012، كتبتُ في عمودي بجريدة "الوطن"، عن الطفلة الجميلة "صُهيبة"، التي همست في آذاننا بأقسى عبارة في تاريخ البشرية: "أنا نفسي أعيش!" فقلبها المريضُ الواهن لم يكن ليعيش طويلا. قلتُ: "حين تسأل طفلَك: "نِفسك لما تكبر تبقى إيه؟" سوف تغمركَ إجاباتٌ من قبيل: "نفسي أبقى طيار، مهندس، دكتور". وتقولُ طفلتُك: "نفسي لما أكبر أبقى مُدرّسة، مضيفة، رائدة فضاء، راقصة باليه". هو سؤالٌ عابرٌ للزمان والمكان. في كل أنحاء العالم، يترددُ هذا السؤال في كل عصر. سُئلتُ هذا السؤالَ وأنا طفلة، وأجبتُ بأنني أودُّ أن أكونَ عصفورًا، حتى أرى الكونَ من عَلٍ، وألمسَ السماءَ بجناحيّ. وحين أحزنُ؛ أصعدُ قليلاً حتى تمسَّ يدي يدَ الله، ليربتَ على ظهري بحُنوٍّ، فأستردُّ فرحي. كانت أوهامًا جميلة، وبريئة، تسكن رأسي الصغير. كنتُ أظنُّ أنَّ من حقِّنا أن نختارَ الفصيلَ الذي ننتمي إليه! نولد بشرًا، لكن بوسعنا أن نتجول بين الفصائل فنصبح عصافيرَ أو فراشاتٍ، أو ثعالبَ، أو أُسودًا. مثلما كنتُ أظنُّ أنَّ اللهَ، ذلك الجميلَ المُطلقَ الجمال، يسكنُ السماءَ الزرقاء تلك التي نراها، لا يفصلنا عنه سوى بضعة كيلومترات لأعلى، سوف أقطعُها بجناحيّ الصغيرين، وقتما أشاء، وكلّما ضربني الحَزَن.
كبرتُ. ولم أغدُ عصفورًا! ولم ألمس يدَ الله، وإن مسّتْ يداه قلبي. لكنني "كبرتُ" على كل حال، وسألتُ أطفالي السؤالَ الشهيرَ ذاته. وسألتُ كلًّ طفلٍ التقيته. وحصدتُ ذات الإجابات: "مهندس، عالِم، أديب، بيانيست، الخ."
لكنني أبدًا لم ألتق الطفلةَ الساحرة: "صُهيبة". وإلا ما قويتُ على سماع إجابتَها المُرّة: "أنا نفسي أعيش!" لا أظنُّ أن أحدًا سمع إجابتها على شاشات التليفزيون، العام الماضي، ثم استطاع أن يُكمِل يومَه في سلام. وخزٌ عميقٌ يخِزُ القلبَ كلما تذكرنا أن طفلةً، وأطفالاً، لا يفكرون فيم يريدون أن يكونوا حين يكبرون. لأن كلّ أحلامهم تتلخّصُ في مجرد: "أن يكبروا". أن يعيشوا. لأن ثقبًا لعينًا سكن القلبَ الصغير، أو شريانًا شريرًا يأبى أن يضخَّ الدم.
لكنَّ اللهَ كما يسمحُ للمحنة أن توجد، يسمح للرحمة أن تكون. الرحمةُ تجسدت في طبيب زاهد عظيم اسمه: "مجدي يعقوب". يصل الليلَ بالنهار لكي ينال أطفالُنا "حقَّ الحياة". ومن ثَم "يكبرون". فيصيرُ لسؤالنا الشهير محلٌّ من الإعراب.
وقلتُ في مقالي القديم: "حين تُشفى "صُهيبة"، سيكون بوسعنا أن نسألها: "لمّا تكبري نِفسك تكوني ايه؟" وسوف تجيبُ إجابة جميلة فتقول: "سأصبحُ باليرينا أملأ الدنيا عذوبةً كما الفراشات." أو "سأغدو طبيبةً أمسُّ قلوبَ الأطفال بعِلمي فيُنقذون من الموت، كما أنقذني السير مجدي يعقوب، نبيُّ الطبّ، وملك القلوب." لا ينتظر منّا هذا النبيلُ شكرًا ولا امتنانًا. لا ينتظرُ سوى أن نؤمن برسالته النبيلة لنغدو مثله صُنّاعَ جمال. التبرع لهذا الصرح الهائل: ‘مؤسسة مجدي يعقوب للقلب بأسوان’، هو لونٌ من الصلاة ليد الله الرحيمة التي تربتُ على رؤوس أطفالنا المُتعَبين."
يبقى أن أقول إن صهيبة قد شُفيت بفضل الله وبفضل عِلم ذلك الطبيب الطيب الذي هوجم وحورب ولم يردّ الإساءةَ إلا بمزيد من الرحمة لمرضاه، والمحبة لوطنه. ذهب إلى أثيوبيا لكي يعالج بعض أطفالها المرضى، علّهم يراجعون أنفسهم في سد النهضة الذي سيعطّش مصرَ ويجفف أراضيها. تحية للوطنيّ الشريف مجدي يعقوب، وقُبلة فرح ومحبة للطفلة الجميلة صهيبة، التي أبهجتنا حين صدحت على الشاشات: "أنا خفّيت!".



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كم هرمًا من الجثامين تكفيكم؟
- خواطرُ على هامش الدماء
- مسلمو أمريكا وأقباط مصر
- الأطفال والصوفة والأقباط، كروت الإخوان
- أسود صفحة في كتاب التاريخ
- أم أيمن، وأم الشهيد
- هل أنت إرهابيّ؟
- دستور جديد وإلا بلاش |
- فساتين زمان
- رسائل إلى معتصمي رابعة
- مرسي وميمو... وفؤاد المهندس
- المسلسل الهندي‬-;-: ‫-;-الاتجار بالأديان في شريع ...
- كلاكيت تاني مرة/ بالمرح والإبداع، المصريون يُسقطون النظام
- دمُ المصريّ، الرخيص!!
- حبّة تمر، وصليب أزرق
- مقال الذي مُنع من النشر في عهد مرسي
- عصام العريان، وحكايا عالم سمسم
- الفريق السيسي، صانع الفرح
- عزيزي مقهى إيليت
- يعقوب، وطفل يحمل الكفن


المزيد.....




- اعتقال رجل هدد بتفجير نفسه في القنصلية الإيرانية بباريس
- طهران تدين الفيتو الأمريکي ضد عضوية فلسطين بالأمم المتحدة
- عشية اتفاق جديد مع إيطاليا.. السلطات التونسية تفكك مخيما للم ...
- الأمم المتحدة تدعو إلى ضبط النفس في الشرق الأوسط
- سويسرا تمتنع في تصويت لمنح فلسطين العضوية الكاملة في الأمم ا ...
- اعتقال أكثر من 100 متظاهر مؤيد للفلسطينيين من حرم جامعة كولو ...
- بمنتهى الوحشية.. فيديو يوثق استخدام كلب بوليسي لاعتقال شاب ب ...
- البرلمان العربي يستنكر عجز مجلس الأمن عن تمكين فلسطين من الح ...
- الكويت: موقف مجلس الأمن بشأن عضوية فلسطين في الأمم المتحدة ي ...
- قائمة الدول التي صوتت مع أو ضد قبول الطلب الفلسطيني كدولة كا ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - فاطمة ناعوت - أنا صهيبة... أنا خفيت